مساء الخير
أنا امرأة أبلغ ٢٨ عامًا من العمر، لم أندم يومًا على أي قرار مصيري اتخذته في حياتي. بل على العكس، كنت دائمًا أختار الوقت الذي أكون فيه متأكدة. القرار الوحيد الذي أجّلته كان طلاقي... ليس لعدم قناعتي، بل لحاجتي لبعض الوقت لأستوعب ما حدث، خاصة أنه رفض حتى فكرة الانفصال دون طلاق. كان يخشى أن أعيش وحدي وأفهم كم كنت أسوأ في حياتي.
كلما تقدمت في العمر، أصبحت الصورة أوضح... صورة لزواج مليء بالخداع والأنانية والبرود والجمود. لن أخوض في تفاصيل كثيرة، لكنني سأروي حادثة واحدة تلخص كل شيء: في ذلك الوقت، كنت أشعر بالحرج الشديد من طلب أو التحدث عن أي شيء مهم، مع أنني كنت أتحمل كل شيء بمفردي، وليس هذا فحسب... كنت أتحمل أكثر مما أستطيع تحمله. بدلًا من تقدير ذلك، كانت نظرته لي مليئة بالشفقة... كان يعتبرني "فقيرة" وكنتُ بحاجةٍ إلى رجلٍ يُعيلني، فقال لي مستحيل أنساها: "الفكرة هي أن الدنيا كلها كانت ضدكِ، لكن أنا والحمد لله كنتُ بخير، لذا لم تتحملي الضغوط!!!!" صدقوا أو لا تصدقوا، لم أرد عليه ذلك اليوم من الصدمة.
كانت تلك الكلمات كأن أحدهم فضح أمري... نظرة "يا إلهي"، وكأنني أقل منه بكثير. ولم يكن ذلك لأنه كان يتحمّل المسؤولية أو يُنفق، لا، بل قالها ببرودٍ وغرورٍ شديدين. أحيانًا أسأل نفسي: كيف سيواجه الله؟ لقد باركه الله بي حرفيًا. كنتُ نعمةً له، ومع ذلك رآني أقل منه! لم يكن لا يُقدّرني فحسب، بل... جعلني أشعر أنني مضطرةٌ لإثبات أنني "رجلٌ بما يكفي" ليُحبني. وكان هذا الضغط بسبب افتقاري للرجولة. كنتُ أنا من يُكافح ويُكافح لتعويض النقائص التي كان من المفترض أن يُغطيها، لأشعر بأنني جديرة به! هل تتخيلون؟
أنا منزعجة، ليس لأنني ما زلتُ أفكر فينا، بل لأنني سمحتُ لنفسي بأن أُوضع في هذا الموقف. أنا منزعجة من اختياري في صغري، من صمتي، من عدم إدراكي حينها أن قوامي المتدني لم يكن طبيعيًا. لا أدري ماذا أفعل لكنني أتألم بشدة.
كنتُ من يُحاول أن يكون رجلًا... أن يكون سندي في وجود رجل كان من المفترض أن يكون سندًا لي.
كل ما أستطيع قوله لنفسي: لا تنزعجي، أنتِ امرأة،
ومن حقكِ أن تكوني امرأة
30/06/2025
رد المستشار
مرحبا بكم أخت "نغم"
يبدو أنك في حيرة من أمرك، ولا أدري ما السؤال موضع الاستشارة، هل أحببت مشاركتنا همومك أم في حيرة وتردد في قرار الطلاق وتريدين مزيد من الإيضاح حول هذا الأمر، وفي كل الأحوال ليس أمامي سوى أن أناقش بعض ما جاء في رسالتك.
أولا قرار الطلاق هو بالفعل من القرارات المهمة التي لا تؤخذ في حالة انفعال أو من استياء لموقف أو جملة قالها شريك الحياة، ولذا كان لابد ومازالت تحتاجين للتروي في هذا الأمر.
ثانيا- نحن جميعا لدينا تناقضات واختلاف لتوقعاتنا في الطرف الآخر، ويقاس الأمر بمدى تكرارية هذا عبر الزمن وكذلك مدى شدته، فهل في شريك الحياة "الزوج" أو الزوجة ما هو عيب فادح يسبب الضرر أم مجرد طباع وأفكار ذكورية زائدة عن اللازم.
شعرت أنك تريدين مزيد من التقدير لدورك ومجهودك، واستياء من الفارق الاجتماعي، وهذا إن حدث فأنت محقة أنه مزعج وسيء، ولكن يكن مواجهته ورفضه في إطار الزواج.
ثالثا- رفضه الانفصال دون طلاق، فهذا لدينا يعني أكثر من احتمال منها أنه متمسك بك أو يدرك أهمية استمرار العلاقة، وهذا يسمى بالالتزام الزواجي وهو شيء محمود وليس بالضرورة يعني" يخشى أن أعيش وحدي وأفهم كم كنت أسوأ في حياتي"
رابعا- لا ندري هل يوجد أولاد وما طبيعة علاقته معهم، وكذلك رأي الأهل لديك ولديه لأنها مؤشرات واقعية تجعلنا نتلمس بعض الأمور، فربما تكوني غير راضية عن بعض الأمور لكن ليس بالضرورة تستدعي الطلاق، وإذا كان الأمر يستدعي للطلاق بوضوح فلم التردد الذي لديك.
خامسا- أخشى من تحليلك لطبيعة حياتك أنك تفكرين كثيرا وتحملين الهم لكل كلمة أو تصور يقال، وهذا يبدو في اندهاشك بعض الشيء، ورغبتك في تجنب التعامل مما يعني أنه ربما تحتاجين تعلم مهارات لمواجهة طباع الزوج غير المريحة لك وتقليل التفكير الزائد في كل موقف أو كلمة تقال.
سادسا- إذا كان ما سبق مناسب فيمكن البدء في الاستعانة بمختص يساعدك على تقبل بعض الأمور ومواجهة وتغيير البعض الآخر، وإذا كان بعيد وأنت قريبة من قرار الطلاق، فيمكنك الاستعداد نفسيا وماديا واجتماعيا، وكتابة مترتبات قرار الطلاق على المدى القريب والبعيد إيجابا وسلبا والأفضل مناقشة هذا التحليل والاستعداد مع متخصص.
وأخيرا عليك تفهم أن لدينا ثقافة شرقية فيها جانب ذكوري قد يزعج بعض السيدات، والمرأة هي صاحبة مهام لا تقل بل تفوق الرجل خاصة في مؤسسة الأسرة، فبالفعل أنت امرأة وافتخري بذلك واصبري على تحدي الطباع والثقافة الذكورية المزعجة.
واقرئي أيضًا:
قرار الطلاق
قرارا الطلاق: كيف أهيئ نفسي للطلاق؟
بين الانفصال والاستمرار.. هذه المعطيات ولك القرار