آخذ الدواء ولكن...
منذ ست سنوات تخيلت أن الناس منقسمين إلى قسمين قسم له عينين واسعتين وقصار القامة يشبه الشياطين وقسم أخر أناس متوسمين الهيئة، القسم الأول لا يعمل إلا في المهن الحقيرة مثل الخباز والكناس ويخدم القسم الأول، وأنه يوجد ملائكة على الأرض يتناسلون ويعيشون بيننا على هيئة البشر ولا نعرفهم وكنت أحكى لأهلي
واشتد الأمر بي وذهبت للدكتور جمال أبو العزايم وشخص الحالة على أنها فصام وجداني وأخذت بعض الجلسات الكهربية وأصبحت إلى حد ما طبيعية عن ما سبق، وكنت آخذ دواء باستمرار وهو (ابيكسدون 1مم مع كوجنتين ومع حقنة كلوبيكسول 200كل شهر)، ولكن من حين لآخر يخيل لي أنني الدابة المرسلة إلى الخلق كعلامة كبرى من علامات يوم القيامة أو أنني المسلمة الوحيدة على الأرض وهذا باستمرار مع التغيير في الدواء عند تحسن الحالة الاقتصادية ريسبريدال 2مم يوميا أو زيبركسا 5مم يوميا.
مع العلم أنى تزوجت أكثر من مرة، والأعراض تعود إلى عند الفرح أو الحزن بملاحظتي ولا أعلم إن كان هذا صحيح إن الحالة تتأثر بالفرح أو الحزن؟ وهل يوجد علاج آمن آخذه يجعلني لا أرجع باستمرار إلى الحالة المرضية أم أظل هكذا طول حياتي
((ملحوظة: أنني متدينة ومنتقبة وعندما أتعب من الممكن أن أخلع الحجاب تماما أو أن أنتقب إلى حد أنني لا أظهر على أحد حتى والدتي وأخواتي))
وأحيانا أكون شرسة وممكن أن أضرب الذي أمامي عندما يعارضني
((ملحوظة ثانية: عندما أرجع إلى حالتي أتذكر بعض ما حدث وأنا مريضة وليس الكل))
وأنا آخذ أعشاب الآن عبارة عن مغلي المليسيا كوب يوميا ومغلي الحرمل كوب يوميا ومسحوب لسان ثور على عسل نحل معلقة يوميا وخل التفاح مع عسل نحل ملعقة يوميا مع الدعاء أن لا ترجع لي هذه الحالة فأنا أخشى من رجوع الحالة.
حالتي الآن مستقرة، وهذه الأعشاب أخذتها عندما تعبت آخر مرة بتاريخ 7/10/2003م، ومع العلم عندما تأتى لي هذه الحالة نسبة الدواء ترتفع إلى ثلاثة أضعاف هذه الجرعة من الدواء وليس الأعشاب، وتستمر فترة الحالة أحيانا شهر وأحيانا أخرى أسبوع
والحمد لله رب العالمين على كل حال.
19/11/2003
رد المستشار
الأخت السائلة أهلا وسهلا بك، وشكرًا جزيلاً على ثقتك، لعل أول أسئلتك هو عن العلاقة بين الحزن أو الفرح أو بمعنى آخر بين الأحداث الحيايتة وبين انتكاس المريض النفسي أو عودة النوبات إلى الظهور، وملاحظتك هذه سليمة تماما، لكن من المهم أن تدركي أن الحدثَ الحياتي سواء كان مفرحا أو محزنا ومهما بلغت شدته، لا يمثل أكثر من عاملٍ مرسب Precipitating Factor، للنوبة المعينة (بما في ذلك أولى نوبات الاضطراب)، ويحتاج العامل المرسب إلى وجود عوامل مهيئة Predisposing Factors في الشخص لكي يتسبب في حدوث النوبة.
وأما سؤالك الثاني فهو عن المآل المرضي لحالتك تلك التي شخصت على أنها فصام وجداني، ونحن سنبدأ أولا بتعريفك ما هو الفصام الوجداني: فالحقيقة أن هذا التشخيص يحتاج إلى إلمام الطبيب النفسي بكميةٍ كبيرةٍ من المعلومات عن الحالة، نادرًا ما نستطيع الوصول إليها في مجتمعاتنا اللهم إلا في فئةٍ قليلة من الأسر المثقفة الواعية، فوضع تشخيص الفصام الوجداني يعني أن كلا من الأعراض الفصامية المؤكدة والأعراض الوجدانية متساويان في الوضوح ومتزامنان في الوجود، أو لا يفصل أحدها عن الآخر أكثر من بضعة أيام أثناء نفس النوبة المرضية، وعندما يترتب علي ذلك التزامن والتساوي ألا تستوفي نوبة المرض أيا من معايير نوبة الفصام أو معايير نوبة الاكتئاب أو الهوس، ولا يجب استخدام المصطلح بالنسبة للمرضي الذين يظهرون أعراضا فصامية وأعراضا وجدانية فقط في نوبات مختلفة من المرض.
ونحن بالطبع نثق في التشخيص الذي وصل إليه طبيبك المعالج، ولكننا رغم ذلك لا نستطيع القفز إلى تنبؤٍ معينٍ بالنسبة لمآل حالتك المرضي، خاصةً وأنك لم تذكري لنا عدد النوبات بوضوح، ولكن لدينا نوعين من اضطراب الفصام الوجداني Schizoaffective Disorder هما:
الاضطراب الوجداني الفصامي، النمط الهوسي Schizoaffective Disorder, Manic Type:
وهو اضطراب تبرز فيه كل من الأعراض الفصامية وأعراض الهوس في نفس النوبة من المرض، واضطراب المزاج يأخذ عادة شكل ابتهاج (شماق elation) يصاحبه ارتفاع في الثقة بالنفس وأفكار العظمة، ولكن أحيانا تكون الإثارة أو النزق أكثر وضوحا ويصاحبه سلوك عدواني وأفكار اضطهادية.
وفي كلتا الحالتين توجد زيادة في الطاقة، وزيادة في النشاط، واضطراب في التركيز وتجاوز للقيود الاجتماعية الطبيعية، كما قد يكون هناك وهامات (ضلالات) الإشارة Reference Delusions أو العظمة أو الاضطهاد، ولكن من الضروري أن توجد أعراض فصامية أكثر نموذجية لتأكيد التشخيص، فقد يصر الشخص مثلا علي أن هناك من يذيع أفكاره أو يشوشها أو أن هناك قوي غريبة تحاول أن تتحكم فيه، أو يذكر أنه يسمع أصواتا من مختلف الأنواع، أو قد يعبر عن أفكار وهامية غريبة ليست مجرد وهام عظمة أو اضطهاد، ومن أمثلة ذلك في حالتك ما يفهم من قولك: (من حين لآخر يخيل لي أنني الدابة المرسلة إلى الخلق كعلامة كبرى من علامات يوم القيامة)
وكثيرا ما نحتاج إلي استجواب حذر لنتأكد من أن الشخص يعيش هذه الظواهر المرضية فعلا وأنه لا يمزح أو يتكلم مزاجيا فحسب، الاضطرابات الفصامية الوجدانية هي عادة ذهانات مزدهرة، لها بداية حادة ولكن بالرغم من الاضطراب الشديد في السلوك، إلا أن القاعدة هي الشفاء الكامل في خلال بضعة أسابيع.
ويجب أن يكون هناك ارتفاع واضح في المزاج. أو مزيج من ارتفاع المزاج أقل وضوحا مع إثارة وهيوجية متزايدة، ولعل الانفلات النفسي واضح في قولك: (أنني متدينة ومنتقبة وعندما أتعب من الممكن أن أخلع الحجاب تماما) وأثناء نفس النوبة يجب أن يتواجد بوضوح واحد علي الأقل ويفضل اثنان من الأعراض الفصامية النموذجية.
الاضطراب الوجداني الفصامي، النمط الإكتئابي Schizoaffective Disorder, Depressive Type:
وهو اضطراب تبرز فيه كل من الأعراض الفصامية والإكتئابية في نفس نوبة المرض، ويصاحب اكتئاب المزاج عادة عدة أمراض اكتئابية مميزة أو سلوكيات غير طبيعية مثل البطء والأرق وفقدان الطاقة وفقدان الشهية أو الوزن وفقدان الاهتمامات الطبيعية واضطراب التركيز، والشعور بالذنب، وأحاسيس بفقدان الأمل وأفكار انتحارية، وفي نفس الوقت توجد أيضا أعراض فصامية نموذجية أخري، فعلي سبيل المثال، قد يصر الشخص علي أن جهة ما تذيع أفكاره أو تشوشها، أو أن قوي غريبة تحاول التحكم فيها، وقد يكون مقتنعا بأن هناك من يقوم بالتجسس عليه، أو التآمر ضده بغير مبرر من سلوكه أو تصرفاته، أو قد يسمع أصواتا لا تقتصر علي الاستخفاف أو الاتهام فقط ولكنها تتكلم عن قتله وتناقش سلوكه فيما بينها.
ويجب أن يكون الاكتئاب واضحا ويصاحبه علي الأقل عرضان من الأعراض المميزة أو الشذوذات السلوكية المميزة للنوبة الاكتئابية، وفي نفس النوبة يشترط أن يوجد بوضوح واحد علي الأقل ويفضل اثنان من الأعراض الفصامية النموذجية، وليست الأعراض الاكتئابية واضحة في إفادتك اللهم إلا في وصفك أحيانا للنوبات التي تنتقبين فيها حتى عن أمك إذ تقولين: (ومنتقبة وعندما أتعب من الممكن أن..... أن أنتقب إلى حد أنني لا أظهر على أحد حتى والدتي وأخواتي).
ونوبات الفصام الوجداني من النمط الاكتئابي تكون عادة أقل صخبا وإزعاجا من النمط الهوسي ولكنها تميل إلي الاستمرار مدة أطول، كما أن مآلها Prognosis أقل جودة، وبالرغم من أن الأغلبية تشفي تماما إلا أن البعض يصاب مع الوقت بقصور فصامي.
فأما أعراض اضطراب الفصام فننصحك بالرجوع إلى الإجابات والمقالات التالية على موقعنا لكي تعرفي كثيرًا من المعلومات عنها:
الصوفية والفصام : محاولة للفهم ، ودعوة للاجتهاد
أسمعهم ولكن من يصدقني: نحن نصدقك ولكن !
اكتئاب أم فصام وهل هناك احتمالات بارانويا ؟
الفصام المزمن وأعراضه السالبة م
نقاب فعباءة فبنطلون !! إحترس من حواء
بعد ظلمة نفسي ، وانقطاع رجائي : عاشقة الفصام
ما هو الفصام ؟ الرد بعد المعلومات !
مرض الفصام
وأما ما نستطيع قوله بعد ذلك عن المآل المرضي للفصام الوجداني، وهل هناك دواء آخر أفضل مما تتناولين، فإننا نقول أولاً أن المآل المرضي للفصام الوجداني يخمن حسب مجموعة من المعايير أهمها مدى اقتراب الصورة الإكلينيكية للحالة من أحد طرفين على متصل من الأعراض هما طرف أعراض اضطراب الفصام، وطرف أعراض اضطرابات المزاج (الاكتئاب والهوس)، وسبب ذلك هو أن الاضطراب نفسه ليس إلا مزيجا من اضطرابين نفسيين كبيرين، ويمكن لذلك المزيج أن يأخذ أشكالاً متعددةً فهناك من تكونُ حالاتهم أقرب إلى الفصام وهو اضطرابٌ مزمن لا يكادُ المريض فيه يعود إلى طبيعته الأولى قبل المرض،
رغم استمراره على العلاج، وهناك من تكونُ حالاتهم أقرب إلى الاضطرابات المزاجية سواءً الاضطراب الوجداني ثنائي القطب Bipolar Disorder، أو الاكتئاب، وهي اضطرابات نُوَبية بمعنى أن المريض غالبا ما يعود إلى طبيعته تماما بعد انتهاء النوبة، وهكذا فإن الاحتمالات لا حصر لها، وأفضل قول لدينا هو أن المآل المرضي غيب يعلمه الله، فاسأليه سبحانه أن ينعم عليك بحسن المآل في كل شيء.
وبالنسبة لك شخصيا فإن طبيبك الذي شاهد حالتك هو الأقدر على تحديد هذا المعيار المهم، وأما المعيار الثاني فهو استمرارك على العقاقير الوقائية بنفس الجرعات التي يقررها الطبيب المعالج، وأما أصناف الأعشاب التي تتناولينها فلا علم لنا بها ولا بدورها علاجا أو وقاية، لأننا لسنا من أهل ذلك الاختصاص، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعينا بأخبارك.