السلام عليكم
أعيش في أمريكا منذ سبعة عشر عامًا، متزوج وعندي سبعة أطفال.. زوجتي وأطفالي يعيشون في الشرق الأوسط، وأفكر في الزواج من امرأة تعيش مغتربة هنا، وهي من بلدي أصلاً، ولديها أربعة أطفال، وهو شيء رائع؛ لأنني أحب الأطفال، وأطمح لتنشئتهم على القيم الفاضلة في بيئة إسلامية.
المشكلة أنني أخشى أن أجرح مشاعر زوجتي بهذه الزيجة، رغم أنني أشعر بقدرتي على العدل بينهما.
وأخشى أن أحطم حياة أولادي.. أرشدوني.
17/4/2023
رد المستشار
أخي السائل الكريم، حمدت فيك حرصك على مشاعر زوجتك، وأم أولادك، وتفكيرك في أن زواجك بأخرى ربما يضايقها أو يجرح مشاعرها وهي التي تخلفك في مالك وولدك هنا في "الشرق الأوسط" كما أسميته أنت؛ فذكرتني بإحداهن، وهي ناشطة في إطار عمل المنظمات غير الحكومية حضرت مؤتمر الإسكندرية، الذي سبق أن حكيت لكم عنه من قبل في إجابة سابقة، واعتادت عند التعريف بنفسها أن تقول أنا فلانة من الأردن– الشرق الأوسط!!! فمنذ متى أصبحنا نسمي أنفسنا بما يسميه بنا الآخرون؟! ولو كان هذا مناسبا أو مفهوما في التعامل مع هؤلاء الآخرين، فلماذا نتخذ نفس الأسماء فيما بيننا؟!! ملاحظة جانبية أعتبرها مهمة.
طبعا أمر زواجك الثاني مسألة تتضمن أكثر من محدد وتتجاوز مجرد موافقة زوجتك أو رفضها، فمثلا أنت وحيد في غربة صعبة تحتاج فيها إلى تدبير شؤونك المنزلية والعاطفية، فكيف كنت تدير هذه الأمور وحدك في ظل وجود زوجتك في "الشرق الأوسط"؟! وما هي البدائل المتاحة أمامك لتدبير شؤونك غير الزواج؟! وما هو تخطيطك لمستقبلك ومستقبل أسرتك؟! هل تفكر بالعودة أم البقاء؟! وهل تفكر باستدعاء زوجتك وأولادك –أو بعضهم على الأقل-أم أن ظروفا –لم تذكرها-تحول دون تحقق هذا الوضع الطبيعي باجتماع شمل الأسرة؟! وما هي الصيغة المقترحة للزيجة الجديدة، وقد ذكرت في سؤالك شيئا عن "زواج مسيار"؛ فهل أنت متفق مع الثانية عليه؟! وما هي معالم هذا الاتفاق؟!
وإذا كنت تريد المساعدة في تنشئة أبناء الأخرى في بيئة إسلامية بزواجك منها فماذا عن أبناء الأولى؟! وما هي البيئة الإسلامية في تصورك؟! وهل البيئة الإسلامية موجودة في الشرق الأوسط حيث تعيش أسرتك بعيدا عنك؟! أم أن البيئة الإسلامية تتضمن اللوازم الصحية من وجود إشراف ورعاية الأب إلى آخر المكونات الأسرة السليمة، وبخاصة في ظل ما نعيشه من تحديات وتهديدات ثقافية، وتغيرات في القيم والاقتصاد؟
هناك كما ترى أسئلة كثيرة ومسائل واسعة تحتاج منك إلى تفكير ونقاش قبل أن تسأل عن رد فعل زوجتك؛ لأن موقفها سيتأثر بكل هذه النقاط وغيرها، وهو ما ينعكس على حياتها وحياة الأولاد. ولا أدري أيضا تصورك للعدل بين زوجتين إحداهما في أمريكا والثانية في "الشرق الأوسط"!! كيف سيكون هذا العدل؟!! وهل العدل هنا في المساواة بين هذه وتلك رغم البعد الشاسع في الاختلاف بين عندنا وعندك وظروف هذه ومتطلبات تلك؟ أنت تحتاج إلى تفكير أعمق في الأمور يا أخي.
وفى حالة أن تكون الثانية لا تحتاجك ماليا أي أن لها مصدرا تتدبر عن طريقه شؤونها وشؤون أولادها وكان الاحتياج المتبادل بينكما هو محض الاحتياج المعنوي عاطفيا وجنسيا، ففي هذه الحالة ليس عليك جناح أن تتزوجها دون علم زوجتك حتى لا تضعها في مأزق اختيار لسنا مضطرين إليه، ولا أحسبها لو علمت -في ظل ظروف كهذه التي ذكرتها لك – سوف تفاصلك.
أما إذا كان الأمر غير ذلك، أي أن في المسألة انتقاصا مما اعتادته زوجتك وأسرتك منك ماديا أو اجتماعيا فلا مفر أمامك من مصارحة زوجتك برغبتك في الزواج، والدفاع عن الأسباب التي دفعتك إلى هذا، وشرح وتبرير ما سيترتب على ذلك من حقوق مادية للأخرى، وهو ما سيؤثر على الأولى، وأحسب أنك يمكن أن تحصل على موافقتها إذا قدمت عرضا معقولا، فلو كانت ظروف الأسرة تفرض استمرارك بالخارج فإن تحقيق الاستقرار المعنوي والمادي في هذه الغربة يبدو هدفا مكملا لهذا الاستمرار، أما إذا كانت العودة ممكنة أو الاستقدام متاحا فهو الأولى من غيره، والله أعلم.
وندعوك في النهاية لمراجعة إجابات سابقة لنا عن الزواج الثاني، منها :
الزواج من ثانية.. وسيكولوجية الرجل الشرقي
الزواج الثاني … الشرع والنفس والمجتمع