مساء الخير عليكم
أنا الآن في الثلاثين من عمري. كنت أظن أن المعركة تدور حول العمل، أو النجاح، أو اللحاق بالركب. لكن المعركة الحقيقية كانت دائمًا مع جسدي وعقلي.
لسنوات، كنت أُنهك نفسي تدريجيًا، أقضي ليالٍ بلا نوم، أعمل بلا كلل، بالكاد أتحرك، وأتعامل مع صحتي كما لو كانت مهمة جانبية. كنت أقول لنفسي إنني أبني مستقبلًا، لكنني كنت أستبدل سنوات العمر وتقدير الذات بهدوء بتقدم لم أشعر أبدًا بأنه كافٍ.
حاول جسدي تحذيري، مقاومة الأنسولين، إرهاق مستمر، نقص فيتامين د، مزاج متقلب طوال الوقت. وتجاهلت كل ذلك، معتقدًا أنني أستطيع التفوق عليه. لكنني لا أستطيع. لا أحد يستطيع.
لقد فاتني الكثير بسبب هذا، لحظات، علاقات، ثقة، حب الذات، حتى مجرد متعة الشعور بالرضا عن نفسي. لقد عشت معظم سنوات العشرينات من عمري في عزلة، خلف الشاشات، أسعى للتحسين بينما أنهار في صمت.
وأدركت شيئًا واحدًا في... عيد ميلادي الثلاثين. الصحة قبل العمل، الطموح، أو المال. لهذا السبب سأتوقف لمدة عامين عن كل أهدافي وطموحاتي المهنية، لن أسعى للحصول على درجة الماجستير، ولن أدرس وأطور نفسي خارج ساعات عملي، ولن أعمل لساعات إضافية لأثبت ذاتي. أدين بالسنتين القادمتين لذلك الشاب والرجل الذي لم يشعر يومًا بالراحة في نفسه، وهو يسعى وراء توقعات من حوله ويحققها.
لقد تصالحت مع حقيقة أن سنوات العشرينات من عمري كانت ثمنًا للوضوح. لم تكن ضائعة، بل كانت رسومًا دراسية. ألم، عزلة، إرهاق. كل ذلك كان ثمن فهم ما يهم حقًا.
أريد أن أعرف معنى الحياة وأنا أعمل بكامل طاقتي، صافي الذهن، قوي، وحاضر. أريد أن أعوّض عن سنوات العشرينات الوحيدة الضائعة. أريد أن أقع في الحب، وأجرب مليون شيء جديد مختلف، وأزور مليون مكان مختلف.
أريد أن أنظر إلى الماضي يومًا ما، وبالكاد أتعرف على الرجل الذي كنته. في الثلاثين. ليس لأنني أصبحتُ شخصًا جديدًا، بل لأنني أخيرًا أصبحتُ نفسي.
وقبل كل شيء، أريد أن أنظر في المرآة يومًا ما، وأقول إني فخور بك.
أفكاري مشتتة في كل مكان، لكن ذهني صافٍ بشأن ما أحتاج إلى التركيز عليه في حياتي القادمة. أردتُ حقًا مشاركة هذا مع شخص ما، ليس لديّ من أشاركه، لذلك أكتب لكم، لعلّ ذلك يفيد شخصًا آخر، لا أعلم. لكن بالتأكيد الحياة أكثر بكثير من مجرد عمل.
2/11/2025
رد المستشار
صديقي
كلماتك توحي بأنك ترى الأشياء بطريقة أبيض وأسود ولا ترى سبعة ألوان الطيف الأخرى.
أرهقت نفسك وجسدك في العمل والدراسة ولم تعط نفسك فرصة الاستمتاع بوقتك وحياتك عن طريق الموازنة في الأشياء وإعطاء كل شيء حقه.
نسيت أو لم تفهم أن من خلق الدنيا وصفها أربع مرات في قرآنه الكريم على أنها 'لعب ولهو'... العمل يجب أن يكون جزءا من اللعب واللهو... أي يجب أن يكون ممتعا ومرحا... يجب أن نتبنى نحن المنظور الذي يجعل من كل ما نفعل شيئا ممتعا... الناجحون في العمل كثيرا ما يجعلون من عملهم هواية أو شيئا ممتعا... على الأقل الأذكياء أو الحكماء منهم يفعلون هذا.
ربما أنت محظوظ ولديك من السعة المادية ما يتيح لك إجازة من العمل لمدة عامين ولكن ليس هذا بحل لحالتك إلا إذا كرست العامين للسفر وتجربة الحياة عن طريقه فقط... أي طريق تختاره سوف تكون له محاسنه وعيوبه.
إثبات الذات لا يكون بالعمل فقط ولكن أيضا بالتعامل الصحي المتوازن مع الحياة... التوازن في ثماني نواحي من الحياة:
الروح، الجسد، العقل، العمل أو الإنجاز (منصب أو درجة علمية)، الحياة الأسرية، المال (استثمار وادخار وإنفاق)، الحياة الاجتماعية، الخدمة المجتمعية (تطوع أو مساعدة أو تعليم الآخرين مما تعرف بلا مقابل).... نواحي الحياة الثماني مثل ثمانية سيلندرات في سيارة... إذا لم تعمل في توازن فسوف يؤدي هذا إلى عطب المحرك.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
واقرأ أيضًا:
كل شيء أو لا شيء: التفكير القطبي
إرشادات لتجنب التوتر الناجم عن العمل