سلام وتحية ملؤها الاحترام والإجلال لكل الأخوة القائمين على هذا الموقع. أحمد الله تعالى وأشكره، فأنا أحيا حياة مثلما يقال عنها "لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها" حياة سعيدة ملؤها الحب والاحترام. زوجي رجل مؤمن بالله، صادق، شفاف، صاحب قيم ومبادئ نادرا ما تجدها في هذا الزمان، عاطفي لدرجة كبيرة، إيجابي، ذو مركز مرموق في مجتمعه "يشار إليه بالبنان".
أسمعكم تسألونني أين المشكلة؟ حقيقة لست أعرف! فحياتنا الزوجية وعلاقتنا ببعضنا نحسد عليها، ومحط أنظار الناس، لدرجة أن كثيرا من الجارات يحنقن علي ويبغضنني بسبب علاقتي المثالية مع زوجي. نحن متزوجان قرابة ثمانية عشرة عاما ونحيا حياة هادئة، مستقرة، ناجحة. وكنت معه نعم الزوجة الوفية المخلصة (الزوج الطالب، الزوج المبتدئ، الزوج الناجح، الزوج المرموق، في كل مرحلة من حياته) وهو يعترف بذلك، فعندما يسأل عن سر نجاحه يجيب قائلا: زوجتي. أهتم بمناسباته وهو أيضا يفاجئني بمناسباتي. خلال حياتي معه أنجبت سبعة أولاد برغبته والحمد لله إنهم شعله من الذكاء وهو فخور بهم.
منذ أربعة سنوات وفي جو ودي كنا في رحلة ترفهيه، وإذا به يطلب مني الاستماع إليه وكان مضمون الكلام أنه طوال حياتنا السابقة معا لم يكن مقتنع بي كزوجة له، وفي ذاته يشعر بالفارق الذي بيننا في طبائع معينه لم ترق له، واليوم هو سعيد جدا أنه فعلا بدأ يشعر أنني الزوجة المناسبة.
من جهتي صدمت، فعلا صدمت وجلست في زجداة المنتزه وبكيت حتى شعرت أن أحشائي تتقطع من البكاء. ومنذ تلك المرة وهو بين كل حين وحين يبدي تذمرا من علاقتنا العاطفية. خلال الأربع سنوات بانت لي أمور كثيرة غابت عني دهرا بأكمله، وهو أنه مع صعوده سلم العلم والعمل والمعرفة وزخم كبير من التجارب، في المقابل بقيت أنا كما أن، لم أكمل تعليمي الأكاديمي، كانت حياتي بين حمل وتربية ووقوف بجانبه.
بكيت على نفسي كثيرا أنبتها كثيرا، حزنت على الماضي وغفلتي التي أدت إلى هذه الفجوة الكبيرة بيننا (كنت دائما نشيطه في مجتمعي وتعليمي كان مقتصرا على دورات قصيرة، وشغلي كان متفرقا خلال 18 عاما) هو من جهته كان دائما يدعمني ويشجعني، تعلمت وأخذت رخصة سواقة في حين كان نادرا ما ترى في ذاك الوقت امرأة تملك رخصة سواقة. قال لي مره: أريد أن أبكي لأنني لم أدفعك للتعليم والفرصة سانحة فترة تعليمي في أوروبا.
المهم أنني بدأت أعرف أين أنا ووضعي العلمي حتى أخيرا وبتشجيع كبير منه التحقت بالتعليم الأكاديمي- وأنا الآن في بداية سنه ثانيه جامعه- تسألونني أين المشكلة الآن! أنا فعلا لست أدرى! يشتكي من النقص العاطفي، ويعتبرني امرأة غامضة، صعب معرفة ما يجول بداخلها. وأنا أعترف أنني كنت أعيش داخل نفسي، وبصعوبة أعبر له عن حبي (لا أريد أن أخوض في الأسباب وهي معروفة، كالتربية والفهم المغلوط للدين، وتطبيقه كنصوص)، ولكني بدأت أتعلم فنون التعبير عن المشاعر وأبديها.
الشيء المناقض في حياتنا إننا بعدما عرفنا الحب والعاطفة وتذوقناها -والبركة كلها تعود على موقعكم مجانين فمنذ سنة 2018 ونحن في متابعة مستمرة لصفحة "استشارات مجانين" و "ملفات زواجية"، وقد اشتركنا في دورة على الإنترنت عن "فن التواصل والحوار بين الزوجين" ونلنا إعجاب المستشارة في طريقة طرحنا للمواضيع- حتى تفتحت لدينا أزهار لم تكن مورقة، وزرعنا أزهارا جديدة بألوان زاهية، مع كل ذلك كلما فتحت معه حورا، يبدي نقصا في العاطفة! وأنا دائما في اعتناء بهذا الحب الجديد فتجدني كل فتره اسأله عن ماهية علاقتنا، فتجدني اسمع عكس ما أرى! أنا أعرف ماذا يفكر فكم قال لي ذلك بالتلميح أحيانا والتصريح أحيانا أخرى:انه يفكر في أن مستواه العقلي التفكيري العاطفي يستحق امرأة حكيمة، فطينة، نبيهة، فنانه في إدارة شؤون بيتها وتربية أولادها.
لديه نظره تخصه في زوجة أحلامه -هو لا يطلب الكمال فهو من المحال- ولكنه يحب تمام الأمور ورونقها، فهو يعشق النظام، الذوق الرفيع، الانسجام فيما تراه عيناه وتسمعه أذناه ويشمه أنفه، ويتذوقه لسانه، شديد الملاحظة، قوي البديهة، سريع الانتباه، أفهمه جيدا وهو يعرف ذلك - غالبا ما يطلب مني تقييمه على جميع الأطر- لا أنكر أنني لست المرأة التي تشده بجمالها، ولا تجذبه بسحر كلامها، ولا تبهره بحكمتها ولكني أحبه.
وضعي كان كالمشلول الذي يريد الوقوف والمشي، لكنه لا يستطيع، أتخيل نفسي كيف أكلمه، أتعامل معه، أثير انتباهه إلي، أكتب كل ذلك، لكن في الواقع ووقت التطبيق أفشل فيه كله!.
هو يعترف أنه تزوجني بعقله، فهو كان يفكر ويشعر ويحلم بعقله -بنت مؤمنة، ذات أخلاق عالية، تعفه وتحفظه- وكان ما توقع وزيادة، ولكن عندما اكتشف أن له قلبا عليه أن يشاركه أفكاره، والتفكير يتم بالتقسيم بين العقل والقلب... حينها اكتشف أنه لم يخترني بقلبه، ولأنه اكتشف قلبه حديثا ولم يستعمله من قبل، فقلبه فارغا جديدا، اكتشف أنه يجب أن يملئه.
سألته: أين أنا من مشاعرك؟ فرد علي ويا ليته ما رد حيث قال: عندما يلتقي شخصان وبالأخص رجل وامرأة، فإنهما يتآلفان إما عقليا أو قلبيا، واستشف كلامه بحديث الرسول "الأرواح جنود مجندة...." وأنا وأنت لم نتآلف لا عقليا ولا قلبيا.
طبعا هو قالها مغلفة وإنما فهمتها بفطنتي. صدمة أخرى كتلك الصدمات التي أتلقاها منه. أنه لا يحب أن يجرح مشاعري فهو دائما يذكر الصورة فقط عندما تتبعها صورة جيده بوضع جيد، فهو كثير المدح في، في شكلي، في هندامي، إذا رأى عيبا لا يذكره حتى أغيره من تلقاء نفسي فيمدح الحاضر ويعلق على الماضي -من يراني يستحيل أن يصدق أنني أنجبت سبعة أنفار، وهو كذالك من يراه مع أولاده لا يشك أنهم أخوته وليس أب وهم أولاده- نظرته دائما مستقبليه.
أسمعكم تسألون إذن كيف تدعين أن حياتكم مثالية! أقول أن الذي كان يجمعنا طوال هذه السنين، وهو القاسم المشترك بيننا هو الإيمان (وهو الذي حفظ زواجنا لهذه اللحظة من الانهيار)، والشيء الثاني هو "الجنس" فحياتنا الجنسية مليئة بالحيوية والتجديد، والذي تمناه في هذا المضمار وجده وزيادة. الشيء الذي كان ملتبس علينا أننا كنا نعتقد أن الجنس هو
الحب... واكتشفنا أن الجنس ليس هو الحب وإنما هو تتويج لعرش الحب، هو المظلة للحب، تنفيس عن مشاعر الحب المتأججة.
قبل سنتان رأيته مهموما! سألته ما الذي يهمك؟ فأجاب: أنت ما يهمني! "مخي لم يركب على مخك" أسلوبك في التعاملات! أسلوبك في تربية أولادك!... حزنت كثيرا، اختليت مع نفسي ثلاثة أيام كتبت كل شيء عن هذا الرجل شخصه، ذاته، ماذا يريد مني. المهم أنه بعث لي رسالة فيها "أنا وأنت شجرة توت، أنا فرع ذهب وأنت فرع ياقوت، والي يفرقنا يا رب يموت" كلام جميل انتهى بأيام حلوه، حتى تبدأ الشكوى من جديد، وكلما شعرت أنني أحرزت تقدما في إبداء الحب، والتعبير عن المشاعر والعاطفة حتى أجده يفتقد الحب (أنت بحاجة لأدوات لتفعيل الحب، تنقصك آليات كثيرة....).
كل وقته ينفقه في العمل ومشاريعه، أطلب منه التوازن بين العمل والبيت، لكنه لا يستطيع لمسؤولياته الكثيرة ودائما يعدني أنه سيرتب برنامجه.
وفي النهاية قررت أن أتغير أنا- وهذا ديدني دائما التغير نحو الأفضل إذا كان سيؤدي لحياة أفضل- ليس لإرضائه ولنيل إعجابه، والفوز بقلبه - فالقلوب بيد خالقها- وإنما لنفسي وذاتي. غيرت كثيرا من سلوكي، عاداتي، أسلوبي مع الناس،معه، مع أولادي. هو أعجب بتغييري، ولكن الشكوى ما زالت مستمرة.
سألته مرة: مالك شارد الذهن؟ فقال أن الله من علي برجاحة عقل وحكمة وانسجام داخلي واتزان، أما الجانب العاطفي فلا! أسمعكم تجيبون أن رجلك في فترة المراهقة الثانية، وأنا لا أنكر أنه يمر فيها حتما، ولكنه إنسان متزن بكل معنى الكلمة. عندما أحب تغيير أسلوب لبسه غيره باتزان، تغييراته طفيفة بحكم عمله ومكانته الخارجية، هذه نقطة أولى، أما الثانية فشكواه ليست عن تغيير سطحي وإنما عميق، عندما أسأله بما أنك لم تحبني مره لماذا تعاملني هذه المعاملة الأكثر من رائعة والتي جعلتني لا أشك لثانية أنه يوجد خلل ما؟! فقال: أنت اختيار الله لي وأنا كنت موقن أن الله لن يختار لي إلا الخير، كنت أؤمن أن الله سيعوضني خيرا يوما ما لكني لم أعرف كيف؟.
بعد رحلة جميله ممتعة قضيناها سويا قال لي: ألست صديقتي؟ بلى... قال: الصديق يبوح لصديقه بأسراره وأنا ليس لي أصدقاء إلا أنت... فكرة الزواج تخطر على بالي كثيرا... الزواج؟!!!! لماذا؟ تمالكت نفسي وسألته أفي تفكيرك امرأة؟ لا. أفي تفكيرك برنامج؟ لا. تمالكت نفسي ولكن سرعان ما فشلت فبدأت أدعو الله بكل وسائل الدعاء المستجاب أن يميتني الله في هذه اللحظة؛ لأن هذا الرجل لا يستحق كل هذا العناء، يا رب بارك له في حياته، فهو يستحق، دخلت في حالة لا توصف وأنا أصرخ بكل صوتي أن يخلصني ربي من الحياة لكي يسعد هذا الشخص. من جهته هو ذهل ذهولا شديدا، وكأنه اكتشف كم حبي له عظيما، كانت أصعب ليلة مرت عليه في حياته... بدأ يراني من جديد، وكأنه لم يرني من قبل، وشعر أن صبره قد أثمر (أتدرون ماذا حصل-على حد تعبيره ـ أن المشلول قام يجري عندما رأى شخصا عزيزا عليه في خطر). وبعدها وعدني قائلا: أنتي زوجتي الوحيدة والأبدية. ومنذ ذلك الحدث وهو يشعر أنه تزوجني من جديد، هو الآن في مرحلة تضحية -هكذا توصلنا في الأخر - من جهته يحاول أن يحبني، وأنا سأقابله أضعاف، ولكن إلى متى سيبقى يضحي؟ إنه في النهاية إنسان، له مشاعر ووجدان!! أخاف على بنياننا من الانهيار.
أكثر من الدعاء وأن يألف الله بين قلبينا وعقلينا.
منذ مدة وهو يطلب مني استشارتكم، قلت له: ألسنا الآن أدرى الناس بوضعنا؟ فقال استشيريهم إنهم أهل للاستشارة، أصحاب معرفة وعلم، سيروننا ما لم نرى وسيشيرون عليك بالصواب. يصرح أنني ملكت قلبه!! أهو يتصنع! أم فعلا هذا ما يحدث؟ أمعنوا النظر في قصتي لعلكم ترون أمرا قد خفا.
شكرا على وقتكم وصبركم. وآسفة على الإطلالة.
والسلام عليكم.
09/7/2025
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...
أنت تتألمين ألمًا شديد العمق والقسوة... فبعد هذه السنوات الطويلة من البذل، والجهد، والصبر... بعد تربية الأبناء، والسهر على راحة الزوج وإدارة البيت... بعد التضحية والإيثار، وتحمل المسؤولية... بعد الحب النادر، والاحترام الصادق... بعد الدورات، والكتب، والبرامج... بعد هذا كله... يشكو زوجك من أنه غير مشبع عاطفيًا، وأنه "يضحي" ثم يتعهد بأن "يحاول" أن يحبك!!.
إذا كنت ترين الأمور على هذا النحو، فإن العذاب الذي يحاصرك بل يعتصر قلبك ليس بالقليل!! لذلك فأنا أدعوك لقراءة حياتك بشكل مختلف، وبالتحديد أريد التركيز على نقطتين:
النقطة الأولى (الجزء المضيء): لماذا هذا الشعور بعدم الإشباع العاطفي الكامل؟
والثانية: هل أنت المسؤولة عنه أم زوجك؟
وأبدأ بالأولى، وهي الجانب المضيء، الإنجازات... أنت من الشخصيات التي لا يرضيها –بطبيعتها- إلا النجاح الكامل، ولذلك فإنها تفتش دائمًا عن جوانب القصور لتعالجها، وتسعى دائمًا للقمة، ولا تدخر جهدًا أو دأبًا للوصول لذلك.
هذا النوع من الناس تكون مشكلته الكبرى –غالبًا- أن تركيزه يتجه نحو (الجزء الناقص) مهما كان صغيرًا، وإذا كانت إنجازاته مثلا في حجم بحر من (العسل)، فإن سقوط نقطة واحدة من سائل مُر في هذا البحر كفيلة بأن تصيب البحر كله بالمرارة!!.
إن زوجك يشعر تجاهك –فعلا- بالحب الحقيقي، بل يعبر عن هذا أكثر بمئات المرات من تعبيره عن عدم الإشباع، فالحب (الحقيقي) موجود، كما أن (لحظات ما) أو (درجة ما) من عدم الإشباع موجودة أيضًا، ولكن (تركيزك) ينصرف إلى الجزء الناقص.
مرة أخرى، أنا لا أنكر وجود درجة من عدم الإشباع بداخله -سأتحدث عنها لاحقًا- ولكن ما أريد أن أشير إليه هو أن هناك (حبا حقيقيا) هو الأكبر، والأغلب، والأقوى، وهو البطل في القصة بينكما، ولكن المشكلة الاتجاه في (تركيزك).
لعلك اطلعت مؤخرًا على بعض الكتابات الحديثة حول مسألة (التركيز)، والتي من أبرزها كتاب (السر) الذي حقق أعلى المبيعات، هناك حقيقة وردت في هذا الكتاب -ربما لا ترقى لدرجة الحقيقة العلمية- ولكنها (خبرة) أكدها كل أصحاب النجاح، وهي: قانون الجذب!!.
فالإنسان عندما (يركز) على فكرة معينة، فإن هذه الفكرة (تجذبه) إليها، وتتحول بالتدريج إلى واقع، فالشخص مثلا عندما يركز على "الخوف من الفشل" فإن فكرة "الفشل" تسيطر عليه حتى تتحول إلى واقع بداخله، ثم تنتقل لخارجه.
وبدلا من التركيز على "الخوف من الفشل" كان من الأفضل أن يركز على "الثقة في النجاح" وعندئذ سيجذبه النجاح، وتسخر كل الظروف لتحقيقه، لذلك فأنا أدعوك إلى أن تصرفي تركيزك نحو ما حققت من "نجاح" وإنجاز في حب زوجك لك، فإن هذا سيجذبك نحو المزيد من الشعور بالنجاح في داخلك، والمزيد من التشجيع ليتحول بعد ذلك للمزيد من الحب بينكما.
تذكري اللحظات التي يعبر لك فيها عن حبه، استشعري صدقه في تلك اللحظات، واسعدي بالمشاعر المتزايدة بينكما مع الوقت، واحتفلي بالدرجة العالية من التفاهم والتواصل التي أصبحت نادرة في هذا الزمان، والتي لا تتحقق إلا بوجود درجة غير عادية من الحب المتبادل.
والآن، وأنت في هذه الحالة من السعادة بما قد أنجزت، تعالي ننتقل بكل (ثقة) و(هدوء) إلى النقطة الثانية -الجانب المظلم- وهي: عدم شعور زوجك بالإشباع العاطفي الكامل... لماذا؟ ومن المسؤول؟ وما الحل؟
زوجك يشعر فعلا بعد الإشباع العاطفي الكامل، وهناك صراع حقيقي بداخله بين حبه العميق لك، وبين ذلك الاحتىاج الذي لا يجده.
بالرغم أن "حبه لك" كان هو الطرف المنتصر، والمهيمن في معظم جولات هذا الصراع فإن هناك جولات ينتصر فيها الاحتىاج فيصرخ، معلنًا المعاناة والعطش!!
وقبل أن أجيب على سؤال: "لماذا؟" أريد أن أفرق بين نوعين من الحب، ولا أريد أن أقول (درجتين):
النوع الأول: هو الحب المكتسب، وهذا الذي نصل إليه بالمعاملة الطيبة، وأداء الحقوق والهدايا، وتعلم مهارات التواصل و.... و.... هذا النوع الذي تحدث عنه الله تعالى في كثير من المواطن التي (أمرنا) فيها بالحب، وهو سبحانه لا يأمر إلا بالأشياء التي يمكن اكتسابها، حيث إنه سيحاسبنا على هذا، وليس من المنطقي أن يحاسبنا على شيء لا نستطيع اكتسابه.
أما النوع الثاني فهو -في رأيي- سر أعظم!! هو قدر!! ربما يكون منحة وأحيانًا محنة!!
هو طاقة جذب هائلة تشد شدًا نحو شخص ما، ليرتوي قلبك بسعادة الكون كله عندما تقتربين من هذا الشخص، هذا هو العشق!! احتار فيه الأدباء والشعراء.
واحتار فيه حتى العلماء، حيث حاولوا الوصول لتفسير "علمي" لهذه الظاهرة، فوضعوا نظريات عديدة ولكنهم لم يصلوا لشيء!!
أحيانًا يكون هذا النوع منحة عندما يأتي الشخص المناسب في الوقت المناسب، وأحيانًا يكون كارثة عندما يكون الشخص أو الوقت غير مناسب، فيأتي قرار "الفراق" كنهاية مؤلمة للحلم الجميل.
هذا النوع الثاني يحتاج أيضًا رعاية وتعهدًا لينمو ويستمر، وإن لم يحدث هذا فإنه يموت وينتهي كما يحدث في آلاف من القصص.
وبالرغم من أن "نهايته" مكتسبة تحكمها الأفعال والتصرفات، فإن "بدايته" لا زالت سرًا، ولا أحد يعرف حتى الآن ما الذي يصنع "العشق"؟!
تقولين إن زوجك لا يشعر بهذا العشق -أو الإشباع العاطفي الكامل- بسبب المستوى التعليمي الذي نشأ بينكما أو لأنه يمر بمرحلة مراهقة ثانية، أو ربما لأنك -كما يقول- شخصية غامضة، أو بسبب رغبته في الكمال أو...... أو...... وأقول لك هذه ربما تكون (الأسباب الظاهرة) ولك يظل -في رأيي- الإشباع العاطفي الكامل لغزًا محيرًا، ربما تشعرين أنت بهذا الإشباع تجاه زوجك، ولكنه لا يشعر به هو، ولا ذنب لك أو له في هذا.
وهنا يأتي سؤال آخر، هل يمكن أن يتحسن هذا الحال؟ والإجابة: بالتأكيد سيتحسن، ربما لن يصل "للمشاعر المتأججة" التي تتحدثين عنها، ولكن سيتطور لدرجة معقولة من الدفء والسكينة، وستتحول حالة "التضحية" التي يشعر بها زوجك الآن إلى حالة من "الرضا" والاكتفاء والارتواء، ولكن هذا كله يتوقف على أن يخرج كل منكما من حالة "التركيز" على الشيء الناقص، والاستمتاع به والاحتماء بظله.
وهكذا يصبح المشهد الآن... التركيز على النجاح الذي تم، واليقين بأن ما لم يتحقق هو "رزق" من الله لا ذنب لك أو له فيه، والثقة بأن الوضع سيتحسن أكثر وأكثر بالتدريج، ربما لا يصل لدرجة التأجج، ولكن لدرجة طيبة من السعادة والسكن، والمودة، والرحمة.
تتبقى ملحوظتان أخيرتان:
الأولى: إن كان الله لم يرزقك بعد بأعلى درجات الإشباع التي تتمنينها من زوجك، فلا تنسي أنه –سبحانه- قد رزقك بأعلى درجات الحب، الذي تشعرين به أنت تجاهه، وهذه نعمة كبرى ليس فقط على زوجك، وإنما عليك أنت أيضًا، فما أسوأ أن تعيش امرأة مع رجل لا تحبه، وما أجمل أن تعيش مع رجل تحبه قمة الحب.
والثانية: إن كان زوجك (يضحي) عن طيب خاطر وعن وفاء، ورجولة، وخلق جميل، فاعملي أنك تستحقين هذه التضحية، وأنك أهل لها، فالشكر له، والشكر لك، وعظيم الفضل والمنة من الله عز وجل.
اقرئي أيضًا:
في يوم زفافي... كانت عقدتي الأولى
لا أحب زوجتي... سراب الأمنيات
زوجة في مهب الريح
زوجي صارحني: لا يحبني! ماذا أفعل؟!