تأريخ الأمة لا يختلف كثيرا عن تأريخ الأمم الأخرى، بل ربما هو أفضل منها، فالتأريخ تعبير عن سلوك بشري ترابي الطباع يلبس تاج الباء، وهو القناع الذي تتخفى خلفه شروره.
فالشر طبع بشري راسخ!!
لا يوجد تأريخ مثالي، وملائكة بهيأة بشر، ولم تُنزع صفة البشرية عن الأنبياء وغيرهم من المصلحين والحكماء، فلماذا هذه التصورات الفائقة الخيال؟
معظم التأريخ كُتب في زمن الدولة العباسية، أما الدولة الأموية فقد طغى عليها الشفاهي، كما أنها محقت الكثير من المدونات المكتوبة قبلها.
البعض يرى أنهم كتبوا والعباسيون أحرقوا ما كتبوه، وآخرون يرون أنهم انشغلوا بالصراعات والفتوحات وما كتبوا كثيرا، ففي زمنهم بلغت رقعة دولة الإسلام ذروتها.
والعباسيون أرادوا أن يضفوا على مسيرتهم الصفات الحسنة، فدونوا ما يتوافق وتطلعاتهم، ويخدم الإسلام وإظهاره على أن قادته يتحلون بالمثالية والسلوكيات السامية، وأحداثه ذات قيم أخلاقية وعقائدية، وسلطوا جام غضبهم على الدولة الأموية، واعتبروها المغتصبة للسلطة التي هي حقهم الشرعي.
وعلى هذه الشاكلة مضت الدول المنادية بالدين، وكانت المدونات تخدم منهجها الميال للمثالية الفائقة، كآلية للتحكم بالناس ووضع خطوط حمراء مقدسة مَن يتجاوزها يكون من الكافرين أو الزنادقة.
وبعد سقوط الخلافة العثمانية، انطلق المستشرقون بكتابة التأريخ وفقا لمصالحهم وتطويع شعوب المنطقة لتكون سهلة الانقياد والاستعمار.
فحصل الذي حصل في تركيا، ودول سايكس بيكو، وتواصلت النشاطات التخريبية للعقل وطمس الحقائق والوقائع، وتقديمها بأساليب تصورية خيالية، تصيب الأجيال بالعجز والانبهار الذي يشلهم ويحنطهم في أوعية التبعية والإذعان.
فتأريخنا بشري وليس ملائكي، وهل لنا أن نقرأه بعيون البشر؟!!
تأريخنا كأننا، أفعالنا تواردت، لا تجهضوا مسيرنا، بقولكم آراءكم، كأنكم أعداؤنا، فإننا كغيرنا، من تربةٍ طباعنا، ونفسنا بسوئها، أحكامنا عنوانها، وصوتها وتاجها، قناعها باءٌ على رؤوسنا.
واقرأ أيضا:
الغيبوبة الاقتصادية!! / عودة الأمة!!