أظن أنه داء العشق
صورة مبدئية: أنا سوري من حلب عمري 19 وأدرس الطب البيطري في مدينة حماة وهذه السنة الثانية لي فيها، كانت السنة الأولى صعبة جداً بسبب البعد عن الأهل والأحبة (الغربة) لم يكن لي أحد أعرف في تلك المدينة بدأت بتكوين صداقات واستقرت حالتي النفسية من ناحية الشعور بالغربة في ذلك المكان، كان الشيء الوحيد الإيجابي في تلك الفترة الصعبة هي أنها أنستني فتاة كنت أحبها ومتعلق بها لمدة سنة ونصف وما أنساني إياها هو شوقي لأمي وأبي وغربتي في مكان لا سند فيه ليّ.. وهذه السنة الثانية لي كونت صداقات وتعودت على ذلك الشعور المؤلم، وبدأ شعور أن هناك شيء ناقص هناك ملل وخمول عاطفي وعدم وجود من يهتم بي لا أدري كيف أصفه ولكن لم يكن بالشيء المزعج أو الشعور الذي يمنعني من ممارسة حياتي الطبيعية.
بداية المشكلة: خلال دوامي في الكلية لفتت نظري فتاة عابرة لا أعلم عنها شيء ولا حتى اسمها، كانت كأي طالبة جميلة في كليتي لم ألقي لها بالاً، بمرور الوقت أصبحت وبدون إدراك لا أرى سواها بدأت مشاعري تتغير وتميل للدفء نحوها، وتعلقتُ بها لا أظنّها حتى أنها تعرف اسمي أو حتى شكلي، لقد أحببتها وتفكيري دائما ما يدور حولها بحثت عن اسمها ومستواها الدراسي وازدتُ لها حباً، بدأت نظراتي لا تلتفت عنها هي انتبهت ليّ ولكن لم تبد أي تعبير، أنا مررت بمثل هذه التجربة من قبل في البكالوريا وكانت العواقب وخيمة لقد خسرت الكثير من الوقت بالتفكير وتعب النفسي شديد وعندما أنهيت بالكالوريا وخرجت بمعدل 79% أصابني الاكتئاب وتقلب مزاجي وكنت لا أدرك نهاري من ليلي ظللت على هذه الحال حتى دخلت الكلية واغتربت عن عائلتي وأصبحت تدريجياً أنساها وانطفأت الشعلتها بداخلي.
المشكلة بحد ذاتها: منذ بلوغي في سن الثالثة عشرة لم أكلم فتاة قط ولا أجيد تحدث معهن ولا لأي سبب كان وإذا كلمتني فتاة أرتبك وأحياناً أرجف من شدة التوتر، الفتاة التي أحببتها في البكالوريا كنت أراها في نفس الفصل كل يوم لمدة تسعة أشهر لم تأتني الجرأة قط على التحدث معها.
مشكلتي تحديداً الآن هذه السنة موادي الدراسية صعبة ولدي تقصير في دراستي ولا أريد أن أضيع من حياتي سنة أو أحمل مواد للسنة التالية من أجل فتاة لا تعرفني ولا تفكر في حتى كل ما أريده أن أنهي هذا الحبّ، أصعب شعور هو عندما أراها في الكلية وأنا عاجز عن التقرب منها وأن أُعرفها عن نفسي وأن أبوح لها بحبّي، لا أدري ممّا أخاف تحديداً من الرفض أم إذا قبلت بيّ أن لا أستطيع الزواج بها أم من الإحراج من نظرات زملائي ليّ أشعر أن الموت أهون عليّ من ذلك.. أتمنى أن أجد حلاً مُجدي لهذه المشكلة وكما تعرفون لستُ الأول ولا الأخير الذي يعاني منها.
أعرف أني بالغت بشرح حالتي قليلاً لكن لأطمئن أن تصل الصورة كاملة.
وشكراً سلفاً على كل من سيردّ عليّ
17/5/2023
رد المستشار
صديقي
أولا أنت تخلط بين الإعجاب أو الانجذاب أو الانبهار وبين الحب.
الحب يقوم على معرفة واهتمام واحترام ومسؤولية... المعرفة تتطلب الحديث والتعامل المتكرر المتنوع على مدى طويل ... هذا يكون صداقة، والتي هي مبنية على الصدق، بالإضافة إلى الاهتمام الذي يزيد الإعجاب والانجذاب للصفات والأسلوب والأفعال.. الحب ليس مجرد إحساس تحسه نحو فتاة لا تعرفها ولا تعرف عنها ما يكفي لأن تحبها سوى إعجابك بشكلها وأسلوبها.. كلاهما ظاهري ولا يكفي لكي تقرر أن فتاة ما مناسبة لما تريد أنت في علاقة عاطفية... ليس هناك مدخل للحب الحقيقي عدا التعامل المباشر على مدى طويل وعدم الإسراع في تحقيق العلاقة... يجب أن تسأل نفسك: من هي هذه الفتاة ولماذا أريدها؟ ما الذي يجعلها مناسبة لي؟ ما الذي يجعلني أريد وجودها في حياتي؟ ما الذي أعلمه عنها علم اليقين وكيف تيقنت؟
تخيل أنك ضمنت بشكل ما أن الرفض والسخرية وكل مخاوفك الأخرى في الحاضر والمستقبل من المستحيل أن يحدثوا... ماذا تريد؟ التعرف على الفتاة أم ضمان أنها تحبك أو على الأقل تراك جذابا وتريد التقرب إليك مثلما تريد أنت التقرب منها وبالسرعة وبالطريقة التي تتمناها أنت تماما؟ ... وبعد أن يحدث هذا، ماذا تريد أيضا؟ لماذا؟ كيف تريد هذه العلاقة؟ كيف تريد علاقتك مع نفسك ومع الآخرين عموما؟ ما هو أبسط شيء يمكنك فعله الآن لتسير في هذا الطريق؟
ربما يكون تعلقك وانشغالك بفتاة على أساس ما تتخيله عنها هو مجرد وسيلة للهروب من الواجبات... ربما لا تحب شكل حياتك الآن ولكن بدلا من أن تواجهها وتغير ما تريد تغييره، تتعلق باعتقاد وهمي... تعتقد أن ما سوف يصلح الوضع تماما هو وجود علاقة غرامية مع الجنس الآخر... ربما لا تعرف من أنت أو لم تختر من تريد أن تكون (ويمكنك اختيار أي شيء في أي وقت) وتريد تعريف نفسك أولا بوجود علاقة عاطفية.
من ناحية أخرى، إن كنت تريد فتاة معينة فيجب أن تتوافق رغباتكما لكي تكون هناك علاقة... وهذا لن يحدث بدون المعرفة والاهتمام والاحترام والمسؤولية.
كن شخصا تفخر أنت به وسوف تتعرف على الكثيرات لكي تختار منهن من تناسبك
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب