السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بارك الله في جهودكم لخدمة الناس، هنالك مشكلة اجتماعية عامة يعاني منها الأغلبية في هذه الأيام والظروف العصيبة وأنا أول الناس أعاني منها... عدم الوفاء للأصدقاء والغيبة والنميمة والنفاق بكل أشكاله الاجتماعي، ولا أحد يحب الخير لأحد والحسد والغيرة والتباغض والتحاسد... مما يفقد العلاقات الاجتماعية والإنسانية معناها ويبتعد الناس عن بعضهم بسبب هذه الصفات المذمومة.
ونحن البشر بطبيعتنا نحب العشرة والصحبة الصالحة، فما كيفية التواصل مع هؤلاء البشر الذين يسببون لنا في اليوم آلاف المشاكل ولا يريدون لنا الخير؟ إذا سامحناهم اعتبروه ضعفا وإذا صمتنا اعتبروه خذلانا وإذا واجهناهم اعتبروه جرأة ووقاحة، ويبنكرون، والعتاب بدل أن يكون بداية لصفحة جديدة لاستمرار العلاقة تكون العكس بداية لعداء وكراهية. الابتعاد عنهم يعتبرونه غرورا والاستمرار معهم تحطيم.. وكما ذكر في القرآن الكريم "إن أصابتكم حسنة تسؤهم وإن أصابتكم سيئة يفرحوا بها".
وأريد منك يا أخي الفاضل أن تدلني أين الطريق إلى تلك العلاقات غير المتوازنة والمبنية على الغش والخداع والغيرة والبغضاء... وإلخ؟؟.
وجزاكم الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
16/9/2023
رد المستشار
أخي الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو أن يكون لك من الاسم الذي اخترته نصيب (الداعية للخير)، وأذكرك بأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وفيه القدرة على فعل الخير أو الشر ومنحه إرادة حرة لفعل هذا أو ذاك وجعله في النهاية مسؤولا عن أفعاله.
وقد انزعج الملائكة من وجود القدرة على الإفساد في الأرض وسفك الدماء لدى الإنسان، ومع هذا كرم الله هذا الإنسان بهذه التركيبة وأمر الملائكة أن يسجدوا له.
ومن هنا نقبل فكرة أن الإنسان فيه الخير والشر، وأن المنهج الإلهي جاء ليدعم الجانب الخير لديه، وفي المقابل فإن إبليس وجنده يدعمون جانب الشر.
ووظيفة الدعاة إلى الخير هي تفهم هذه الطبيعة البشرية التي شاءت حكمة الله أن تكون هكذا ودعم جوانب الخير في هذه الطبيعة بكل ما يملكونه من حكمة وموعظة حسنة، ثم يصبرون على ما يجدونه من جنوح من النفس البشرية ويأخذونها بالحسنى إلى بر الأمان ولا يستغربون منها الخطأ أو الزلل، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".
وقد أمرنا الله بالصبر على أخطاء حتى من يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، وهذه إشارة إلى أن طبيعة الإنسان تدفعه من وقت لآخر للزلل أو الخطأ حتى في حالة كونه مؤمنا خيرا.
ولكني ألاحظ لديك نظرة تشاؤمية تعميمية ترى مساحة الشر أوسع بكثير من مساحة الخير بل ربما لا تكاد ترى من مساحة الخير شيئا، وأخشى أن يكون ذلك تعميما لخبرة سلبية مع بعض الناس أو يكون نوعا من الإسقاط نمارسه أحيانا كحيلة دفاعية تبرر ما لدينا من أخطاء وزلات.
لذلك أدعوك إلى محاولة رؤية الخير بداخلك أولا كداعية للخير ثم بداخل الناس، وأؤكد لك أنك لو حاولت ذلك صادقا فسوف ترى ما تقر به عينك؛ فالخير في أمة الإسلام إلى يوم الدين.