ماذا جرى لي
أخي الكريم امرأة في الثالثة والخمسين من عمرها متزوجة، موظفة، وأم لثلاث أبناء ولدان يعملان ومستقلان والكبير متزوج, وبنت على أبواب الجامعة مشكلتي صارت هي تألمي وانزعاجي من الكثير ممن حولي وكثرة خلافاتي في العلاقات الاجتماعية وفي العائلة, وتحسسي للكثير مما يقال... أعيش دائما في دوامة الماضي وما يؤلمني ليس الأحداث الكارثية وإنما الخلافات القديمة وملاحظات الآخرين المزعجة وتعليقاتهم والضحكات الصغيرة الحاملة للسخرية وأحاديث التفاخر تحت مسمى أما بنعمة ربك فحدث.
حتى من صديقاتي اللواتي أحبهم والتي تربطني بهم العلاقة الطيبة مما يجعلني حزينة بصورة عامة ومتنرفزة أحيانا وإذا تحسست من تعليق أزعجني فأنا أظل أفكر بها لمدة طويلة تصل إلى أشهر وسنين وأتخيل سيناريوهات عما كان يجب أن أقول وماذا سأقول لو حدث شيء كهذا مستقبلا وصار ما يزعجني من الآخرين قد يصل بي أحيانا لحد الاعتراض بصوت عال مسببا جفاف فمي أو بكائي أو الصراخ حسب علاقتي بالطرف الآخر وأحس مع كل صرخة أني أخفف ما بداخلي من ألم.
لم أندم يوما لما قلت وأنا في غاية غضبي بل أقول لعلها الحالة الوحيدة التي أكون فيها جد صريحة فأقول ما يجب أن يعرفه المقابل دون مواربة لكن حدث أن ندمت لأني صرت بموقف مثل هذا مع أناس أعزهم كثيرا وأحترمهم لكني تألمت منهم بسبب تعليق محدد كرروه معي مرات عديدة وعموما فإن هذه الانفجارات تأتي بعدما يتكرر معي سلوك مؤلم من شخص معين لأني أنا بالعموم أحاول أن تكون علاقتي بالآخرين جيدة إلا أن انفجاري يأتي مفاجئا زرت طبيب العائلة وأعطاني دواء قال قد ينفعني للتهدئة أو لعلاج اكتئاب بسيط اسمه citalopram arrow 20 mg لكني لم أستعمله كوني قرأت أنه قد يسبب نزيفا ما وكان عندي وقتها اضطرابات نسائية فخفت أن تزيد.
وقد سبق أن أخذت أدوية لعلاج القلق أو الهلع ولمدة أسبوع واحد ثم تركتها أخذتها أيضا بسبب تعبي من الإحساس بالألم كان هذا قبل 13 سنة هذه الذكريات السوداوية تشغل بالي بسبب أحيانا وغالبا بدون سبب فأعيش ألما من شخص ما ثم أنتقل لشخص آخر فأتذكر ما جرى منه معي ثم أنتقل لآخر وهكذا أذكر الله وأواسي نفسي بأن الدنيا زائلة وأحاول استغلال أي فرصة أحس بها بالرضا فأتواصل مع الآخرين؛
أما في العمل فأنا مجبرة أن أتعايش مع زملاء العمل لكن هذا لا يعني أني لا أحترق ألما وأنا لا أعرف كيف أتعامل بصورة تريحهم وتريحني فعندما أرى خللا بالعمل أحاول أن أبحث عن أرق الأساليب لفتح المواضيع ولكن كثيرا ما ينتهي الأمر إلى انفلات المناقشة وتحولها إلى صدام إحدى حلولي هي الهرب من اللقاء مع الناس أو قد أخفف تماما وبصورة مفاجئة علاقة قوية.
هل تسمح لي أخي بأن أفضفض لك عما بداخلي لعلك تساعدني في تحليل حياتي ولماذا صرت حادة مع الآخرين طفولة باهتة، أبي توفى وعمري ستة أشهر عندما وعيت على الدنيا وجدت بيتنا مكون من أمي وأربعة أخوة وأخت صماء تكبرني ب 14 عاما.
بيتنا كان يأن تحت وطأة الفقر وأمي مريضة دائما فكان هاجسي اليومي ورعبي أن أرى أمي قد توفت أثناء تواجدي في المدرسة ولن أتحدث عن كثرة أحزانها فلم أرها سعيدة يوما وقد لبست السواد إلى أن صار عمري تسع سنوات ثم أبدلته بالأزرق. إخوتي كانوا في عراك دائم وصل مرة إلى رفع السكاكين على بعض إضافة إلى استهزائهم الدائم وضربهم أحيانا لأخي الأصغر والذي يكبرني بسبع سنوات.
للشهادة لم يضربوني ولكني كنت أخاف منهم وأذكر أن أخي الذي يكبرني بعشر سنوات ضربني مرة واحدة لكنها ضربة أوقعتني أرضا وأخرجت الدم من أنفي بحضور أمي ولم تقل هي شيئا وكان عمري سبع أو ثمان سنوات ذلك لأني طلبت من مديرة المدرسة إجازة لأني سمعت أن أمي وأخي سيسافران وحدهم فأردت أن يأخذوني معهم إضافة إلى أننا كنا نعيش في دولة وضعنا الأمني فيها مهدد وكانت عندنا مشاكل التجنس والإقامة بصورة دائمة والأمور تناقش على مسمع مني فعشت اللاستقرار في وطني أيضا عندما صار عمري 12 سنة انتقل إخوتي الثلاثة إلى دولة أخرى.
تحسنت أمورنا المادية قليلا ولكن أمي لم تنفك عن البكاء اليومي على أبناءها وصحتها لازالت سيئة وقد اضطرت لإزالة إحدى كليتيها وحينها كبرت أنا فصرت المرافق لها للأطباء والمسؤولة عن دوائها أختي كما ذكرت عندها إعاقة فلم تكن أختا لي بمعنى الكلمة أما أخي الأصغر فقد كبر وهو مليء بالعقد نتيجة المعاملة التي تلقاها من إخوتي المليئة بالاستهزاء وتهديم كل ما لديه من ثقة بنفسه لمجرد أنهم يحبون الضحك لذا هو الوحيد الذي لم يفلح بالدراسة واشتغل شغلا نعتبره بمستوى اجتماعي متدني لا أقول أن مستوانا كان عالي ولكن لأن إخوتي انتقلوا للدراسة في أوروبا وأنا مع كل الظروف كنت متفوقة جدا بدراستي وكان هذا أيضا مثار للسخرية على أخي ثم أن كل أقاربنا من خالاتي وأبنائهم كانوا بمستوى اجتماعي وعلمي ومادي عالي وهذا ما كان يؤلمه ويبكيه عدى عن أننا لم نبقى بنتا إلا وخطبناها له فلم تقبل ولا واحدة به فكاد يجن.
تخرجت من الثانوية بمعدل عالي وكعامة المتفوقين تقدمت لكلية الطب وقد قبل فيها من كان عنده معدلا أقل من معدلي لكني لم أقبل لأني لم أكن أحمل جنسية البلد إلا أني قبلت بعد سنة في كلية أخرى على كرسي الأجانب كما يسموه وخلال هذه السنة عشت ضياعا دمرني ولكن بعد القبول فرحت ووجدت المستقبل الوردي أمامي فلم يبقى لي إلا مستقبلا زاهرا وزواجا سعيدا ثلاث سنوات في الجامعة كنت فيها الأولى على 160 طالبا وصديقتي تقول لي سيكتب اسمك هنا في قائمة الأوائل عند التخرج من الجامعة ولم يكن عندي شك في ذلك.. لكن النمور أتت في الليل وحطمت أحلامي.
سفرنا من وطني الذي ولدت فيه وولدت أمي أيضا والذي لم أتقن سوى لغته ولم أخرج منه طيلة عشرون سنة، انتقلت إلى دولة لا أعرف لغتها ولا تربطني بها صلة، ليت هذا كل شيء قامت الحرب ونحن هناك فانتقلنا بين المدن إلى أن احتوانا فندق لللاجئين وعشنا في غرفة صغيرة أنا وأمي وأختي وأخي وخالي الذي هاجر معنا، عشنا فيها ثلاث سنين تعطل فيها مستقبلي ثم جاء أخي من الخارج لتزوجه أمي بنتا لم أكن لأجدها أهلا لأخي خطبتها أمي لأخي لأنها كانت جميلة أما أنا فرفضتها لأنها كانت على مستوى علمي وأدبي ضحل وادعت أنها جامعية مستغلة ظروف التهجير وأننا لا نعرف ماضيها واتضح بعدها أنها لم تكمل حتى الثانوية أما أخي فحاصل على الماجستير في الهندسة إضافة إلى ثقافته العامة وحبه للأدب والشعر.
تزوجت وقد أحسست بأني لم أكن سعيدة حيث رأيت أني خطبت الكثيرات قبلها لأخي حين كان لايزال في الخارج ولم ألتفت لها حيث أنها كانت جارتنا، عوائل الأخريات رفضوا لأنهم لا يعرفون أخي أما عائلتها فسعت لحصول هذا الزواج وكان زواجا موفقا لها بكل المقاييس فبدأت تقتص مني فورا تمكنها من الزواج بأخي ما زاد الطين بلة هو وفاة أمي وأنا بعمر الثانية والعشرين وما حطم كل ما بقي من حياتي هو زواجي الفاشل بعد وفاة أمي بسنة.
تزوجت شابا أحببته وقد صارحت أخي الأصغر بأني معجبة بشخصيته فلمح له أخي بأننا نراه أهلا للزواج فاعتذر في البداية بأنه يراني كأخت له ثم فكر وجاء خاطبا بعدها بأيام.. لم يوجد في الدنيا أسعد مني حينها ولكنها الفرحة التي لم تدم لأن حتى الأعمى كان يرى أن هذا الشخص زاهد في ولا غرابة فقد كان مترددا من البداية خصوصا كوني أكبره بسنة وثانيا كان هو وسيما جدا وأنا شكلي متوسط الجمال وحسب تقييمه هو قال لي بعد العقد مادحا أن جمالي فوق المتوسط ثم قال بعد ثلاث سنوات زواج أن شكلي بالكاد يتجرعه، ولا شك إذ مررت بسنوات عجاف أنهكتني وأضعفتني فنزل وزني وهزلت لأني صدمت بزواجي، حين أعجبت به أعجبت بشخص كالأنبياء في حيائه ودينه وحبه للناس فتفاجأت بعد العقد أن هذا الشخص زاهد في لا ينظر لوجهي حتى، فهل كان مجبرا على الزواج مني؟ وإذا ندم فلعله يندم بعد حين لا من اليوم الأول وحتى قبل أن يتعرف علي.
للمناسبة فأنا لم نجلس جلسة خاصة قبل العقد بل كنا قد جلسنا ضمن العائلة عدة مرات ولم نتحدث مع بعض أما أخي الأصغر المعقد فقد أظهر كل عقده معه وكذلك فعل أخي الكبير الذي لم أحكي لك عن علاقته السيئة بنا جميعا فهو الآخر أظهر وجهه البشع لزوجي الذي لم يكن يستحق منهم هذا الاسقبال فالصغير له مشاكله الخاصة أما الكبير فقد كان رافضا لزواجي لأن أهل زوجي غير موجودين بهذا السوء بدأت علاقته بي وبعائلتي وأحس نفسه قد تورط بزواج سخيف وعائلة أسخف ولكنه كما قال أنه سأل عني وقد زكوني أصدقاءه على أني بنت متعلمة وطيبة ومؤمنة فهو يعلم أني جامعية وهو على مستواه الثقافي العالي لكنه لم يكن يحمل شهادة أكاديمية.
إحدى دعاباته في أيام العقد قال لي لا أعرف لماذا اخترتك من دون البنات! فتصورت أن هذا غزلا يقصد منه أنه فضلني على كل البنات لكنه قال لي ونحن في شهر العسل، أنه (باع مثاليات حين تزوجني) وكان يظهر المسألة على أنه تندم بسبب سلوك إخوتي فقلت له سأعتبر نفسي لم أسمع شيئا وأننا لن نستطيع أن نتراجع الآن وقمت من مكاني فجائني مصالحا ولكن ليس معتذرا تصور يا أخي مهجرة خاسرة لمستقبلها الزاهر فاقدة لأمي أتزوج زواجا تعيسا كهذا أعيش مع إخوة معقدين كل هذا وأنا أداري وأساير وأحاول العيش بتحضر ومجاملة ومسايرة ولي الكثير من الصداقات والعلاقات لن أنسى أن أذكر لك أني قدمت على الجامعة في دولة المهجر وقدمت امتحانات بكافة الدروس وانقبلت بالجامعة لكن الدولة كانت تعيش الحرب والجامعات مقفلة فتأجل قبولنا فتزوجت حينها وحملت بطفلي الأول ثم جائني القبول وأنا أعيش في مدينة أخرى وكانت علاقتي بزوجي علاقة الخائف الذليل المتفاجئ من هول ما يرى لم أجرؤ وطبعا أنا متأكدة أنه لن ينتقل من أجلي للمدينة الجامعية.
مرت علي خمس سنوات حملت بالطفل الأول بعد شهر من الزواج والثاني حصل الحمل بدون تخطيط ولا أنكر أن حياتنا تخللتها أيام مقبولة ثم أن علاقتنا الخاصة كانت ناجحة مشكلته معي كانت الجفاء لدرجة عدم النظر في وجهي, طلبت منه أن يخبرني ما الذي لا يعجبه في كي أغيره! خاصمته كثيرا جدا فلم يكن يمر أسبوعا نحكي فيه مع بعضنا إلا ويتبعه أسبوعين خصام والخصام كان مني وإلا فما رد الجفاء وشيئا فشيئا تعلمت أن لا أصالحه حتى يأتي هو ويصالحني ولم نكن نتصالح بحل المشكلة، إنما كان يأتي بقربي فينتهي الخصام؛
وعندما نتخاصم ويطول الخصام أكتب له رسالة لتحريك الأزمة والبحث عن حل بعدما أكون قد استنزفت أعصابي من خصام قد يدوم شهرا لا أرى فيه إلا مستقبلا مظلما كئيبا فيجيبني عليها وإحدى الرسائل حملت معها كل الصدق حين اعترف بأنه لا يحبني طبعا حاول أن يجد المبررات بأنه سلوك إخوتي وبأني أغلظ له بالكلام ولم يعترف بأنه تسرع بالزواج مني حيث كان هو الآخر يعيش غريبا ووجد من يعرض عليه الزواج فرضي بي فخسر كلانا طلب مني أن أخبر إخوتي بقرار الطلاق، جننت أنا فلم أتوقع لنفسي مستقبلا كهذا سأله أخي ما عيبها قال له أنها جيدة.
قال له أخي بم ستخبر أولادك عندما يكبرون عن والدتهم، لا جواب المهم قال لي أخي اتركي أولادك وارجعي معي، فصدم زوجي فلم يتوقع أني سأترك له أولادي، طبعا بكيت أنا وقلت لأخي وكيف أترك أولادي فقال لي وأنا لن آخذهم لبيتي بعدها كلمت زوجي بود وقلت له كيف تهون عليك العشرة وماذا جرى لعقلك فقال لي اتركيني فقد انتهيت المهم اقترح أن نعيش كل واحد منا في مدينة بدأت بالبحث عن بيت ولكنه قرر فجأة أن نخرج من تلك الدولة فتركناها للأبد إلى الآن مر على زواجنا خمس سنوات لم أنفك فيها عن محاولات إكمال دراستي وكانت لي علاقاتي الاجتماعية وكنت أعتني بأولادي وببيتي وعلاقتي الخاصة جيدة إلا أن المشكلة في الخصام الذي يقتص ثلاث أرباع أيامنا وكلها بسبب الجفاء.
استمر يكلمني دون النظر لي وأنا أتغاضى أسبوع وأنفجر شهرا هذا عدى عن عادة النوم على الأريكة في غرفة الجلوس إلى منتصف الليل إحساسي الكبير بالذل عندما يكلمني ولا ينظر لوجهي خصوصا أمام أهلي وكانت زوجة أخي تعلق على تصرفاته معي وجفاءه وتعاليه علي مع أنها ترى أني لا أريد أن أتكلم بهذا الموضوع إلا أنها تريد أن تقول لي أني أرى ما لا تذكرين وكان هذا يؤلمني كثيرا ويزيد حقدي عليه.
عندما انتقلنا لهذه الدولة تخلصت من هذا الجانب المؤلم وهو الذل أمام إخوتي وزوجاتهم أو الانكشاف أمامهم بهذا الواقع البائس لكن الجو صار مفتوحا للجفاء والخصام والخلافات بعد سنة انتقل هو إلى أوروبا وطلبنا معه فور حصوله على الإقامة وهنا تحسنت الأمور نوعا ما أنا تعلمت اللغة وبعد سنة ونصف صار يلمح بأنه يتمنى أن نحصل على طفل آخر ورأيت أن فكرة الطلاق أزالها من رأسه تماما حيث صار يرفضها عندما ألوح أنا بها أنجبنا ابنتنا الرائعة واندمجت بمجتمعي الجديد وسارت الأمور وأنا أكسب الصداقات وأتعلم حاولت إكمال دراستي الجامعية فلم أفلح بعد أن درست اللغة ثم قدمت على الجامعة ودرست سنة كاملة ثم تركت الجامعة لأن أطفالي كانوا صغارا وكانت الجامعة في مدينة أخرى فأستغرق من الوقت ساعتين ذهاب وساعتين إياب؛
ثم إنه لم يكن يساعدني لا بشئون البيت ولا بالأولاد درست بعدها تربية الأطفال وكان هذا أضعف الإيمان إذ أن من يدرس معي ناس بمستويات مختلفة حتى ناس عندهم ابتدائية فقط وحصلت على عمل فور تخرجي وأنا أعمل لحد الآن بنفس الروضة منذ عشر سنوات مررت بعلاقات مختلفة مع الموظفين وصلت أحيانا كثيرة إلى نزاعات لكني أسمع أيضا من المديح الكثير ولكن الدارة أنقصت عملي إلى 75 بالمائة وقد يكون بسبب أنهم لاحظوا أني صرت أنفجر بسهولة.
زوجي رجع إلى وطننا الأم بإلحاح مني لأنه لم يبني نفسه هنا إذا لم يتعلم اللغة ولم يتقن عملا فرأيت أن رجوعه أحسن له، كان هذا منذ عشر سنين وضعه هناك تراوح صعودا وهبوطا لكنه أحسن من هنا على أي حال يزورنا حوالي كل ثلاث أشهر قد يبقى أسبوعين وأحيانا بعد أربعة أشهر قد يبقى شهرا تحسن نوعا ما ولكن لازالت علاقتنا في نظري علاقة غير سوية يحاول أن ينظر لي عندما يكلمني ولكن لكثرة ما أحاسبه أنا على ذلك وطبعا أحيانا كثيرة أترك أنا الإلحاح وأظل آكل بنفسي منذ صغر أطفالي كنت أحكي لهم عن مشاكله معي فكبر الأولاد وهم يشكون جفاءه معهم فألوم نفسي فيقولون أن لا علاقة لي فهم يرون أنه لم يهتم بهم كما ينبغي وهنا طبعا الأمور نسبية مع أني أعمل وأن لي أولاد نجحوا بحمد الله على كل الأصعدة إلا أني أرى ألا أحد خسر كخسارتي فقد خسرت الارتباط بزوج يساندني وخسرت دراستي وأعمل الآن عملا متعبا لا يساوي ما درست طول حياتي.
لا أملك من حطام الدنيا شيئا ولا أعلم بعد زواج بنتي هل سأعيش وحدي! ابتعدت عن صديقاتي وعن قريباتي لأني صرت أتحسس من كل تصرفاتهم وكلامهم، علاقتي بزوجة ابني بدأت رائعة إلا أنها الآن رسمية جدا أنا لا أتدخل بحياتها ولا أتمنى لها إلا علاقة قوية مع ابني لكنها تحس أني أتجنب العلاقة القوية بها وبأهلها فصارت هي الأخرى تتجنبني علاقتي بأولادي جيدة لكن عندهم أن نسكن سوية ضرب من المستحيلات ومرة عيرني زوجي قائلا حتى علاقتي بأولادي وبإخوتي غير جيدة هذا لأني أشتكي أحيانا من بعض تصرفاتهم وطبعا هذا تضخيم من جنابة لأن الحقيقة خلافاتي مع أولادي وإخوتي ليست أكثر من طبيعية والجوانب القوية من علاقتنا أكثر بكثير من جوانب الاختلاف وهو يرى هذا جيدا ولكن لماذا أختلف مع أولادي أقرب الناس لي.
هل كل العيب في أنا؟ هل صرت نحيسة وحادة إلى هذه الدرجة ماذا جرى لي لم أعد أطيق أحدا وأتحسس من كل كلمة أسمعها وأفسرها بما أكره.. أما علاقتي بزوجي فتلك هي قصة أخرى فأنا أقضي وقتي معه بالخلافات وأبكي عندما يذهب ولا أعلم إن كنت أحبه أو لا؟
أخي العزيز أصدعت رأسك بقصتي ولكن أرجوك قل لي ماذا ترى؟ هل عندي اكتئاب؟ هل أحتاج إلى دواء أم ماذا؟ أتمنى أن يحال سؤالي للدكتور سداد جواد التميمي فهو من بلدي ويعرف أوضاعنا أكثر من غيرنا ثم أني معجبة جدا بتحليله وإجاباته مع احترامي وإعجابي بكل الأساتذة العاملين وفقهم الله
جزاكم ربي خير الجزاء.
وألف شكر لكم
28/02/2013
رد المستشار
مناقشة عامة General Discussion :
يحاول الطبيب النفسي عندما يقرأ أو يستمع لقصة حقيقية إطارها عدم الشعور بالسعادة، صياغة الحالة بأنها مرضية وأن مستخدمة الموقع مصابة باكتئاب أو أعراض اكتئاب كجزء من اضطراب نفسي آخر، أو بأن عدم السعادة ناتج عن ظروف شخصية وبيئية عصفت بها ولا تزال تفعل ذلك.
الصيغة الأولى تؤدي إلى تطبيب الحالة وهذا ما يرضي أحياناً مستخدم الموقع أو المستشار، وينتهي الأمر بالنصيحة بتناول عقار لحل المشكلة.
الصيغة الثانية أكثر تقبلاً للبعض وربما تساعد الإنسان على استيعاب هيكلة شخصيته النفسية والعمل على مواجهة التحديات والبحث عن السعادة.
لا شك بأن الصيغة الثانية هي التي يستوجب استعمالها في هذه الحالة لا توجد هناك إشارة واضحة لأعراض اكتئاب مقنعة، والشعور بتقلبات المزاج والتعبير عن مشاعر الغضب ليس بالضرورة مرضية على عكس من ذلك التحكم في مزاج الإنسان وحالته الوجدانية قد يمنعه أحياناً من اتخاذ الخطوات الصحيحة لتجاوز محنته هذه الاستشارة مثال لما يعاني الإنسان من نبذ متكرر ولكنها في نهاية الأمر اختارت التضحية لمواجهة تحديات أيامها وضمان مستقبل أطفالها.
استشارة الأخت الفاضلة يمكن دراستها من فترة الزواج هذه واحدة من أكثر المراحل حرجاً في حياة الإنسان رجل كان أم امرأة المدخل إلى السعادة واكتساب المناعة ضد الاكتئاب والقلق وجميع المشاعر السلبية هي مقدرة المرأة أو الرجل إلى استيعاب الآخر وإضافة السمات الشخصية عليه التي ترتبط بتجارب الماضي والطفولة متى ما كان تعلق المرأة بوالدها أو من تولى رعايتها آمناً كان تعلقها وارتباطها بزوجها آمناً كذلك لكن هذا بالطبع لم يحدث في هذه الحالة لأن مستخدمة الموقع مرت بفترة طفولة ودخلت مرحلة البلوغ مع أب غائب عنها منذ الطفولة.
لم يحل محل الأب شخصية أخرى وتعلقها بالأم التي تولت رعاية عدة أطفال لم يكن كافياً ليلبي احتياجاتها الناقصة كذلك لا توجد في الرسالة إشارة إلى تعلق آمن بأحد الأقارب، وعلاقتها بالأخوة غير مستقرة على أقل تخمين.
يتجاوز الإنسان أحياناً هذه الظروف البائسة مع تفوقه فكرياً واحتضانه من المجتمع الكبير الذي يعيش فيه هذا الأمر لم يحدث وشعرت الأخت بالنبذ حينها من قبل المجتمع الذي عاملها أجنبية ومواطنة من الدرجة السفلى حين قررت الدخول إلى الجامعة ونبذها هو الآخر كما نبذها الأب الذي فارقها وهي طفلة.
تسنح الفرصة أحياناً وترى الزوج يحتضن امرأة يحبها ويضع نهاية لعملية النبذ Rejection التي كانت محور حياتها هذا لم يحدث مع الأخت لسببين:
٠ الأول أنها قررت الارتباط من أجل بداية حياة جديدة بعيدة عن ظروف بيئية قاسية، وفي هذه الحالة تكون العملية أشبه بالمقامرة رغم وصفها الرقيق لزوجها ولكن لا توجد إشارة مقنعة بأنها كان تشعر بالحب نحوه.
٠ الثاني أنها قررت الزواج وهي لم تسد احتياجات ناقصة متعددة خاصة طموحها الشخصي الذي يتوازى مع قدرتها الشخصية.
للأسف الشديد بدأت عملية النبذ من قبل الزوج وفي مرحلة مبكرة جداً من الزواج، وتبع ذلك عملية نبذ من مجتمع آخر وانتهت في بلد غير متعلقة به تماماً ولا يوجد دليل على أنها ستتعلق به كاملاً.
تدفع الظروف الإنسان أحياناً إلى عملية اختيار بين تحقيق أهدافه الشخصية أو القبول بأن وجوده في هذه الدنيا هو من أجل البقاء Survival. اختيار الأخت كان البقاء واستنفذت جميع وسائلها الدفاعية من أجل أطفالها رغم استعمالها للتسامي من أجل الأطفال وشعورها بالرضى ولكن الغضب الذي تم زرعه وكبته في أعماقها يخرج من تلك الأعماق بين الحين والآخر في تعاملها مع الآخرين.
التوصيات Recommendations :
٠ شكراً على استخدامك الموقع وثقتك به وأعانك الله دوماً.
٠ سلوكك مع أطفالك يعكس مدى استيعابك للظروف القاهرة التي عصفت بك وحرصك على عدم التدخل في حياتهم الشخصية السبب الآخر هو نجاحك في بناءهم شخصيات مدعومة بالثقة بالنفس بعبارة أخرى أعطيت لأطفالك ما لم يعطيه لك الزمن منذ الطفولة إلى الآن.
٠ لا أظنك ستنهارين بعد رحيل ابنتك إلى بيت زوجها مستقبلاً ولا أظنك ستعاملينها بصورة مختلفة عن طريقة تعاملك مع الأبناء.
٠ في هذه المرحلة من الحياة الزوج هو الوعاء الذي يحتوي زوجته، والزوجة هي الوعاء الذي يحتوي زوجها علاقتك بصراحة مع زوجك كانت ولا تزال غير مرضية، واستمرارها كان لسبب واحد وهو حرصك على الأطفال، وخوفك بنقل عدوى النبذ إليهم بعبارة أخرى حرصت كل الحرص أن لا يشعر الأطفال بأن هناك أب غائب عنهم تماما.
٠ عليك الانتباه إلى حدة مزاجك مع الآخرين الناتج عن غصب تم كبته لسنوات طويلة الأهم من ذلك هو محاولة إصلاح هذا الزواج الشكلي عليك بشطب هذه التعابير السلبية التي أسرفت في استعمالها عند الحديث عن نفسك ووصفك لأنوثتك ما عليك أن تفتخري به هو نجاحك الباهر في تعويض عائلتك عن أب غائب والتضحية بطموحك الشخصي في سبيلهم. استعادة الثقة بالنفس ليس عسيرة على كل امرأة ورجل ما تم إنجازه في حياتك أكثر بكثير من إنجازات معظم الناس.
٠ استعادة الثقة بالنفس قد تكون الباب إلى محاولة إصلاح هذا الزواج الجزئي وتحويله إلى زواج كامل.
٠ لا أظن أنك مصابة باكتئاب وتطبيب حالتك لن يغير حالتك النفسية دون إصلاح الظروف العائلية والزوجية التي قررت يوماً ما الاستمرار بها من أجل البقاء وسعادة أطفالك.
وفقك الله دوماً.