ماذا أفعل؟ أليس الموت أفضل؟
السلام عليكم. أنا في منتصف العشرينيات، أنا تعيسة في حياتي، لم أنَلْ تربية سليمة، ولم أعِرف شيئًا عن أمور الحياة، ورِثتُ عن أمي صفات عقلية وخُلُقية سيئة، لا يمكنني التخلي عنها مهما حاولت، تزوجتُ من غيرِ حبٍّ ولا قناعة، فقط لأن زوجي وعدني بحياة هانئة، وكي أخرج من جوِّ الشجار والمشاحنات بين أبي وأمي في منزلي، لم أتحمَّل تَبِعَاتِ الزواج، ولم أُحسِنْ إدارة حياتي، وكنتُ لا أزال طالبة جامعية، ثم إنني مررتُ بمشاكلَ كثيرةٍ مع زوجي وأهله، وكنت كلما أشكو مشاكلي لأمي، فإنها لا تفعل شيئًا غير أنها تزيد الوضع سوءًا، وليس بمستغربٍ، فهي وزوجي لم يُعلِّماني إلا الكُرْهَ،
تعرضت كثيرًا للضرب المبرِّح من زوجي، الذي لم يرحم جهلي وضياعي وحَيرتي، وكنت في كل مرة أهرب إلى أهلي طالبةً الطلاقَ، فلا هم يطلقونني، إنما يتركونني حتى أهدأ، ولا زوجي يقبل تطليقي خوفًا من كلام الناس عنه، ومن دفع المهر ربما،
فأعود لمنزلي بعد نقاشاتٍ يقوم بها زوجي مع أهلي، ويتعهد أنه لن يضربني مجددًا، أنجبتُ طفلي الثاني بعد أن تخرجتُ، وهدأت المشاكل لفترة، إذ انشغلتُ بالأولاد، وانشغل زوجي بعمله، لكن زوجي لم يفِي بوعده، وعاد للضرب، فأصبحت ألتزم الصمت، أُضرب ثم أذهب للنوم متناسية الأسى الذي أشعر به، خوفًا ومللًا من تَكرار ما كان يحدث معي، من الذهاب لأهلي ثم أهدأ، ثم أعود بكلمتين يُرضي بهما زوجي أهلي، وبوعودٍ كاذبة منه،
لم يعُدْ لي أحدٌ ينفعني في هذه الدنيا، حتى ربي لم أعُدْ أؤمن به، فقد دعوتُ كثيرًا أن تتحسن أموري، فكانت تزداد سوءًا، وأشعر بكراهيتي لنفسي ولقَدَرِي، والندم يقتلني على ما فعلتُهُ، ولا زِلْتُ أفعله في نفسي، كرِهتُ زوجي بل لم أُحبَّه يومًا، وأعرف في قرارة نفسي أني لم ولن أُطيقه بسبب وبلا سبب، وأعيش معه رغمًا عني، إذ ليس لديَّ خيارٌ آخر،
اكتشفت منذ مدة أنني حامل، فزادت كآبتي وتعاستي، وودِدتُ لو أُجهضه، فهو لا زال في عمر الشهر، لكنني خِفْتُ ألَّا ينجح الإجهاض، واُبْتلَى بطفلٍ مُشوَّهٍ، أتمنى الموت في أثناء الولادة، أو أن يُفرِّقَ الله بيني وزوجي بأي طريقة، أكره كَوني امرأةً، ولا تقولوا لي: اذهبي لطبيبٍ نفسيٍّ، لأن زوجي لن يفعل، وأنا لا أستطيع الذهاب بمفردي،
أريد منكم الرد عليَّ عاجلًا بأي شيء،
لأنني فعلًا لم أعد أقتنع بوجودي وحياتي
05/09/2021
رد المستشار
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أكثر ما يزعجني في الاستشارات والمسترشدين الشروط المسبقة، والتي هي غالبا شروطا تعجيزية كما في حالتك تعانين من اكتئاب واضح وتحتاجين لمراجعة طبيب نفساني ومع ذلك تضعين شرطا ألا نقترحه عليك، وكأن الشفاء يحدث بمجرد التمني أو حسب رغباتنا.
تغيير أسلوبك هذا في التعامل قد يكون مفتاح حل لبعض مشكلاتك ومعاناتك، لنجرب معا تطبيق خليط من المعرفية والوجودية وإن كانت لا تنفي حاجتك واستفادتك من مراجعة طبيب نفساني.
ادرسي المواقف التي تسبق وتسبب ضرب زوجك لك، اكتبي على ورقة تفصيلا لآخر ثلاث مواقف تعرضت فيها للضرب، وادرسيها وانظري ماذا كان يمكنك فعله لتجنب إثارة غضب زوجك لحد فقدان أعصابه، من بين سطورك يبدو لي ضربه كرد فعل إحباطي لعدم معرفته طريقة أخرى لإسكاتك أو التعامل مع غضبك أو انفعالاتك.
حتى وفي أسوأ الاحتمالات من كونه شخصية عدوانية وعنيفة هناك استراتيجيات يمكن للضحايا تطبيقها والتي تنجح في كثير من الأحيان في تجنيبهن الأذى، مثل تجنب بعض المناقشات، اختيار الأوقات المناسبة لتقديم الطلبات، التفكير في الطلبات بمنطقية من حيث قدرة الطرف الآخر على تقديمها من عدمه.
أرجو ألا يفهم من كلامي قبولي لتعديه عليك بالضرب ولكن ضربه قد يكون بسبب معاناتك من الاكتئاب والتي تجعل سلوكك غير متزن ولا يعرف كيف يتعامل معه فيقرر إيقافه بأي وسيلة، وهكذا ترين أن أصبح لديك حجة لإقناعه باصطحابك لطبيب نفساني كي يساعدك لتتوقفي عن ازعاجه فإزعاجك له ليس مقصودا ولكن نتيجة مرضك. قد تبدو الطريق طويلة ولكن الطرق البديلة دائما ما تكون طويلة لأنها ليست مستقيمة ولكنها تنجح في ايصالنا إلى حيث نشاء.
توقفي عن التفكير بأنك ضحية فأنت مسؤولة عما يحدث في حياتك، سلوكك كلماتك وأفكارك كلها تشارك في طبيعة مشاعرك السلبية، يجب أن تبدئي في تبديل الأفكار السالبة بآخرى إيجابية، عزيزتي لديك الكثير من النعم تفكري بها بدل الانشغال في التفكير في المشكلات القليلة التي لديك. هذا هو الفرق بين المكتئبين والسعداء غالبا، اختلاف طريقة التفكير.
يمكنك أن تساعدي نفسك بأن تشغلي نفسك بعيدا عن الإنترنت، مارسي بعض الرياضة وأنت في منزلك وهناك الكثير من الفيديوهات التعليمية لهذا على الإنترنت. هل لك من هواية مهما كانت بسيطة يمكنها أن تشغلك عن التفكير غير المجدي، هل هناك من مجال لتبحثي عن فرصة عمل، إن لم تجدي ابحثي عن مجال للتطوع أو للعمل عن بعد. أريد أن أوكد لك أن ذهابك للطبيب النفساني لن يكون الحل السحري لزوال معاناتك فجزء كبير من معاناتك نابع من طريقة تفكيرك وسلوكك وكيفية قضاء وقتك.
حيث أننا لا نملك قرار أو خيار بدء حياة أو إنهائها سواء حياتك أو حياة جنينك فلنعمل على الاستفادة منها والتمتع بها. لا تكرهي كينونتك كامرأة فهي نعمة تحسدين عليها أنت سر الحياة وأنت ملجأ الضعفاء الصغار وحتى الرجال الأقوياء بحاجة لكلمتك الطيبة ووجودك ولولا حاجته لطلقك زوجك غير آبه لا بالمهر ولا بكل البشرية، هو مثلك عالق في موقف معقد لا يعرف التعامل معه.
وجهي طاقة الكراهية للعمل على تجاوز نقاط ضعفك وجهلك وتغيير طريقة تفكيرك. لا تظني أن التغيير سهل أو هناك من سيفعله عنك ولكن نتائجه تستحق المعاناة.