"إذا وعظت فأوجز، فإن كثير الكلام يُنسي بعضه يعضا"!!
عندما يكون الفعل خاويا سيصبح الكلام مسهبا، وقد ركز أجدادنا أيام الجد والاجتهاد على ما قل ودل، واهتموا بالمختصرات، وابتعدوا عن الإسهاب.
وتجدنا اليوم نطيل الكلام قولا وكتابة ونحسبه عملنا الأكمل.
وهذا يعني أننا أمة عاطلة وتتحرك على هامش عصرها.
لماذا نمعن في الإطالة عندما نخطب ونكتب؟
هل لقتل الفراغ لوفرة الوقت وفقدان قدرات استثماره بما ينفع، ونتوهم بأن الكلمات هي خلاصة ما نستطيعه للمساهمة في شيء ما.
من الصعب تفسير الحالة الرائجة في منابر المثقفين والإعلاميين والذين يتصورون بأنهم من النخب والعارفين.
المهيمن على تفاعلاتنا الكلامية والكتابية، ما كثر وضل، فتجدنا نتيه في استحضار المفردات المبهمة والمصطلحات المستوردة، ونتباهى بأننا نفعل شيئا متميزا باستعمال ما لا تطيق هضمه الأفهام.
الفكرة يجب أن توضع في أقل كلمات تعرفنا بها، وتقدمها لعامة الناس بأسلوب واضح بسيط يبني الذخيرة المعرفية، ويؤسس لصناعة تيار ثقافي يطمح للتغيير والتأثير.
أما الكتابات الغامضة فتدفع للنفور وإهمالها، والترفع عنها لأنها تتسبب بوجع الرأس والغثيان والانزعاج من الاقتراب منها.
العالم يعيش زمن الوضوح والدقة والجد في العمل، فما عاد محلقا بالتصورات والتهيؤات والتحليلات الطوباوية الافتراضية، إنه عملي ومبدع وقادر على تحويل الأفكار إلى موجودات متحركة فوق التراب، لا كلمات تغيب في الهواء أو تمتطي ظهر السراب.
بإسهابٍ كتبنا ما اختصرنا
بدائعنا بأوهامٍ رسمنا
فحدنا عن مطالبنا كثيرا
كلاما دون معنى قد أتينا
فلا تعتب على شعبٍ تردى
فكل أثيمةٍ فينا علتننا
بإطنابٍ يعقدهُ غموض
نفورا في مواطننا بعثنا
واقرأ أيضا:
الرأس البليونيري!! / المكتوب والمرغوب والمرهوب!!