منذ أربع سنوات تعرفت على فتاة تكبرني بأربعة أعوام، وهي من أسرة فقيرة أعجبني بشدة إصرارها وقوة شخصيتها، حيث أنهت تعليمها الجامعي بالرغم من معارضة أهلها لذلك، كانت تعمل طوال فترة الدراسة، وكانت تصرف على نفسها.
وعلى الرغم من المستوى الفقير لهذه الفتاة فإنها لم تكن تبخل بوقتها في عمل الخير، وحفظ القرآن. تعرفت عليها في إحدى الجمعيات الخيرية، بدأت العلاقة بيني وبينها باعتبارها أختا كبرى لي؛ فكنت أحكي لها عن مشاكلي، وآخذ برأيها في أمور حياتي، وكنت منبهرا بآرائها العاقلة وبعد نظرها، وسرعان ما تطورت العلاقة إلى حب حقيقي؛ فطوال فترة ثلاث سنوات كنت أرى هذه الفتاة بصفة يومية أو على الأقل أتحدث معها على الهاتف.
وبعدما تخرجت وعملت وتحسنت أوضاعي المادية أردت أن أتقدم لخطبتها، ولكن بالطبع رفض أهلي تماما لكبر سنها ومستواها الاجتماعي، وأنا لا أريد أن أغضب أهلي، وفي نفس الوقت لا أريد أن أظلم الفتاة حيث إنها رفضت جميع العرسان المتقدمين إليها خلال فترة معرفتي بها.
فبالله عليكم أشيروا علي ماذا أفعل؟ هل أقدم على الزواج من هذه الفتاة بالرغم من معارضة أهلي أم أرضي أهلي وأضحي بها؟
مع العلم أنني قمت بمحاولات عديدة في هذا الأمر واستشرت العديد من الأصدقاء ولا أخفي عليكم أنني قد بدأت أقتنع بآرائهم، وخاصة أني في بداية حياتي ويمكن أن أقابل فتيات أخريات،
ولكن ضميري يؤنبني بشدة وأشعر أني قد ظلمت هذه الفتاة ظلما شديدا.
17/7/2025
رد المستشار
ولدي، حين أمرنا الله بغض البصر، وحين وضع سبحانه وتعالى قواعد للتعاملات اليومية بين الشبان والشابات كانت حالتك ومثلها السبب، أعني يا ولدي أنه كلما ناقشني شاب أو فتاة في منع الاختلاط الذي يفرضه التزامنا بديننا الإسلامي أجده يندفع غير مقتنع بسببية هذه الحدود والأسوار الشفافة الموضوعة؛ لأن العالم أصبح واحدا، ولأن مشاعر الأخوة هي الغالبة على 99% من هذه العلاقات، وبالطبع هذه مبالغة قصدتها لأبين لك ولكل من سيقرأ هذا الرد سيدرك مدى رحمة ربنا بنا وكم هو رءوف حنون بنا وعلينا، إنه لو حتى في 1% من الحالات قد يحدث ألم وعذاب فلا داعي لفتح أبوابه، تماما كما يفضل (بضم الضاد) عنده ترك 9 مجرمين من أجل بريء واحد قد يظلم بينهم.
هل فهمت رسالتي يا ولدي... هذه العلاقة القريبة التي لا تندرج تحت أي بند من بنود الشرع والالتزام الديني، التي تطورت من زمالة عمل خيري مع الأيام إلى علاقة حب نظيفة، ولكنها تطورت بفعل لم يكن مطلوبا، وهو اللجوء إلى بعضكم بعضا، والحوار القريب، والبوح بالأسرار والشكوى، وأخذ الرأي والتشاور حول حل المشكلات، والتعرف على خصوصيات الحياة للطرف الآخر، هذا يا بني ما لا يجب أن يفعله إلا الأزواج كما شرع رب العباد؛ لأن هذا ما يخلق المودة والرحمة، ولقد ولدت بينكما بالطبيعة، ولذلك وهذه جملة اعتراضية جانبية ولكني وجدت المقام مناسبا لها، حين نقول: إنه لو تزوج اثنان لا يجمعهما سوى الاحترام والرغبة في التواصل فسينتهي بهما الأمر إلى حب عنيف عفيف طاهر رائع يتفجر سخونة وأمانا.
نعود للب المشكلة، وأقول لك للأسف أنا أوافق أهلك الرأي، ويبدو أنك أيضا اقتنعت بحديث أصدقائك، وأن المشكلة بالنسبة إليك هي مشاعر الفتاة، واعرف يا ولدى أنها ستمر بأيام من العذاب والآلام أعانها الله على تحملها، ولكنها ضريبة كتب عليها أن تدفعها لطريق سارت فيه بدون عقل، هي أو غيرها، وكلنا دفعناه من قبل، وفي مواقف شتى، ويظل المرء حين يغلبه هواه ويخرج به عن جادة الصراط المستقيم لعبة لبنات الشياطين من الأفكار والمشاعر، ولكني أتصور أن ألما قريبا أفضل من عذاب مستمر، وفراقا بلا توابع خير من انفصال يدفع ثمنه أطفال لا ذنب لهم.
الزواج يا ولدي لا يقوم على اثنين بل على 10 ، وهو أقل عدد أتصوره لأسرتين مصريتين تتكون كل واحدة منهما من أب وأم وثلاثة أبناء، هي علاقة نسب وأصهار، واعتقدت أنها مشتقة من انصهار، والمصاهرة تعني ذوبان كل منهما في الآخر؛ فبهذا الرفض وهذا الفارق الاجتماعي الواضح حتى لك مع حبك الكبير لم يكن الزواج ليصمد كثيرا، لأن حبكما طائر يغادر النافذة مع أول صدام حياتي حقيقي بين مستويين مختلفين وعمرين مختلفين وأنثى ظلت فترة طويلة تقوم بدور الأخت الكبرى ناصحة وموجهة ومعلمة لك؛ فقضية قوامتك عليها لن تكون حقيقية في المشاحنات المنزلية، وزواج بلا قوامة للرجل هو زواج فاشل ولو استمر العمر كله.
واقرأ أيضًا:
هي أكبر مني هل أتزوجها؟!!
حبيبتي أكبر مني، ما الخطأ؟ ما العيب؟
أكبر مني وأحبها هل أخطبها؟
حدود فارق السن بين الزوجين