مشاركة
الدكتورة سحر، سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات، وبعد..
أشكر لك ردك على السائل الكريم، ولكن استوقفني موضوع أن الختان الجائر هو النوع السوداني، وأود عبركم في هذه المساحة أن تتاح الفرصة لأهل الرأي والمختصين بالسودان لاستضافتهم وإبداء آرائهم حول الموضوع، كما أقترح أن تكون هناك مساحة للإخوة الأعضاء أو الزائرين للموقع وحلقات نقاش لسرد تجارب هذه العمليات لدى الفتيات المختتنات ومعاناتهم، خاصة بعد الزواج أو موقف الفتيات غير المختتنات بعد تنامي الوعي وإدراك مخاطر هذه العملية؛
أي بمعنى أن يكون هناك حوار مفتوح للجميع لإبداء الرأي حول الموضوع. ولك خالص الشكر والتقدير،
وللإخوة القائمين على أمر الموقع وجزاكم الله كل خير.
04/6/2025
رد المستشار
الأخ الكريم "ياسر"، أشكرك جزيل الشكر على اهتمامك بهذا الموضوع، وعلى اقتراحاتك القيمة في هذا الصدد، فما تقترحه هو عين ما يجب أن نفعله؛ حيث نحتاج لدراسات معمقة حول تأثير الختان الفعلي على الجوانب النفسية والعضوية والجنسية للمرأة المختتنة، ونحتاج أن تصل نتائج هذه الدراسات والحقائق حول هذا الموضوع بصورة مبسطة لكل إنسان؛ لأنني باحتكاكي البسيط والمحدود اكتشفت مجموعات مهولة من الأساطير السائدة والشائعة والقصص الوهمية حول هذه الممارسة، التي تكرس وترسخ في الأذهان أهمية إتيانه، وخصوصا في الأوساط الشعبية.
وهذه الأساطير والقصص تروج إلى أن الختان هو طوق النجاة لكل فتاة؛ حيث يمنعها من الانحراف قبل الزواج، ويكبت شهوتها بعد الزواج؛ لأن الرجل لا يحب المرأة التي تتجاوب وتتفاعل معه!! وينسى هؤلاء أن مصدر الرغبة يكمن في العقل، وأن وظيفة البظر هي المساعدة في إتمام المتعة والوصول للحظة الإرجاز، وينسى هؤلاء أن الدراسات تؤكد أن حوالي 95% ممن يمارسن الدعارة من المختتنات، كما ينسون أن بعض من تعرضن للختان العقلي المستمر منذ سنوات الطفولة يعانين من برود جنسي، رغم أنهن لم يتعرضن للختان الجسدي؛ فالختان لم يكفل العفة عند المجموعة الأولى، ولم يكن هو المتحكم في رغبة المرأة عند المجموعة الثانية.
* اتفق الكثير من العلماء على أن الختان لم يكن موجودا في المجتمع المكي، وأن بنات الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يتعرضن لهذه العملية، وأن الرسول بحديثه لأم عطية أراد تنظيم عادة الختان الشائعة في المجتمع المدني، وللدكتور محمد سليم العوا بحث واف حول هذا الموضوع، ولكننا ما زلنا بممارساتنا نسمح لأعداء الإسلام أن يوجهوا طعناتهم المسمومة للدين الإسلامي.
وقد يكون مبررنا للتقاعس عن التحقيق والمراجعة هو خوفنا من أتباع الغرب، كما قالت لي إحداهن منذ عدة أيام: لماذا نبحث عن رأي الشرع؟ ألا يعتبر هذا اتباعا لأهواء الغرب؟!! قلت لها: إن الفيصل في هذا الأمر هو ماذا نأخذ؟ لا: عمن نأخذ؟ فالحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها، والتحقيق والمراجعة بواسطة العلماء والمتخصصين أمر واجب وضروري في كل الأمور إلا الأمور القطعية التي لا تحتمل آراء، وواجبنا التمسك بما هو من الدين، وطرح كل ما هو من التقاليد والعادات طالما أنها تضر أكثر مما تنفع.
ويحضرني في هذا الصدد الحملة الشرسة والضجة التي شنها أعداء الإسلام عليه دفاعا عن حق أمينة النيجيرية التي وُجدت حاملا دون أن يعرف عنها أنها متزوجة، ورغم أنها لم تعترف بأنها حملت سفاحا، ولا يوجد شهود على واقعة الزنا، ورغم أن معظم العلماء اتفقوا على أن الحمل لا يعتبر بينة على الزنا (حيث يمكن أن يكون من زواج سري)، ورغم أن القاعدة الأساسية الثابتة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم: "ادرءوا الحدود بالشبهات".. فإن القوم أصروا على تطبيق حد الرجم على هذه المرأة؛ فهل هذا اتباع للدين أم اتباع للهوى والتقاليد؟ ومن هنا الذي يسيء للإسلام: أبناؤه أم أعداؤه؟!!
* أنواع ختان الإناث (أو الخفاض) متعددة، وتتدرج كما ذكرت سابقا من غزالة الفلقة الموجودة فوق البظر وهذا أقل الأنواع ضررا، وتنتهي بالنوع السوداني (ويسمى أيضا الفرعوني). وممارسة هذا النوع لا تقتصر فقط على السودان، ولكنه شائع أيضا في بعض الدول الأفريقية، ويتم فيه قطع كل الأجزاء التي تعلو الجلد (البظر والشفرين الصغيرين والكبيرين)، ثم تتم خياطة هذه الأماكن بحيث لا تترك إلا فتحتين إحداهما تسمح بمرور البول والأخرى لمرور دم الحيض، وهذا النوع يسبب معاناة كثيرة جدا للفتاة، منها الآلام الشديدة أثناء الحيض، كما تحتاج الفتاة لإجراء عملية جراحية عند الزواج، وكذلك عند الولادة.
* أعتبر أن رسالتك هي دعوة لكل فتاة تعرضت لهذه التجربة أن تقص علينا آثارها النفسية والجسدية عليها قبل وبعد الزواج، وأن تحكي لنا هل فعلا نجح الختان في وأد كل رغبة تتحرك بداخلها كما يدعون؟ وفي المقابل أرى أنه من الضروري أن تتحدث الفتيات غير المختتنات أيضا عن تجربتهن حتى نتمكن من المقارنة المنهجية.
وأشكرك جزيل الشكر على إيجابيتك واهتمامك، وأدعوك للمزيد من المشاركة.