لماذا نقبل بعضنا؟ ما الذي يدفعنا لضغط شفاهنا على شفاه شخص آخر ونلمسه بلساننا - بحب وحنان وبلا خجل؟
تقول الباحثة الإنجليزية بعلم القبلة أدريانه بلو إن القبلة تثير في الجسد إفراز الأندروفينات، الأفيون الطبيعي للجسد. فعندما نقوم بتقبيل بعضنا فإننا ننزلق في خمرة حقيقية، نشوة الأندروفين.
ولكن لماذا يحدث ذلك؟ تذكرنا القبلة بالشعور بالأمان والمتعة في أثناء الرضاعة من ثدي الأم. تقول الباحثة بلو "فسواء أكان الأمر عبارة عن رضاعة من الثدي أو تقبيل فإن العضلات نفسها هي التي تشترك في هذا الفعل".
وقد وجد العلماء مصدر آخر للمتعة الشديدة في أثناء التقبيل. فأصل هذه المتعة موجود أساساً بما يسمى قبلة - الإطعام، التي نمارسها نحن البشر على ما يبدو منذ ملايين السنين. فلدى كثير من شعوب القبائل ما زلنا حتى اليوم نلاحظ كيف أن الأم تقوم بمضغ الطعام في فمها وتطعمه لطفلها من الفم للفم. وحتى في اللغة نجد الارتباط الوثيق بين الطعام والقبلة. ففي مصر القديمة تستخدم الكلمة نفسها للدلالة على الطعام والقبلة.
وفي أثناء التقبيل يتواصل شخصان مع بعضهما بالتساوي، فم لفم ولسان للسان. يصبح الأول الآخر والآخر الأول ويبقى في الوقت ذاته هو نفسه. ويمتزج فيها الفرق بين الأخذ والعطاء، ويقول مثل غجري "ليس لقبلة أية قيمة طالما لم تتم بين اثنين".
غير أن القبلة لم تكن منتشرة في كل الأزمان، فقد وجد الباحث بعلم الجنس كينزي في عام 1948 أن القليل فقط من الأمريكيين الذين تزوجوا قبل الحرب العالمية الأولى قد كان لهم خبرات مع القبلة، وحتى بعد ثلاثين سنة لاحقة في وقت إجراء الدراسة كانت القبلة ما تزال في الولايات المتحدة الأمريكية قليلة الانتشار. وعلى الرغم من أن 70% من المثقفين الأمريكيين قد أقروا بممارسة التقبيل، فلم يمارسها سوى 40 من الأقل ثقافة. وقد اعتبر كثير من الذين لا يمارسون التقبيل أن التقبيل عملية غير صحية، ولكن السبب على ما يبدو كان في أن التقبيل قد بدا لكثير من هؤلاء الرجال مملا وكانوا يفضلون الوصول السريع للمتعة الجنسية.
وتمثل القبلة في مجتمعنا إحدى أقوى الإيماءات وأشدها سحراً التي يمكن أن ترمز إلى القرب والخضوع، على النحو الذي يقبل فيه الكاثوليك مثلاً خاتم البابا أو عندما يقبل البابا تراب الأرض ويخضع بهذا للرب وإبداعه.
وبالمقابل فإن القبلة على الفم ترمز إلى قبلة بين الأشخاص المتساويين. فليونيد بريجينيف قبل أيريش هونيكر على فمه. وكانت إيماءة تعد بالمساواة .
وتمارس غالبية شعوب الأرض عادة التقبيل، والتقارير التي تشير إلى عدم انتشار التقبيل لدى بعض الشعوب هي تقارير خاطئة. والغالب أن تعتبر القبلة جزءاً متكاملاً مع لعبة الحب وليس لها مكان في الحياة العامة أمام الناس. وهكذا يرى اليابانيون أن القبلة هي الطريق نحو النشوة الجنسية. ومن الطبيعي أن تقبل الأمهات اليابانيات الأطفال الصغار، ولكن الصغار فقط. إذ يعتبر التقبيل للكبار منهم لاحقاً على أنه قلة حياء. وتقبيل الأصدقاء عندما نلتقي بهم كنوع من أنواع التحية الأمر الشائع في أوروبا وبلدان كثيرة يعتبر في نيبون أمرا لا يمكن تصوره على الإطلاق.
وعلى العكس من البشر يمارس البونبوس وهو نوع من أنواع الشمبانزي قبلة اللسان أمام الملأ، وهذا يشير إلى أننا نحن البشر نمارس التقبيل منذ وقت طويل جداً جداً. ومن الممكن أن يكون التقبيل قد نشأ منذ حوالي ستة ملايين سنة من تطورنا عن أقرب الحيوانات لنا، أي عن الشمبانزي .
وعادة ما يقبل الشمبانزي بعضه بفم مفتوح ولكن ليس باللسان، في حيت أن البونبوس يفعل كما يفعل الإنسان، حتى في الجنسية فإن البونبوس يشبهنا نحن البشر. فهو يمارس الجنس وجهاً لوجه الذي يملك أصله في القبلة الجنسية التي لا تكون ممكنة إلا من خلال هذه الوضعية.
غير أن الشمبانزي يستخدمون التقبيل للتخفيف من التوتر والإرهاق أيضاً. وتشير الباحثة بلو إلى أنه عندما كان يداهم الخطر مجموعة من الشمبانزي نتيجة اقتراب غرباء منها كانت تهرع إحدى الإناث إلى ذكرها فيتعانقان ويقبلان بعضهما. تمنح القبلة الإحساس بالأمان ذلك الإحساس نفسه الذي يشعر به الرضيع على ثدي أمه. ومن الإحساس بالوجود معاً ينمو الشعور الجماعي. فعندما يرتعب الشمبانزي أو يخاف أو يتهيج لأسباب غير جنسية فإنه يهرع إلى هذا السلوك الباحث عن الاتصال.
ومثل هذا النوع من التقبيل يمارسه البشر أيضاً. وهكذا ينصح المتخصصون في ازدحام السير بالتقبيل المكثف قبل السفر لمسافات طويلة ومرهقة، فقد أظهرت الأبحاث أن السائقين أو السائقات يقودون عندئذ بهدوء واسترخاء. وحتى في لحظات الغضب والعراك بين الأطفال فإن القبلة بين الأطفال تمنح الطفل الأقوى مزاجاً أكثر لطافة وتخفف من عدوانيته.
29 عضلة تشترك في التقبيل
عندما تقوم الأم بتقبيل طفلها قبل النوم مثلاً أو عندما يقبل الأشخاص. بعضهما فإن 29 عضلة تشترك فى هذا. وأكثر عضلة تعمل هنا هي العضلة التي تعطي للشفاه وضعية القبلة، ويتم استهلاك 12 حريرة (كالورى) في كل قبلة، ويخفق القلب 150 ضربة في الدقيقة ويرتفع إيقاع التنفس من 13 حتى 60 ويرتفع ضغط الدم ويتمرن القلب وكأن الإنسان قد ركض 100 متر.
في القبلة التي تستمر لفترة ثلاث ثوان يرتفع النبض إلى 130 نبضة بالدقيقة، غير أن غالبية القبل لا تستمر أكثر من ثانية.
كما وأنه في أثناء التقبيل يتم طرح الأدرينالين والأنسولين، فينخفض بهذا محتوى الدم من السكر وتحطيم السكريات والدهون والمواد الضارة. ومع التقبيل تتبادل كمية كبيرة من الجراثيم مالكها، غير أن مكونات اللعاب تمنع انتشار هذه الجراثيم وبالتالي تمنع المرض.
عن جريدة جورنال الألمانية
ترجمة بتصرف الدكتور سامر جميل رضوان
واقرأ أيضًا:
علي مسئولية الفرنجة: خرافة الحمل بالقبلات !!! / هل يمكن أن تتبادل جسدك مع آخرين؟ / الرضا الجنسي بين الزوجين؟؟ / الرضا الجنسي بين الزوجين؟ م. مشاركة