أحبه بجنون
أحب شخصاً ولا أعرف مشاعره نحوي. أحبه كثيراً لدرجة أني أشعر أني لن أعرف معنى كلمة حب ولم أكوم لغيره، وإن اكتشفت يوماً أنه لا يحبني سأقتل نفسي لأني أعيش تلك الحياة له، ولو انقطع أملي سأكون بلا هدف في الحياة. أفكر فيه كل ليلة وفي كل نهار وفي كل ثانية، أحس أنه بجواري حينما أكون غاضبة أو أكون سعيدة، أتخيّل حياتي معه حياة ليست بمجرد حياة.
أحبه كثيراً، أتخيله وهو يقول لي أنه يحبني، وأتخيل نفسي وأنا أقول له أحبك كثيراً، أتخيل نفسي وأنا أرتدي ملابس الزفاف وهو يمسك بيدي وجميع الأقارب والأحباب بجواري.
أعلم أن حب المراهقة متغير وليس ثابت، ولكني أحبه من ثلاث سنوات، وحاولت أن أنساه ولكني لم أقدر.
عندما أشتاق لرؤيته أحضر صورته وأنظر إليها، فماذا أفعل؟ أأنساه وأنسى حياتي، أم أحبه وأدعو الله أن يكون لس؟ حتى متى سأبقى هكذا؟ أحس أني لن أقدر على ذلك الحب الصامت وسأنفجر في أي وقت وأقول له أني أحبه، مع العلم أنه شخص مهذب وليس مثل شباب هذا الجيل، وأيضاً هو الصديق العزيز لأخي وأخته صديقتي وهي أكبر مني بحوالي 9 سنوات، ولكني أعتبرها أعز صديقة لي وهي صديقة الحاضر والمستقبل، حينما أكون زوجة لأخيها ستكون هي صديقتي.
أنا أحبه، فماذا أفعل؟
علاقتي مع أمي وأبي وإخوتي عادية.
2/12/2008
رد المستشار
بداية، أشكر العاملين في موقع الطب النفسي وفي مقدمتهم الدكتور وائل المحترم وأتمنى النجاح المتواصل للموقع
اطلعت على مشكلة الآنسة "عاشقة بجنون" ووجدت فيها مشاعر الحب الخيالي، وهذه المشاعر ربما تعد ممكنة الحدوث في مثل هذه المرحلة العمرية. إن المؤشر على هذه المشكلة أنها استندت إلى العواطف أكثر من العقل، وأنا أسمي هنا العواطف هي الطموح "التخيل أنه سيكون زوجاً"، والعقل هو الواقع والاقتدار وهي "لا أعرف مشاعره أيحبني أم لا"، فهنا لزاماً علينا في الطب النفسي وعلم النفس أن نحتكم إلى العقل أكثر من العواطف، ولا نستثني العواطف بل نوجهها الوجهة الصحيحة.
اسمحي لي يا "عاشقة بجنون" أن أناقش المشكلة بتروٍ، وأرجو منك الصبر ثم الصبر ثم الصبر، ولا أقصد بالصبر على ما أنت عليه بل الصبر وأنت تقرئين الرد دون انفعال، اقرئي بعقلانية لأنه مهم في إيجاد حل للمشكلة، فلو انفعلت لأي كلمة كتبت في هذا الرد لا تتطابق مع ما تؤمنين به لن تكملي القراءة، أو قد تسيطر عليك انفعالات سلبية، وفي هذه الحالة قد لا نصل إلى نتيجة إيجابية، وهذا مبدأ أراه مهماً في مساعدتك لأن سرعة الحكم والتعليقات المستعجلة لا تخدم حالتك إطلاقاً.
عموماً نبدأ بالاسم المستعار الذي اخترته للمراسلة "عاشقة بجنون"؛ في التحليل النفسي وعلم النفس نقرأ بين السطور، وكل كلمة يقولها ويكتبها من يطلب المساعدة النفسية تشكل رمزاً مهماً فاختيارك لهذا الاسم يعني أن الحالة الوجدانية التي تعيشينها غير اعتيادية، وهي زائدة عن اللزوم وأن وصول العشق إلى الجنون سيعطل قدرتك المعرفية ومن المؤكد يؤثر على حالتك، وهذا واضحاً من مستواك التعليمي الذي يفترض أنك الآن في الجامعة. لكن بداية هذا التعلق أو الحب الذي بدأ من 3 سنوات قد يكون عاملاً مهماً في التأثير على حياتك الدراسية، كذلك يؤثر على أساليبك المزاجية وهو واضح أيضاً في الجانب المزاجي؛ فتهديدك بالانتحار لو لم يكن زوجك يخفي في طياته اضطراب المزاج، وعلى أقل تقدير ميول اكتئابية، هذه الحصيلة الأولية التي وضعت نفسك فيها. الجانب الآخر هو هروبك من حياتك الواقعية وهي حياة العقل، واستسلامك للوسائل الدفاعية وهي أحلام اليقظة، وأرى الإكثار منها ليس في صالحك لأن النهار وضعه الله سبحانه وتعالى للعمل، ونص القرآن على النهار معاشاً، بينما جعلته للاستسلام لهذه الأحلام غير الواقعية وبدأت في عالم الخيال اللاواعي وجعلت من هذا الشاب سيكون زوجاً لك، وفي حقيقة الأمر الذي ربما لا ينظر لك بنفس النظرة التي ترينها به، ألا تجدين أن هذه معادلة أحد طرفيها مفقود!.
لقد ذكرت في رسالتك أن ديانتك مسلمة، هل أباح ديننا الإسلامي أن نقتل أروحنا؟ أستغرب منك كيف تقبلين -جدلاً- أن يتزوجك رجل ليس لديه أي مشاعر نحوك، هل الزواج امتلاك سلعة؟ يقوم الزواج على علاقة متبادلة بالمودة والرحمة، وكما تعلمين أو لا تعلمين أن المودة كما ذكرها القرآن أول العمر والرحمة في الكبر والشيخوخة، وأنت الآن تعيشين في أول العمر أين هي مودته لك رغم مدة طويلة على معرفتك به من جانب واحد؟ أنت بحق تظلمين هذا الشاب لأنك تريدين أن يبادلك الحب قسراً، والدليل مرت ثلاث سنوات ولم يتكلم بكلمة واحدة سوى أنه آثر أن يكون صديقاً للعائلة فقط، وهو في نظري محترم لأنه لم يتجاوز الحدود واحترم مشاعر الصداقة. أما صداقتك لأخته فهي وسيلة دفاعية أخرى تستعملينها، فأخته في نظرك أخت الزوج المنتظر، وهنا تشعرين بوجوده لوجود أخته، وهذه الوسيلة هي التعويض.
وأخيراً، أرجو أن تستيقظي من هذا الحلم (أحلام اليقظة) الذي عشته جميلاً، لكن أقول لك لو استمر فسيتعبك ويزعجك لأن الحياة في حالة تغيّر، وما يدريك قد يهاجر أو يسافر للعمل بعيداً، أو قد يتزوج.... أفيقي من حلمك قبل أن توقظك الآلام. أنا أرى أن تضعي خطة لنفسك في محو هذا الحلم من ذاكرتك لأن أغلب الناس -ذكوراً وإناثاً- مروا بمثل حلمك واستيقظوا من نومهم ووجدوا أنهم يركضون ليس وراء ماء بل وراء سراب وتجاوزوا هذا الحلم وتزوجوا بغير من كانوا يحلمون وعاشوا حياتهم بهناء، أم تريدين الاستمرار بحلمك وتستيقظين منه يوماً ما ليس بإرادتك بعد أن ينكشف الواقع، وهناك لا تجدين لا ماءً ولا سراباً.
عموماً هذه الخيارات متروكة لك وأنت خير من تقررين ففي مثل هذه المواقف -مواقف الحب والغرام- يكون القرار لك بعد أن بصرتك بأبعاد مشكلتك، ولو قررت الاستيقاظ من هذا الحلم أتمنى أن تضعي أهدافاً جديدة في الحياة، مثلاً إكمال مشوار الدراسة أو العمل، أو ملء الفراغ بما ينفعك من أنشطة مفيدة، وليس الاستسلام إلى أحلام اليقظة لأن هذا الحلم طال استمراره.. فإذا لم تنهضي من حلمك بعد قراءتك إجابتي وتصري على الاستمرار فإني أخشى عليك أن يطول هذا الحلم أطول مما يتحمله العقل البشري، ولو استمر هذا الحلم إلى حين فإني متيقن حتى صاحب طبل شهر رمضان لن يستطيع إيقاظك.
وأخيراً، لم أجد في رسالتك سوى الحب الوهمي الذي اخترعته لنفسك، الذي ضم واحتوى الفشل الدراسي والتهديد بالموت والعيش باليأس وأحلام اليقظة والخيال الزائد عن الحد. وأختم إجابتي ولسان حالي يردد صوت سيدة الغناء العربي الراحلة أم كلثوم ((حب إيه إللي جاي تقول عليه!)).