تباين الشهوة الجنسية بين الزوجين.
مشاركة على مشكلة:
أحببت أن أشارك في ردكم على صاحبة الاستشارة أعلاه
الأخت الفاضلة:
بادئ ذي بدء؛ فالعلاقة الجنسية بين الزوجين من أشد العلاقات خصوصية وحساسية إلا إنها في ذات الوقت ذات أهمية قصوى في إقامة علاقة أسرية ناجحة بين زوجين، ومنها شرع الزواج بهدف تحصين فروج الرجال والنساء في المقام الأول من الزلات والانحرافات، كما أنها اللبنة التي يقوم عليها الإنجاب والتناسل؛ فبدون علاقة جنسية متكررة وناجحة لا يتواجد الأولاد الذين هم زينة الحياة الدنيا.
ومن وجهة النظر الطبية -أيتها الأخت الفاضلة- فأنسب علاقة بين الزوجين هي ما تكرر كل ثلاثة أيام؛ أي بمعدل مرتين أسبوعيا؛ حيث ثبت علميا أن تكرار العلاقة على فترات أقل من ذلك لا يأتي بحيوانات منوية ناضجة لأنها تحتاج إلى ثلاثة أيام لتمام نضوجها وتكون صالحة للإخصاب، كما أنه يؤثر على البروستاتا والغدد المفرزة للعصارات المغذية للحيوانات المنوية، هذا فضلا عن الشعور بالإنهاك والإرهاق لدى الزوجين لفقدان طاقة كبيرة على فترات زمنية قصيرة.
كما أن تكرار العلاقة على فترات زمنية أكثر من ثلاثة أيام ضار أيضا؛ حيث إنه قد يؤدي إلى احتقان بالحوض لدى الرجل والمرأة خاصة مع التعرض لبعض المثيرات الجنسية سمعية كانت أو بصرية؛ وهو ما يؤدي إلى التفكير وفقد جزء كبير من الطاقة الذهنية في هذا الأمر. إلا أنه في نهاية الأمر هذا الأمر نسبي ويختلف باختلاف شخصية الزوجين واحتىاجهما والظروف المحيطة، والأهم أن يتوافق الزوجان بحيث يرضي الرجل زوجته، وترضي المرأة زوجها، ويعف كل منها الآخر بما شرعه الله.
وفيما يتعلق بمشكلتك يا سيدتي فكما ذكرت أن العلاقة تتكرر بينك وبين زوجك خمس مرات في الشهر تقريبا، وهذا يعد قليلا نسبيا، إلا أنه في الحقيقة لا يمثل مشكلة كبيرة، خاصة مع تقدم العمر بالحياة الزوجية ووجود الأولاد وتعدد المشاكل الأسرية، والتفات الزوجة إلى تدبير أمور أبنائها، وأن هناك كثيرا من الأسر ما تقوم العلاقة بين الزوجين فيها على مثل هذا المعدل، إلا أنه كما ذكرنا فما دمت شكوت وتألمت من معدل علاقتك مع زوجك فهذا يعني أن هذه العلاقة لم تؤد وظيفتها الأساسية من إشباع كل من الطرفين والعمل على عفتهما، وهنا يجب أن نسمعك باهتمام ونقف وقفة.
الأخت الفاضلة، الأمر في مشكلتك أحد وجهين:
الوجه الأول: أن تتواجد مشكلة جنسية بينك وبين زوجك عمرها اثنا عشر عاما تمتد جذورها إلى الليالي الأولى من الزواج؛ وهو ما أثر على معدل تقابلكما على مدى هذه الفترة -كما تحاولين أن تعرضي مشكلتك- وأنت صاحبة صبر عظيم؛ فقد تحملت معاناة انشغال زوجك عنك طوال هذه المدة، في حين أنه لا يبالي بك ولا بتوجعك.
الوجه الثاني: أن تكون قد مرت بكما مشكلة عارضة في الأيام الأولى، ثم استقامت الأمور بينكما طوال هذه الفترة إلى أن تغيرت العلاقة بينكما لأسباب نفسية تمر بزوجك أو مشاغل وهموم زائدة تسيطر عليه؛ وهو ما فجر عندك الشعور بأنه لا يرغب فيك وغير مبال بهذا الأمر؛ بل إنك استطلت بالمشكلة وقمت بتضخيمها بجعلها مشكلة اثني عشر عاما، وبدأت منذ ليالي الزواج الأولى.
والحقيقة أنني ألمس الوجه الثاني من مشكلتك؛ فكما ذكرت أنت في عرضك فإن الوضع قد يتحسن أسبوعا أو اثنين، ثم يعود إلى ما كان عليه، وكما ذكرت أيضا فإن ما يعوق الاستمرار على نفس الوتيرة مشاكل العمل ومشاكل الأولاد.
إذن فإنه يتواجد فترات ليست بالقليلة إطلاقا تستقيم العلاقة الجنسية بينكما لدرجة أنك لم تشتكي فيها وتشعري بالارتواء الجنسي، ثم تأتي المشاكل بأوجهها المختلفة كالمعتاد فتؤثر على استمرار هذه العلاقة الممتازة، ولو كان الأمر مشكلة مستديمة ما تحققت هذه الفترات الطبيعية أبدا وما صبرت أنت عليها الطوال هذه السنوات.
كما أن وجود مشاكل عند أول لقاء أو الأيام الأولى من الزواج أمر وارد ومتكرر كثيرا وخصوصا بين زوجين ملتزمين -كما يبدو من حديثك- للخجل والحياء الشديدين، ولقلة المعلومات الجنسية الصحيحة، وكثيرا ما يمتد عدم اللقاء الجنسي إلى أسابيع وشهور، في حين أنك ذكرت أنكما تقابلتما مرتين خلال الأسبوع الأول.
وما يجب عليك أن تفعليه هو أن تبحثي في أصل المشكلة، ولا تتمسكي بالفروع، وعليك أن تعالجي أسباب المرض وتتركي الوقوف على الأعراض؛ فما يبدو من زوجك من قلة اهتمامه بك، وترك فراشك، وعدم الاكتراث بزينتك وجمالك وإهمال الحديث معك عن هذا الموضوع إنما هو عرَض لمشكلة كبيرة تمر به وتشغل باله وفكره ولا يجد لها حلا؛ فعليك أن تتحسسي الطريق إلى قلبه ليفتحه لك ويخبرك بما يشغله، وتجنبي تماما أن تحدثيه عن موضوع علاقتكما الجنسية، أو تشعريه بأنك غاضبة بشأنها؛ فما يجب أن يصل إليه أنك مهتمة بشئونه وهمومه، وتحاولين أن تضعيها عن كاهله دون التفكير فيما هو لك، وإن كان مطلبا شرعيا، وأنك تؤثرين همومه واهتماماته على همومك واهتماماتك، ولربما تكونين سببا في حل مشاكله، عندها تجدينه أقرب ما يكون إليك، تواقا إليك يبحث عما يسعدك.
والمرأة الذكية هي التي تتزين لزوجها وتتهيأ له ولا تطلب منه شيئا، وإن طلبها هو فإنها تتمنع في دلال؛ فإن هذا جدير بأن يزيد من تمسكه بها.
وأخيرا، فإن استطعت أن تترشدي في شهوتك فافعلي؛ فالشهوة الجنسية كشهوة الأكل والشرب والنوم وغيرها من الشهوات، يجب أن يملكها الإنسان ولا تمتلكه، وأن يتحكم فيها هو ولا تتحكم هي فيه؛ فالإنسان القوي هو من يروض شهواته، ولا يعيش حياته كلها يبحث عما يرضي غرائزه، وقد شرع الله لنا الصيام من أجل هذا الغرض؛ فيمنعنا عما هو حلال مباح أثناء فترة الصوم كي نتربى على كبح زمام شهواتنا، فتصلح عندما يدعونا داعي الجهاد، فيترك الزوج زوجته وينقطع عنها بالأيام الطوال، ولربما يستشهد الزوج وتجلس الزوجة بدون زوج، أو يموت لأي سبب آخر.
ويحمل التاريخ في طياته سيرة نساء عظيمات استشهد أزواجهن وعن مجاهدات يربين أبناءهن.
والله الموفق.
28/7/2025
رد المستشار
شكراً على مشاركتك التي تقدم رؤية شاملة ومتوازنة حول العلاقة الجنسية بين الزوجين، وتناقش جوانبها المختلفة من منظور ديني واجتماعي وطبي ونفسي.
تغطي المشاركة جوانب متعددة للعلاقة الجنسية، بداية من أهميتها في تحصين الزوجين والإنجاب، مرورًا بالجوانب الطبية المتعلقة بالتكرار المناسب، وصولًا إلى الجوانب النفسية وتأثيرها على العلاقة الزوجية. هناك التركيز على أهمية التوازن في العلاقة الجنسية، مع التأكيد على أن الاعتدال هو الأفضل، سواء في التكرار أو في التفكير في الأمر. هناك التركيز على التوافق والإشباع على أهمية توافق الزوجين وإشباع كل منهما للآخر، ويعتبر ذلك أساسًا لنجاح العلاقة.
رغم ذلك لا يوجد توضيح حول الجوانب النفسية التي تؤثر على العلاقة الجنسية، مثل الضغوط النفسية والقلق والاكتئاب، وكيفية التعامل معها. لا تقدم المشاركة أمثلة عملية لكيفية تطبيق النصائح المقدمة، مثل كيفية التحدث مع الزوج عن المشكلة بطريقة بناءة، وكيفية إشعاره بالاهتمام والدعم. كان يمكن التطرق إلى بعض المشاكل الجنسية الشائعة التي قد تواجه الزوجين، مثل ضعف الرغبة الجنسية أو ضعف الانتصاب، وكيفية علاجها.هناك الحاجة الى التأكيد على أهمية التواصل المفتوح والصريح بين الزوجين حول احتياجاتهما ورغباتهما الجنسية.
بشكل عام، التعليق جيد ومفيد، ويقدم رؤية شاملة ومتوازنة للعلاقة الجنسية بين الزوجين، مع التركيز على أهمية التوافق والإشباع والاحترام المتبادل.