أنا فتاة في السادسة عشرة، ومشكلتي التي تضايقني هي أنني عندما أحب فإنني أحب من أعماق قلبي... لا تظنوا أن هذا شيء جيد، بل على العكس، يكفي أن أحدًا لا يعطيني القدر نفسه من المشاعر التي أعطيها إياه، لقد حاولت مرات عديدة أن أتوقف عن الحب بهذه الطريقة، ولكني لم أستطع، أرجوكم انصحوني؛ حتى لا تصيبني الصدمات في الحياة.
22/7/2025
رد المستشار
الحل السريع والأكيد لتجنب صدمات الحياة هو الامتناع عن الحياة!!
ماذا تريدين منا أن نقول لقلبك الأخضر البريء الذي يحب من الأعماق؟! لأنه يعيش مرحلته السنية وفيًّا لخبراته البسيطة، وتجاربه المتواضعة، لماذا تستعجلين النضوج والحكمة؟!! وهل يمكن نقل الخبرات المؤلمة بكلمات مهما كانت؟! وهل هذا شيء مطلوب ونستطيع القيام به فعلاً؟! وهل يتعلم الإنسان إلا من خبراته الشخصية الأليمة؟!
إذا أردت سماع قصص عن تجارب سالبة، وتعتقدين أن هذا يحقق لك ما ترغبين فصفحتنا تمتلئ بكثير من الخواطر المنكسرة، والقلوب المكلومة... فهل مقابلة الحياة من وراء غلالة سوداء على العين قد صار طموحًا لدى بعض جيل اليوم في مواجهة قسوة الواقع؟!
وإذا كنت تريدين التعلم؛ فالناس حولك، وكتاب الحياة المنشور مليء بما يردع عن الحب من الأعماق.
أختي، يقول الرسول المصطفى: "أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما" فلماذا تراه يقول ذلك؟!
لأن البشر مطبوعون على التقلب، ولذلك قالوا: دوام الحال من المحال، فسبحان الباقي، ولأنه هو وحده قديم منذ الأزل، وباق إلى الأبد، وما بعد الأبد، ولأن الخلق يريدونك لهم، وهو يريدك لك، ولأنه لا يَضل ولا ينسى، ويعفو ويغفر، وهو أرحم بالعبد من الوالدة بولدها، وهو الكريم الذي لا يمل العطاء، والقريب الذي لا يحتاج النداء، والأنيس المؤتمن في السراء والضراء؛ ولأنه أكمل من اكتملت فيه صفات الحبيب: يستر القبيح، ويجازي على الحسن بالأضعاف المضاعفة، ويتجاوز عن الإساءة، ويجازي إحسان الضعيف بإحسان العظيم، وقد كمل فيه كل ما نقص في خلقه وزيادة، فاستحق أن يكون وحده "الحبيب" ولا يشعر مؤمن بحلاوة الإيمان إلا إذا كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وكل حب لشيء أو شخص يكون بعد ذلك فيه.
يا أختي، هو فقط الله سبحانه وتعالى أحبيه من أعماق الأعماق، ولا تخافي بخسًا ولا هجرًا، ولا صدًا ولا صدمة، ودعي الأيام تعمل عملها، وتمارس دورها في إلجام العواطف بالعقل.
اللهم علمنا كيف نحبك كما علمتنا كيف ومتى تحبنا، اللهم ارزقنا حبك، وحب من يحبك، يا رب ماذا نعني إن فاتنا حبك؟! يا رب فهمنا أنه لا موجود إن فقدناك، ولا مفقود إن وجدناك.