أنا أكره والدي ووالدتي وبلدي
كنت في السابعة عشر حينما تعرضت لتحرش جنسي أثناء نومي من قبل أخي الكبير، ولم أخبر أحداً بذلك.
وفي السنة التالية بدأت الحرب في سوريا تزامناً مع وفاة والدتي... وأنا الآن أسكن مع والدي بعدما تزوج أخي.
حينما بدأت بالاندماج مع المجتمع وجدت عندي بعض الاضطرابات النفسية ،فذهبت بنفسي إلى معالجة نفسية، وشخصتني معالجتي التي أحبها جداً باضطراب الوسواس القهري الذي نتج عن تربية أمي وفق تحليلها النفسي لأسباب اضطرابي.
كانت أمي من الأمهات اللواتي يسلبن أمن وأمان أطفالهم من باب القلق، كمثال أنها كانت مجرد أن يقترب مني أخي أو أبي تنتفض وتنظر إلينا كأننا ارتكبنا الفاحشة، كما أن كل أصواتها في عقلي هو تنبيهات وإخافة من الحياة والآخرة والقيامة.
حينما تحرش بي أخي لم أكن لأثق بأن أمي الثائرة القلقة ستحميني، فلم أخبر أحداً، لكنني حملت في داخلي صوتاً كارهاً لهم جميعاً بما فيهم أبي الذي يحمل أيضاً في شخصيته وفق تشخيص أحد الأطباء النفسيين اضطراب الشخصية الحدية.
حياتي الآن مع أبي مثل الجحيم، فأنا أكون مقرَّبة منه في بعض الأيام، ثم أُعامَل كعدوٍّ قاتل مهمل في الأيام الأخرى، مزاجيته واضطراباته تزيد من قلقي لا سيَّما أنه الوحيد الذي بقي سنداً لي في هذه الحياة، لكنه سند مائل!، يعاملني بجفاء حقير في أبسط أخطائي، فما أن أهمل تنظيف المنزل أو لا أسمع نداءه لي تبدأ مسرحيته التراجيدية من الشكوى ورمي الأغراض وغيرها.
وأنا بين خوف من الحرب ومن الحياة، وبين كره لأفراد عائلتي الأحياء منهم والأموات... ليس عليَّ أن أتحمل مزاجية أبي وإن كانت اضطراباً أصيب به كابتلاء، بل لما يتزوج إن كان غير قادر على الحب والحماية؟!
هو لا يتفهم خوفي وقلقي ووساوسي أبداً، كما أنني من شدة الكره أدعو الله أن يُمِيتَني ويتركه وحيداً دون دعوة مني أن يُمِيته هو فأنا بضعفي لا أقوى على الحياة لوحدي.
رغم طاقة الكره التي أتحدث بها لكن في داخلي طفلة تبحث عن الحب والأمان!، ورغم أنني وفق نصيحة المعالجة _الحمدلله_ كوَّنت علاقات صداقة كثيرة ولي مجتمعي،
لكنني في داخل البيت لا أشعر بالأمان ولا الاستقرار!... أرجوكم ما الحل؟
30/11/2020
رد المستشار
آنستي، ما مضى قد مضى، الذكريات لا بد أن تكون في طي النسيان، ولا داعي لاجترارها، فما عليك الآن إلَّا أن تنظري إلى مستقبلك وترتيب أمور حياتك من خلال عملك وتواصلك.
يبدو واضحاً من رسالتك أن طفولتك تخلَّلها تحرش جنسي من أخيك وسوء معاملة من والديك... ليس ذنبك أنك تعرضت للتحرش الجنسي في الصغر، وأنت غير مسؤولة عما حدث لك، فقد كنتي طفلة لا تقوى على الدفاع عن نفسها.
ومرت السنوات من عمرك والخوف ترعرع في نفسك، بالإضافة إلى خوفك من والدتك وعدم إحساسك بالأمان من أن تبوحي لها بما يختبئ في صدرك.
عزيزتي، لا ألومك فيما كان من ماضٍ، ولكن سوف ألومك فيما إذا استرسلت فيه... صحيحٌ أنك منزعجة من وضعك مع والدك وأن حياتك جحيماً، لكن لن يستمر هذا إذا استطعتي أن تكسبي والدك بطريقة أو بأخرى.
كيف؟.... كلٌ منَّا له نقاط ضعف... استغلِّي نقاط الضعف عند والدك، ابحثي عمَّا يحب وعمَّا يكره، تقرَّبي له بالابتسامة، ارتمي في حضنه، كونى إلى جواره، طبطبي عليه، أشعريه بمكانته عندك، كرري هذا مرّات كثيرة لربما ينقلب الأمر بين ليلة وضحاها لتجدي ما كان من قسوة وكره قد تحوَّل إلى حنان ومحبة.
وحاولي أن تستغلي لحظات في الجلوس إلى نفسك... فقد نجد الخلل فينا، ونحاول أن نعرف مواطن هذا الخلل... حاولي أن تغيري من نمط حياتك وأسلوب تفكيرك ونظرتك لحياتك داخل البيت.
خلاصة الأمر: حاولي أن تكسبي أسرتك بالحسنى، وإقناعهم بطريقة أو أخرى بما تصبو إليه نفسك.
واقرئي أيضًا:
نفسي عائلي تربوي: مشاكل أسرية Family Problems
الابنةُ المضطهدةُ ودبلوماسية العائلة!
دبلوماسية العائلة والندم حيث لا ينفع الندم
السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب