بغداد!!
 
  وعَنْ بغدادَ يا وَطني سُؤالي
  لماذا شَفّها داءُ الهُزالِ؟!!
  *
  فكمْ سَمَقَتْ على وَجَعٍ وكَيْدٍ
  وأوْصَلتِ الحواضرَ بالعَوالي
  *
  مُدوّرة مُخلّدة وتَبقى
  مُحَصّنةً بمانِعَةِ الزوالِ
  *
  ومِنْ أزلٍ إلى أبَدٍ خُطاها
  تُنوِّرنا بآياتِ النِضالِ
  *
  هيَ الدنيا إذا خَلعَتْ إهابا
  تُسوّرُها ضَياغمُ مِنْ رجالِ
  *
  بجَعْفَرها كما انْطلقتْ تواصَتْ
  بمُبْتدءٍ لحاديةِ الوصالِ
  *
  وهارونُ الذي أعلى رُباها
  موهَجّةً بأرْجاءِ المُحال
  *
  تدورُ بنا وما تَعِبَتْ لهِمٍّ
  وإمْعانٍ بجائرةِ الصَوالِ
  *
  بها بغدادُ رمزٌ مُسْتَقيدٌ
  لأجْيالٍ مُحَمّلةِ الرِسالِ
  *
  وفيها روحُ أفذاذٍ أجادوا
  بإبْداعٍ لفائقةِ المَنالِ
  *
  لها النُهْرانِ مِنْ وَلهٍ سُعاها
  إلى خَفَقٍ بأعْماقِ احْتفالِ
  *
  ونَخلٌ في مَرابِعِها تَباهى
  يُخاطِبُ روحَها بهوى الشِمالُ
  *
  شواهِدُ رحلةٍ بَلغتْ مُناها
  بأيْامٍ مِنَ الزمَنِ المِثالِ
  *
  بها المأمْونُ نوّارُ افْتِكارٍ
  وعالِمُها المُزَهى بالخَيالِ
  *
  أرادوها مُكمِّلةً لعَرْشٍ
  وكُرْسيٍّ بآفاقِ ابْتِهالِ
  *
  فعاشَتْ عُرْسَ دُنياها ودامَتْ
  مُتوَّجَةً برائعةِ الخِصالِ
  *
  فما وَهَنَتْ وإنْ جاسوا حِماها
  تُدَحْرِجُهُمْ على سُفُحِ النِكالِ
  *
  فهلْ سألوا أعاديها وقوماً
  أعانوا كلَّ مُرْتَزَقٍ مُغالي
  *
  وخائِنُها بلا نَظرٍ لحَقٍ
  فحَيْفُ وجودِهِ شرعُ النوالِ
  *
  كأنفالٍ أرادوها لبَعضٍ
  كأنَّ ترابَها وطنُ الخِشالِ
  *
  وفَتواهمْ تُدنّسها ونَفسٌ
  تؤمِّرُهمْ بأشرارِ الفِعالِ
  *
  تُعاجِلُها النواكِبُ والرَزايا
  وتَنهرها بأسْلحةِ اعْتِضالِ
  *
  عَزائمُها بها الأبناءُ أجّتْ
  مُسَعَّرةً بأرْوقةِ الهوالِ
  *
  ألا صَدَحَتْ مَفاتنُها بدُنيا
  وأرْشَدَتِ الحَواضرَ للبَسالِ
  *
  تَبغدَدتِ الخَلائقُ من رؤاها
  وصارَ البغدُ عُنوانَ الكمالِ
  *
  بها الأنوارُ ساطعةٌ بفكرٍ
  وألبابٍ بعاقلةِ الجِدالِ
  *
  روائعُ وَصفها أضْنَتْ يَراعا
  وأعْجزتِ القوافيَ بالسجالِ
  *
  تُسائلني قوادِمُها لماذا
  توهَّمَتِ الخوافيُ بالكَفالِ
  *
  ومِنْ ألقٍ بأزمانٍ أضاءَتْ
  توافدَتِ البَدائعُ باخْتيالِ
  *
  أسودُ الغابِ قلعَتُها ببُغدٍ
  وأنَّ عَرينها فوقَ الجبالِ
  *
  مَدينةُ عِزّةٍ بَهَرتْ بضادٍ
  وعِلمٍ مِنْ أصيْلاتِ الفِعالِ
  *
  هيَ الشعرُ الذي فيه انْطلقنا
  يُعلّمُنا مَراسيمَ انْهِلالِ
  *
  بقلبِ الأرْضِ نابضةٌ رؤاها
  مُشعْشعَة بأرْوقةِ انتقالِ
  *
  قِوى زمنٍ مُؤزّرةٍ بغُنمٍ
  تُباغِتها بغَزْواتِ احْتيالِ
  *
  فما رَضَخَتْ لعاديةٍ وأخرى
  وكمْ شمَختْ مُؤزّرةَ الرجالِ
  *
  تمرُ بها الحوادثُ دونَ جَدوى
  فتُطعِمُها العَظائمِ بالقتالِ
  *
  توَهّجَ قلبُها والروحُ تَرقى
  لعاليةٍ بأرْوقةِ انْثيالِ
  *
  سَتَحيا بُغدُنا شمساً بكَوْنٍ
  وإشراقاً بداجيَةِ الليالي
  *
  خطوبُ مَسيرةٍ جَزعَتْ مُناها
  بقاضيةٍ بمَمْنوعِ الحِصالِ
  *
  سَلوا عَرباً وأقواماً توالتْ
  عَنِ البُغدِ السنا أمّ الأُصالِ
  *
  تولتْها توابعُ مُبْتلاها
  مُغفلةٌ مِنَ الرُعَعِ الجُهالِ
  *
  ألا تبتْ يدا زمَنٍ خَنوعٍ
  تُسَرْبلهُ الأسافلُ بالخَذالِ
  *
  تُبغددنا برائعةِ انْطلاقٍ
  وتُبْهرُنا بواعيةِ الهلالِ
  *
  لها الدنيا إذا صدقتْ وبانتْ
  بما حفلتْ بمملكةِ الجمالِ
  *
  تَصالِحُها معَ التأريخِ نَصرٌ
  وإبْعادٌ لحاديةِ الضَلالِ
  *
  هي البغدادُ جَعْفرها أميرٌ
  مُكرّمَةٌ بأنوارِ المَآلِ
  
  واقرأ أيضاً:
  من قصيدة لبغداد/ "نحن الشباب لنا الغد"!! / العقل واليد!! / العلم ينكرنا!!
                                                                    
                        		                    