السلام عليكم
أنا أم لطفلة هادئة ورائعة (اسمها خديجة)، عمرها 10 أشهر، وقد حرصت منذ ولادتها على إرضاعها رضاعة طبيعية رغم أني عاملة (أستاذة جامعية)؛ وذلك لوعيي بأهميتها البالغة لي ولطفلتي.
ولكنني فوجئت بأني حامل (تقريبا في شهرين حاليا) برغم أني أخذت بالأسباب لمنع أي حمل حتى أكمل لابنتي حقها في الرضاعة، وبرغم ذلك فرحت بهذا الحمل لأنه هبة من الله وهو من يقرر متى وماذا يهبنا بحكمة منه تعالى.
حيرتي مع ابنتي الحبيبة تكمن في:
أولا: رضاعة ابنتي: الشيء الذي أثلج صدري أنني علمت من مواقع عربية وغربية أن مواصلة الرضاعة أثناء الحمل لا يضر الرضيع ولا الجنين ولا الأم (المهم أن تأكل الأم جيدا لسد كل هذه الحاجات)، وأنا أواصل إرضاع ابنتي حاليا، ولكن ما هو أحسن وقت لفطامها؟ قبل أو بعد ولادة المولود الثاني؟ وفي أي وقت بالتحديد؟
ثانيا: كيف أهيئها في مثل هذه السن المبكرة إلى استقبال أختها أو أخيها؟ علما بأنني قرأت موضوع "مرحبا طفلي الثاني" ولكنني وجدت أنه ينطبق على طفل في سن الثانية وما فوق يعي ما نقول له ويستطيع المشاركة في التحضير لاستقبال المولود الجديد.. فما هي النصائح التي يجب اتباعها في حالة سن ابنتي؟
ثالثا: في نفس الغرفة معي ومع والدها حاليا ومنذ ولادتها تنام ابنتي في سرير منفصل.. أنا محتارة كيف أفعل بعد ولادة طفلي الثاني.. هل أجعل الاثنين في غرفة منفصلة؟ هل أضع الأولى في غرفة منفصلة وأترك المولود الجديد في غرفتي؟ (مع أني لا أظن أنها فكرة جيدة).. هل من الأحسن ترك الاثنين في غرفتي (التي لا تتسع لسرير إضافي)؟
هل أستطيع شراء سرير جديد لابنتي خديجة والاحتفاظ بسريرها للمولود الثاني أم هذا سيولد شعورا بفقدان السرير الذي تعتاده وبأنه أخذ منها؟
رابعا: ابنتي خديجة كانت هادئة منذ ولادتها في أشهرها الأولى، وكنت أحرص على تعويدها النوم في سريرها وليس على ذراعي، ولكنها تنام في أغلب الأحيان على ذراعي أثناء الرضاعة.
والآن هي غير قادرة على النوم في سريرها حتى أحملها أنا أو أبوها ونغني لها ونربت عليها حتى تنام ثم نضعها في سريرها، وإذا استيقظت ليلا فإنها لا تعاود النوم بمفردها حتى أحملها وأرضعها.
حاولت مرارا تركها في سريرها وأنا بجوارها حتى تنام، ولكن هذا لم يُجد برغم أنها تكون نعسانة جدا.
فبحكم خبرتكم أود أن تنصحوني ماذا علي فعله لتعويد ابنتي النوم بطريقة طبيعية وهانئة.
12/2/2023
رد المستشار
في البداية أهنئك على هبة الله لك، وأعبر لك عن إعجابي بأمومتك التي تتجلى في حرصك على الحالة النفسية لطفلتك، وقبولك لهبة الله بصدر رحب؛ فهو سبحانه من يحدد لنا متى وكيف يعطينا، فاسعدي بعطية الله، واطمئني برضاك أن الله معك وهو خير معين.
والآن دعينا نتحاور فيما تسألين عنه..
مواصلة الرضاعة أثناء الحمل:
تظن كثير من الأمهات أن هذا الموضوع له خطورة على صحة الجنين، ولكن بعض الدراسات أشارت إلى أنه يمكن استمرار الرضاعة أثناء الحمل، والمخاوف تأتي من أن الرضاعة وهرمون الأوكسيتوسين الذي يفرز مع الرضاعة يتسبب في حدوث انقباضات بالرحم، وقد يحمل هذا خطورة الإجهاض لا قدر الله.
لكن أشار البعض أنه حتى هذه الانقباضات لا خوف منها؛ حيث إن انقباضات الرحم تحدث بشكل طبيعي أثناء الحمل وأيضا أثناء الجماع.. لكن في رأيي أن استشارة أخصائي النساء والولادة أمر ضروري؛ لأنه هو الأقدر على تحديد الاستمرار في الرضاعة من عدمه، وذلك في ضوء ما يناسب حالتك الصحية، ومن خلال متابعته بالموجات الصوتية لحالة الجنين ووزنه ونموه.. ما أقصده أننا قد نفرط في خوفنا من أن ننتقص من حق الطفل الأكبر فنكون جائرين على الطفل الأصغر.
الفطام والسرير الجديد:
إذا رأى طبيب النساء والتوليد أنه لا مانع من الاستمرار في الرضاعة فعلينا هنا أن ننظر للجانب النفسي للطفل الأكبر، فيكون الفطام قبل موعد الولادة بعدة أشهر.. لماذا؟ لأننا يجب أن نتجنب فكرة الوليد المغتصب لممتلكاتي وهي نواة الغيرة، فها هو الوليد الجديد جاء ليأخذ صدر أمي الذي هو مصدر طعامي ومصدر شعوري بالأمان، وأكثر الأوقات التي ألتصق فيها بأمي.. إنه عدو مغتصب إذن.
نفس الشيء سينطبق على موضوع سرير الطفل إذا قررنا تغيير السرير، فلابد أن يسبق ذلك الولادة بعدة أشهر؛ حيث إن طفلتك ستكون قد اقتربت من سن الثانية بإذن الله، وستدرك نفيها من فراشها من أجل المولود الجديد؛ لذلك ينبغي أن يكون السرير أيضا أكبر قليلا أو مختلفا نوعا ما لتشعر الطفلة أنها أصبحت في مكانة أفضل.
الغرفة المستقلة:
إذا قررنا فصلها في غرفة مستقلة فلابد أن يكون ذلك قبل الولادة بعدة أشهر أيضا، أي أن الفكرة هي ألا نجعل الطفل يشعر أن الوليد الجديد قد غير حياته وقلبها رأسا على عقب.. لكن ما أود أن أشير إليه أن طفلتك تبلغ من العمر الآن 10 أشهر، فقد يكون الوقت مبكرا لفصلها في غرفة مستقلة؛ حيث نفضل الفصل في سن العامين، ولكن لا بأس في أن نجرب ويكون ذلك كالآتي:
- نحضر السرير الجديد أولا ونضعه في نفس غرفتك.
- تنام الطفلة بين ذراعيك أولا ثم تنقل لسريرها الجديد، وكلما استيقظت عليك بحملها مرة أخرى لتنام ثم توضع في سريرها.. وهكذا حتى تعتاد السرير الجديد.
- ننقل السرير بعد ذلك لغرفة مستقلة معدة للطفل بها لعبه وملابسه وأدواته وصور على الجدران تبعث على البهجة وتجذب الطفل.
- احملي الطفلة بين ذراعيك، واجعلي لها طقوسا تساعدها على النوم مثل الإمساك بيدها، والغناء لها، ومداعبتك لشعرها، ثم ضعيها في فراشها وامكثي بجوارها قليلا حتى تتأكدي أنها استغرقت في النوم، ثم اتركي الغرفة بهدوء مع ترك إضاءة خافتة وترك الباب مفتوحا، وأن تكون الغرفة قريبة منك بحيث تسمعي صوتها إذا استيقظت لتذهبي إليها فورا وتحمليها وتساعديها على النوم مرة أخرى.. وهكذا حتى تعتاد ذلك.
إذن ما ذكرته عن تغير نمط النوم عند الطفلة أمر طبيعي ولا يعد مشكلة على الإطلاق، ولا يمثل إلا تطورا طبيعيا عند الطفلة.
التهيئة لاستقبال المولود الجديد:
بالنسبة للتهيئة لاستقبال المولود الجديد وهو أمر نسعى إليه دائما حتى لا يفاجأ الطفل بقدوم هذا الضيف الجديد، لكن الأمر هنا لا ينطبق على ابنتك؛ فهذا الأمر يحتاج نمو الإدراك بدرجة معينة لن يحققها الطفل قبل 18-24 شهرا، وطفلتك أصغر من ذلك، لكن هناك بعض الأمور عليك مراعاتها:
1- أثناء الولادة: لا ينبغي اصطحاب الطفلة للمستشفى إلا بعد أن تتم عملية الولادة بسلام بإذن الله؛ لأن حالة القلق لدى الأهل مع ما تعانيه الأم من تعب تجعل الطفل ينزعج ويشعر أن شيئا خطيرا يحدث لأمه وهي خبرة لا ينساها الطفل. لكن بعد أن تتم عملية الولادة بسلام نصطحب الطفلة ونجعلها ترى الوليد وتلمسه بيدها، ولابد أن يكون هناك من يهتم بالطفلة ويتحدث إليها ويشعرها بأهميتها كفرد في هذه الأسرة.
2- بعد الولادة حبذا لو اصطحب أحد الأقارب الطفلة في نزهة قصيرة ولو لساعة حتى تستقري في المنزل وتضعي أمتعتك وتهدئي ثم تأتي الطفلة فتحتضنيها وتحمليها بين ذراعيك.. لماذا؟ لأن اللحظات الأولى تعطي انطباعات للطفل عن تغير مشاعر الأم، فلابد أن ننتبه لهذه اللحظات.
3- في الأيام الأولى بعد الولادة ومع التغيرات التي حدثت في الأسرة قد تلاقين رفض طفلتك للطعام، وعليك أن تفطني لهذه اللعبة الجديدة التي تجذبك بها الطفلة، وهنا لا تقلقي، بل وفري لها ما تحب من طعام واتركيه أمامها، ولا تظهري غضبك أو حزنك حيال هذا الأمر.
4- إذا قررنا تدريب المرحاض فلنبدأ قبل الولادة بفترة كافية حتى لا نخلق معركة في هذا الوقت بعد الولادة، وإذا لم تتمكني من ذلك قبل الولادة فعليك بإرجائه بعد الولادة بفترة كافية نكون قد اجتزنا فيها مشاعر الغيرة وشعرت الطفلة بالأمان وأن الوليد الجديد لم يسلبها حقها، كما أنك أنت نفسك تكونين قد هدأت واستعدت طاقتك لبدء التدريب.
وفقك الله وأتم حملك على خير وبارك الله لك فيما أعطاك.