مساء الخير
أتابع موقعكم منذ فترة وتعجبني جدا ردود د. حنان طقش فأرجو أن تكون هي مستشارتي.
أنا آنسة سني 35 سنة ولا أريد الزواج، وأريد أن أعيش بحرية، دون رفقة أو التزام. أعرف كيف أعيش بهذه الطريقة، ولا أجد مشكلة في ذلك، لكن الهدف من ذلك هو أنني لا أتحمل المسؤولية، ولا أحب أن أتحملها رغماً عني. الآن أنا فتاة في الخامسة والثلاثين من عمري. لدي أخ واثنان من أبناء عمومتي. أناديهم "ماما" وقد ربّوني مع أمي. هي وأمي ربّتانا نحن الأربعة معًا: أنا وأخي وأبناء عمومتي، ولد وبنت.
الآن أخواتي الثلاث، كل واحدة منهن تزوجت ولديها منزل وأطفال، وتركن المسؤولية كاملة عليّ وحدي. أنا أختنق، والله، لأن أمي وخالتي عندما كبرتا، أصبحتا كالنار والبنزين، تتشاجران مع بعضهما البعض وتؤذيان بعضهما كثيرًا. وعندما كبرتا، أصبحتا شديدتي الحساسية.
أبناء عمومتي يسافرون إلى الخارج ولا يعودون إلا شهرين في السنة... أعمل من... البيت ولازم أدفع ثمن الأكل، وحتى لما أمي أو خالتي تطلب أكل لأولادها أو أحفادها اللي بيتطلب مجهود، أنا اللي أتحمل العبء طول الليل...
فكرت أطلع وأدور على شغل تاني، بس ما لقيت. فكرت أعمل حساب على تطبيق مواعدة وأتزوج، بس ما قدرت لأني أكره الزواج... حاولت كتير أقنع أختي تروح وتعيش مع أمها أو تأخدها تعيش معاها، بس مافيش فايدة. بتتقبل الموضوع بالضحك والنكات. أنا مخنوقة لأن المسؤولية كلها عليّ.
كنت عايزة أكون حرة وأخد دورات كتابة لأني بحبها، بس لا عندي وقت ولا فلوس. مش قادرة أطبخ الصبح وأشتغل بالليل، وإذا شفت مسلسل، ده كل حاجة.
مش عارفة أعمل إيه.
27/7/2025
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا عزيزتي "منال" عسى أن أكون عند حسن ظنك. لنبدأ من الأفكار اللامنطقية أو الطفولية التي تعبر عن رفضك تحمل أي مسؤولية ورغبتك في الحرية التامة، أقول لا منطقية وطفولية لأن هذا أمر غير ممكن في الواقع، ألا تقرئين حديث الرسول عليه الصلاة والسلام كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته وهو حديث صحيح. تنقص تنشئتنا أحيانا الإعداد الفكري والفلسفي للحياة، يطلب منا اتباع التعليمات دون تفكير ولا اعتراض لنحصل على رضا الوالدين، بينما رب العالمين خالقنا أمرنا باستخدام العقل والتفكير والتدبر. التدبر والتفكير يحكم بأن لا حرية في الحياة من المسؤوليات وفي أحسن الحالات يمكن لنا اختيار المسؤوليات التي نحب أو نريد أو حتى نستطيع القيام بها.
عدم رغبتك بتحمل أي شكل من المسؤولية ولا حتى مسؤولية نفسك من خلال المساهمة بمصروف المنزل مع والدتك وخالتك خلل كبير تحتاجين لإصلاحه. وحدهم الأطفال يظنون أن رغباتهم يجب أن تلبى دون أن يترتب عليها أي التزام من جانبهم وعندما نكبر وتصبح لدينا قدرة على التفكير نعرف بأن علاقتنا مع خالقنا قائمة على المسؤولية، يجب أن ندعوه ليستجيب لنا مع أنه عالم بأحوالنا ورغباتنا، نصلي لنحصل على رضاه مع أنه غني عنا.
كيف تكونين خليفة الله في الأرض حاملة أمانة توحيده ولا ترغبين بتحمل ما هو أقل من ذلك من مسؤوليات مثل مسؤولية نفقاتك أو التعامل مع نزق والدتك وخالتك التي هي بمثابة والدة ثانية لك، ولا حتى المشاركة في الطبخ، عزيزتي هذا مخالف لثوابت الحياة أو سنة الله في خلقه، وسنة الله في الخلق ماضية وإن عارضتها ستعانين.
لا أعترض على عدم رغبتك في الزواج طالما كنت قادرة على الحفاظ على نفسك من الانحراف، فمن نعم الله علينا أن منحنا فرصة اختيار المسؤولية التي نطيق، فما المسؤولية التي تظنين أنك قادرة على حملها وأول هذه المسؤوليات التي يجب عليك القيام بها مسؤوليتك عن نفسك.
أحذرك وبشدة من اللجوء الى تطبيقات المواعدة فهي تعج بالعابثين وشخصيتك غير قادرة على التعامل مع هذه النماذج. رغم أن الزواج ليس حلا أو طريقة للتخلص من مسؤوليتك تجاه والدتك وخالتك، ولكن إن اخترت هذا فاتبعي الطرق المعتادة من شخص تعرفينه في الحياة الاجتماعية أو المهنية.
ذكرت أنك تعملين من المنزل ما هو عملك يا ترى، وما إمكانية نقله إلى مكان خارج منزلك، تحتاجين للخروج من المنزل بصورة يومية كي يقل احتكاك بالشقيقات اللواتي على الأغلب ستقل مشاحنتهن في حال غيابك أو غياب من يقوم بالتوسط بينهما. هل يمكنك القيام بعملك من خلال الحاسوب في مكان ما، مكتبة عامة مثلا أو قاعة دراسية عامة.
من اللامنطق ملازمتك للمنزل وتوقعك ألا تتأثري بما يجري فيه من خلافات بين الشقيقات، لا تشغلي بالك ولا تحاول التدخل لحل هذه الخلافات، أعلم أنها مزعجة ولكن تدخلك غالبا سيزيد الوضع سوءا مع التي تراك لا تتبنين وجهة نظرها.
استمري في البحث عن عمل، وابحثي عن فرص للتطوع في مجال تحبينه، طوري هوايات جديدة والإنترنت مليء بدروس مجانية فابحثي عنها. التزامك المنزل وحصر تفاعلك مع والدتك وخالتك وتراجع رغبتك في تحمل المسؤوليات مهما كانت يدفعني لأطلب منك إجراء اختبار للتحقق من مزاجك فربما تعانين عزيزتي من شكل من الاكتئاب أو عسر المزاج وتحتاجين مساعدة قبل أن ينقضي المزيد من عمرك.