أنا فتاة أدرس بإحدى الكليات النظرية، نشأت على الالتزام وحب الدين، وأحمد الله كثيرا على ذلك... والفضل بعد الله يرجع إلى أبي وأمي اللذين غرسا فينا تعاليم الإسلام منذ الصغر.
ومشكلتي هي أنني تقدم لي أحد أقاربي، وهو حقيقة شاب نادر الوجود، به مميزات كثيرة من الصعب أن تجدها مجتمعة في إنسان واحد، ولكن المشكلة الكبرى هي أنني أشعر تجاهه بمشاعر أخوية... والسبب في ذلك يرجع إلى أننا تربينا معا عندما كنا صغيرين، ونتج عن ذلك حبه إياي.
أضف إلى ذلك أنه يوجد شاب صديق أخي أشعر تجاهه بانجذاب شديد، كما أنني كلما التقيته مصادفة أشعر أنه ينظر إلي نظرات تنم عن إعجاب خفي، وهو شاب بشهادة من حولي ملتزم وأخلاقه ممتازة، ولكن بالمقارنة مع قريبي هذا أعتقد أن قريبي أفضل منه، ولكنه ليس بدرجة التزام صديق أخي، كما أن أخته كانت تلمح لي برغبة والدتها في أن تزوجني أخاها، والذي يمنعها هو أن ابنها ما زال يدرس بالجامعة.
ولهذين السببين رفضت قريبي، وتسبب ذلك في أن غضب على والديّ، وخاصة أمي التي تقول لي كثيرا كلاما جارحا مثل: "لن تتزوجي أبدا... سأموت وأتركك هكذا... سيعاقبك الله..."، إلى آخر هذا الكلام، وأريد أن أسأل: هل إذا وافقت على قريبي فستتغير مشاعري؟ وهل سيؤثر ذلك على زواجي؟ فقد قرأت أن زواج الأقارب يؤدي إلى فتور في العلاقة الزوجية... فما بالك إن كنت لا أشعر تجاهه أصلا بمشاعر المرأة للرجل.
وأريد أن أشير إلى شيء آخر، وهو أنني تعرضت لتحرش جنسي وأنا صغيرة، وللأسف فإن هذا الشخص هو أخو قريبي هذا؛ فأرجوكم ساعدوني فأنا في حيرة شديدة ولا أعلم ماذا أفعل؟؟
كما أنني في بكاء مستمر أشعر معه أن صدري يكاد يتمزق؛ وأسأل الله أن تكونوا سبب هدايتي إلى الطريق الصحيح والتخفيف عني ما أعانيه من الآلام.
وأشكركم كثيرا على اهتمامكم...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
30/6/2025
رد المستشار
المشكلة الوحيدة فيما تحدثت عنه هو "خوفك" مما تتحدث به والدتك! وأعطيها العذر يا صغيرتي؛ فهي ترى قريبك زوجا مناسبا وسيحافظ عليك أكثر بسبب قرابته، ولكن ليس معنى ذلك أن ما تقوله صحيح.
فحيادية مشاعرك تجاهه وعدم قبولك له أمر بيد الله عز وجل وحده، فلا يجوز مع المشاعر التزييف أو التلفيق أو الإيجاد من عدم؛ فكل ذلك مجرد أقنعة ستتساقط مع أول تحدٍ حقيقي لمتطلبات الحياة أو تكرارها، وستواجهين حينها مشاعرك الحقيقة تجاهه، خاصة حين تصبح له حقوق عليك، فكم من السنوات ستخدعينه أو تخدعين نفسك؟
فلعل الله عز وعلا أراد أن يكون للقبول بين الزوجين مساحة كبيرة لما لها من دور كبير في التقارب الحقيقي بين الزوجين والذي يجعلهما أقدر على تجاوز تحديات الحياة الزوجية ومتطلباتها.
ولو أردت أن أسرد عليك عشرات الأمثلة للتأكيد على وجوب القبول بين الزوجين من قصص وأحاديث للنبي صلوات الله وسلامه عليه ما كفت صفحات الموقع.
فاطمئني يا ابنتي فرفضك للزواج من قريبك سيكون أفضل لك وله، وإن لم تتفهم والدتك هذا الآن؛ ولا يوجد حظ عاثر أو انتظار للويل والثبور وعظائم الأمور بسبب رفض الفتاة لمن لم تهواه... حتى إن كان ملتزما أو نادر الوجود.
فما نراه على صفحاتنا يا ابنتي يشير كل يوم إلى توخي الحذر قدر الإمكان عند الاختيار حتى نحافظ على سلامة واستقرار واستمرار الحياة الزوجية بأقل قدر من الخسائر؛ فلا تكوني نموذجا للبيوت التي تحيا من الخارج ويملؤها الموت في كل جنباته.
أما الشخص الآخر فهو لم يتقدم لك فعليا، والأمر كله عبارة عن تلميحات ونظرات غير مؤكدة بعد، ولكن إن تقدم لك بالفعل فليخضع مثله مثل أي شخص لعوامل نجاح الاختيار مضافا إليها القبول، فمن المهم أن يتوافر لديه التكافؤ الاجتماعي والفكري ودرجة التدين التي "تتقبلينها" ومعرفتك له معرفة حقيقية ووجود إمكانيات ولو مبدئية تنبئ بقدرته على تكاليف الزواج دون تخطي الضوابط الشرعية أو قبول الأهل ومباركتهم.
يبقى إذن "والدتك"... وسأعتمد على ذكائك وفهمك في انتقاء وقت ومناخ مناسبين للحديث معها بهدوء وواقعية فيما قلناه، وذكريها بأنها أقرب الناس إليك، وأنك تحتاجين دعمها لتتزوجي وأنت راضية فرحة بزواجك، ولا تتحدثي معها الآن إطلاقا عن الشخص الآخر؛ وقد تأخذين وقتا وجهدا معها، فلا بأس ما دمت تدركين ما تقومين به، فكفاك بكاء وتأثرا لوضع سيتغير بينك وبين والدتك، يأخذ دور البطولة فيه "الوقت" و"التعامل" الذكي معها... كوني قوية.
واقرأ أيضا:
اختيار شريك الحياة: كيف أجد المناسب؟
رجل وامرأتان.. حيرة الاختيار
غياب الخبرة.. والبحث عن حورية البحر المفقودة
عند الاختيار.. فتش عن التكافؤ وتجاهل الانبهار
أبحث عن شريك يشبهني.. نحن لا نتزوج أنفسنا