أنا والوسواس القهري
بسم الله الرحمن الرحيم، (رجاء أتمنى عدم نشر الرسالة)
حضرة الدكتور: وائل أبو هندي... السلام عليكم ورحمة الله، أنا طالبة في كلية الطب، أصبت بالوسواس القهري بشكل حاد عندما كنت في الخامسة عشرة من العمر ... أصابني معه اكتئاب شديد مما سرع في أخذي إلى الطبيب النفسي من قبل والدي (ملاحظة: لقد وقفت معي عائلتي وتفهمت مرضي)، وأعطاني دواء الـ faverin والذي استجبت له بسرعة والحمد لله.
وقد كنت جد سعيدة حيث نسيت ما عانيته، وتابعت حياتي بأفضل ما يمكن. أتممت دراستي الثانوية بمعدل مرتفع أهلني لدخول كلية الطب والتي حصّلْت فيها علامة الامتياز إلى الآن بفضل الله.
مشكلتي هي أنني التزمت بأخذ الدواء وكانت الأوضاع جيدة (ملاحظة لقد حاول الطبيب وأنا في السنة الأولى تخفيض الجرعة إلى النصف ولكن انتكست فأعادني إلى الجرعة التي ارتحت عليها 200 جرام) ... بعد ذلك وأنا في السنة الثانية حصلت ظروف قاهرة أدت إلى استحالة زيارة الطبيب المشرف علي فقطعت الدواء من تلقاء نفسي ولكني استشرت الطبيب عن طريق النت ... والحمد لله سارت الأمور على ما يرام.
وأنا الآن في السنة الثالثة ... ولكني صراحة عندما كنت أشعر بوساوس شديدة لا أستطيع مقاومتها وتؤدي بي إلى البكاء كنت أخذ 200 جرام من الدواء فترة من الزمن (حيث أني مازلت أملك بعضا منه)... وأشعر بتحسن ثم أتوقف ... هل استخدام الدواء بهذه الطريقة (دون تدرج) خطر ... خاصة أني فهمت أن التدرج فيه هو للوصول للجرعة التي يجد لديها المريض تحسنا ... وقد فعلتها ثلاثة مرات فقط.
والمرة الثالثة هي قبل أن أكتب هذه الرسالة وذلك بعد قراءتي لموضوع عن العلاقة بين الوسواس والذهان ... وهذا ما كان ينقصني ... لأن طبيبي منذ بدأت العلاج عنده طمأنني أول الأمر أن لا علاقة بينهما وأنه لا يمكن أن يتطور إلى جنون مما هدأ من روعي كثيرا.
لدي سؤال: هل أستطيع الزواج والإنجاب كأي فتاة عادية ... حيث يجب أن لا أستخدم الدواء خلال فترة الحمل والرضاعة، فهل يمكنني الاحتمال خلال هذه المدة ... وإذا ما أصابتني الوساوس وأدت إلى اكتئاب فإلى أي مدى سيؤثر ذلك على الجنين؟؟ وما تأثير الدواء عليه في حال أخذه؟؟
عند الزواج من الطبيعي أن يعلم زوجي بطبيعة مرضي ... ولكن ماذا برأيك ستكون ردة فعله عندما أخبره أن هناك إمكانية أن يتحول مرضي إلى ذهان ... آسفة لأسلوبي ولهجتي ... ولكنني يائسة. حضرة الدكتور ماذا يجب أن يعرف زوج المستقبل عن مرضي ... لأن شرعا يعتبر الجنون من الأمور التي تبطل أو تفسخ العقد.
أملك كتاب الوسواس القهري بين العلم والدين وهو كتاب رائع أشكرك عليه ... كما أرجو أن تعذرني وأن تطيل بالك علي ... وبالمناسبة لم أكن هكذا منذ يومين حيث كنت طبيعية ومبسوطة وكان لدي أمل كبير بالشفاء والحياة الطبيعية ولكن كيف ذلك وأتنم تقولون أنه قد يتطور إلى ذهان ... بدأت الأمور بالتدهور منذ البارحة ... وهي حالات تصيبني وتذهب كما ذكرت لك سابقا ... أريد أيضا أن أستفسر عن مرض الذهان، أنا والحمد لله ليست لدي أي من هذه الأعراض وجميع من حولي معجبون بي وبمنطقي ويقولون عني "راكزة" ... فهل من الممكن أن يتطور الأمر في المستقبل.
أنا أحب أحلام اليقظة ولكن في حدود طبيعية وأستطيع التركيز... ولكن عندما أذاكر إذا كان لدي امتحان أضبط نفسي وقد سرحت وأعود لدراستي ولكن دون أن يؤثر ذلك على مستواي، ربما يكثر هذا الأمر فقط في الأمور المتعلقة بدراسة المواد الحفظية ... حيث أيام المدرسة كنت أحب كثيرا الرياضيات والفيزياء ولم أكن أسرح عند دراستهما ... فهل هذا طبيعي؟
وهناك سؤال آخر: ألا توجد أبد أبدا حالات شفاء تام من هذا المرض ومتابعة الحياة دون دواء؟
وبالنسبة للدواء عندما كنت آخذه زاد وزني حوالي 10 كجم وعندما أوقفته اتبعت حمية وأنزلت هذه الكيلوجرامات وقد حذرني الطبيب من هذه الزيادة ... سؤالي هو هل الدواء يزيد الوزن أم أنه مجرد فاتح للشهية
وهل يمكنني السيطرة على وزني في حال أخذه لو أردت ذلك؟
وجزاكم الله كل خير
03/02/2006
رد المستشار
الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، قرأت رسالتك بإمعان ولكن قراءة واحدة فقط هي أقصى ما أستطيع لأن لدي طابور مشكلات أوله في المغرب وآخرهُ في أوزباكستان، ولولا إن حضرتك زميلة في الطب وموسوسة من النوع اللذيذ، واستشارتك وصلتنا من الطريق الرسمي أثناء فتح صمام استشارات مجانين، لولا ذلك لما كانت استشارتك أصلا في الطابور، ولأنها قراءة واحدة سامحيني إن نسيت أيا من أسئلتك، ووسوسي براحتك حضرتك!
أولا لماذا لم تصفي لنا وساوسك تلك التي صاحبها اكتئاب منذ بدايتها المبكرة؟ ما صفة الوساوس لم تقولي؟ ولكن ربما هي من النوع الاجتراري –والله أعلم- أو أن هنالك ما تجنبت الحديث عنه أصلا في إفادتك؟؟؟ أقصد بخصوص محتوى الأعراض الوسواسية؟
ثانيا: طعم وساوس مرضى الفصام ولو هي حتى وساوس من قبل ظهور أعراض الفصام يختلف حسه الإكلينيكي عند الطبيب النفسي عن حس وساوس مريض الوسواس القهري، والمسألةُ برمتها مسألة خلافيةٌ بين الأطباء النفسيين والأبحاث، ورغم كل المنشور على مجانين عن التداخل بين الوسواس القهري والفصام، فإن المسألةَ تختلف في الممارسة الإكلينيكية، وأحسبُ أن طبيبك النفسي قد أعطاك انطباعه عنك وطمأنك صادقا أنه بالنسبة لك لا علاقة للأمر بالذهان، وهو بالتأكيد يملك انطباعا أقرب لك من انطباعي أنا القاعد على النت! وليس هناك تعارضٌ أصلا بيننا، لأن بينما يقول هو لك أنت شخصيا بناء على حالتك كما فهمها، نقول نحن كلام أفكار ومفاهيم تصلح لآلاف وملايين.
ثالثا: ليس هناك مجال لتخلطي بين الوسواس القهري والجنون في مسألة مصارحة الطرف الآخر قبل الزواج بأمر المرض، فكلاهما يجبُ أن نصارح به، خاصة وأنك تعالجين عقاريا فقط وليس معرفيا وسلوكيا، أي أن حالة الوسواس القهري قد تصبح مزمنة، يعني لابد من مصارحة الطرف الآخر قبل الزواج،
ورابعا ما رأي حضرتك أنه مثلما يقال في حالات الوسواس القهري عن علاقتها بالفصام وبالعكس، يقال عن حالات الاضطراب الوجداني أو الثناقطبي كلام عن علاقتها باضطراب الفصام حتى أن هناك ما يسمى بالفصام الوجداني اقرئي أكثر لتعرفي كيف أن الله أعلمُ ..... وأجلُّ علما سبحانه، بينما نحن البشر ربما يعجزُ الواحد منا عن الإحاطة بالظواهر ما بالك بالبواطن التي تتعمقين فيها؟؟ واقرئي: وسواس الطهارة: هلك المتنطعون
وخامسا سألت عن عقَّاقير الم.ا.س.ا وكنا قد بسطنا ما علمناه من حكايتها في سلسلة مقالاتٍ على طيف الوسواس القهري ذاك أولها وذا آخرها، وهي فعلا تسببُ زيادة الوزن على المدى الطويل، ولكن المدى الطويل يتسببُ فيه المريض المتباعد بالدواء عن العلاج النفساني والطبيب النفساني المتباعد أيضًا عن الطب النفساني مغرقا في ممارسته كيميائيا، وأما تنظيم وزنك على المدى الطويل فاتبعي برنامج جدد علاقتك بأكلك وجسدك... على صفحة البدانة والنحافة.
وسادسا: أحلام اليقظة ووضعيتها بين الطبيعي والمرضي وعلاقتها بكلٍّ من الوسواس القهري والفصام والاكتئاب هي مواضيع تكلمنا فيها كثيرا على مجانين
واقرئي فيه :
الوسواس القهري وأحلام اليقظة !
أحلام اليقظة الاكتئابية ؟؟؟
الغلُّ والضغينة : أحلام يقظة أيضًا
أحلام اليقظة : بين الوسواس والفصام
وسابعا: حضرتك إن شاء الله تتزوجي وتنجبي أطفالا صغارا وعلميهم ألا يتعمقوا.....! وبما أنني قلت لك أنك موسوسة من النوع اللذيذ فإنني أطمئنك إلى أن أحلام اليقظة في مثيلاتك لا تشكل خطراً.
وثامنا: نصيحتي الأخيرة هي اطلبي العلاج المعرفي السلوكي حسب نوعية وساوسك، وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين.
وبالمناسبة كتابي المقصود اسمه الوسواس القهري بين الدين والطب النفسي.