ماذا أفعل بين أهلي وخطيبتي؟
أنا شاب نشأت في أسرة محافظة من الطبقة المتوسطة، وأكرمني الله فأكملت تعليمي وحصلت على وظيفة جيدة.. وأردت أن أكمل نصف ديني فطلبت من أهلي (خصوصًا أمي وأختي) أن يبحثوا لي عن بنت مناسبة تكون في المقام الأول ملتزمة دينيًّا .. واجتهدت في الدعاء والطلب من المولى عز وجل أن يرزقني ببنت الحلال وقد كان بفضل الله .. أردت أن أقدم بهذه المقدمة لعلمي بأهميتها في تقديمكم الجواب المناسب لي فعذرًا للإطالة.
أما الموضوع الذي أردت أن أستشيركم فيه فهو كالآتي:
فقد كتبت كتابي من حوالي شهر .. بعد فترة خطبة استمرت حوالي 6 أشهر- مما أتاح لي شرعًا زيارة زوجتي في منزل أبيها والخروج معها ومحادثتها هاتفيًّا، فعزمت على أن تكون زياراتي لها في بيت أبيها مرة أسبوعيًّا إن لم يحدث ما يدعو إلى غير ذلك، وهذا حرصًا مني على راحة أهل زوجتي، وكذلك الخروج مرة أو مرتين على الأكثر أسبوعيًّا، أما المحادثات الهاتفية فكنت أحادثها يوميًّا محادثة طويلة (من 30 إلى 50 دقيقة)، ما عدا في الأيام التي أكون عندها في منزل أبيها أو أيام الخروج.
هذا بخلاف المحادثات التلفونية السريعة التي تتم يوميًّا (مثلاً أحادثها بشكل شبه يومي أثناء فترة الراحة في العمل لمدة دقيقتين تقريبًا)، ولكني فوجئت بأبي وأمي ينصحاني بالتقليل من الحديث في الهاتف بقدر المستطاع، وذلك خوفًا من أن يظهر أني كما يقولون بالعامية المصرية (مدلوق على البنت). كما قال لي أبى أكثر من مرة (خف تعوم) وكلامًا بهذا المعنى، ونصحني أبي أيضًا بأن تكون هناك مسافة دائمًا بيني وبينها؛ لأنها على حد قوله (لو ركبتني دلوقت هتركبني علطول)... أدى هذا الكلام لأثر عكسي أثناء كلامي معها مؤخرًا، حيث تكلمت معها بأسلوب فيه بعض الجفاء، ولكني تداركت الأمر بفضل الله...
أنا أحب الصراحة ولا أؤمن بما يسمونه (التقل)، ولا أريد كتم مشاعري، حيث إنها الآن زوجتي،
وللعلم فزوجتي هي فعلاً أول حب في حياتي.
13/5/2022
رد المستشار
أريد أن أقدم طلبًا رسميًّا للمحررين بصفحة استشارات مجانين أن يرسلوا لي دائمًا مثل هذا النوع من المشاكل المبهجة!! فنحن -مستشارو الصفحة- قد أوشكنا على الإصابة بالاكتئاب من كثرة المشاكل التي تشكو من غياب الحب وجفاف المشاعر وانعدام التواصل، ومشكلات الفراق والهجر والإهانة والعذاب والآلام.
أنا سعيدة جدًّا بهذه المشكلة، وأتمنى أن تكون مشكلات الناس كلها من هذا النوع ... في الحقيقة أنا ليست لديّ أي رغبة أن أقدم لك أي نصائح!! وإنما أنا أريد أن أهنئك بهذا الارتباط السعيد، وأن أدعو الله تعالى لكما بالبركة والخير والمزيد من الحب والتواصل، ولكن طالما أنك طلبت النصيحة فسأضطر لتلبية رغبتك وأمري إلى الله.
أنصحك أولا: أن تظل "مدلوقًا" هكذا مدى الحياة ... من قال لك إن الذي (يخف) هو الذي يعوم؟! ألا ترى السفن الثقيلة العملاقة وهي تسبح عبر البحار والمحيطات رغم وزنها؟
التعبير عن المشاعر الطيبة خير كله، وهو أمر مطلوب حتى على مستوى العلاقات الإنسانية العامة، حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المرء إذا أحب أخاه فليخبره أنه يحبه، فما بالك بالعلاقة بين الزوجين التي الأصل فيها هو السكن والمودة والرحمة ... كما أن التواصل خير كله، فهو الطريق للتفاهم والتعايش والتناغم، "والتقل" -الذي تتحدث عنه- شر كله، فهو يورث الجفاء والعناد والغضب.
بل الأكثر من هذا إن الإيثار والرغبة في إرضاء الزوجة وإسعادها لا ينشأ عنه إلا المزيد من الحب، كما أنه يدفع الزوجة لتفعل المثل، فيصبح هناك تبادل دائمًا للكرم والعطاء، ولكن متى تحدث المشكلة؟!
تحدث المشكلة في حالتين:
الأولى: عندما تكون الزوجة خبيثة النفس، جاحدة للفضل، وهذا النوع يستلزم الحذر معه في الحب والعطاء؛ أنه لا يقدر المشاعر، بل يستغلها أسوأ استغلال من أجل الوصول لأهدافه وأغراضه.
والثانية: عندما تؤدي المبالغة في الحب إلى تضييع حقوقك أو مبادئك، وهنا يكون الخلل عندك، فأنت عندئذ تفرط في حق نفسك حتى تأتي اللحظة التي تنفجر فيها وتشعر بالضياع، وليس بسبب استغلال الطرف الآخر لك، ولكن بسبب عدم تمييزك أنت بين ما هو مقبول التنازل عنه وما هو ليس مقبولا.
الأخ الكريم ... بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير.