العلاقة وثيقة بين العلم والأدب، ويمكن لرحم العلم أن ينجب أدبا أصيلا ومتميزا، ولا يستطيع الأدب أن يولد من رحم ذاته، وكينونة جوهره. والأدب الخالي من النفحات العلمية لا يتجاوز مرحلة الترويح النفسي الذاتي، ويميل إلى استحضار المفردات السلبية والإمعان باليأس والقنوطية، ويخشى إيقاد مشاعل الأمل ومصابيح التفاؤل.
الإبداع العلمي يتميز بالمنهجية واكتشاف القوانين ويعتمد الدقة والمنطق والموضوعية وعلى الدليل والبرهان. أما الإبداع الأدبي فيقوم على الخيال والوجدان ويعبر عن المشاعر والأفكار ويتميز بالعاطفة والجمالية والرمزية وتنوع الأساليب والصور.
الإبداع العلمي رافد متدفق في فضاءات الخيال مما يساهم في صياغة الإبداع الأدبي المتوافق مع ما توصل إليه من حقائق وأوجده من براهين، ويزودنا بمفردات جديدة وعبارات فريدة، متواكبة مع المبتكرات والمخترعات والنظريات المنبثقة من النشاط العلمي البديع.
الأدب الرفيع الأصيل يولد من رحم العلم ولادة طبيعية، لا تعرف التبعية والنقل الانبهاري لما عند الآخرين، والتوهم بالعطاء الأدبي القويم.
إن ما نسطره ربما لا يتعدى كونه صدى مضطرب لأصوات الآخرين، المنطلقين من أرضية معرفية علمية ذات شواهد مادية تدعو للفخر والاعتزاز بالحياة والوطن.
فالأتباع لا يضاهون الأسياد، مهما حاولوا التقمص والتشبّه، وكلها خطوات تشويه وتعويق.
فأيهما أنفع للأمة، العلم أم الأدب؟
واقرأ أيضا:
مقامات الأربعاء!! (8) / الصورة والكلمة!!1
