إخواني في الله جزاكم الله عنا كل خير. مشكلتي تتلخص في أهلي (أعمامي، عماتي، خالتي، خيلاني).. منذ أن نشأنا أنا وإخوتي وجدنا خلافات كثيرة مع أعمامنا وعماتنا فيما يخص الميراث، وانتهت بأنهم لم يعطوا والدي شيئًا من الميراث، وهم رغم أنهم ظلموا والدي، ولكنهم يكرهوننا، كل أعمامنا وعماتنا، ولا يرون إلا من عنده المال، فقد ظُلمنا كثيرا منهم حتى لجأنا إلى مصادقة جيراننا الأقرب، إلا أنهم يذهبون إليهم ويقولون عنا ما ليس فينا، وبذلك جيراننا يكرهوننا.
ماذا نفعل وقد وصى الله ورسولنا الكريم بذي القربى والأرحام؟ نحن لم نصله إلا في مناسبات الأعياد أو الفرح أو الترح، ورغم هذا يفضلون القريب منا. ماذا نفعل؟
المشكلة الثانية عندما نذهب لخالتنا وهي في بلد بعيد عنا، وهي وحيدة ليس لديها أولاد، لا تطيقنا. على أقل شيء تصنع مشكلة لتطردنا من البيت، وقد قامت بصفع والدتي أمامي، وفي تلك الليلة ذهبنا نتجول في الشارع حتى آخر الليل لكي نبعد عنها وعن مشاكلها.
أعمامنا لا يحبوننا.. خالتنا وحيدة ليس لديها أخوات غير والدتي، وهي لا تحبنا.. أخوالي لا يهتمون بنا، واليوم نحن وصلنا أعلى درجات، والله أعطانا المال، وتزوجت أختي الكبرى ولديها بنت وولد، وكل إخواني وأخواتي نجحوا، وحياتنا تمام التمام، ويرجع الفضل والشكر لرب العالمين رب الأولين ورب الآخرين. لم يتخلَّ عنا لحظة فقد أعطانا الصحة والعافية، وأعطانا المال، والحمد لله والشكر لله إلى يوم القيامة.
اليوم لا نهتم بهم وأي منهم إذا توفِّي لا نتأثر لهم لما لاقيناه، وأصبحت قلوبنا تجاههم بدون حنان، ولا نرغب في صلتهم، وكل هذا تأثير الماضي.. أعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"، وأعلم أن كثيرًا من الآيات والأحاديث تحدثت عن الأرحام، لكن المال.. الميراث.. الظلم جعلهم يحقدون علينا، ولا يريدون حتى أن نصلهم. فما هو رأيكم؟ ما هو رأي علماء النفس؟ وما هو الحل؟ وجزاكم الله كل خير.
أبي دائمًا يقول لنا:
لا تخلطوا الأمور فاذهبوا إليهم ودعوا الماضي، وأبي دائمًا يقف مع المريض منهم حتى يُشفى أو يموت، وهو لم يقاطعهم، بل هم يسعون لمقاطعتنا.
9/2/2025
رد المستشار
عندما وصلتني رسالتك سبحت بخيالي وكأنني أسمع حبيبنا ورسولنا وقدوتنا -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: ألم أصدقكم القول؟ ألم أقل لكم: "من أراد أن يبارك له الله في رزقه، وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه"، تذكرت ذلك وأنا أتأمل حال والدك الكريم أطال الله عمره وحفظه من كل سوء، وأجزل له الثواب، وهو يحثكم على تجنب قطع الرحم، وتجنب خلط الأمور، وتذكرته وأنت تصفين رعايته لأهله رغم ظلمهم البيِّن له،
وتخيلته وكأنه يسير خطوة بخطوة، ويقتفي أثر الرجل الذي قال للرسول –صلى الله عليه وسلم- واصفًا حاله مع أهله ورحمه: "لي أقارب أصلهم ويقطعوني، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ"، فردَّ عليه المصطفى –صلى الله عليه وسلم- بقوله: "إن كنت كما قلت، فكأنما تسفّهم الملّ (وهو الرماد الحار)، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك" .
فإذا كان الأمر كذلك فلا مفرّ من أن تقتدوا بوالدكم إذا أردتم تجنب غضب الله سبحانه، وطمعتم في حسن ثوابه، وأحسب أن من يريد أن يصل رحمًا قطعوه فأمامه سبيل من اثنين:
السبيل الأول هو: اعتماد أسلوب أداء الواجب، وذلك بتجنب القطيعة والسؤال عنهم بين الحين والآخر، ومشاركتهم الأفراح والأحزان من قبيل أداء الواجب فقط، وتجنبًا لغضب الله عز وجل.
السبيل الثاني وهو الأجدى والأبقى أثرًا وإن كان الأصعب، وهذا السبيل يعتمد الحب، والبذل، والعطاء وسيلة لصلة الرحم وسبيلاً إلى القلوب؛ وأحسب أن للقلوب قرون استشعار تستشعر الحب أينما وجد، وكما يقولون "الحب يصنع المعجزات"، ولا يعين على سلوك هذا السبيل إلا التضرع إلى الله سبحانه أن يعينكم على ذلك؛ لأن القلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء؛ فتضرَّعي إلى الله –سبحانه- أن يزيل أسباب الجفوة والشقاق بينكما، ولا تنسي أن للكلمة الطيبة مفعول السحر، وأن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- علَّمنا أن نزرع الحب بالتهادي فقال: "تهادوا تحابوا"، وأن تقديم يد العون والمساندة والوقوف بجانب من نحب في الأزمات والشدائد يساعد على اجتثاث جذور الحقد والغلّ والكره من القلوب.
أختي الكريمة.. هم أهلك ورحمك، وسوف تؤجرين بصبرك عليهم، فلا تتعجلي النتائج، واحرصي على العطاء فستحصدين الثمار حتمًا، ولا تنسي أن تتابعينا بالتطورات.