مساء الخير
لم تكن لديّ الشجاعة للحديث عن هذا الموضوع، لكنني تشجعت عندما وجدتُ اعترافًا مشابهًا.
زوجي يسافر إلى الخارج منذ فترة طويلة للعمل، وفي البداية كنتُ داعمة جدًا له. كان من الطبيعي، كأي امرأة مصرية، أن ترغب في أن يحصل زوجها على وظيفة جيدة، وأن ينجح، وأن يكسب المال. ظننتُ أن الأمور ستتغير بسرعة، كأن يرسلني معه، أو أنه سيتمكن من الخروج كثيرًا، كل بضعة أشهر أو ربما سنة، ثم ينقضي كل شيء. للأسف، لم يحدث هذا أبدًا. لم يكن يعرف كيف يأخذني معه، وكان يخرج شهرًا واحدًا فقط في السنة، والأمر ليس سهلًا أيضًا. كان يخرج عامًا ولا يخرج في العام التالي.
الآن، الوضع ليس مضحكًا على الإطلاق. بل إنه أكثر غرابة لأنه متوتر ومهموم، وأنا وحدي هنا. بدأت أشعر بالضجر. أنا بشر أيضًا! أشعر بوحدة حقيقية، ولا أستطيع التحكم بأفكاري أو عقلي. إنه منعزل، وعقله مشغول بالعمل الآن لأنه يحاول إثبات نفسه، ولا يدرك صعوبة الوضع عليّ. تحدثتُ معه أكثر من مرة عن مدى حاجتي لوجوده، وكيف أشعر بالوحدة والحاجة للرفقة، لكن ظروفه لا تسمح له.
لستُ ملاكًا ولا قديسًا. أنا مرتبكة ولا أعرف ماذا أفعل. في كل مرة أتحدث معه، يغضب ولا يطيق نفسه. منذ فترة، وأنا أتقبل الكلمات المعسولة من الجميع. لم يحدث شيء، لكنني أخشى أن يحدث شيء ما. ما يحدث ليس طبيعيًا، وعقلي لا ينفكّ يُراودني بأفكار مزعجة. كل ما يشغله هو عمله ومشاكله ومستقبله. نعم، أخشى أن يحدث شيء ما.
ربما أحيانا أعذره لسعيه وراء مستقبل الأولاد، لكنني في الوقت نفسه ما زلتُ بحاجة، وحاجتي تتزايد مع مرور الوقت، وأخشى حقًا أن أضعف وأسمح لشخص ما بالدخول إلى حياتي بحجة الرفقة، ثم أخون زوجي الذي أحبه. أقاوم هذه الأفكار قدر الإمكان. كلما خطرت ببالي، "أفعل شيئًا لأشغل نفسي أو أخرج". أمشي وأعود، لكنني لا أزال غير قادرة على التحكم في نفسي بشكل كامل ولا أعرف ماذا أفعل.
هل مرّ أحدٌ بمشكلة كهذه من قبل؟!
هل هذا طبيعي؟ ماذا أفعل؟
20/10/2025
رد المستشار
أهلا وسهلا بحضرتك وأعانك الله على ما أنت فيه ونأمل أن نساعدك
فالأمر سيدتي يحتاج إلى حساسية عالية في اختيار الكلمات وتوازن بين الفهم النفسي والدعم الإنساني، لأن ما تمرّين به شائع بين الزوجات اللاتي يعشن انفصالًا طويل المدى عن أزواجهن لأسباب العمل، لكنه مؤلم وصامت في الوقت نفسه.
فما أنت فيه لا يُعد اضطرابًا نفسانيًا بالمعنى المتعارف عليه طبيا، ولكنها أقرب إلى: اضطراب التكيّف مع أعراض عاطفية وسلوكية Adjustment Disorder with mixed emotional and behavioral Symptoms (أو اضطراب التأقلم بدلا من التكيّف):
لوجود مشاعر وحدة شديدة وفراغ عاطفي مع صراع داخلي بين الحاجة العاطفية والالتزام الأخلاقي والديني وخوف من فقد السيطرة أو الوقوع في الخيانة (قلق اندفاعي وضغوط داخلية) مع محاولات للتأقلم غير كافية (مثل المشي أو الانشغال بالأنشطة، لكنها لا تعالج الجذر العاطفي للمشكلة) وإحساس بالحرمان العاطفي والجنسي نتيجة غياب الزوج المتكرر وطول مدة الانفصال.
لو ناقشنا العوامل التي سببت ذلك سنجد
1. عوامل موقفية/بيئية مثل سفر الزوج لفترات طويلة بدون وجود خطة واضحة للاستقرار الأسري وانعدام التواصل العاطفي والفعلي المنتظم (يقتصر التواصل على مكالمات مجهدة ومتوترة) مع حرمان جسدي وعاطفي مزمن، ما يخلق حالة عطش عاطفي ورغبة بالرفقة.
2. عوامل شخصية فشخصيتكِ ملتزمة، عقلانية، حساسة، مثقفة، وذات قيم دينية قوية — ما يجعلكِ تعيشين الصراع الأخلاقي بشكل أعمق مع وجود احتياج عالٍ للتواصل والدفء العاطفي بسبب نمط الشخصية (الودود/العاطفي) ووجود الضمير الحيّ والرقابة الذاتية القوية، مما يزيد الإحساس بالذنب والخوف من الانزلاق رغم عدم حدوث خطأ فعلي.
3. عوامل معرفية (فكرية) قد تكون موجودة عندك كوجود أفكار مطلقة وغير واقعية مثل: زوجي يجب أن يكون معي دائمًا وإلا لن أستطيع الصمود.إذا ضعفت مرة واحدة فمعناه أنني خنتُ نفسي وديني. فهذه الأفكار تزيد التوتر والشعور بالذنب بدل أن تساعدكِ على التوازن.
4. عوامل اجتماعية وثقافية مثل الضغوط المجتمعية على الزوجة المصرية لتتحمل بصمت غياب الزوج وقلة الدعم الاجتماعي (من صديقات أو أهل أو إنشغال بعمل أو غيره) مما يضاعف الإحساس بالوحدة.
ونصل إلى بعض التوصيات التي نأمل أن تساعدك
عليك العمل على تعديل الأفكار المطلقة (لا أستطيع العيش بدونه، سأخون إذا ضعفت) من خلال أن تؤكدي لنفسك المواقف التي واجهتك تشبه هذا قبل أو بعد الزواج واستطعت حماية نفسك منها .
عليك تعلم مهارات إدارة الرغبات والقلق، واستبدال الفكرة الآلية بفعل منضبط (كتابة، تأمل، اتصال بصديقة موثوقة).
التدريب على مهارات تنظيم المشاعر والتحمل الواعي للضيق Distress Tolerance ويمكنك إيجاد هذا علي اليوتيوب أو الموقع أو الاستعانة بطبيب أو أخصائي نفساني.
اقتراح جلسات شهرية عبر الإنترنت لتجديد العلاقة وإعادة الدفء العاطفي بينكِ وبين زوجكِ من خلال معالج زواجي أو بمناقشة الأمر مع الزوج دون لومه أو تخويفه من خيانتك له بل عبري عن احتياجك له وتبحثان معا عن طريقة لإشباع هذا الاحتياج. مع التركيز على التواصل العاطفي وليس فقط المادي.
حاولي أن تقومي بناء حياة ذات معنى خارج العلاقة الزوجية مؤقتًا (مارسي أنشطة تغذي هويتك: التطوع، تعليم لغة، كتابة، دراسة, إعادة بناء شبكة دعم نسائية قريبة منكِ (صديقة، مجموعة قراءة أو تحفيظ).
الالتزام بالصلاة والتأمل والذكر كوسائل لتنظيم القلق والرغبات، وليس كوسيلة للكبت فقط والدعاء بصدق لا ليتغيّر الزوج فقط، بل ليتقوّى قلبك على الصبر.
ممارسة المشي المنتظم، أو نشاط جسدي يرفع الإندورفين واستخدام الكتابة اليومية لتفريغ المشاعر بدل كبتها.
إن ظهرت أيّ من الآتي، يُستحسن استشارة أخصائي نفسي: تصاعد الأفكار الاندفاعية (رغبة قوية في علاقة أو تواصل خطِر) أو اضطراب النوم أو الشهية بشكل مستمر أو فقدان الإحساس بالمعنى أو ازدياد مشاعر الذنب والقلق.
ثبتك الله وهون عليك معاناتك وتابعينا.
واقرئي أيضًا:
الزوج المسافر(1-4)
زوجي لا يهتم!
زوجي لا يشبعني جنسيا!
زوجي لا يقربني!
زوجي مُقِلٌّ في الجنس ساعدوني
استرجاز الزوجة المهجورة: ماء بين الأصابع!!
إسترجاز الزوجات.. قنبلة موقوتة.. "الانتفاضة" هي الحل