أريد أن أعرف، هل أحتاج إلى طبيب نفسي أم لا
ما بعرف كيف أوصف حالتي، أنا ولدت وعشت بدبي، بالإمارات، 8 سنين، لما كان عمري 6 سنين أهلي بلشوا يلتزموا بالدين بطريقة مبالغة، قبل ما كان عمري 6، كانوا عاديين يعني مسلمين بس مو ملتزمين بالدين، بعدين انتقلت على بلدي أذربيجان، بلشت أروح هناك لمدرسة عربية، في هذا الوقت كانوا أهلي بلشوا يلتزموا بالدين أكثر، سنة بعد سنة يلتزموا أكثر من اللي قبله، أنا حياتي تغيرت كليا بعد ما صاروا متشددين بالدين كثير. الحجاب لبسته برغبتي أنا لما كان عمري 9 سنين وبلشت أصوم وأصلي لما كان عمري 9 برغبتي أنا يعني مو بالغصب.
لكن الوضع تغير شوي لما صار عمري 10 و 11، صرت لما أنزل الحارة عشان ألعب مع جيراني ألشح الحجاب -هاد فقط طفولة مني، يعني ما كنت كثير واعية بموضوع الحجاب- وأهلي ما كانوا يعرفوا هاد الشيء، مرة أهلي شافوني بدون حجاب وعاقبوني عقاب خفيف، وبعدين يوم من الأيام لما رحت لبيت صديقة أمي -كان عمري 11- وأهلي طلعوا مع أصدقاءهم، طلعت الحارة بدون حجاب وفجأة أهلي شافوني بدون حجاب، عاقبوني كمان هاد المرة، بس أكثر من المرة الماضية، ما كلموني أبدا، وأبي أكثر شيء صار ما يكلمني، بعد أسبوع جاء ضربني ضرب قوي، بعدين سامحني.
كمان صرت ما أصلي وأترك صلاتي وأكذب على أهلي أنا أصلي، بس هاد مو مني، أهلي كثير كرهوني بالدين من كثر ما التزموا فيها، كل شيء حرام بالنسبة لهم، أكثر شيء أبي، بالنسبة للمرأة لازم تقعد بالبيت وما تشتغل حتى ولو عندها شهادة جامعة أو مدرسة، وممنوع المرأة تسوق السيارة، ولازم المرأة تسمع كلام زوجها مثل كأنها عبدة أو أسيرة عند الرجل، رجعت للإمارات بعد ما عشت ببلدي 8 سنين.
أنا خلصت المدرسة الحمد لله لكن آخر سنة كان سنة جدا صعبة بالنسبة لي، أولا أبي ما سمح لي أفوت التخصص اللي أنا أريدها -كنت بدي أفوت علاقات دولية أو قانون أو كلية إدارة الأعمال- لأن هو يفكر أنه عيب المرأة تكون بدول المجالات، فاضطررت أفوت ترجمة إنجلش عربي، آخر سنة دراسية مرت جدا بصوعوبات نفسية بسبب أبي، يعني هو بالغصب كان يريد يفوتني تخصص الشريعة لكن كل يوم دعيت ربي أنه يغير رأيه وبعد صعوبات غير رأيه وسمحلي أفوت ترجمة، قبله كنت جدا مكتئبة وكنت أشرب أدوية تضبط أعصابي، ولما خلصت المدرسة وطلعت النتائج جئت أخبر أبي أني نجحت وأبي ما قالي شيء لا قالي مبروك ولا قالي أنه هو فخور بأني بنته.
من وأنا صغيرة أهلي دايما كانوا يتخانقوا وأحيانا يصل لدرجة أن أبي يضرب أمي لكن هلأ ما يضرب الحمد لله، بس كل يوم في مشاكل بالبيت وهاد كثير يؤثر علي ما أقدر أمسك حالي أحيانا بدي أخبط رأسي بالحيط أو أصرخ بصوت عالي لما أسمعهم يتخانقون، لكن المشكلة الرئيسية هو أبي دايما يعمل مشاكل وكل مرة لما يعمل مشاكل دايما ييجي يهددني بأنه راح يطلعني من الجامعة ويقعدني بالبيت لو ما سمعت كلامه وأنا أساسا ما دخلني بالمشكلة.
أيام المدرسة كنت دائما وحيدة، كنت أحس حالي غير محبوبة من قبل الصف، يمكن عندي 3 أو 4 أصدقاء لكن مو كثير أصدقاء معي، يعني بحس حالي جدا وحيدة ما عندي حدا بهاد العالم، وأبي أبدا ما كان يسمحلي أروح الرحلات المدرسية أو أطلع مع رفيقاتي أو أروح لبيتهم عشان هيك كنت ما بصاحب حدا وكنت أفكر أنهم يفكروا عني إني بنت غريبة ومو حبابة.
جدتي -أم أمي- هي تعيش معانا والحمد لله هي الوحيدة اللي تفهمني وتساعدني بكل شيء وأنا كثير متعلقة بها، مرة أهلي كانوا قالوا لي راح ألبس نقاب بالغصب لما راح أنتقل عالإمارات وجدتي عملت معهم مشكلة عشان هاد الموضوع وبعدين يلا اقتنعوا إني ما ألبس نقاب، باختصار حياتي كلها مشكلة وما عندي حدا أروح أحكيله مشكلتي. أنا دائما سريعة الغضب والانفعال والعصبية يعني من أبسط شيء ممكن أعمل مشكلة كبيرة وأعصب وأحيانا ألطم نفسي.
قبل كم يوم صرت أبكي من كل قلبي ما أعرف ليش وشو السبب لكن الغالب إني يمكن تعبت من هذه الحياة ومن الوضع اللي أنا فيه، دخلت جامعة لكن عندي خوف إني أرسب وما أنجح ما أعرف ليش بالرغم إني كنت متفوقة بالمدرسة، زمان كنت أقرأ كتب وأستمتع فيها بس هلأ أبدا ما بستمتع وأنا بقرأ الكتاب، كل شيء صار بدون طعمة بالنسبة لي؛
مثلا اليوم ما أكلت شيء صرت أقرف من الأكل، يمكن لأني أشرب دواء عشان عندي شوي مشكلة صحية -ما بدي شو هي أحكي المشكلة- لكن صرت لما أفكر عن المستقبل أخاف وأبكي وأكتئب كثير، يجيني حالات أنه بدي أصرخ بأعلى صوتي عشان العالم يسمع مشكلتي ويفهموني وينقذوني من واقعي، بحس أموأ ما عندي أب وأني وحيدة. ما بدي أفكر عن المستقبل لأني بس أفكر أبكي لأني أعرف ما رح أوصل لأحلامي وطموحاتي بسبب أبي.
شو أعمل عشان أقضي على مشكلتي، هل لازم أروح طبيب نفسي أو أخصاء نفسي ولا لا؟ لأني صرت آخر الأيام أتصرف بشكل غريب مثلا أسرح كثير وأفكر وأتعصب بسرعة وأفكر أن الناس ما يحبوني وأبكي من دون سبب، أتمنى تجاوبوا على سؤالي، بعرف كثير طويلة مشكلتي لكن آخر أملي كان هاد الموقع.
20/9/2016
رد المستشار
أهلا بك يا ابنتي، سطورك آلمتني، وجعلتني أستحضر مشاعر القهر، والخوف، واكتشاف الوقوع بين المطرقة، والسندان!؛ وعلى أية حال لو كنت تسألين عما تعانينه هل يستحق التواصل مع طبيب نفساني أم لا، فأقول لك أن هناك مدرستان كبيرتان في المجال النفسي يندرج تحتهما فروع كثيرة تصل لنفس الهدفين منهما بطرق مختلفة، وهما:
الأولى: مدرسة العلاج الدوائي؛ فما تعانينه منه طبقا لتلك المدرسة هو القلق، وربما يختلط معه الاكتئاب بدرجة يحددها الطبيب؛ فخوفك، وسرعة استثارتك، وغضبك، وبكائك بسبب، أو بدون سبب يفسر ما قلته لك عن القلق، والاكتئاب، ويوجد علاج لكل منهما بعد فترة من الوقت تتوقف على كل شخص يهدأ، وتزول مخاوفه، ويتوقف عنه مزاج الكآبة بدرجات تتفاوت قد تصل ل 95% عند البعض بالفعل.
أما المدرسة الثانية في العلاج فهي تهدف لعلاج وشفاء الإنسان من الداخل بدون علاج دوائي؛ فيتعرف الإنسان على نفسه الحقيقية التي تاهت، ودفنت من صاحبها بسبب جهل تربوي، أو ظروف، إلخ، ويساعده على استعادة حقوقه من احتياجاته، ويساعده على تجديد اختياراته في الحياة، وتحمل مسؤولية تلك الاختيارات، والمضي قدما فيما يريده الشخص بطرق متعددة تساعده على ذلك، وتجعله يتمكن من تخطي أعراض ما يعانيه من قلق، وتوتر، وغيره، وبالطبع هناك من يجمع بين المدرستين لمزيد من الاستفادة، وسرعة السير في طريق العلاج،
ويظل لك الاختيار بين المدرستين، وحتى تقررين أترك لك تلك النقاط لتتفهميها جيدا:
- والداك في حالة من الفشل الذي جعلهما يتمسكان بتدين زائف لا يمت لدين الله الرحيم، الرشيد، ولسنة نبيه الذي شهد الله الذي خلقك، وخلقني، وخلقهم له؛ بأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، في القرآن العظيم، ولم أقصد إهانتهما حاشا لله، ولكن هو صدقا توصيفا لما يفعلونه ويوضح جهلا تربويا، ونفسيا، ودينيا، وعجزا شديدا!.
- أشعر تماما بقلقك تجاه مصيرك، ومستقبلك؛ ولأنه يهددك بوقف تعليمك، أقول لك: فليذهب تهديده أدراج الحياة؛ فالحياة أكبر، وأهم من دراستك بكثير، وأقصد ذلك تماما وبمنتهى الوعي، والاهتمام بما يفيدك يا ابنتي؛ فلا نجاح، ولا راحة حقيقية مهما كنا أطباء، أو. مدرسين، أو مدربين، أو غيره وبداخلنا خراب، ومعارك، وقهر، وقلق؛ فلتجعلي معركتك الحقيقية هي "وجودك"، وإن تأخرت دراستك -كجولة في معركتك- قليلا؛ فأبوك يعلم تماما أن ما يهمك في كل تلك الحياة هي إكمال دراستك، وفي المقابل ستتحملين كل شيء، فلتبعثي له برسالة لا يتوقعها وأنت تعنيها تماما بأن وجودك كما أنت هو الأهم؛
وأقول لك بمنتهى الوضوح، لا تفعلي ذلك إلا وأنت تؤمنين بذلك تماما؛ فلو قمت بتلك الخطوة دون إيمان كامل بذلك سيصله اهتزازك، وسيدمرك؛ فليملأك الاحتياج تماما لأن توقفي إيذائه لك تحت أي ظرف من الظروف، بثبات ونضوج. بلا عراك، بلا صراخ، بلا رجاء، بلا خوف. فقط قرار بأنك ستفعلين ماتريدين، وتتوقفين عما لا تريدين، وأنت في حالة سماح داخلي لنفسك، بأنك ستخطئين، وتحتارين، وتضعفين حتى تقفين على قدمين ثابتتين.
ورغم ما أعلمه من صعوبة ما أقوله، لكن أراه حلا حقيقيا يحتاج شجاعة ومسؤولية لما قد يترتب عليه رفضك لإيذائه، ولا تقدمي على ذلك إلا وأنت مستعدة لدفع ثمن حريتك التي أعطاها الله لك من الأساس، وأن هناك وسائل كثيرة سيستخدمها ليثنيك عن وجودك، منها الدين!؛ فسيقصد الدين الذي يراه هو وليس الدين الذي يخص التراحم، والمواساة، والحب، والاحتضان، والتفهم، حتى البر لم يقصد به الله تعالى الطاعة العمياء للوالدين، ولكن أراد منا أن نبرهم أي نتأدب معهم لدرجة كلمة "أف" لا نقولها لهم، ولكن نستطيع أن نقول لا، وأن نختار في حياتنا اختيارات تناسبنا، حتى لو لم يريدوا تلك الاختيارات. فما يطلبه منا الله تعالى ليس قول نعم، فلنقل نعم إن توافقنا مع ما يشرحونه لنا، أو نقول لا بأدب جم؛ لأنه حقنا. وهذا ما طلبته منك تماما.
- تحتاجين لوجود علاقة صحية في حياتك يا ابنتي؛ فأنت الآن في الإمارات؛ فلعل لديك عمة، أو خال، أو أي شخص ناضج يسمعك، ويفهم مشاعرك، ويقدر معاناتك، ولكن لا تجعلي اختيارك لتلك العلاقة الصحية تتحول لحفرة دفن جديدة لك، أو حفرة إيذاء جديدة؛ فلقد رأيت فتيات كثيرات في مثل ظروفك وقعن تحت استغلال نفسي، وجنسي. تحت هذا الاحتياج، فلو فهمت ما قلته لك فعلا؛ فلن تغدري بنفسك أبدا تحت أي احتياج. فلتنتبهي.
- قد تحتاجين أن تتدرجي فيما قلته لك.. فلا مانع ولكن إن تدرجت وأنت لا يملؤك الاحتياج للوجود فلن تتقدمي كثيرا. أعانك الله، ونحن هنا معك نتابعك ونسمعك ونساعدك، ولا تنسي أنه يمكنك التواصل مع طبيب نفساني ماهر، ويفضل امرأة لتساعدك بشكل أقرب. دمت بخير.