لو تسنى لأحدنا زيارة مصنع والتجوال بين آلاته لما استطاع أن يستوعب بأن الذي ابتكر هذه الآلات وجعلها تعمل بتناسق وتضامن مخلوق اسمه الإنسان، فالمصانع أقدر على الإنجاز من البشر، فالآلة انتصرت عليه في معظم المجالات.
ففي الزراعة مثلا، عشرات الدونمات يكفيها بضعة أشخاص يديرون المكائن من وراء الشاشات، فالماكنة الواحدة متعددة الأغراض ولا يحتاج الفلاح إلى يديه للبذار والحصاد ورعاية مزروعاته، فالآلة تكفيه، وتجعله مرتاحا ومتيقنا بسلامة ووفرة محصوله.
وفي الدوائر الحكومية بالدول المتقدمة، ما عاد الموظف يعرف، بل يتصرف وفقا لإملاءات الشاشة المضيئة أمامه، فلا يجيبك عن أي سؤال إلا بالاستعانة بها. وداهمتنا تطبيقات الذكاء الاصطناعي وحولت حياتنا إلى مسرح للأفكار والتفاعلات الآنية المتفوقة على أدمغتنا بسرعة استجاباتها الدقيقة.
وفي عالمٍ تتحكم به الشاشات، وتتدبر أموره الحواسب ووسائل التواصل المتنوعة، والمخترعات المتدفقة والقوى التكنولوجية المتحكمة بمصير البشرية، هل أصبح للإنسان معنى؟!!
لا يوجد جواب واضح في أفق الوعي البشري المعاصر، وستأتينا الأيام والعقود القادمات بما لا يخطر على بال وحسبان.
إنها حكاية انبثاق العقل من رماد الجهل ومن تحت سنابك التعطيل والإلغاء، ولا تزال بعض المجتمعات غاطسة في أوحال الغابرات ومتمترسة في مستنقعات الفراغ والانقطاع عن مياه العصر الدفاقة.
فقل: " تنبهوا واستفيقوا أيها....."
وتساءلوا: كيف لا تغوص الرُكَبُ؟!!
واقرأ أيضا:
الإبداع العلمي والأدبي!! / في الإدانة إعانة!!
