نفسي أتكلم مع حد ثاني؟ ويسمعني
مش عارف أبدأ أقول إيه؟ بس نفسي أتكلم وأبوح عن كل شيء جوايا، أنا في مرحلة حرجة جدا، فأنا خلاص نويت أنفصل عن الإنسانة التي تزوجتها، بسبب أسباب نفسية ومادية قوية جدا، طبعا هي وأنا ما فيش أي تفاهم، حتى على أي موضوع، حتى إني كنت ناوي على أن ترجع مصر هي والأولاد بسبب ظروفي المادية الصعبة جدا، ولكن للأسف هي رفضت وقالت ننفصل أحسن، لأنها ترفض أن تكون في مصر وأنا بالإمارات، وبرغم ألمي الشديد جدا بسبب البعد عن أطفالي، إلا أني مضطر بسبب وضعي المادي، وليس بسبب المشاكل التي أصبحت يومية، وهي عبارة عن صريخ وعصبية شديدة من جانبها وحساسية رهيبة جعلت الحياة بيننا لا تطاق، ولكنها مشيئة الله.
سيدي، لقد نشأت في أسرة متوسطة الحال تقريبا، وترعرعت على المشاكل والخلافات بين والدي والنزاع شبه اليومي، وهجر أمي لبيتها، وهكذا، حتى كانت الطامة الكبرى بالنسبة لي كطفل وهي وفاة والدي، والذي كنت مرتبط به نفسيا وعاطفيا جدا، ومرت الأيام وتعودت على رحيل أبي، وبدأت مرحلة الحياة حيث أمي المسكينة لا تملك إلا دموعها في مواجهة المشاكل، ولا تستطيع تقرأ ولا تكتب.
ومضت الأيام، وأنهيت المرحلة الإعدادية، وتحولت إلى التعليم الثانوي التجاري، ولم أدرك وقتها مدى أهمية تغيير مساري التعليمي، ولكن حلمت بإنهاء الثانوي التجاري بمجموع يؤهلني لدخول الجامعة، وبرغم دخولي الجامعة إلا أنه ونظراً لضيق أفقي فقد رفضت إكمالها لدخولي تخصص لا أحبذه، وفضلت الشغل ثم فكرت بالسفر والهجرة وهذا لم يحدث إلا وأنا في الثلاثين من عمري، فقد أمضيت حوالي اثني عشر عاماً في أعمال مختلفة، ثم بدأت رحلة السفر للخليج والمعاناة الجديدة النفسية والصحية.
عانيت وأنا في طفولتي بأنني كنت طفل خجول منطوي على نفسي، وكنت أعاني دائما وأبداً من عدم المساواة في المعاملة من قبل أمي بيني وبين أخي، حيث كانت تفضله علي وعلى أختي، وكان أخي الصغير دائما ما يقوم بالاعتداء علي بالضرب والشتيمة، برغم أنني أكبر منه سناً، ولكني كنت منطوي وضعيف، حتى في الشارع كنت أعاني من ذلك من قبل أقراني في الشارع وغيرهم، وبعد وفاة أبي، أصبح الموضوع مؤلم نفسياً جداً.
لا أستطيع أبداً أن أبدأ الحديث مع فتاة، حتى ولو كنت أكن لها مشاعر عاطفية، لا أستطيع إلا النظر فقط، والتلعثم لو حاولت أتحدث إليها، وأخجل من المواقف العامة، وأضطرب دائما وأبداً أحب الالتزام وعدم الالتواء أو اللف والدوران كما يقولون، مما يتسبب لي مشاكل في العمل، حيث أن معظم الناس الآن لا تؤدي أعمالها على وجه الدقة والسرعة المطلوبة، مما يتسبب أن تقع أعباء العمل على عاتقي وتتسبب مشاكل لي، وتتسبب في مشاكل شخصية مع الآخرين.
برغم إني أحب المزاح المهذب والنكات إلا أنني أبدو كشخص جاد متجهم منطوي على حالي أعشق القرآن وأحفظ منه الكثير، ولكني عندما أنفرد بنفسي لا أتورع عن مشاهدة الأفلام الإباحية بل أعشقها، وبرغم بلوغي الست والأربعين من العمر، إلا أنني ما زلت أمارس العادة السرية، لأن علاقتي بزوجتي منعدمة تماماً الآن، وكنت قد تعرضت لخسارة مادية كبيرة بالخليج بعد محاولتي القيام بأعمال خاصة، إلا أن النتيجة – والحمد لله – خسارة مادية فادحة، خرجت منها مدين بمبلغ كبير بالنسبة لي حتى الآن، مما أثر في نفسيا كثيراً وقلت لقاءاتي الحميمية بزوجتي، وعندما بدأت أتعود على المشاكل المادية، وأعطي زوجتي حقها الشرعي، إلا أنه وللأسف الشديد زادت المشاكل بيننا بسبب عصبيتها وحساسيتها، فانقطعت العلاقة مرة أخرى.
واكتشفت أن المشكلة في عصبيتها لم تكن بسبب انقطاع تلك العلاقة. مشكلة زواجي إنني كنت في إجازة لمصر، وكنت أريد أن أتزوج وأبني بيتاً، وتزوجت على عجالة، وبرغم علمي بظروف زوجتي الاجتماعية حيث أن أمها مطلقة، ولكني توقعت أن تكون هي إنسانة تتمنى أن تتزوج وتحافظ على بيتها بما استطاعت من قوة، ولكن المفاجأة أن زوجتي وعائلتها الطلاق عندهم شيء عادي وسريع، بعكس أسرتي.
زوجتي حساسة جدا، عصبية، سريعة الغضب، ليست على قدر من الجمال – وهذا كان شيء مهم بالنسبة لي – ولكني تغاضيت عنه بالخطأ، محدودة الثقافة والوعي بشكل كبير، فأنا إنسان لا أستطيع أبداً أن أسبب أي حرج نفسي أو أجرح مشاعر أي شخص، بل على العكس أتحمل وأكتم داخل نفسي ولا أبوح، وعندي مشكلة أخرى فأنا من الناس التي تحسن الظن مقدماً مما تسبب لي في مشاكل وخسائر جمة مع ناس متعددة ومنهم زوجتي.
المفاجأة الآن، لقد قرأت السطور السابقة، ثم ماذا؟ مش عارف؟ هو أنا عاوز إيه؟ مش عارف؟ حتى الدموع متجمدة داخل عيوني، ونفسي أبكي ولا أستطيع لماذا أكتب هذه الرسالة؟ وإلى من؟ مش عارف؟ وعاوز إيه من وراها؟ مش عارف؟ لأن كل الأمور سابقة الذكر أصبحت تقريباً من الماضي، والباقي هو موضوع زواجي المنهار بالفعل، وبرغم مرور خمسة عشر عاماً على سفري وغربتي خارج مصر، إلا أنني لا أملك ألف جنيه بمصر، يعني لو رجعت مصر، سوف آكل تراب، ولله الحمد والمنة.
دائماً وأبداً أشتاق إلى الماضي وأحن إليه بشدة، أنا إنسان بطيء الفهم والمبادرة، متعلق بالماضي بشكل رهيب، فماذا أفعل؟
حزين على مصر، ونفسي بلدي تنهض بقوة وبسرعة جدا، وأتابع أخبارها يومياً، وأحزن بشدة على ما يحدث فيها.
06/05/2013
رد المستشار
الأخ السائل: يبدو أن مشيئة الله تعني عندنا التنصل من المسئولية عن الأفعال والاختيارات!!!
أفقك الضيق - كما تصفه – أوقعك في اختيار ترك الدراسة الجامعية، ثم تبين لك بعد حين أنه كان قرارا خاطئا!!!
ومثلك كثيرون لديهم ضيق أفق، ولا أدري كيف يعرف أحدنا ضيق أفقه، ثم لا يعالجه؟!! للأسف أغلبنا يتغاضى ويمرر، ويتغافل... ثم يدفع الثمن!!!
تأمل معي أنك كنت على علم بوجود خلل في شخصيتك بخصوص التعامل مع الجنس الآخر، ومع ذلك، وربما بسببه، أقدمت على الزواج من امرأة تغاضيت عن عيوب فيها – من وجهة نظرك – وتغاضت هي عن عيوب فيك – من وجهة نظرها – ولم تذكر أنت كيف سارت الحياة بينكما؟!! وهل تلقيت أنت أي نوع من التدريب أو التثقيف لتسد نقصك فيما يخص التعامل مع الجنس الآخر، أم كانت زوجتك هي ميدان التدريب عبر التجريب والخطأ؟! وهل أعطيت نفسك الفرصة لتتأمل في أخطائك معها، وتتعلم من هذه الأخطاء أم انشغلت بجمع المال من أجلك، ومن أجل أسرتك – كما يحصل مع أغلبية الرجال؟!!
يغفل أغلبنا عن أن الكراهية العميقة أو المكتومة التي نحملها تجاه الأقربين تظهر في تصرفاتنا، وإن لم نصرح بها، وتلك الرسائل المسمومة تفعل فعلها في النفوس، وتنتج ردود أفعال مكتومة، أو ظاهرة تدهشنا حين تقع، مع أنها نتائج طبيعية لمقدمات موجودة، وصادرة عنا بوعي، أو بغير وعي!!
وأنت تتحدث مثلا عن حساسية وعصبية زوجتك، ولا أعرف معيارا يمكن أن نلجأ إليه لنعرف ونفهم هل نحن بصدد حساسية النساء العادية، أو عصبية ردود الأفعال على أفعال واعية منك، أو غير واعية؟!!
لا أنت لديك خبرة في عالم النساء، ولا أعطيت نفسك الفرصة لتكتسب المعرفة، ولا نحن سمعنا منها لنستطيع التقييم المنصف!!!
على كل حال لا تستبعد أن الضائقة المالية التي تمر بها لها أثر كبير على سلامتك، وسلامتها النفسية، واضطراب الأحوال المادية يحرك في نفس الزوجة نوعا من الفزع كونها هي الراعية المسئولة عن تدبير الإعاشة والإنفاق، وفي حالة غياب التمويل أو ضعفه، أو الاستدانة والعسر تفزع الزوجة، وتفزع الأم، وتخشى على صغارها الفاقة والجوع!!
ويبدو أن الأزمة المالية التي تمرون بها قد انعكست على حياتكم العاطفية والجنسية – الهشة أصلا، فيما يبدو!! – وبالتالي صار مفهوما أن يأتي الكلام عن الانفصال!!
خط آخر لاحظته في كلامك، وهو أن المصاعب الزوجية والمالية التي تمر بها قد أيقظت بداخلك كل الأوجاع القديمة!!!
من شكل العلاقة بين والديك وعلاقتك بأخيك، وكل ما هو مخزون بداخلك بوصفه فشلا تراكم على صورة مرارات فات وقتها، ولكنها ما تزال مدفونة بداخلك وستظهر مع كل تعثر تمر به في حياتك!!!
وفي هذه العجالة أقول لك أن الماضي هو مجرد ركام تافه إلا مقدار ما نتعلم، ونستخلص منه الدروس، أما الاجترار المستمر لأخطائنا، ومقارنة أنفسنا بالآخرين، وتضخم مشاعر الذنب تجاه ما لم نكن نملك وقتها أن نغيره، ولا نملك الآن أيضا أن نبدله!! بينما الآن هو وقت التخلص من كل هذه القمامة الموجعة بلا أدنى نفع، ويعين على ذلك أن تركز في اللحظة الحالية، وأن تتقبل ما جرى لك، وأن توقن بأنك تصرفت وقتها على قدر وعيك، وحيلتك، وبما بدا لك الأنسب – وقتها - وبالتالي يمكنك التركيز في اللحظة الراهنة التي تحتاج منك كل التركيز!!!
الآن يمكنك ويتوجب عليك أن تتأمل في التحديات التي تواجهك، والإمكانات التي لديك!!
أنت لديك أسرة، ولديك زوجة، ومن الأفضل أن تكونوا جميعا معا، فهذا يدعمك كما يثقل كاهلك، ولكن الانفصال بالطلاق سيؤثر عليك سلبا، ويضاعف شعورك بالفشل بإضافة مبرر جديد لإحساسك بالقصور، وعدم الكفاءة!!
أنت تدري أكثر بمن يمكنه مساعدتك لفترة محددة حتى يمكنك التماسك المالي، ومن الغباء الذي يمارسه المصريون في الغربة أن يعيش كل واحد نجاحاته، وجراحاته، وحده!!!
فكرة وممارسات التكافل، والمساندة المتبادلة، وثقافة التعاون، والدعم المشترك منعدمة، وبالتالي كنت في حالك، وأنت تصعد، واليوم حين تتعثر، تجد نفسك وحدك، وهكذا!!!
ربما تجد مصادر أخرى للدعم، وربما تستطيع زوجتك المساعدة بشكل أو بأخر فتصبح جزءا من الحل، لا جزءا من المشكلة!!!
الآن أيضا – ودائما – تلوح أمامك فرصة التعلم، وتحسين معارفك وسلوكك فيما يخص التعامل مع الناس، وخجلك الاجتماعي، وعلاقتك الزوجية، والسوق يمتلئ بالكتب، ومراكز التنمية البشرية لا تتوقف عن تقديم الدورات وورش العمل، والإنترنت مخزن هائل للمعرفة بأشكالها المقروء والمسموع والمرئي، وأنت قد عرفت بعض نواحي الخلل فيك، وأحسنت صنعا بالكتابة إلينا لأن في الكتابة نوعا من التنقيب والحفر في الذات واستعراض كوامنها، ويمكنك المداومة على الكتابة إلينا، أو حتى لنفسك!
هذه عجالة حاولت أن أشير فيها إلى نقاط تصورت أنها هامة وعاجلة، وأنت في النهاية – وحدك – القادر على اختيار الخطوات القادمة، وتحديد مصيرك الذي تريد، ونحن معك، والله معنا، وتابعنا بأخبارك!!!