أشكركم جزيل الشكر على ما تبذلونه من نصح وإرشاد للشباب الذين هم عماد الأمة، وإن شاء الله يكون ذلك في ميزان حسناتكم جميعا. أما بعد:
فقد ترددت كثيرا في السؤال ثم استجمعت شجاعتي آملة في ذلك معرفة الصواب وأخذ النصيحة والرشاد، أرجو أن تتولى قراءة هذه الرسالة والرد عليها "مستشارة" من المستشارات الفاضلات.
أود في البداية أن أشير إلى أنني تشجعت في الكتابة والسؤال بعد قراءة العديد من المسائل التي طرحت عليكم وردودكم لها، وأصبح عندي اطلاع كاف حول عدد من الأمور التي أود طرحها الآن، غير أنه ما زال يكتنفها بعض من الغموض، والآن سأبدأ بسرد قصتي مستعينة بالله سبحانه وتعالى.
منذ طفولتي وأنا من الأشخاص المميزين الطموحين المتفوقين، هذه صورة عن المرحلة الأولى من حياتي حتى الثانوية غير أنها لم تكتمل بعد، فقد بدأت بالرغم من كل ما أملكه من تفوق وذكاء ودقة ملاحظة وحرص شهد لي به الجميع -وهذا من فضل الله علي وليس بشطارة من نفسي- المهم بدأت في المرحلة الابتدائية في سن مبكرة ممارسة العادة السرية.. لا أدري كيف ولماذا؟؟ أعتقد أنني اكتشفت الأمر بطريق الصدفة، غير أنني كنت أشعر معها بمتعة كبيرة وفي الوقت نفسه كنت أشعر أنه شيء خاص جدا وينبغي ألا يعرفه أحد، وبالرغم من صغر سني فإني كنت أستشعر بعد الانتهاء من تلك العادة بالندم عليها والشعور بتأنيب ولوم خفي لا أدري لماذا؟
المهم أنني كنت أمارسها بين الحين والآخر مع إفادة حضرتكم بهذه الملاحظة:
كان والداي في الأغلب على انشغال دائم. والدي دائما مشغول وخارج المنزل، وكان كل الناس في نظره وحل مشاكلهم أولى من أهل بيته؛ الأمر الذي سبب الكثير من الخلافات بينه وبين والدتي التي كانت عصبية في بعض الأمور، ولم تكن تتسم بالحكمة في القول والعمل، فكانت تفتعل هذه الأمور أمامنا نحن الأبناء دون الاعتبار إلى ما يمكن أن يسببه ذلك من آثار سلبية علينا في المستقبل، وملاحظة أخرى هي عدم وجود تلك العلاقة المميزة فيما يخص التربية الجنسية أو المصارحة من قبل الأم أو الأبناء بهذه الأمور، إلا في نطاق ضيق جدا وعام...
هذا جانب من جوانب الجو الأسري الذي كنت أعيش فيه، والجانب الآخر هو أنني كنت أمارس هذه العادة على الرغم من عدم وجود فراغ كبير في حياتي، فكما أسلفت فإنني كنت متفوقة ودائمة المشاركة في النشاطات والمسابقات المختلفة وكان من ضمنها المسابقات الدينية.. على الرغم من ذلك فإنني بقيت أمارسها.
وعندما انتقلت إلى المرحلة الإعدادية ازداد وعيي وإدراكي وشعوري بالإثارة من أي منظر كنت أشاهده ولو مصادفة عبر التلفاز أو مجلة أو جريدة، وبدأت أزيد من ممارسة هذه العادة، وكما قلت سابقا بعد الانتهاء منها كنت أشعر بتأنيب عجيب وشعور بأنه يجب عدم العودة إلى مثل ذلك الأمر، وخاصة وقد بدأت بالالتزام في سن مبكرة في المرحلة الإعدادية وبدأت طريقي مع الله وحفظ كتاب الله.
والآن سأنتقل نقلة بسيطة في الحديث عن حياتي، فمنذ أبصرت عيناي النور وبدأت بمعرفة الحياة وتغيرت نظرتي إليها كان التزامي قرينا بذلك، وكنت أريد أن أكون فيه من الأوائل كما كنت في حياتي الدراسية السابقة، فأردت أن أطبق كل ما كنت أقرأ مصطدمة بذلك اصطداما شديدا مع أهلي الذين لم يكونوا على ذلك القدر من الوعي والالتزام، فكانت الطامة وكانت الخلافات وكانت المشاكل، ابتداء من ارتدائي للجلباب الذي أبيت ارتداء غيره من حجاب الموضة، وصلاتي وإطالتي فيها، وسماعي لأشرطة الوعظ المختلفة، وصيامي وقيامي وحتى خروجي لحضور المحاضرات والدروس في المساجد.. لقد عانيت كثيرا منهم -يشهد الله على ذلك وغفر الله لهم أجمعين- لقد تعرضت لحالة نفسية لم أعشها قط في حياتي.. لقد ظمئت نفسي كثيرا، وشعرت أنني أقبض على ديني كجمرة تماما أتقلى من لظاها وأصبر وأحتسب، غير أن أيامي وليالي باتت دموعا وأحزانا.. أي قسوة أو حدة أو نظرة أو سلوك هذا الذي يتعامل فيه الأهل مع من أبصر النور وأراد لهم الخير والسرور؟
كنت ما زلت غضة في المرحلة الإعدادية، وكنت أحاول مع ذلك في التفنن في أساليب النصح لهم بالإقناع تارة وبالترجي والاستجداء تارة أخرى، لقد كانوا في غاية الشدة، لم أجد من يحنو علي أو يأخذ بيدي، من يسمعني أو يفهمني، من ينصحني من يرشدني، لا أجد أحدا، أين أبي أين أمي أخي إخوتي؟ لماذا يفعلون ذلك؟ على الأقل فليتركوني على راحتي، ومع ذلك فقد أدركت أنه طريق الصعاب وأن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فلم أيأس أو أستسلم وأخذت في حفظ كتاب الله عز وجل.. كل ذلك الالتزام والخوف الشديد من الله والإقبال على الطاعات وأعمال الخير وبذل النصح والدعوة، إلا أنني بقيت أمارس تلك العادة من فترة إلى أخرى.. لا أدري لماذا؟؟ ولماذا لم يكن في قلبي ذلك الوازع لردها على الرغم من شدة الحساسية والشفافية التي كنت أمتلكها؟
وهذا هو الأمر الذي بدأ يدق ناقوس الخطر في قلبي، كنت أستسلم لها على الرغم من أنني كنت أتابع حفظ كتاب الله -وعندما أنتهي منها يعتريني شعور مهين وأحتقر نفسي وأضعف بين يدي الله في صلاتي وأعجز حتى عن أن أتوجه إليه بالدعاء.. وأحاول في قرارة نفسي عدم العودة إليها ولكن وإن قل الأمر فإنه كان هناك عودة لها.
وفي غفلة من هذا الزمان يقع علي ابتلاء أثر في حياتي كثيرا في بدايات المرحلة الثانوية وعزفت على إثره عن التفوق والتميز وكرهت الشهرة وأن يشار إليّ بالبنان كما هو الحال، وعزفت عن الحياة الاجتماعية وعن الكثير من النشاطات والمواهب الجميلة التي كنت أمتلكها.. هذا الابتلاء هو أنني في يوم من الأيام -وكنت لا أزال في فترة متابعة حفظ كتاب الله- كنت أقف في الصلاة فإذا بعقلي يعمل وحده بدون إذن مني ويتكلم بكلام خبيث فيه سوء أدب مع الله عز وجل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. لقد كانت كارثة بالنسبة لي.. ما الذي جرى؟؟ هل هو أمر عابر نتيجة إرهاق أو تعب أو عدم تركيز؟؟ هل هي الضغوط النفسية الشديدة التي تعرضت لها بسبب التزامي وإصراري على حضور المحاضرات؟ هل هو النكد والقهر والدموع التي كنت أنام عليها وأستيقظ عليها؟ هل هي الوحدة وعدم وجود من يأخذ بيدي في هذا الكون.. ما الذي جرى؟؟
لا أدري.. كل الذي أدركته أن الأمر قد تطور وتطور وأصبحت أقطع الصلاة كثيرا بمجرد شعوري أن عقلي بدأ يعمل بدون إذن مني أو سيطرة.. وأصبحت أتتأتأ في الصلاة وأثناء قراءة القرآن أصبحت أتلعثم، أريد لعقلي أن يصمت أن يسكت، أريد أن أستحضر قلبي، لقد فقدت الخشوع الذي كان بالنسبة لي مصدر النور والطمأنينة والحياة، وعلى الرغم من ذلك استجمعت كل إرادتي وأتممت حفظ كتاب الله عز وجل، على الرغم من أنني كنت أقرأ القرآن بلساني ويقرأ عقلي البذيء من الكلام وقد خرج عن سيطرتي.. كنت أتألم كثيرا منه ولكن ماذا أقول؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.. ومكثت على هذه الحال فترة قبل أن أخبر أهلي، لكنها مدة لم تكن باليسيرة، تمكن الأمر مني أكثر فأكثر، وكثر البكاء والحزن وتراجع مستواي الدراسي.
وعندما أخبرت أهلي بالأمر اعتقدوا أنه بسبب التزامي الشديد الذي كان يصفونه بالتعصب والتزمت وازدادوا في محاربتي لذلك الالتزام، وقاموا بأخذي لطبيب نفساني قال إنني أعاني من مرض الوسواس القهري وأعطاني دواء لا أذكر اسمه.. أخذت منه في البداية ثم شعرت أنه سبب لي بعض المشاكل فتركته، وكنت لا أعتقد بنفعه وأن الأمر لن يكون إلا بأمر الله وإرادته، ربما أطلت عليكم لكن رجائي أنني وجدت من يسمعني ويفهمني وأنا ما زلت أتقلى فيها على نار الماضي وأحزان الماضي وأوجاعه.. فالرجاء أن يكون عندكم نفس من نفس، والله المستعان، وإن شاء الله يكون لكم أجر عظيم في ذلك.
المهم أنني أنهيت المرحلة الثانوية بمعدل عال تفاجأ منه الجميع بسبب ما كنت أعانيه من مأساة في الصلاة، غير أنه يبدو لي أنني قد تعودت على ذلك الأمر، وأصبحت في نفس الوقت شخصا صامتا حزينا طويل الصمت والتفكير منعزلا قليل الاختلاط وفقدت معها كل مواهبي وقدراتي وثقتي بنفسي، ودخلت المرحلة الجامعية لا أدري ما الهدف؟ ماذا أريد؟ ماذا أحب؟ ثم اختار لي أهلي أن أدرس فرعا معينا فرضيت لمجرد أنه شيء أدرسه وفقط بدون هدف أو شغف أو حب لذلك.. وقضيت سنوات الجامعة أيام زهرة العمر وربيع الحياة في عزلة وحزن وتأمل شديد لهذه الحياة وصبر واحتساب.
ثم كان الابتلاء الثاني الذي أصبت به حيث كنت أشكو يوميا ولا أبالغ إن قلت لكم يوميا من آلام في المفاصل.. واعتقد أهلي أنها بسبب برد أو خوف من الامتحانات أو الدراسة أو المنافسة.. وقد أثر ذلك بالإضافة إلى معاناتي النفسية من نشاطي واهتمامي بالعلم؛ فأصبحت أتعب كثيرا ولم أعد قادرة على المكوث في الجامعة لفترات طويلة أو التوفيق بين النشاط الدعوي والدراسي.. بعد انتهاء الجامعة وزواجي كذلك قمت بعمل علاج طبي لمرضي.
المهم أنني خلال سنوات الجامعة الأربع عاودت إلى تلك العادة الذميمة لكن مرات قليلة جدا، وبعد انتهاء الجامعة مباشرة تمت خطوبتي مع عقد القران في نفس اليوم، وبعد عدة شهور تم الزواج.. وما أريد أن أشير إليه وأنا على يقين أنني سأجد صدرا حنونا يستوعب جراحاتي وأحزان كل تلك السنين الماضية هو أنني في مرحلة الخطوبة عدت إلى ممارسة العادة بشكل كبير.. لا أخفي عليكم لقد كان زوجي كثيرا ما يثيرني ببعض القبلات والتلمس لبعض الأماكن وكان في النهاية ينتهي به الأمر إلى القذف وتفريغ ما بنفسه من شحنة، أما أنا فكان يتركني في قمة الشهوة والإثارة وينصرف لأكون فريسة العادة حتى أفرغ أنا أيضا ما اعتراني.. وكنت أتساءل وقتها ألا يعلم هو ما يفعل بي؟ ينهي الأمر بالنسبة له دون أن يستشعر ما يحدث لي فينتبه إلى هذا الأمر إما بتجنبه مطلقا أو بعدم إثارته لدي على الأقل؟؟
المهم أنني مكثت هذه السنة وأنا أمارسها وأستجدي كل مشاعر المتعة التي كان يتركني بها زوجي ويذهب، وكنت أحيانا أتصورها بدون وجوده وكيف سيكون الزواج واللقاء والعناق فينتهي بي الأمر إلى التفريغ.. والمؤلم في هذا الأمر أنني كنت أدرّس القرآن في أحد مراكز القرآن، وكنت إذا تذكرت وأنا أدرس القرآن أنني أفعل ذلك أشعر أنه كان يفت في عضدي ويشل طاقتي وينتابني شعور بأني حقيرة منبوذة مذمومة، والأعجب كذلك أنه على الرغم من حفظي لكتاب الله وخوفي الشديد من الله واقتراب نفسي من الزهد في هذه الحياة فإنني كنت لا أستطيع مقاومة تلك العادة خاصة عندما قرأت رأيا فقهيا -وإن كان ضعيفا- أنها ليست حراما.. إلا أنني كنت أشعر أنني أضحك على نفسي وعلى التزامي بهذا الدين.... قد أطلت وغفر الله لي، ولكن دعوني أكتب ما في نفسي فلربما تكون هذه المرة الأولى والأخيرة، وجزاكم الله خيرا.
هكذا مرت حياتي، أحزان وآلام، تثبيط وتوهين، أوجاع وأسقام نفسية وجسدية.. آثام وذنوب وارتكاب للحرام (العادة)، بكاء ودموع، مشاكل وخلافات.. غاب في ظل كل ذلك شخص واحد فقط كنت أبحث عنه يأخذ بيدي ويقف إلى جانبي ويمسح عني تلك العذابات.. وعاود الأمل يتجدد في داخلي بأن هذا الشخص ربما يكون في زوج صالح ينهض بي ويعينني... وعندما تم الأمر وجدت أنه يحمل همّا غير همي ونظرته للحياة تختلف عن نظرتي لها.. يمتلك قدرا من البرود واللامبالاة.. ولا يحتمل أن أقدم له أي مقدار من النصيحة ولو كانت على طبق من ذهب، شديد العصبية، حاد المزاج، قليل الحيلة يجيد الكلام فقط ولا يجيد الفعال، ضعيف الملاحظة، قليل التركيز، وهو لم يكن في حياته يحمل أي سمة من سمات التفوق والذكاء أو حتى أي موهبة أو قدرات، لقد علمت أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه.
ولا أخفي عليكم أن البداية كانت بالمشاكل والخلافات، مع أنني كنت شديدة الحساسية في التعامل إلا أنه غفر الله له كان شديد سوء الظن بي، وأذكر مرة أنني أبديت حزنا على تفويته صيام يوم لم أجد له عذرا كما قال، فقلب لي ذلك اليوم غما ونكدا.. لا يرى نفسه بحال أنه على خطأ، والطامة الكبرى أنه دائما في أي حوار يريد فقط أن ينتصر لنفسه لموقفه لرأيه، والحمد لله على كل حال.. مضى الآن على زواجي منه 4 سنوات ولي منه طفلان، لا أخفيكم أنني منذ الشهر الأول وبعدما اكتشفت اختلاف الهدف والهم بيني وبينه وأنا ما شعرت تجاهه قط بأي شعور بالحب والأمان، لكنني وبعد فترة غير يسيرة من المشاكل والخلافات اكتشفت أن الحب الحقيقي هو لله عز وجل وأن الأمان الحقيقي هو عند الله عز وجل وأن هذه رحلة سيجتازها الإنسان سريعا، وأنه وإن حرم تلك المشاعر التي حرمتها طوال سني عمري فلتكن عند الله وفي رحاب الله، وهكذا أقنعت نفسي بالحياة معه وأصبحت معه أعيش الجسد، أما الروح فهي ترنو إلى هناك، إلى حياة غير هذه الحياة، وإلى سلوك غير هذا السلوك، وإلى هم غير هذا الهم.
أجل أختي الكريمة، أقول لك هذا على الرغم من أنه حتى هذه اللحظات لا يتورع من أن "يغلط علي"، الشخص الذي انتظرت أن ينتشلني من جراحاتي "يغلط علي"، فيزيد الجرح عمقا والألم وجعا، لكن ماذا أقول، لقد علمتني خبرتي وتجربتي في الحياة التزام الصبر وكسب نفسه و.... إلى غير ذلك الكثير، ولقد جربت ذلك أختي الكريمة ويعلم الله أنني أعمل وأدرك كل هذه الأمور وما زلت أحاول حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها إليك والباقي على الله، غير أن قضية الغلط علي تفت في عضدي كثيرا.. وما أود أن أذكره هو أنه منذ فترة الخطوبة واكتشاف صفاته الحقيقية وشخصيته كنت أذهب إلى أهلي وأبكي لهم وأخبرهم بأني لا أشعر بأي انسجام بيني وبينه ولا بأي مشاعر من الحب والود، فكانت أمي -سامحها الله- تتركني أبكي ولا تهتم بي.
وأما أبي فكان يسمعني ثم في النهاية لا أجد منه أية نصيحة مثل كيف أتصرف وبأي أسلوب وهل هناك أمل من أن يتغير، وهكذا كان أبي طوال عمره، لا أذكر أني في مرة عرضت عليه أمرا ما وقدم لي شيئا من النصح والحزم والرأي الواضح، كان كل شيء عند يجوز و"يمشي" على الرغم من أن الكثير من المواضيع تكون في غاية الأهمية وتتطلب وجوده ورأيا حازما وقاطعا، ولربما كان لذلك أثر كبير في شخصيتي فأنا أتسم بالتردد الشديد وعدم القدرة على البت في موضوع ما وضعف الرأي، بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي تعرضت لها في حياتي والتي أدت إلى ضعف شخصيتي وثقتي بنفسي.
آخر ما أود أن أختم به هو أنه بعد ليلة الزفاف وحصول الفض لم أجد أي علامة للدم، لقد كان وقع الأمر عليّ عظيما.. لماذا؟؟ هل هناك أمر معيب في نفسي؟ لماذا لم ينزل أي دم؟ ولقد كذبت على زوجي وأخبرته أنني رأيته أثناء قيامي بالتغسيل وغطيت على الأمر، ولربما لجهله أو لعدم دقة ملاحظته كما أسلفت مضى الأمر وانتهى دون تركيز منه. وستر الله علي، وبقي الحزن في نفسي حتى يومي هذا، لماذا وأنا الحافظة لكتاب الله التالية له بذلك الصوت الجميل -كما يقولون- والذي طالما أممت به الجموع؟ لماذا وقد احتسبت حياتي كلها لله ولم أعد أرجو من هذه الدنيا إلا النجاة وحسن الختام؟ فلماذا حتى أجد الابتلاء في العرض هل هناك من سبب؟؟ هل أنا السبب؟ هل ممارستي للعادة الذميمة هي السبب؟ أم أن ثمة أسبابا أخرى لا أعرفها؟ فضلا عن ذلك فقد كانت هناك معاناة وآلام شديدة من عملية الجماع، آلام شديدة جدا، ولقد ذهبت إلى طبيبة للسؤال عن ذلك، وبعد الفحص بينت لي أن هذا سيزول بعد الولادة الأولى، وفعلاً وخلال المدة حتى الولادة الأولى لا أذكر أنه حدثت عملية جماع صحيحة على الإطلاق، وأعجب كيف تم الحمل بدون إيلاج حقيقي، وإن كان مجرد تلامس مع دفع بسيط في الأعضاء.. وحتى بهذه الصورة البسيطة كنت أجد ألما شديدا.
فلما اطمأننت إلى ذلك الأمر توجهت إلى الله بأن يطهرني ويزكيني واحتسبت ذلك كفارة لذنوبي، وصدقيني يا أختي الكريمة لقد كان الألم فوق التصور وكنت أبكي بكاء مريرا ودموعي تسيل أثناء العملية نفسها وما زلت إلى هذه اللحظة أعاني من بعض الآلام وخاصة بعد حصول الرعشة، آلام شديدة تضيع علي ما أجد من متعة، مع العلم أنني لا أعاني والحمد لله من أي نوع من الالتهابات وغيرها والحمد لله على كل حال.
الآن أختي الكريمة ما زلت أتجرع مرارة ألم المفاصل وضنك الاضطراب الذي أجده في صلاتي منذ سنين، بالإضافة إلى فقدي لكل مشاعر الحب والأمان الذي أقل ما ترجوه أي امرأة في ذلك الرجل الذي تريد أن ترتبط فيه، وكذلك مرارة الشعور بالذنب وتأنيب الضمير على أمر فيه ما فيه من مخالفات وتضييع لحق الله بالصلاة الصحيحة التي يستوجب معها الطهارة وغيرها من الأحكام التي كنت أجهلها؛ وما يعظم هذا الأمر في نفسي هو التزامي الشديد وحفظي لكتاب الله؛ فالمحاسبة ستكون أشد والعذاب سيكون على قدر ذلك، بالإضافة إلى ذكرى ليلة الزفاف وما تساءلت حوله حزن جديد إلى قائمة الحياة الفاشلة التي أعيشها.
فهل أجد عندك بلسما؟ وإن عز فلا أقل من دعاء صادق بأن يغفر الله ذنوبي ويتجاوز عني تقصيري وتفريطي وأن يرزقني الصبر والثبات حتى أتجاوز هذه الحياة بسلام ويختم لي بخاتمة السعادة، هي فعلا السعادة الحقيقية وكل ما دونها في هذه الدنيا زيف وسراب.
30/12/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلا وسهلا ومرحبا بك أستاذة "شهد" قرأتُ رسالتك بتمعن وأفهم جيدا كل قول ومعنى تحدَّثْتِ فيه، وأعرف جيدا ماذا تعني هذه المعاناة، وبالنسبة لنقطة الوسواس القهري، يجيبك فيها أستاذنا د. وائل أبو هندي، تشخيصا وإجابة إن كانت لا زالت تتكرر.
أقول لكِ "أ. شهد" الفاضلة والجميلة بعد الاستعانة بحول الله وقوته أن يلهمنا جميعا الصواب، ويهدينا سبل الرشاد، وأن يفيض على قلوبنا بفيض الثلج والبرد والاطمئنان والسكون والسكينة- آمين-، إن أكثر معاناتك تعتمد عليكِ أنتَ، أي في طريقة تعاطيكِ معها، أنتِ تتعاملين مع نفسك بطريقة سلبية جدا، لذا تخرجين بأضعاف مضاعفة من الآلام النّفسانيّة، التي تنعكس بلا شك ويكون لها أضرار جسدية؛ كالعصبية الدائمة، الاستنفار الدائم، الشعور بالانهاك الدائم من اللا شيء، وهكذا.
- لذا سيدتي الجميلة، كل ما عليكِ فعله هو تحويل زاويتك التي تنظرين منها إلى زاوية المعاكسة تماما،
- تخلِّ عن النظرة السلبية لكل شيء،
- تخلِّ عن لوم نفسك على الدوام،
- فكِّري ووجهي نظرك على البحث عن الحلول، فإن لم أجدها، على إذن حينها أن أقطع قرارا صارما، وأكون واعية بالنواتج التي ستنتج عن كل قرار، وأكون قدرها، وهكذا،
-تخلِّ عن السير خلف الأفكار-السلبية/اللوم/الجلد/الذنوب- مثلا: في شأن العادة السرية،
١- تخل تماما عن لوم نفسك وابحثي عن الحل، مثلا لم تجدين الحل في الزواج، تكلمي مع زوجك بهدوء-ليس عن العادة طبعا- لكن في أن هناك ضررا يقع عليك في هذا الجانب وعلينا أن نذهب إلى طبيب مختص ونرى كيف يحل الأمر؟، وهكذا تكونين واضحة صارمة في هذا الشأن.
٢- تخل تماما عن النظر لنفسك باحتقار، لأن هذه غريزة فينا كالغريزة التي تدفعنا للأكل والشرب، النظر باحتقار لأنفسنا آت من أسباب كثيرة دعنا منها، المهم أن تعلمي أن هذه الغريزة ليست أمرا معيبا يستدعي النظر باحتقار، ما دامت شيئا يلح عليّ ولستُ أنا اللاهث خلفها، بل إنك كما تقولين توقفين كثيرا إلحاحها عليكِ، وهذا جيد، ليس لأنه حرام أو ذنب، فهذا فيه أقوال أخرى، بالنسبة لي هذا جيد من حيث تدريب النفدس على عدم اللهث خلف كل ما يمر بخاطرها، لذلك هوِّني على نفسك جدا، واهدأي، ولا تنظري لنفسك باحتقار، ولا تجلدي ذاتك، وإن عدت من جديد لها، ليس عليكِ سوى الاستغفار بهدوء، وأن تسألي الله العفة، فقط هذا هو كل ما عليك، الدخول إلى مناطق الشعور بالذنب والاحتقار منكِ أنتِ، لا تنجرِّي خلف هذا أبدا.
- وهكذا، عليكِ أن تفكري في حلول وقطع أي فكرة تضرني، نحن بشـــــر، اعلمي هذا جيدا، ليس مطلوبا منا أن نكون ملائكة، ولا أن نتسفل إلى دركات الشياطين، نحن مطلوب منا الاعتدال، حتى في التعامل مع الذنوب، ليس علي سوى االنظر للنفس باعتدال، استغفر، أتوب، وأتجاوز، فقط هذا، الله أعظم وأكبر مما نظن، ويرحم عباده من حيث ضعفهم، لذا هوِّني على نفسك.
- سأنتظر مشاركتك القادمة جدا، وأطيلي كما شئتِ، سأسمعك بكل أذن صاغية، راضية، فاطمأني، على أن تخبريني أننا طبقنا ما قلناه للتو، وأتوجه إلى الله-جل وعلا- بالدعاء لكِ بأن يرطب قلبك ويرزقك الأفكار النافعة، والنفس الهادئة التي تكسبك السكون والسكينة.
-دمت سالمة سيدتي.