السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة ملتزمة ولله الحمد، تمت خطبتي على رجل صالح -أحسبه كذلك والله حسيبه- منذ 5 أشهر، وكنا في هذه الفترة نحادث بعضنا هاتفيا للسؤال عن الأحوال والصحة، ولم تكن تزد المكالمات عن 5 دقائق بتاتا، ونحن نعلم بضرورة التزام الحدود في الكلام وعدم الخضوع بالقول، وكان يأتي لزيارتي، ولكن ليس كثيرا، مرة كل شهر مثلا، وفي حضرة أحد محارمي بالطبع.
وقد تعلقت بخطيبي هذا كثيرا، وكنت أفكر فيه كثيرا لما وجدت فيه من احترام وطيبة قلب وسمو أخلاق، فأصبحت أقلق عليه جدا إن مرض، وأدعو له في صلاتي أن يبارك الله في عمله، وقد أحس مني بهذا الاهتمام أثناء مرضه، وأحسست أيضا أنه قد تعلق بي بشدة دون أن يصرح لي بشيء، ولكنني في الآونة الأخيرة أدركت بأنني مذنبة، وأنني أخطأت في تمادي علاقتنا هذه، برغم أنها -والله يشهد- كما ذكرت ولم يحدث في مرة واحدة أن تلفظ أحدنا بكلمة محرمة مع الآخر، ففكرت أن أحجم هذه العلاقة، وبالفعل عرضت عليه أن نقلل المكالمات تدريجيا حتى يتم العقد، وهو سيكون بعد أربعة أشهر تقريبا، وهو لم يعترض واستسلم وأدرك أن ذلك أفضل ابتغاء مرضاة الله.
ولكنني الآن أجد صراعا داخليا مع عواطفي، فأنا أحببته بالفعل وأصبحت لا أطيق فراقه، وأخشى أنه مثلي كذلك، خاصة أنني من عرضت عليه الفكرة، ولكنني أحاول أن أتأقلم، وأدعو الله أن يصبرني، وأن يعوضنا خيرا، لأنني لم أبتغ بذلك إلا وجه الله.
أريد منكم أن تنصحونني بما يعينني على الصبر، وأن تجيبوني بجواب يثلج صدري، ويجعلني أثبت على ما أنا عليه، فأنا غير نادمة بالمرة، ولكنني فقط أريد أن يصبرني ربي.
وأرجو منكم الدعاء بأن يؤلف الله بيني وبين خطيبي على طاعته،
وأن يكون ما اخترته سببا في زيادة المودة والارتباط بيننا وليس العكس.
16/5/2025
رد المستشار
أنا متفهمة تمامًا للصراع الذي يعصف بك، فأنت الفتاة المتدينة العفيفة التي استطاعت الحفاظ على طهرها طوال حياتها، وهي لا تتصور أن يُمس هذا الطهر أو يلوث الثوب الأبيض بأي بقعة سوداء، أو أن تقع في شبهة معصية مع أي غريب، حتى لو كان هذا الرجل سيصبح زوجها بعد بضعة أشهر.
ومن ناحية أخرى أنت بشر، قد اشتد بك الاحتياج للعاطفة، ودفء المشاعر، خاصة بعدما تذوقت بعضًا منها بعد خطبتك، مما أيقظ وألهب ما كان ساكنًا لسنوات، فأصبح من الصعب إسكاته الآن.
ولكن ما يخفف ويهون من هذا الصراع هو أن الفترة لن تمتد، وأن موعد العقد اقترب كثيرًا، فإحساسك بأن الارتواء قريب سيخفف عنك كثيرًا، تمامًا كما نشعر في نهار رمضان، ونحن نقوم بإعداد ما لذ وطاب من الأطعمة، ولكن كلما تذكرنا أن موعد الإفطار قريب هدأت نفوسنا.
هناك وسائل أخرى تعينك، وتخفف عنك مثل زيادة الصلة بالله تعالى، والصلوات، والذكر، والدعاء، والصيام، وكذلك شغل أوقات الفراغ، وملء يومك بالأنشطة، والقراءة والعمل والدراسة، هذا بالإضافة إلى قضاء بعض الوقت في الهوايات أو الأنشطة الممتعة؛ لأن القلوب إذا كلت عميت.
ولكن قبل هذا كله أذكرك بشيء، وهو: على قدر ثقتك بأن قرارك سليم، وعلى قدر اقتناعك الراسخ به، تكون قدرتك على الالتزام به، الناس لا يختارون كلهم اختيارًا واحدًا، وذلك لأنهم مختلفون فهناك -مثلا- من تتواصل مع خطيبها كثيرًا، ولكنها قادرة على السيطرة على تصرفاتها، فتسمح لمشاعرها بالنمو، وتسمح لنفسها بالتعبير العفيف عن هذه المشاعر، ولكن دون فحش أو خطأ.
وهناك من ترى أنها أضعف من هذا، وأنها غير قادرة على التحكم في تعبيرها، وأن العلاقة تبدأ عفيفة وبريئة، ثم تستدرج نحو الفحش والأخطاء. كل شخص أدرى بنفسه؛ لذلك فإن الاختيارات مختلفة.
أنت في حاجة للجلوس والتفكير مع نفسك بهدوء، لتعرفي أي الأنواع أنت، وكذلك خطيبك، وما هي الخطوط الحمراء التي يجب ألا تتجاوز، وما هي المشاعر البريئة والتعبيرات البريئة المسموح بها، والتي لا تتجاوز الحد، الفارق كبير وواضح بين السلوكيات والمشاعر والتعبيرات البريئة والتجاوزات الفاحشة.
أجيبي على هذه الأسئلة، وخذي قرارك المعتدل، وعندئذ تستطيعين الالتزام به بكل رضاء وسكينة، ستكون هناك مجاهدة -لا شك- ولكن مجاهدة من يعرف كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ وإلى متى يجاهد؟
اقرأ أيضًا:
فترة الخطوبة: حب عذري.. أم حرج شرعي؟
في الخطوبة.. معسول الكلام لا يكفي
فترة الخطبة
الخطبة للتعارف لا للاختبار!!