السلام عليكم ورحمة الله
دكتورتي العزيزة، أنا فتاة في منتصف الثلاثينات من العمر غير مرتبطة وذلك مثلي مثل العديد من الفتيات وإن أكثر ما يؤلمني في هذا الوقت هو نظرة الناس ومن حولي أنا الحمد لله ناجحة في عملي وعندي مواهب عديدة أمارسها خوفا من أن أشعر بفراغ في حياتي ولكن عندما أجالس الناس فلا يكون حديثهم سوى عن أن فلانة تزوجت من يكبرها بثلاثين عاما وذلك لأن أحدا لم يتزوجها وهي الآن في الثلاثين وأي شاب سينظر لها فهي عانس أو تتزوج ممن هو أضعاف عمرها أو بعمر والدها أو حتى أكبر من ذلك وربما العديد من الشباب من في عمرنا لم يتزوجوا حتى الآن فلمَ ينظرون إلى من في عمرنا
أن هذا الكلام والحديث جعلني أشعر بالحزن العميق وكأنني أشرفت بأن ألقى إلى التهلكة وأرغب أن أموت على أن أرتبط بهذه الطريقة فأنا ما زلت أحلم بشاب إن لم يكن عمري فربما أكبر مني ببضع سنوات
ولكن ما يخيفني أن العمر يسير أسرع مني دون أن أدرك منه شيئا وهذا الأمر صار يأخذ كل تفكيري أكثر من أي وقت سبق وأشعر بأني في صراع مع نفسي لا أعرف كيف أتخلص من هذه الأفكار والناس ترشها كالنار في صدري ونظراتهم كالرصاص الذي يقتل ولا يرحم أنا لا أكذب عليك، ولكني أشعر بأنني أكبر من عمري 30 عاما مع إني ما زلت بملامح العشرين.
لكن مجرد تفكيري بالأمر بدأ يهلكني ويشتت أفكاري ويبعدني عن كل ما كنت أحب أن أعمله بدأت أشعر بأن حياتي أوشكت على نهايتها
أرجوك ساعديني كيف أتصرف وأتخطى هذه المحن’
28/6/2025
رد المستشار
الأخت الفاضلة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أحيي فيك صراحتك في التعبير عن مشاعرك، إن ما تشتكين منه ليست مشكلتك أنت وحدك، ولكنها مشكلة الكثير من الشباب في وقتنا الحاضر ، في ظل ما نعانيه من تدهور في المستوى الاقتصادي والأخلاقي وانتشار البطالة، كل هذه العوامل كان لها أثرها السيئ على الشباب وأدى إلى تأخر سن الزواج بصفة عامة.
وفي ظل هذه الظروف فلا تعتبري نفسك أنك ممن تأخروا في الزواج، بل أنت ما زلت صغيرة.
واعلمي أن الزواج رزق والرزق مكتوب لك منذ أن كنت في بطن أمك.
تعالي ننظر للأمر من زاوية مختلفة وسوف أطرح عليك سؤالا هاما، بل هو أهم تساؤل في الحياة لماذا خلقنا الله رجالا ونساء؟ هل خلقنا فقط للزواج والإنجاب؟ أم شاء قدرته أن يخلقنا لما هو أخطر من ذلك؟ لقد خلقنا لمهمة استخلاف الأرض وعمارتها فقال "إني جاعل في الأرض خليفة" وجعل الزواج والتناسل أحد سبل عمارة الأرض
ولكنه ليس السبيل الوحيد فهنالك سبل كثيرة وعلى العاقل أن يجتهد في البحث عن سبل عمارة الأرض فلا يخرج من الدنيا إلا وقد خط خطا في صفحتها ليحقق مراد الله من خلقنا فاجعلي لحياتك معاني جميلة أخرى ولا تركزي على موضوع الزواج حتى لا ينغص عليك حياتك وأنت مازلت شابة وتتدفقين بالحيوية والنشاط، بل اشغلي ذهنك ووقتك وانظري في هواياتك واستمتعي بها ونميها ونمي عقلك وروحك وتخيري من الصحبة الصالحة التي تعينك فأنت كشابة مسلمة مطلوب منك الكثير
مطلوب منك أن تتعلمي أكثر عن دينك وتحفظي الكثير من القرآن، ومطلوب منك أن ترشدي من حولك إلى الطريق القويم ومطلوب منك أن تخدمي مجتمعك.
يا أختنا أنت ومثيلاتك من الشابات تملكن الآن وقت يمكنكن استثماره في أشياء كثيرة ومفيدة، ربما بعد زواجكن وبعد أن يرزقكن الله بالذرية الصالحة، تفتقدن كل لحظة فراغ، وتشتكين من قلة الوقت.
فاستمتعي بوقتك واستفيدي منه وأفيدي به الآخرين، فلكل فترة في العمر لذة ومميزات لن تجديها في المرحلة التي تليها، فانطلقي ولا تجعلي الفكر يشغلك عن العمل.
وأنت فعلا تشغلين وقتك بالمفيد وسيجعل هناك فرصة لتتعرفي على عدد أكبر من المحيط العائلي وممكن يساعد في أن تجدي الإنسان المناسب لك ولكن أحرصي على أن يكون العمل في مكان محترم وأن تكوني ملتزمة فيه بالآداب العامة الإسلامية.
أرجو من الله العظيم رب العرش العظيم أن يرزقك الله زوجا صالحا تتقي الله فيك، يناسبك وتناسبيه وتقر عينك وعين أهلك به، وأن تقر عينه وعين أهله بك وأن يوفقكما للخير حيث كان وأن يرزقكم بالذرية الصالحة التي يرضي الله عنها وأن يعينكم ويوفقكم في ان تحسنوا تربيتهم ليكونوا من جيل النصر المنشود.
واقرئي أيضًا:
منتصف الثلاثين: برد العنوسة الحزين!
تأخر الزواج: صوت عالٍ، وصدى أعلى
تأخر الزواج: أعرف ألا حل لمشكلتي!
تأخر الزواج: عزوف الشباب عن الحلال!