للحديث بقية
أفكار قاتلة
السلام عليكم؛ آسف جدا لأنه من الواضح إن المعلومات التي أرسلتها في الرسالة السابقة لم تكن كافية وكما يبدو لكي تأخذوا تشخيص نهائي عن حالتي وحالة زوجتي.
شكرا جزيلا لـ أ. أميرة بدران لتجشمك عناء متابعتي ومتابعة حالتي النفسية وسأعتبرك المتخصص النفسي الذي سيساعدني في اكتشاف حقيقة هذا التغير في شخصيتي إن كان تغيرا بالفعل، أم أن ما أعاني منه له أبعادا أعمق من ذلك بداخلي دون أن أدري......
في الحقيقة ما أود ذكره وإضافته في هذه الرسالة إلى المعلومات التي في الرسالة الأولى هو كالتالي:
مشكلتي التي وصفتها في الرسالة السابقة مع زوجتي ما زالت موجودة.
معلومات مفصلة وكما طلبتموه عن نفسي: أنا أبلغ أربعين من العمر، مقبول الشكل لكني لست وسيما، أنا أعتقد أني إنسان ذو سلوك قويم في حياتي، وتقريبا متميز في عملي، عشت حياتي الدراسية بشكل جيد، حاصل على شهادة الماجستير في كلية العلوم، محبوب من قبل أهلي وزملائي، إلا أني وفي نفس الوقت عنيد على الأقل كما يقول الآخرون، ومثابر جدا لا أترك عمل ما حتى أنهيه على أحسن وجه، إلا أن الأغلبية يقولون لي إن هذه نقطة سيئة في شخصيتي لأني أتعب من يشاركني العمل أو الجهد، دائم السهر، كثير التفكير، خيالي ربما، أعاني أحيانا من الوسواس القهري، وأنا مزاجي التفكير تقريبا.
أهلي: أمي وأبي أحياء وهما موظفان، أنا الأول في ترتيب إخوتي، لي عدد من الإخوان والأخوات، علاقتي مع أهلي طيبة، وبالنسبة لعلاقتي مع أمي، فهي تقريبا أقوى من علاقتي مع أبي، أنا وأمي متشابهان في الميول النفسية، على العكس من أبي، وعندما نضجت وبدأت القراءة اكتشفت أني أحمل الكثير من علامات ما يسمى بعقدة أوديب (طبعا هذا من وجهة نظري الخاصة) فمثلا أحب أجسام أو أشكال أجسام النساء الأخريات القريبات من شكل جسم أو وجه أمي.
بالنسبة لعملي فأنا أستاذ جامعي في كلية العلوم، ناجح في عملي ومتميز، إلا أني مستقيم جدا في عملي لدرجة ربما تصعب علي عملي، وحالتي المادية ميسورة والحمد لله.
لم أعاني من مشاكل نفسية مسبقة، نوعا ما لا أفضل التجمعات البشرية الاجتماعية إلا مع الأصدقاء المقربين.
بالنسبة لعلاقتي الجنسية مع زوجتي فهي مستقرة نوعا ما، إلا من بعض المشاكل التي بدأت تحدث بيننا بعد الحادثة التي ذكرتها في الرسالة الأولى وبالنسبة لتفضيلاتي الجنسية فأنا أجد نفسي مستثارا بالنساء اللواتي أكبر مني عمرا، والنساء اللواتي يمتلكن أجساما ممتلئة وخصوصا الأرداف، لدي بعض الميول الجنسية التي في الحقيقة تزعجني وأود التخلص منها إلا أني يبدو لا أستطيع في الوقت الحالي على الأقل، فأنا أشاهد الأفلام الإباحية على النت، وكذلك بدأت أعاني من خيالات جنسية أجدها ممتعة جدا بالنسبة لي ولكنها مزعجة في نفس الوقت وهي في الحقيقة خيالات ممارسات جنسية مع محارم مثل أمي وخالتي.
زوجتي إنسانة بسيطة ومثقفة وجميلة الشكل، وقد تزوجنا عن حب بعد أن تعرفنا في الكلية، ولا توجد بيننا مشاكل عدا ما ذكرته في الرسالة الأولى.
أنا لا أقول عن نفسي أني متدين، لكني في ما عدا ماذكرته من ممارسات خاطئة فأنا ملتزم بالشعائر الدينية.
هذا كل ما أعتقد أنني يمكن أن أضيفه عن نفسي،
وأرجو مساعدتي في تحليل حالتي مع جزيل الشكر.
21/1/2016
رد المستشار
أهلا وسهلا بك أخي الكريم، أحمد الله تعالى أنك أرسلت لنا ثانية بشيء من التفصيل أزاح الكثير عن غموض موقفك من زوجتك لدي، وأتصور أنه سيكون واضحا لديك كذلك بعد قليل؛ فلقد تحدثت هذه المرة عن طبيعة شخصيتك، وأفكارك، وخيالاتك، وهذه المساحات الثلاث تحديدا؛ تكون كنز أي شخص يقرر بصدق وهدوء أن يتعامل تعاملا صحيا مع ما يعانيه؛ فأنت شخص تحب التفاصيل للدرجة التي ترهقك في العمل، وترهق من حولك، ولكن نتائجك تكون طيبة جدا، وتجعلك في مكانة ترضاها لنفسك، ويفخر بها من حولك.
أما تفسير تلك الطبيعة على المستوى النفسي يختلف شيئا ما؛ فأنت بالفعل شخص مجتهد، وتحترم التفاصيل، وناجح عمليا، ولكنك شخصية ترتبط بالقلق الذي يجعلك تندفع دفعا للوصول للمثالية؛ حيث أن المثالية في كل شيء هو "الوهم الكبير"؛ فلا يوجد، ولن يوجد إنسان يحقق الدرجات النهائية في عمله، ودراسته، وعلاقاته، ومشاعره، وتدينه؛
وكأن المثالية اختراع بشري ليجعل البشر في حالة تطور وإنجاز لا في حالة قلق ووقوف عند كل تفصيلة تتعبه، وتتعب من حوله، وكذلك ذكرت بنفسك أنك تعاني من الوسواس القهري، ولن أدخل معك هنا في نقاش حول كيفية هذا التشخيص، ولا في عقدة أوديب، ولكن قولك هذا لابد وأن ما تشعر به له وجود بداخلك للدرجة التي جعلتك تذكره بالاسم؛ فالوسواس القهري ببساطة أرجو ألا تكون مخلة؛ عبارة عن فكرة تقتحم رأس صاحبها دون غيره؛ فهو لم يحصل على تلك الفكرة من شخص آخر، ولكنه تظل في حالة "قهر، وزن" في رأسه تنهكه، وتجعل تركيزه أقل؛
وقد يضطر الشخص لتلبية تصرفات يتصور أنها ستسكت تلك الفكرة ويكتشف؛ أن قهرها له يزداد، وفي نفس الوقت يجد الشخص أن تلك الفكرة سخيفة، أو تافهة، أو لا تصح أن تكون موجودة، ولكنها موجودة، ولا تتركه؛ مثل خيالاتك الجنسية مع والدتك، وخالتك، ومحارمك، وللمرة الثانية يظهر القلق ولكن في صورة وساوس تزعجك؛ والشخص الموسوس شخص شكاك، يشك كثيرا فيمن حوله، من أشخاص، ومعلومات يثق فيها، وعلاقات، ومن مميزات الشخصية ذات الوساوس أنها شخصية مخلصة!!، تكره الخيانة، وتعاني من بعض البخل على مستوى المشاعر قبل المادة.
إذن فلنتفق أنك شخص مسؤول بصدق، وهذا ما دفعك للسؤال هنا عما يجري بداخلك، وهذا أمر رائع جدا، ولنتفق أنك تعاني من وساوس لن أتمكن من تشخيص حجمها، ولا أثرها من خلال سطورك وحدها، لكنها موجودة، ولنتفق أنك تعاني عموما من قلق أدى لوجود درجة من الكمالية في شخصيتك، وأدى لظهور تلك الوساوس، وبالفعل هناك وراثة جينية، ووراثة سلوكية يرثها الشخص من أهله فيما يخص الوساوس، والقلق كما ربطت وحدك بينك وبين سلوكيات، وتفكير والدتك الكريمة، ناهيك عن أنك تحدثت سريعا عن تصديقك الداخلي بأنك لست وسيما!؛ فما هي الوسامة أصلا؟، وهل نرى بعضنا البعض بملامحنا فقط؟،
فهو موضوع آخر يحتاج لحديث مختلف ومهم، ولكن الآن أريد منك أن ترى قلقك الذي عاشرك سنوات طويلة، وكان له أثرا عليك؛ فإن قررت أن تتواصل مع متخصص نفسي في بلدك فهي خطوة جيدة؛ على أن يكون ماهرا يعالج أفكارك وسلوكك، ويدعمك بجلسات نفسية بجانب العلاج الدوائي، أو أن تعتبر قلقك مهمة من مهامك التي ستنجزها وإن طال وقتها، وهنا ستقرأ من على موقعنا مقالات، ومشكلات، وبرامج علاجية معرفية، وسلوكية عن الوسواس القهري، والشخصية القسرية، والوساوس الجنسية، وأنا أصدق أنك ستستطيع أن تغير الكثير بداخلك؛ لأنك صاحب عزيمة وهو أكثر ما يحتاجة أي متخصص في متابعته لأي شخص يحتاج متابعة، فلتتوقف عن إزعاج نفسك بمشكلات مع زوجتك؛ لتبدأ الرحلة الصحيحة ببداية صحيحة لدحر قلقك ووساوسك... دمت طيبا.