الهدية الملعونة!
أرسلت صفاء (31 سنة، فلسطين) تقول:
أختي الحبيبة الغالية صاحبة المشكلة؛ أقسم بالله أنك فطرت قلبي بمشكلتك هذه، وذكّرتني بماضٍ شفيت منه لدرجة أنني لا أشعر بالألم عندما أتذكره... أنا عشت حياة يُتم مثلك، لكن الفرق أنني عشت مع أمي وأبي في نفس البيت، ومثلك تماماً كنت يتيمة ومحرومة حتى من قطرة حنان... وعشت سنوات عمري وأنا أنام على وسادة مبللة بالدموع حتى أني في أغلب الأيام أقلبها عدة مرات لأنها تبتل تماماً..
أنا طبعاً لن أسرد تفاصيل آلام الماضي التي لا تقل صعوبة عن آلامك، ولا أبعث لك هذه المشاركة لكي أخبرك بأيامي السوداء، ولكن أبعث لك لأقول أنني أولاً شفيت من شعوري بأني لا أستحق الحياة ولا أستحق أي شيء، بل أصبحت أحب نفسي كثيراً وأعجب بها بعد أن كنت أستخسر في نفسي مجرد قطعة ملابس وأتذكر أني كنت أشعر بأني لا أستحقها!.
أبشّرك؛ أنا الآن أعيش -ومنذ سنوات طويلة أكثر من 7 سنوات- حياة سعادة بعد زواجي وبعد دعائي المستمر لله والحمد لله، لقد تحققت كل أمنياتي في الحياة حتى الصعبة منها، كل ما أتمناه حصلت عليه بعد حرمان رهيب في ظل أم جاهلة وأب قاسٍ جداً، حتى أنّه في يوم من الأيام حاول قتلي لأنه يكره البنات، وفي فرصة عندما زرنا قريتنا البدوية الصغيرة التي أصلنا فيها والتي هي بعيدة كل البعد عن القانون والشرطة.
الآن، أنا أعرف أن أبي فعل هذا ليس لأني سيئة -كما كنت أظن- ولكن لأنه مريض نفسيّ، ولأنه تربّى في مجتمع يحتقر الأنثى حتى أن القرية مسقط رأسه تنتشر فيها جرائم قتل البنات بحجة الشرف في حين أن الأسباب الحقيقية هي الميراث.. المرأة عندهم أرخص من كيلو بندوة... كنت أشعر أن المشكلة فيّ أنا وأنني أسوأ إنسانة في الوجود.. الآن، أنا أعرف أني مميزة وأستحق الحياة.. عندي بيت جميل وزوج يتمنى في هذه الدنيا فقط أن أكون راضية سعيدة (طبعاً فيه عيوب ولكنه إنسان رائع)، وكنت أحلم دائماً أن أعيش في مجتمع راقٍ يحترم حرية الرأي والإنسان والفكر... مجتمعٍ لا يتدخل في خصوصياتك ويقتحم حياتك كحقٍ مكتسب له.
وقد حقق الله لي هذه الأمنية وأنا الآن في إحدى الدول الأوروبية أتمتع بحريتي وفي نفس الوقت أعتز بحجابي وديني، عندي طفلان مميزان، وأعوض تعليمي الذي ضاع مني. أنا سعيدة لدرجة نسيت معها أني في يوم من الأيام كنت حزينة، لذا أريدك أن تستبشري خيراً بالمستقبل الذي سيكون أفضل بكثير من أيامك هذه، سيأتي يوم تصبحي فيه مثلي، أنا الآن ليس عندي شيء أتمناه لأن عندي كل شيء تمنيته ولم يبق عندي أمان ودعوات أتمناها، فقط أدعو الله المغفرة من ذنوب أعرفها وذنوب لا أعرفها وأتمنى أن يعينني على حسن طاعته وحسن الخاتمة... وأشكرك وأحمد فضلك يا رب.
14/5/2008
كما أرسلت رحاب عبد الحميد (30 سنة، الأردن) تقول:
My opinion is to marry him, he really loves her. It was not abuse at all, she did not say no and he did not realize she did not want until say said. She likes very much to live the victim position, more than her realty; he could take every thing from her if he wanted to, but he gave her too much without even saying, he’s just a weak person and who is not?!.
I think she should stop looking at her self in low situation, accept to marry him live with him far from family .What about the flat you was meeting him in? Just visit the family like any other daughter in law. look to the future and stop looking bad, you are better than many others. Enjoy your life with your cousin, he really loves you and he could (if he wanted to) marry a better girl in his family’s eyes, but he chose you and you also have feelings to him.
هو إنسان ضعيف، ومن منّا لَيسَ ضعيفاً؟.. أعتقد أنها يَجِبُ أَنْ تكف عن النْظرُ إلى نفسِها على أنها قليلةِ القيمة. وافقي على زَواجه والعِيش معه بعيداً عنْ الأسرة، ماذا عن الشقة التي كنتما تتقابلان فيها؟ فقط زوري العائلة مثل أيّ بنت أخرى، انظري للمستقبل وكفّي عن التركيز على سلبيات الماضي، أنت في وضع أفضل مِنْ وضع العديدات فاستمتعي بحياتك، هو يَحبُّك حقاً فيُمْكِنُه (إن أراد) أن يَتزوّجَ بنتاً أفضلَ في عيونِ أسرته لَكنَّه اختارَك أنت، كما أنك تكنين بعض المشاعر لَهُ.
14/5/2008
وأرسلت شوق (35 سنة، مصر) تقول:
أختي الفاضلة (شو الفرق)،
أشعر تماماً بما تشعرين به، فقد مررت بنفس الظروف مع الفارق أن والداي ما زالا معاً، ولكني لم أجد منهما سوى الإهمال وعدم الاكتراث فيما يخصّني؛ فلم أكن أبداً ضمن خُطتهم، دائماً ما كان الاهتمام ينصبّ على أخواتي فقط، لكني مع مرور الوقت وبرغم ما عانيته منهم من إحساس بالإهمال -إحساس قاسٍ جداً- الحمد لله تخطيت مرحلة الدراسة في أمان ولم تحدث أي مشكلات.
ثم تلا ذلك مرحلة الزواج؛ وقد وافقوا على أول إنسان لن يكلفهم شيء لرغبتهم في توفير كل شيء لشقيقتي، وفي وقت قياسي تم الزواج الذي لم يدم طويلاً ونتج عنه طفلة.
المهم ما أريد أن أنصحك به هو الموافقة على الزواج من قريبك هذا، لأنه إن لم يكن يحبك -وأعتقد أنه يحبك وهذا واضح من حديثك- فهو يريد أن يكفّر عن ذنبه في حقك، وأعتقد أنه سيحاول إسعادك.
حاولي أن تحبيه حتى يكون مستقبلك أفضل من مستقبلي....
وفي الختام أتوجه بتحياتي للأستاذة أميرة بدران وكل العاملين بالموقع.
14/5/2008
ومن مهندس محمد حشيش جاءنا ما يلي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
نعم دمعت عيناي أيضاً وأنا أقرأ رسالة صاحبة المشكلة، وفي اعتقادي أن الكثيرين ممن طالعوها دمعت أعينهم. وأعلم أيضاً أن الأستاذة أميرة قامت بأفضل رد يمكن أن يوصف. ومع علمي بأن الأستاذة أميرة قليلاً جداً ما تنشر التعليق على المشاكل إلا أنني لا أملك إلا أن أكتب مشاركاً لعلّي أضيف، مع رجاء خاص جداً وبعد الشكر الجزيل جداً للأستاذة أميرة وكذلك إدارة الموقع بنشر هذا الرأي.. ربما يفيد.
أولاً: أشيد بكاتبة المشكلة؛ فهي لبقة للغاية، وقوية الشخصية -قوة الأنثى في ضعفها أيضاً- كاتبة جيدة جداً ولذلك أحب أن أشجعها في أن تحاول الكتابة فقد تصبح كاتبة دراما وروائية من طراز جيد، كما أحيي مدرسيها وخصوصاً مدرسي اللغة العربية.
ثانياً: أشيد برد الأستاذة أميرة والذي يحتوي على تعاطف كبير مع صاحبة المشكلة، بالإضافة إلى أنه يحتوي على حلول شاملة، كما أتفق معها بأن الإنسان قادر على التغيير الكامل الشامل.
ثالثاً: قرأت الموضوع مرتين، وأشعر وشعوري ينبع من أصل الرسالة، أن ابن العم (ط) يكنّ لها حباً عميقاً ربما ساهمت علاقتهما بتقويته، وأنّه يعلم أنها وإن فرّطت فهي ليست بعاهرة أو ما شابه كما تصف، وإنّما يعلم يقيناً بأنّه تجنّى عليها وأنّها ضحية، وبالتالي لم أختلف مع أ. أميرة في رأيها برفض زواج صاحبة الرسالة منه، أرى أنه فعلاً الملاذ الآمن لها، وهو يكن لها حباً واحتراماً أيضاً، وأنه فقط ضعف أمام جمالها وأمام تيسر استغلالها، وأيضاً أراه من النوع الذكي فهو حرص على تعليمها وحرص على توجيها حتى لا تحتاج أحداً غيره، ربما حرصاً منه على ألا يستغلها مستغل في المستقبل.
أتمنى لها السعادة بعد هذا الشقاء، زواجها منه أفضل من زواجها من شخص أخر، تحاول دائماً أن تدفن سرها وهي من النوع الذي لن يستطيع دفن سرها بسبب تأنيب ضميرها، حينها ستصف نفسها بأقذع الصفات لكذبها على من استأمنها على عرضه وأنها لا تستحقه وما إلى ذلك... ابن عمها أولى بها وهي أولى به، حباً فيها وهي ما عليها إلا أن تبدأ معه بالنقاش الجاد بأن تسامحه ويسامحها وأن تكون تلك البداية.
رابعاً: قرأت زوجتي المشكلة وكان لها رأي ألا وهو أن عليها البحث عن أمها وسوف يساعدها ابن عمها للوصول إليها، وعليها أن تنسى ما يدور حول أمها من شائعات قد تكون كاذبة.
وأخيراً، الشكر لكم مستشاري مجانين لوقتكم الثمين.
مع أمنياتي للجميع بالسعادة والهناء.
14/5/2008
رد المستشار
أشكر جميع من شاركوني في الرّد وأعتذر من الباقي لضيق الوقت، ولو كنت أملك من الوقت الكثير لرددت عليهم جميعا.
أتصور أن معظم المشاركات تحدّثت عن فكرة إمكانية التغيير وأنها فكرة تبدأ من عندها توليد كل الأفكار التي تجعلنا نحيا حياةً أفضل، فقصص النجاح لها مفعول السحر لأنها ببساطة حدثت بالفعل على أرض الواقع الذي قد نراه مظلماً أو صعب التغيير؛
أما فكرة الزواج منه فلا زلت أتصور أن عدم زواجها منه قد يكون في صالحها لتبدأ صفحة بيضاء جديدة مع نفسها ومع آخر وتكون الصلة بينها وبين بيت عمها صلة قرابة حقيقية، فهناك تغيير يحدث عندما تتزوج الفتاة رجلاً غريباً فيتغير مقامها في أعينهم ويتم معاملتها بطريقة مختلفة للحفاظ على الشكل العام وهذا ما قد تخسره حينما تتزوج بابن عمها حتى وإن كسبت وده ودفاعه، ناهيكم عن المشكلات التي سيتعرض لها الزوج من أهله حين يقرر أن تكون زوجته، فهو "الحيلة" المهندس المتعلم الذي استطاع أن يكون له كلمة مسموعة لتميّزه الدراسي والعملي فأحلامهم تجاه من تستحقه -من وجهة نظرهم- سيكون بعيداً جداً عنها، والله يقدّر لها وله الخير في فراق أو زواج.
شكر خاص للمهندس محمد حشيش.
ويتبع >>>>>: الهدية الملعونة: م. مستشار