إغلاق
 

Bookmark and Share

تعتعة نفسية: الطبيب النفسي والفتوى الإعلامية ::

الكاتب: أ.د يحيى الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/11/2008


مضطر أنا أن أترك موضوع "فرط العادية" الذي هو مرادف "للتبلد المطيع" و"الطناش الرسمي"، مضطر لأن أتركه جانباً بعد أن تأكدت من صعوبة تقديمه من خلال التناقض الهائل بين ما أردت توضيحه، وما صاحب ذلك من رسوم كاريكاتيرية.

توصيل المعلومات العلمية للإنسان العادي أمر شديد الصعوبة، لي خبرة طويلة في هذا الشأن ليست كلها ناجحة أو مفيدة، أحذر من ارتداء عمامة المفتي النفسي، أو الإمساك بعصا التهذيب الأخلاقي (النفسي أيضاً) أو تكرار معلومات تحصيل الحاصل، بإحصاءات دامغة!. صورت بعض ذلك فيما يشبه مشهداً تليفزيونياً يقول فيه المفتي النفسي: ‏
.... ثـُمَّ‏ ‏إن‏ّّ ‏اُلأُم‏ ‏لازِم‏ْْ، ‏إِنـّها‏ ‏تْـحـِبّ‏ ‏عـِيـَالـْهـَا، دا‏ ‏لزوم‏ ‏فك‏ ‏العقد‏ ‏أللي ‏في ‏بالها‏.‏ فلقد‏ ‏ثبت‏ْْ: ‏إن‏ ‏الـعُـَقد‏ْْ "‏وِحـْشـَةْ‏ ‏قوي"!!.‏ هـَذَا‏ ‏الذي ‏قد‏ ‏أَظـْهـُرُه‏ ‏الـْبـَحـِثِ‏ ‏الـفُلاَنـِي،‏ "‏لمّا‏ ‏عد‏ ‏التاني ‏ساب‏ ‏الأوّلاني".‏ ثم‏ ‏أوصى: "‏أن‏ْْ ‏يكون‏ ‏الكــل‏ْْ ‏عالْ‏.‏ إذْ‏ ‏لا‏‏بـُدْ‏ ‏أن ‏الـُكوَيـِّسْ‏:‏ ‏هـُوَّا ‏أحـْسـَنْ مـِا لَّذِي مـُا هـُوشْ كُوَيـِّسْ، إمـَّاِل‏ ‏ايـِهْ؟‏"‏ 
                                              [هذا‏ ‏برنامج‏ "‏عفاف‏ ‏هانم‏"،‏ ‏بـتسأل‏ ‏حضرة‏ ‏الدكتور‏ ‏فلان‏]
 
على الطبيب النفسي أن يؤكد على دور الشخص العادي والطبيب في المشاركة في الوقاية والعلاج، وأن يتجنب النصح والإرشاد والفتاوى الكيميائية المختزلة، صورت ذلك في موقف مضاد للترييح فحـسب، وهو يقول:
"‏يا‏ ‏أخينا‏ ‏مِدّ‏ ‏إيدك، يا‏ ‏أخينا‏ ‏هِـمّ‏ ‏حبَّـةْ‏.‏ الحكاية‏ ‏مِش‏ ‏وِكالة‏ ‏بْتَشتِرِي ‏منها‏ ‏المَحَبّةْ‏".‏

وحين يرفض المريض ذلك متأثراً بفتاوى الإعلام المسطح يلزم الاعتذار:
المعلم‏ ‏قالُّه‏: ‏شوف‏ْ ‏لَكْ‏ ‏حد‏ ‏غيري،‏ جَنْبِنَا‏ ‏دكّانة‏ ‏تانيةْ‏،‏ ‏فيها‏ "‏بيتزا‏" ‏مِالّلي ‏هيَّه‏ْْ، ‏أو‏ "‏لازانْيَا‏".‏ فيها‏ ‏برضكْ‏ ‏وصفهْ‏ ‏تشفى ‏مالعُقد‏ْ،‏ أسمها‏ "‏سيب‏ِ ‏البلد‏".‏ فيها‏ ‏توليفة‏ْ ‏حبوب‏ ‏من‏ ‏شغل‏ ‏برّة‏.‏ تمنع‏ ‏التكْشيرة‏ْ، ‏والتفكيرْ‏، ‏وْتمِلاكْ‏ ‏بالمسرّة‏.‏ فيها‏ ‏حقنةْ‏ ‏تخلِّي ‏بَالََك‏ْ ‏مِستريحْ‏.‏ تِنتشِي ‏وْتفـضَلْ‏ ‏مِتَنَّحْ‏. ‏فيها‏ ‏سر‏ّّ ‏ما‏ ‏يِتْنِسِيشْ‏.‏ إنـه‏ "‏مِشَ‏ ‏لازِمْ‏ ‏نعيش‏"!!

تذكرت كل ذلك وأنا في مازق المشاركة في برنامج "البيت بيتك"، وأنا أحاول أن أبتعد عن النصائح، والفتاوى، والتعميم، لكني لست متأكداً من قدرتي على النجاح في ذلك أو الاستمرار فيه، أو على تحمل القائمين عليه لما أحاوله: ربنا يستر!.

نشرت في الدستور بتاريخ 29-6-2005

اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: حاول ألا تفهم...! / تعتعة:الحلم والشعر والواقع والسياسة
 / تعتعة: فحتى المحاكاة ليسوا لها / تعتعة لطبيب النفسي، ومفهوم "الإنسان"1 /  تعتعة سياسية يا رب سترك / تعتعة سياسية تجاوز للعلم..ووشم للمرضى! / تعتعة نفسية هل توجد عواطف سلبية؟ / تعتعة نفسية: عندك فصام يعني إيه(2) / تعتعة نفسية عندك فصام يعني إيه؟ / تعتعة نفسية: أنا عندي إيه يا دكتور؟ / تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(3) / تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(2) / تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(1) / تعتعة سياسية: الشعب المصري ملطشة / حركية الناس بين النت والشارع / تعتعة: التغابي حيث لا داعي للتحايل!  /  يا هنود العالم الحُمْر، اغضبوا أو انقرضوا..! / تعتعة سياسية حتى لو أجهضوها ألف عام!  / الدين العالمي الجديد! هيه..!وضحكت عليك!! / قبلات وأحضان، وحوار الأديان / صيد الأحاسيس، وذباب الكلمات في معرض الكتاب  / خليَط من الرأي والشعر: قوة النظام في ضعفه / أحب المؤرخين، ولا أثق في التاريخ / الشعور بالذنب في السياسة والحرب / سياسة دي يا يحيى؟!؟! / تخثُّر الوعي الوطني (والثقافة) / الحلول الذاتية: "نعمل إيه"؟ "نعمل جمعية"!! / من كلِّ صوبٍ وحدبْ، من كل دينٍ ودربْ / .. شم النسيم../ السياسة واللغة الشبابية والتراث الشعبي / السياسة ولغة الشارع: .. فى الهرْْدَبِيزْ (3 من 3) / السياسة ولغة الشارع: .. فى الهرْْدَبِيزْ (3 من 3) / "مؤامرة العولمة" و"عولمة المؤامرة" / برغم كل الجاري، مازال فينا: ".. شيءٌ مـَا" / لكنّ سيّد قومه المتغابي..!! / هل تنتحر البشريةُ "بغباءٍ انقراضي"؟! / أين الأزمة؟ صعوبة الأسئلة؟ أم نفاق الجميع؟ تعتعة سياسية: الامتحانات، وقيمة اسمها "العدل"! / تسويق "الإيمان" في "سوبر ماركت" العولمة!!!  / تعتعة سياسية: قصيدة اسمها: عبد الوهاب المسيري / بين دموع الشعب ونفاق الحكومة / تعتعة سياسية: تألّم: الصورة تطلع / العودة من المنفى: درويش، ذلك الشعر الآخر.



الكاتب: أ.د يحيى الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/11/2008