في البداية أود أن أخبركم أنني من متابعي هذه الصفحة دائمًا...
أما عن مشكلتي؛ فهي مشكلة صعبة جدًّا جدًّا.. كنت في المرحلة الجامعية أضع نصب عيني دراستي فقط، وكنت أرفض جميع العروض من قبل الشباب. بعدها تخرجت، واشتغلت، وقررت أن أستقر؛ ولذا أحببت أحد الزملاء وأحبني.. كان حبنا أجمل شيء في الوجود؛ فقد كان ارتباطنا قويًا، حتى تعلق كل منا بالآخر حتى صرنا لا نقوى على الفراق.
حدث أن أخبرت أخي بالأمر؛ فجاء الشاب وكلمه، ووافق أخي موافقة مبدئية، بعدها ارتبطت به أكثر... خططنا لكل شيء، بمعنى أننا سبقنا الأحداث لثقة بيننا.. ولكن "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"؛ فعندما جاء الشاب هو وأهله قوبلوا بالرفض بعد السؤال عنه؛ فهو شاب مؤدب وممتاز أخلاقيا، وأهله أناس طيبون، ولكن ما العيب...؟! العيب هو القبيلة والفارق الاجتماعي. حاولت التمسك به وتوسطت لدى أحد أقاربي، ولكن كلهم رفضوا مساعدتي، وقد جُرح الشاب في كرامته بهذا الرفض، وهذا السبب على الأخص؛ مما أثار غضب عائلته ورفضهم أيضا، فأصبحت مشكلة الطرفين، والضحايا نحن (أنا وهو) ولا ندري ماذا نفعل..
بعد التفكير وجدت أن هناك أحد الحلول: إما أن نقبل بواقعنا والانفصال عن بعضنا، وتحمل المر والفراق، والرضا بما حكمه علينا أهلنا.. أو الهرب معه؛ لأن أهلي من المستحيل أن يوافقوا، وأنا لا أدري ماذا أختار.. هل هربي معه يعني العيش معه في سعادة؟
أرجوكم أفيدوني. أنا في ذهني أحد الحلين، ولكن أريدكم أن تعينوني، وعند الإجابة على سؤالي سوف أكون على اتصال بكم لأخبركم بالتطورات.. وشكرًا لكم.
25/5/2025
رد المستشار
الأخت الكريمة، معايير القبيلة والمستوى الاجتماعي هي كلمات تعني مباشرة التكافؤ الذي ينبغي أن يكون متحققا كمقدمة لزواج ناضج.
هذا هو الأصل، ولكنه أبدا لا يعني أن وجود فارق ما لصالح الفتاة يكون سببا لازما لفشل محقق لعلاقة الزواج، خاصة أن آليات الصعود الاجتماعي وحراكه أصبحت ترتبط أكبر وأكثر بدرجة التعليم وأدوات الاتصال والمعرفة، وأصبح التعليم يحقق قفزات اجتماعية هائلة للذين يعرفون كيف يستخدمون مصعدا للارتقاء. ولكن الكثير من مجتمعاتنا العربية ما زالت غافلة عن هذه، ومتمسكة بمعايير القبيلة والأسرة والعائلة الكبيرة، وهي بالمناسبة معايير مهمة ولها وزنها، لكنها ليست وحدها حاليا معيار المفاضلة بين الناس وتقرير الحكم الاجتماعي عليهم.
والاختيارات أمامك ليست فقط كما تصفين، إنما أنت وفتاك أمام اختبار لمتانة العلاقة التي نشأت بينكما، ولا يظهر معدن الحب إلا حين يدخل أتون الواقع.
يسعك، وأنت ما زلت صغيرة السن، أن تصبري وتبحثي عن أطراف جديدة يمكنها مناصرة قضيتك، مع مراجعة سلامة اختيارك باستمرار، وعلى ضوء مواقف الطرف الآخر وتماسكه وسط موقف أهله الذين جرحهم الرفض.
أعرف فتاة انتظرت لسنوات تضغط بهدوء ولطف، وترفض كل من يتقدم إليها بدأب وأدب حتى استسلم الأهل وظفرت من أبيها بعدم الممانعة، وهي منزلة دون الموافقة، ولكنها غير الرفض القديم الذي كان يبديه.
الهرب مع فتاك لا يعني مشكلة لك مع أهلك فحسب، ولكنه سيكون مسبة اجتماعية عميقة الأثر وبعيدة المدى في مجتمع عشائري قبلي مثل مجتمعك؛ فهل تنويان العيش في بلد آخر بقية العمر؟ ولن تنجيا من هذه المسبة إلا إذا تأكد لكل المحيطين بكما على الأقل أنكما جادان في الاستمساك بالارتباط، وأن رفض الأهل متعسف، ويقوم على معايير ليست كافية وحدها لحرمان الابنة ممن هو كفء لها علما وخلقا ودينا، ولا يعيبه سوى أنه مولود لأسرة غير ذائعة الصيت، أو من قبيلة غير ممتدة الفروع.. وهذه كلها معطيات موروثة ليس لجهد الإنسان وكده وعرقه فيها نصيب.
راجعي اختيارك جيدا؛ فإذا تأكد لك أن هذا الشاب بعيوبه الشخصية والاجتماعية- ولا يخلو إنسان من عيوب- هو الأنسب لك، وهو نصيبك من السعادة، فعليك أن تواصلي الضغط على أهلك مستعينة بأصحاب الشأن وكبار العائلة والقبيلة، واستعيني بشبكة النساء من حولك، فإن لهن طرقهن في تطويع قلوب الرجال وعقولهن...
واقرئي أيضًا:
أحببت متزوجًا، وليس من القبائل
رفض الأهل وزلزلة قرار الاختيار
رفض الأهل ليس أهم الجوانب
وتذكري أن المجتمع التقليدي- وإن بدا أصلب موقفا- إلا أن في داخله أرقَّ قلبٍ يحمل أسمى مشاعر النبل والإنصاف، هذا إذا وجدت المفتاح الصحيح، والمدخل السليم.
وتابعينا بأخبارك.