إلى متى
أنا طالبة أدرس information technology وأنا الآن على وشك التخرج. مشكلتي أنني أشعر باليأس من حياتي كلها ولا أجد لها أي معنى رغم عدم وجود ما يدعو لهذا الشعور في نظر الآخرين.
رغم عمري هذا حتى الآن لم أشعر أنني قدمت شيئاً لحياتي أو ديني أو بلدي حتى وخاصة وأنا أعرف أنني خُلقت لهذا الأمر. تمر حياتي يوماً بعد يوم دون أن يتغير أي شيء. ستقول لي حاولي أن تفعلي وأقول لقد حاولت كثيراً ولكنني مثل الكثيرين غيري تربّيت على الاستسلام والملل واليأس في كل لحظة.
لقد كنت لا أعرف الكثير عن سبب وجودي في هذا العالم إلّا أنني كنت على علاقة جيدة مع ربي. ولكن عندما بدأت أقرأ عن أن العبادة مهما كثرت فهي ليست الهدف من خلق الله للإنسان في الأرض وإنما ليعمرها بالخير والعمل الصالح عندها علمت أن عبادتي ليست كافية وأنه يتوجب عليّ القيام بشيء ما، ولكنني لم أجد ما أفعله أو ربما فشلت في تحقيقه أو ربما لم أستطع أن أفعله نظراً لكوني لا أملك حرية مطلقة -ضمن أسرتي- لأفعل ما أشاء.
أتخيل والدي وأنا أخبره بأنني أريد المشاركة في عمل طوعي وعلامات السخرية تعلو وجهه وكلمات الاستهزاء تنهال عليّ وهو يقول لي ماذا ستستفيدين من هذا العمل وما الذي سيجنيه لك. لا أقصد بأن والدي مستبد ولكنه لن يسمح لي بهذا طالما أنه لا يفيدني- على حد قوله -.
أعيش ضمن عائلة مستقرة إلى حد ما ولله الحمد ولم أكن أشعر إلا بالامتنان لكوني وجدت في عائلة مثقفة ومتآلفة - مقارنة مع غيرها من العائلات- ثم إنني الابنة البكر التي ينصب عليها الاهتمام كونها دائماً أول من يمر بالتجربة الأولى. ولكنني فيما بعد ونتيجة لمحاولتي تثقيف نفسي باستمرار والاطلاع على مشاكل الناس وحلول هذه المشاكل على الانترنت ونتيجة لعلاقاتي الاجتماعية المختلفة التي تبلورت أثناء حياتي الجامعية أصبحت أعرف أشياء لا أعتقد أنني كنت سأعرفها من قبل، كانت جديدة عليّ، عرفت كيف أن الأنثى في مجتمعنا ليست كالذكر في المعاملة وفي الحرية وعرفت الكثير عن تربية الأطفال والتعامل معهم بحنان، وعرفت كيف أن الناس لا يهمهم إلا المظاهر.
كنت سعيدة بهذه المعرفة لأنها كانت تبعدني عن الوقوع في أخطاء وقع بها أناس من قبلي، كما أنها بعثت فيّ روح التفاؤل بمحاولة تغيير المجتمع أو تربية أطفالي تربية سليمة ترضي الله سبحانه وتعالى، إلى أن اصطدمت بالواقع الذي أثبت لي أنه حتى لو ملكت هذه المعرفة لا أستطيع أن أفعل أي شيء. تزامن هذا مع بلوغ أخي الوحيد حين رأيت اختلاف المعاملة بيني وبينه. وتزامن هذا مع بلوغي السن الذي تبدأ فيه طلبات الزواج وتزامن هذا مع بدء الناس ومعهم أهلي بتقييمي. والدي رجل يقدس العلم ويحثني وأخوتي على طلبه ويحاول جاهداً تهيئة الظروف الملائمة لنا حتى ندخل فروعاً هامة ولا نحتاج إلى أحد عندما نكبر وإنما نعتمد على أنفسنا. أما والدتي فهي سيدة مهزوزة الثقة بنفسها ربما بسبب أساليب التربية، تتصرف أحياناُ ببراءة تعرضها في بعض الأحيان للإحراج لعدم تمكنها من التصرف بشكل صحيح في موقف معين، حتى أنها لا تستطيع أن تبدي رأيها في أي أمر حتى لو كان سخيفاً مثل شراء حذاء مثلاً إذ يجب أن يكون معها أي شخص ليقول لها رأيه فيه. لا أشعر أنها تجيد أي نوع من التربية ورغم ذلك فنحن في غاية التربية بشهادة الآخرين. لدي أربعة أخوات وأخ وحيد.
مشكلتي هي أنني غير راضية عن نفسي ولا أجد كيف يمكنني أن أغير منها أو أعيد برمجتها ولكنني أجد صعوبة في ذلك بل أجد استحالة ذلك وقد تربيت على أمور لا أستطيع تغييرها. لم أشعر مع والدي بالحنان يوماً فوالدي رجل صارم ووالدتي لا تعرف كيف تعطيه. أشعر أحياناً أنني أعيش وحدي في البيت منعزلة بعض الشيء وأشعر بالملل الرهيب حين أجلس مع أهلي لأنني عندما أطرح موضوعاً ما كنت قد قرأت عنه ولكنه مختلف عما ألفوه وعاشوا عليه أسمع الانتقادات والاستخفاف ولا يحاول أحدهم أن يشجعني أو يقف إلى جانبي فمثلاً تكلمت يوماً عن التمييز بين الولد والبنت في التربية والمعاملة وكنت وقتها مستاءة جداً من هذا الأمر فقال لي والدي وهو الرجل المثقف الذي أثق برأيه أن هذا الأمر طبيعي وحتى الأم تحب ابنها أكثر من ابنتها وكأنه تعمد إغاظتي رغم أنني أبرهما ولا أعصي لهما أمراً بعكس أخي العاق الذي يرفض كل أوامرهما. كنت يوماً في حالة ضيق طبعاً وهي حالة لا يشعر بها أحد من حولي فحاولت أن أقول لوالدتي عن هذا الأمر وأناقشها في إهمالها لي وعدم شعوري بحنانها فسخرت مني وأهملتني. كلما حاولت بإخبارها بمشاكلي وقفت إلى جانب الزمن ضدي.
أنا بحاجة للحنان الذي لم أشعر به من قبل وبحاجة إلى من أخبره بمشاكلي فيسمعني ويخفف عني وهذا ما لا أجده في عائلتي وخاصة في والدتي. لذا تعودت دفن مشاعري داخلي حتى أكاد أنفجر في بعض الأحيان ولكن هذا لا يعني أنني أخفي عنها أي شيء بالعكس فأنا أخبرها بكل ما يحدث معي ولكن مشاعري هذا شيء لن يفهمه أحد غيري ولن يحترمه أحد غيري.
كنت دائماً متفوقة في دراستي وكنت الأولى في صفي ولكنني لم أسمع يوماً كلمة "عمل جيد" أو "أحسنت" رغم أن تفوقي كان رغبة مني في أن أرضي والدي والآن في الجامعة أحصل على علامات جيدة ولكنني لم أسمع أي عبارة تقدير.
لم يزعجني هذا الأمر طالما أنني أعرف أن هذا يفرحهما حتى ولو لم يبوحا بذلك. ولكن ما يزعجني حقاً هو وجود فتاة أخرى كانت جارتنا وهي في مثل سني كنا أصدقاء عندما كنا صغاراً ولكن تدخل الأهل الدائم- أقصد أهلها وأهلي- كان يزرع فينا المنافسة في كل شيء لكي تكون كل منا أفضل من الأخرى سواء في الدراسة أو في التعامل أو حتى في العمل المنزلي ولكنني كنت أتفوق عليها في كل هذه الأمور سوى في ناحية واحدة وهي أنها أغنى وأجمل مني، أنا جميلة وناعمة ولكنها شقراء مما يجعلها أجمل، لم يعن لي هذا الأمر شيئاً طالما أنني أعلم أن الإنسان بعمله وليس بشكله.
ولكن الآن وأنا في الجامعة وفي السنة الأخيرة ورغم أننا لم نعد جيران لم أستطع التخلص من منافستها فلا أزال أسمع كلمات التحريض ترن في أذني: انظري إليها لقد نجحت في كل موادها عندها أقف حائرة أقول أنا أيضاً نجحت في كل موادي وبعلامات عالية أيضاً وتكون هي قد نجحت بعلامات متدنية ولكن لا أعرف لم يجب أن أسمع هذا الكلام، انظري إليها لقد دخلت اختصاص ما عندها أقول أنا أيضاً اختصاصي هام وعالي واستمرت الأمور هكذا حتى خطبها شاب مميز بدينه وعلمه وأخلاقه وبكل شيء فرحت لها كثيراً وخاصة أنني لا أكن لها سوى المودة وهذه المنافسة كانت بتحريض من الأهل وغيرتهم من بعضهم, عندها جن جنون والديّ لأنني لم أخطب حتى الآن ليس هذا فقط بل ولم يتقدم شخص حتى مناسب لخطبتي رغم أنني أملك مواصفات جيدة من علم وأدب وشكل مقبول.
أنا أعتمد على الله سبحانه في هذا الأمر وقد استخرته في أن يختار لي الشخص المناسب وقد قبلت بقضائه حتى ولو تأخر هذا الأمر. ولكنني لم أعد أستطيع تحمل العبارات التي تشعرني بأنني أقل منها لمجرد أنها خطبت له. ماذا أفعل كل ما أستطيع فعله لإرضائهم فعلته ولم يعجبهم ماذا أفعل الآن والأمر ليس بيدي. هل أذهب وأطلب من الشباب طلب يدي.
لا يذكر الناس مني كل الأشياء الجيدة التي أفعلها ولكن ما أن أخطئ حتى يبدأ الغمز واللمز المزعج والعبارات الجارحة أنا في النهاية إنسان أخطئ وأصيب. والداها يشجعانها باستمرار ويزيدان ثقتها بنفسها وهما في أشد الإعجاب بها مهما كان العمل الذي قامت به والذي أقوم بأفضل منه باستمرار ودون أي تشجيع في النهاية من والدي، ينسى والداي كل التفوق والنجاح ويتذكران أنها نجحت، ثم أتعرض للضيق بأمر لا يد لي فيه. كل هذا جعل نفسيتي في الحضيض وقتل كل همة لدي لفعل أي شيء وقتل ثقتي بنفسي وقدرتي على الإبداع وزاد يأسي وإحباطي وأصبحت أريد الزواج فقط لأرضيهما وأوقف هذا الوضع وربما يعينني هذا الشخص على تحمل هذا المجتمع الفاسد وعلى تربية أولادي بشكل مختلف عن تربيتهما لي وفيما يرضي الله وربما يقدم لي الحنان الذي لم أشعر به. ولكن حتى الحظ هو ملك لصاحب الثروة فلا يكفي أنها غنية وجميلة ولكن وفقها الله بأن أرسل لها شاباً ممتازاً أتمنى لها السعادة معه.
لقد نسوا بأنني إنسان أحتاج للحنان والتشجيع وليس فقط التأنيب والتوبيخ واللوم، ألا يكفيني لومي لنفسي وتقصيري في جنب الله وهل هم الكاملون الناجحون في كل أمورهم، ألا يعلمون أن لومي باستمرار ومحاسبتي حتى فيما لا يد لي فيه يحطمني ويدمر نفسيتي حتى أنه يؤثر في حياتي وشخصيتي في كل المستويات. أشعر أن حملي ثقيل جداً وقد دخل الملل إلى عظامي بحيث لم يعد هناك ما يشجعني أو يدفعني لفعل أي شيء وليس هناك ما يسعدني أو يبعد الملل عني.
لقد فقدت ثقتي في الناس جميعاً أشعر أنهم جميعاً كاذبون لا تهمهم سوى المظاهر كلهم يعلنون رغبتهم في الزواج من فتاة متدينة ولكن كلهم يذوبون تحت أقدام الجميلة أو الغنية. لقد أصبح حديث رسول الله بنظرهم أن المرأة تنكح فقط لجمالها ومالها وحسبها أما ذات الدين والأخلاق فهي ما لا يبحث عنه أحد. أرى أن الشخص الذي أود لو أرتبط به غير موجود في الحقيقة أو ربما هو موجود ولكنه لن يبحث عني...ليس لحياتي أي معنى، أعلم أنه لا يجب أن أقول هذا وأن لا أيأس من الله ولكن هذا ما أشعر به.
إذا قرأت ما كتبت فشكراً لك يكفيني أن أفرغ همومي وإن رددت عليّ فجزاك الله كل الخير.
أرجو أن ترسل لي الرد على إيميلي وأن لا يتم نشره
10/03/2005
رد المستشار
الابنة الفاضلة "for when" أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين وشكرا على الثقة، مررنا استشارتك إلى الأستاذة وردة عبد الحي والتي كان ردها كما يلي :
مرارة اليأس في كلامك لا تخفى على أحد... لن أقول لك حاولي... ولكن سأقول: إن أفضل وسيلة لتحقيق أحلامنا هي أن نستيقظ من نومنا.
كم منا شعر أن تغييره مستحيل، ولكن عندما انتبه واستيقظ وبدأ رحلة التغيير وصل إلى أمله.. ما عليك إلا أن تبدئي... لا تكتفي بأن تقولي: لا أصلح، لن أستطيع..
اسألي نفسك سؤالا: ما هي الأعمال التي حققت فيها نجاحا.. واكتبي هذه الأعمال 1 ................ 2 .......... 3
ثم اسألي نفسك سؤالا آخر: ما هو السبب في نجاحي... واكتبي الإجابة أيضا 1 ................ 2 .......... 3
من هنا تبدئين: من اليقين من قدرتك على النجاح ثم من معرفة أسبابه ومقوماته عندك .. ويجب أن تغيري فهمك لمعنى النجاح!! ورؤيتك له وتقييمك نفسك ..
فأنت قمت بعمل، (فلا تقولي لقد فشلت) .
بنسبة كذا ولكن قولي:نجحت بنسبة " كذا " حتى ولو كانت 20 % أريد أن أشير لك إلى كنز نفيس بجانبه ولا نراه!!
هذا الكنز هو العمل التطوعي!!
هناك العديد من الجمعيات الأهلية في حاجة إلى سواعد الشباب كما أنهم هم أيضا في حاجة لها!! فالعمل التطوعي سيساعدك في التعرف على نفسك (علميا) فتزداد ثقتك بها ورضاك عنها.
كما أنه يتيح لك فرصة العمل المفيد الصالح الذي يعود بالخير على المجتمع من حولك فتنالين ثواب الدنيا والآخرة ..
وهو ليس صعبا.. فلو أن لديك أي مهارة ولو بسيطة (أشغال فنية– كمبيوتر– محو أمية) ثم استفاد المجتمع من هذه المهارة أو علمتها لأحد فهذه بداية جيدة..
مهارة + تعليمها لأحد =عمل خير
أما عن نقد الآخرين لك.. فلماذا لا تحسني التعامل مع هذا النقد؟! فإن كان موضوعيا منطقيا نستفيد منه، وإن كان هداما غير منطقي لا نكترث به أو نعيره اهتماما؟!
البداية دائما.. من عندك أنت..
اكتشفي نفسك، وارض عنها، وطوري قدراتها واستثمري طاقاتها..
لا تكوني مثل هذا الإنسان بطل قصة الرجل العادي..
نروي القصة أنه كان هناك رجل (عادي) عاش بشكل (عادي) مات بشكل (عادي)
وكتب على قبره .. (السيد عادي) الذي ولد عام (1940) ومات عام (1960) ودفن عام 2000 أي أنه مات عندما توقف تطوره وإبداعه وأمله حتى لو ظل يتحرك ويتنفس على سطح الأرض..
أختي الكريمة لابد أن تستيقظي أولا ولا تكوني مثل ذاك الرجل (العادي) الذي ماتت أحلامه قبل أن يموت..
وأخيرا... أهمس لك بهمسة سريعة عن "الزواج".. وأقول لك:"الزواج رزق" وهو بيد الله تعالى يعجله لمن يشاء ويؤخره لمن يشاء... وليس معنى كلامي أن انتظار الزوج ضعف في حد ذاته، ولكن الضعف هو أن يكون هذا الانتظار وقتا( ضائعا) من عمرنا نعيشه في قلق واضطراب، ويشغلنا عن رسالات أخرى تنفعنا وتنفع من حولنا..
الرزق بيد الله تعالى.. وكل شيء عنده بمقدار.. ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدرا
أختي الكريمة.. لا تنسي الصلة بالله، ولا تحرمي نفسك من الصحبة الصالحة.. وتابعينا بأخبارك
ويضيف د. وائل أبو هندي الابنة الفاضلة "for when" مرة أخرى أهلا وسهلا بك، وليست لدي إضافة بعد ما تفضلت به مجيبتك إلا أن أضع لك بعض الارتباطات المفيدة التي ستسهل عليك اتباع نصيحة المستشارة فاقرئي على مجانين:
نفس اجتماعي: الثقة بالنفس والتوكيدية Self Assertion
ثقفي نفسك وثقي بها تدريجيا
كيف تثقين بنفسك؟
إبنِ لنفسك شخصية، تحقق ذاتك
كيف تعرف نفسك؟ نصائح عملية
حدد هدفك.. ثق بنفسك.. وتابعنا
كيف تفهم نفسك؟ مبادئ
كيف تنمي ثقتك بنفسك؟، م