استشارة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ابتداء أشكر سعيكم في خدمة الناس وأدعو لكم بمزيد التوفيق أما بعد. أنا شاب في العشرين من عمري أعيش في أوروبا من ست سنوات بدأت مشاكلي في سن المراهقة مذ بدأت القراءة في مواضيع دينية.
أنا شخص روحاني جدا وكنت متدينا كثيرا لفترة من مراهقتي وعندها كانت تغمرني مشاعر فياضة من الأمان والسكينة حتى رأى من حولي سيماها على وجهي وتعجبوا من حالي. بدأت المشاكل عندما تعرفت على مواقع وصفحات إلحادية تشكيكية على الإنترنت عندها شعرت بخوف يجتاح كياني بعنف ويشعل بين جوانحي خوف لا يماثل أي خوف شعرت به في حياتي.
تمعنت في الموضوع أكثر وهيمنت علي المزيد من الشكوك فتصديت لها بمزيد من القراءة والبحث وما زلت ولكن على فتور في المشاعر الدينية وشعور بالإحباط من طرف خفي. أصبح ينتابني غضب شديد وارتفاع عنيف في ضربات القلب عند التعرض للصفحات والمواقع الإلحادية.
تغضبني بشدة الثقة التي يبديها هؤلاء في تقديم طرحهم المتهافت واعتمادهم ما لا يليق من الأدلة في استنتاجاتهم ولكن بذات الوقت تراودني أفكار أنني أيضا متهافت ولا أعلم شيئا وأن ديني خطأ وأدلتي سخيفة ولكني أصر على تجاهل المنطق لجبني فأضطر لدخول مناقشات دائرية مع نفسي لا تنتهي إلا لتعود ولا تهدأ إلا لتشتعل مجددا وكلما ظننت أني انتهيت عادت الأفكار إلى رأسي.
قرأت في موقعكم عن الوسواس القهري وأن علاجه في التجاهل ولكن ما أن أتجاهل الأفكار حتى تعود والمصيبة أنني كلما أتفقد أدلتي أجد أن فيها ثغرات فأقوم بصياغة أدلة جديدة وأمضي ساعات أكثر في البحث وهلم جرة في دائرة ملعونة.
أدمنت إلى جوار البحث في الدين المقارن الأفلام الإباحية والاستمناء وكل مرة أحاول فيها الامتناع تعود إلي الوساوس أقوى والكارثة أنني حتى عندما أستمني وأشاهد هذه الأفلام تهاجمني نفس الأفكار. عندما أكون سعيدا جدا عندما أستمع لأغنية أحبها مثلا أو عندما أضحك من قلبي تقفز إلى ذاكرتي أكثر الذكريات إحراجا كأنني أشعر بقرارة نفسي أني لا أستحق أي سعادة.
أعشق المثالية وعندي تعطش حاد لليقين وأرغب بشدة أن أكون غير هذا الشخص الذي يكتب هذه الكلمات. من حولي يصفونني بأني واسع الثقافة وعبقري وإلخ ولكن أنا نفسي لا أشعر بهذا بل لا أرى نفسي أهلا لأوصافهم هذه.
أصبحت أشعر ببعض اللامبالاة تجاه أي شيء فوجدت الحاجة في نفسي لأفصح ولم أجد سوى موقعكم الجميل فأرجو ألا يكون ظلي ثقيلا عليكم.
وأرجو أن تفيدوني إذا كان لدي اضطراب ما أم أنه لا بأس
وأخيرا آسف على الإطالة
1/7/2020
رد المستشار
شكراً على رسالتك.
ينتقل الإنسان إلى مرحلة المراهقة ويواجه أزمات وجودية متعددة منها معنى الوجود والعقيدة. الإنسان كذلك لا يتوقف عن الاطلاع على ما يؤمن به ولا يؤمن به، لأن ذلك في صميم تطوير ثقافته. هذه النزاعات الروحية يتم حسمها في الغالبية بسرعة وخلال أشهر معدودة وينتهي الأمر باستقرار الإنسان روحياً وعاطفياً ومواجهة التحديات المتعددة في الحياة.
استمرار هذه النزاعات الروحية لعدة أعوام مع انتقالك إلى أوروبا، وتحولها إلى أفكار حصارية وسواسية يتطلب مراجعة مركز للطب النفسي حيث تعيش والحديث مع طبيب نفساني أولا لتقييم حالتك العقلية وربما الحديث أيضاً مع معالج نفساني. أما العادة السرية فلا علاقة لها بالطب النفسي أو غيره من الفروع الطبية.
كذلك عليك أن تسعى إلى التوازن في تطوير نفسك والحرص على تعليمك في مؤسسات التعليم وتطوير مهاراتك الشخصية.
وفقك الله.