وسواس ديني قهري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
قبل كل شيء أريد أن أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي يحل المشاكل بكل عقلانية في حقيقة الأمر أنا شاب في 19 من عمري طالب سنة أولى جامعي في الآونة الأخيرة تغيرت حياتي تماما بعدما أصبحت أعاني من وسواس ديني أثناء الصلاة فعند صلاتي أتخيل تمثالا ضخما وأقول أنه الله وقد بقيت هذه في ذاكرتي منذ صغري عندما كنت أرى صورة صنم فكلما صليت أتذكر هذا الصنم وأعلم أنه ليس الله لكن الأفكار تراودني دائما مما جعلتني أبتعد عن صلاتي وأقول لماذا أصلي مدام أني سأدخل النار؛
فقمت بمراسلة موقع ديني وأخبرتهم أني أتخيل شكل الله دائما أثناء الصلاة لأفاجئ أنهم أخبروني أني لا أعبد الله وأني أعبد صنم مع أني أحاول دائما إخراج الأفكار من رأسي لكن دون جدوى إني أتعذب كثيرا وأصبحت أبتعد عن ديني فأقول أني سأدخل جهنم أرجوكم أعطوني حلا لمشكلتي التي أصبحت عائقا كبيرا في حياتي حيث جعلتني أفكر فيها طوال الوقت ولا أتمكن من الدراسة خاصة أن الامتحانات على الأبواب وشكرا.
28/02/2013
رد المستشار
أهلًا بك يا طارق وشكرًا على كلامك الطيب...
أراك يا ولدي عالمًا بما أصابك، فاهمًا تمامًا لمشكلتك وأنها مجرد وسواس وليس حقيقة تؤمن بها...، وكأني أستشعر أن دافعك للسؤال هو مجرد رغبة بجلب قطعة من الثلج تضعها على قلبك لتبرد حرارة القلق...
الوساوس كما تعلم لا قيمة لها، أعني وجودها في ذهن الإنسان وعدمها سواء، فلا يترتب عليها أي تغيير في الحكم على الإنسان وتصرفاته...، ألا ترى أن الموسوس الذي يشك في عدد ركعات صلاته أثلاث هي أم أربع، لا نغير الحكم على صلاته بهذا الشك، ونعتبرها صحيحة تامة لا نقص فيها؟
وألا ترى أن من ابتلي بوسواس الشك بوجود الله تعالى، نعتبره مؤمنًا خالص الإيمان؟ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟». قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ»)). [رواه مسلم: الإيمان/باب بيان الوسوسة في الإيمان].
وحالتك لا تختلف عن هذا البتّة، أنت مسلم، ولدت في أسرة مسلمة، تصلي وتصوم...، فلا تغير الأفكار التي تقتحم ذهنك أي حكم عليك...، أنت مع هذه الأفكار وبدونها مسلم خالص الإيمان...، كنت مؤمنًا وما زلت كذلك...
الإنسان يحاسب على الاعتقاد، والاعتقاد فيه معنى الشدة والصلابة، فعقد الحبل ربطه بشدة، وعقد النكاح إبرامه وإحكامه، وعقيدة الإنسان هي ما يعقد عليه قلبه، فتكون الفكرة محكمة مشدودة بالقلب كمن يعقد حبلين فيتماسكا بقوة...، ويمكنك مراجعة المعاجم اللغوية المختلفة ليتضح لك هذا...
وأنت في كلامك تنفي أي قوة للفكرة في قلبك، وتصديقك لها ليس ضعيفًا فحسب، بل معدومًا، فلا تخشَ شيئًا إنما هي مجرد خواطر، لكنها عند الموسوس بدل أن تكون عابر سبيل، تكون قاطع طريق يُغِيرُ على دماغه كلما سنحت الفرصة...
فاتركها –الله يرضى عليك- جانبًا وتابع مسيرتك في الحياة...
ويضيف د. وائل أبو هندي ... ولدي العزيز طارق أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ليس لدي ما أضيف بعد ما تفضلت به مجيبتك أ. رفيف الصباغ إلا أن أذكر لك جانبا مما اعتده في ممارستي العملية مع الحالات المشابهة لحالتك من مرضى الوسواس القهري فنظرا لكثرة التحف في بيوتنا في صور تماثيل فإن كثيرين يشتكون من فكرة وسواسية مؤداها أنت تصلي للتمثال الموجود مثلا على الرف أمامك وعادة ما يلجأ هؤلاء إلى الصلاة في مكان آخر لا توجد به تماثيل كنوع من التحاشي للفكرة، وفي هذه الحالة تكون إحدى مهام العلاج السلوكي هي أن تتعمد الصلاة في المكان المقابل لتلك الصورة أو التمثال تأكيدا على تفاهة الفكرة وعدم وجود أي تأثير لها عليك فأنت واثق أنك تعبد الله الواحد الأحد مهما وسوس لك بأنك تعبد هذا التمثال أو ذاك .... اسم هذه المهمة العلاجية هو التعرض مع منع الاستجابة .... أطلب من بعضهم أحيانا أن يضع التمثال بحيث يكون في مكان ما أمامه وهو يصلي إمعانا في التعرض، عافاك الله ودمت سالما.