السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
أنا فتاة في نهاية العشرينيات من العمر.. الحمد لله متدينة لحد معقول، جميلة، ومن أسرة ميسورة متعلمة تعليما عاليا في أحسن الجامعات.. يراني البعض متزمتة، والبعض يرى أن في شيئا من الغرور، لكن الكثيرين يعتقدون أنني طيبة ومستمعة جيدة.. والآن أنا في بداية عملي الخاص الذي لم يتضح معالم نجاحه من فشله بعد، المشكلة أنني بالرغم من أن أغلب الناس يرون أنه لا سبب لوجود إحباط لدي؛ فأنا أشعر بالإحباط الشديد الذي بدأ يزيد هذه الأيام، ودائما أحاول مداراته وتصنع الابتسام.
أشكو من عدم الشعور بصداقة قوية مع الناس.. لي صديقات أحبهن بشكل كبير لكن بدأت أشعر بالتعب من بعضهن لكوني أمثل الثقل الذي يلقون عليه همومهن فقط.. أنا أحب أن أكون مفيدة ومريحة لكن بدأت أمل من كون كل اللقاءات تدور حول مشاكلهن وطريقة حلها، ودائما في نظرهن أنا التي يحسدنها لكونها ليس لديها مشاكل مادية وعائلية (لكوني الوحيدة غير المتزوجة)، مع العلم بأني ظهرت لي مشكلة آلمتني بشدة، ولكن تعودنا في بيتنا أن المشكلة مكانها المنزل ويجب ألا يعلم بها أحد.
مشكلتي الآن والتي من الممكن أن تكون سببا في هذا التغير أنني وقبل عامين التقيت برجل أكبر مني بحوالي 6 سنوات عن طريق صدفة بحتة.. لم أكن أفكر بالزواج بصورة كبيرة، وهي مشكلة أسرتنا؛ فكلنا نفكر بالتعليم والنجاح في الحياة العملية والزواج بالطبع مظهر مكمل؛ فلنا طبيعة تنافسية كبيرة.. المهم، التقينا في الأفكار وطريقة الحديث، أعجبت بذكائه، هو أيضا شخص متعلم تعليما عاليا ومثقف، وبالفعل أعجبني أنه في كثير من المناقشات بيننا أميل إلى رأيه من حسن سرده وطريقة تحليله.
أعتقد أنه أحبني بشدة، ولكن المشكلة أن هناك اختلافا كبيرا في الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالنسبة للعائلتين.. لم يهمني الاختلاف فمن وجهة نظري المهم الشخص وهو ذكي طموح محترم ومسؤول، وهي من الصفات التي طالما أحببت أن أجدها في الشخص الذي سأرتبط به.. تقدم لخطبتي، ولكن بالطبع واجه رفضا من أمي التي رأت أنني من الواجب أن أتوجه إلى من هو أفضل، فأنا أجمل بكثير وأفضل من حيث الوضع الأسري.. وسيكتب لهذه العلاقة الفشل لا محالة.
توقفت علاقتنا شهرين، ثم عادت بشكل أقوى وبدأت أتكلم مع الأهل بشكل أقوى.. ولكن بالطبع باحترام.. بدأت تظهر مشكلة أخرى هنا معه، حيث بدأ يعتقد أنني أتجاهله وأنني أراه لا يستحق لأن أتعب في إظهار الاهتمام به، وهو دائما يسعى لإرضائي بشتى الوسائل.. كنت دائما أوضح أنني قد أكون مشغولة في بعض الأوقات، ولكن هذا ليس تجاهلا، وقد كانت هذه هي الحقيقة.. فقد مرت أوقات أصبحت أعمل بشكل كبير.. ولكنه اعتبر أن إرسال رسائل قصيرة لم تكن لتأخذ أي وقت مني.. ولكنها كانت تظهر الاهتمام. كما أصبح يريد كلمة التزام واضحة مني، وهي شيء أحببت تأجيله لحين إقناع الأهل بشكل نهائي، وأصبح ذلك يشكل ضغطا كبيرا خصيصا لكوني أحاول التحرك في الجانبين جانبه وجانب الأهل.
لا أخفي أني لم أكن أتضايق منه؛ فقد أحسست بمدى رغبته في التقرب مني، كما أنه كما سبق أن قلت ليس بالشخص الفظ؛ فدائما يعي ما يقول ويتوقف في حدود الأدب والاحترام الذي بيننا، كما أنه كما قال حاول كل ما يستطيع لإرضائي بحيث كان يفعل كل ما أطلب وحاول مع أمي أكثر من مرة ووضع أهله في مواقف قد تكون محرجة لبعض الأسر، أقول الحق رأيته من أكثر الرجال احتراما لأهله وبرا بهم.. فجأة اختفى يومين وعندما بدأت أسأله عن السبب قال إنه مشغول، ومرة قال إن هذا بالضبط ما فعلته له فكيف أحس، وإنه كان دائما مشغولا، ولكن كان يجد الوقت لإظهار الاهتمام.
أخذت الموضوع على محمل أنه نوع من إظهار الزعل.. ولم أحاول افتعال مشكلة وأخبرته أني غير زعلانة، ولكني فقط قلت وله أن يأخذ راحته.. عاد طبيعيا لمدة يومين، ثم بدأ يسأل هل أهلي ينظرون إليه بشكل دوني ولأسرته وما هو تصرفي إذا فعلوا، كانت إجاباتي في هذا الأمر واضحة، قد ينظر له البعض بشكل دوني وليس لي دخل فيما يفكرون أو يتصرفون وإن الإنسان هو الوحيد القادر على جعل الناس يحترمونه أو يحتقرونه، وإنه عليه أن يسألني فقط بما أفعل وأحس.
واعتقدت أن الموضوع انتهى على هذا الأساس، بعدها بيوم أخبرني بأنه يريد الحديث معي، وبدأ يقول إنه فكر في كلامي وإن تأثير احتقار أهلي له لا يمسه لوحده ولو كان يمسه لوحده لرضي به من أجلي، ولكن المشكلة أنه قد يؤثر على الأبناء الذي سيكبرون وأهل الأم يحتقرون الأب وسيصبح وضعهم النفسي صعبا، ولذا يفضل أن ننسحب من هذه العلاقة.. لم أحاول أن أتحدث معه أو أغير وجهة نظره ولكن بالفعل فوجئت بالطريقة التي فكر فيها فلم تخطر لي على بال، ولا أعتقد أن أهلي من الممكن أن يقوموا بالتصرف بهذا الشكل، وأكثر ما آلمني أنه تخلى عن هذه العلاقة بكل سهولة ومن غير حتى مناقشة وكأنني لا أمثل أي أهمية، مع العلم كنت قد وصلت لمرحلة حرجة مع أمي بسببه.
بعدها بيوم اتصل ولم أرغب بالرد، وفي اليوم التالي تحدث معي بأنه آسف على ما قال، وأنه عاد لكل ما دار بيننا، ووجد أنه من غير الممكن أن تقوم أسرتي بذلك.. وأنه يعرف أن ما قام به شيء لا يغتفر وأنه نادم.. أخبرته بوضوح أنني أعتقد أن الخطأ الذي حدث من وجهة نظري لا يغتفر، فصمم على مقاطعتي بقوله: إن كله أمل في طيبة قلبي، ولا يريد أن أرد عليه الآن، ولكن يريد أن يوضح أنه منتظر وأنني في أي وقت شعرت بقدرتي على مسامحته فسيكون سعيدا ويتمنى أن نواصل.
حتى الآن أنا على رأيي أنه أخطأ خطأ كبيرًا عندما قرر إنهاء العلاقة في لحظة ومن جانب واحد وأنا مصممة على موقفي، كما أنني أعتقد أن اتصاله نوع من الأدب فقط لإرجاع كرامتي التي أهدرها بتصرفه.. ماما سعيدة بما حصل وترى أنني من الممكن أن أواصل بشكل عادي وأختار بصورة أحسن هذه المرة.. افترقنا لأكثر من 3 أشهر، المشكلة أنني فقدت الرغبة على التواصل مع الرجال عموما، لم أحب قبله ولا أعرف هل أحببته أم لا، ولكن أجد نفسي أقارن بينه وبين أي رجل والميزان دائما في صفه.
لا أحب تقرب الرجال مني، ولكن أحببته بالرغم من أنني علنيا كنت أوضح له أني لا أحبذ هذا الشيء (كان دافعي دينيا بحتا)، والآن أعتقد أنني لن أتزوج أبدا.
أريد أن أعرف هل هناك خطأ في بشكل واضح دمر علاقتي؟ هل هي اختياراتي أم تصرفاتي؟
كما قلت أصبحت أميل إلى شعور الإحباط وعدم وجود دافع في المستقبل وهو شيء بغيض.
23/11/2022
رد المستشار
الأخت الفاضلة:
مشكلتك ليست مشكلة واحدة، بل هي عدة مشاكل ولا أعرف من أين أبدأ.. لذلك سيكون حديثي لك على شكل فضفضة ليس أكثر.. أنت يا عزيزتي تعانين من بعد ذلك الشخص الذي كان يمنحك الاحترام والتقدير الشديد، والذي تعودت دائمًا أن تحصلي عليهما، بطبيعة شخصيتك التي تربيت عليها في الأسرة، بالرغم من أنك غاضبة لتخليه عنك بسهولة -كما تقولين- بعد ما بذله من أجلك وما تحمله هو وأسرته من حرج كما ذكرت.
لقد كان أيضا يظهر لك اهتماما شديدا بك برغم انشغاله، وكنت سعيدة بذلك، ولكنك تجاهلت كل ذلك بمجرد أن تغير وحاول أن يضع حدا لكرامته، كرجل تأبى نفسه أن يهان من أهل زوجته أو تهان أسرته التي يحبها، وخاصة أنك لم توضحي له بشكل قاطع أنك مقتنعة به ولا تستطيعين الزواج من غيره.
أعرف أن تدينك هو الذي منعك كما قلت من الإفصاح عن مشاعرك، ولكنه لم يظهر هذا التدين عندما أفصح لك هو وحاول التقرب فهل حقا كان التدين المانع؟ أم أنك كنت تحبين أن يظل يجري وراءك ويستعطف أهلك لقبوله ويتحمل الإهانة لتشعري بشيء يرضي غرورك الذي أوضحته في أول الرسالة؟
صديقتي ماذا تريدين حقا من ذلك الرجل؟ هل يستهويك ضعفه وحبه لك؟ أم تجدين في نفسك حقا مشاعر قوية له كرجل تفتخرين به وتعتزين به، وتجدين طاعته كزوجة قريبة إلى نفسك؟
إن الزواج السعيد يتوقف على مدى احترام كل طرف للآخر، والافتخار به، فإن كنت حقا مثأثرة بكلام أهلك ونظرتهم للأشخاص وتقييمهم، فابتعدي واتركيه ولا تلوميه على ما فعله لتشعريه بمزيد من الإحباط والأسف، وحاولي فهم نفسك أكثر.. ماذا تريدين.. أي هدف تسعين من أجله.. ماذا يعني الزواج بالنسبة لك.. وما هي تلك المواصفات التي تتمنينها فيه.
أما إذا وجدت أنك حقيقة تحبينه وتفتخرين بارتباطك به، فيجب أن تأخذي أنت تلك الخطوة.. وإن كنت تحرصين على ألا تكون خارج الدين، فيمكنك أن تعلميه بها عن طريق وسيط.. أخبريه أنك فخورة به وستبذلين من أجله كل شيء، وحاولي إقناع أسرتك به، خاصة إن كان الفارق بينكما ليس بالكبير للدرجة التي تصل إلى عدم الكفاءة؛ فالكفاءة في جانب الزوج مهمة ليشعر بقوامته.
أختي.. إن جزءا كبيرا من المشكلة هي أنك لا تدرين هل تحبين ذلك الشخص.. أم أنها رغبة لاكتمال صورتك الاجتماعية كما ذكرت أنت "كلنا نفكر بالتعليم والنجاح في الحياة العملية، والزواج بالطبع مظهر مكمل؛ فلنا طبيعة تنافسية كبيرة".
أظن أيضا أنك تحتاجين للكثير من الخبرة في التعامل مع الآخرين، فيبدو أنك انشغلت بدراستك كثيرا، فلم تستطيعي اكتساب خبرة التعامل مع الآخرين والتفاعل معهم.
ابدئي بوضع حد واضح لعلاقتك بذلك الشخص.. هل ستستمرين أم تتوقفين؟ ثم أعيدي تقييمك لنفسك، واكتشفيها وتصالحي معها، خاصة أنك أصبحت تعانين من الملل والإحباط.. فقد نبذل الكثير لنتفوق في الدراسة والعمل، ولكننا نادرا ما نبذل شيئا من أجل أن نفهم الحياة لنعرف كيف نعيشها.
لقد نسجت حول نفسك شرنقة كبيرة تمنعك من رؤية من حولك؛ فحاولي الخروج منها.. أتمنى أن تصلي لقرار قاطع في علاقتك بذلك الشخص.. ويسعدني أن تواصلينا بأخبارك.