أبي الرجل الوحيد
لطالما رسمتُ لك في ذهني وأحاديثي صورةً موازيةً، صورةً لأبٍ يضعني وعائلتنا الصغيرة في مقدمة أولوياته، يحبنا ويهتم بنا حبًا لا يُضاهى، ويختارنا ويرعانا كل صباح، ... إلخ. ازدادت هذه الصورة قوةً كلما ابتعدتَ جغرافيًا، ولكن كلما عدتَ، لا تُثبت فقط أن هذه الصورة الحالية لم يكن لها تاريخٌ على الأرض، بل تُحيي أيضًا الذكريات السيئة التي غرستها فيّ، وتُحطم تلك الصورة الواضحة التي أتمسك بها لأبقى على قيد الحياة.
إن إعطائي كل هذا الرفض بتفضيل الآخرين وتقديم أي شخص على الآخر هو على الأرجح أسوأ فصل في قصتي، فصلٌ كلما ظننتُ أنه انتهى، تُصرّ على إعطائي مواسم جديدة منه. لم يسبق لي أن تألمتُ من أحدٍ أكثر من هذا.
لقد آذيتني في صغري، وتؤذيني في حاضري، وتُسبب لي في المستقبل جروحًا أكثر مما أعانيه من تلك التي أعرف أنها ستحملها إلى الأبد. أتمنى لو كنتَ الرجل الصالح في قصتي.
ولكن، لهذا السبب، ستظل دائمًا أبي الرجل الوحيد في حياتي.
لا مكان لجروحٍ أخرى من رجالٍ آخرين، ولا شجاعة ولا جرأة لترك مثل هذه الندبة التي تدوم مدى الحياة على أي طفل.
18/8/2025
رد المستشار
"صديقتي"
لا داعي لكل هذه الدراما ولعب دور الضحية وتعميم شخصية أبيك وإسقاطها على كل الرجال.
سبب المشكل الحقيقي هو الصورة الخيالية التي رسمتها لأبيك بناء على أمنياتك أو توقعاتك بدون فهم طبيعة شخصيته وتربيته وأسبابه للتفرقة في المعاملة.... تجعلين من تمسكك برغبتك في أن يكون أبا مختلفا سببا للتمسك بالحياة نفسها.
أنت من اخترعت هذه الصورة وتلك المعاني ولكن الحياة لا تسير طبقا لرغباتنا لمجرد أننا نرغب.... أسلوب أبيك سوف يتغير عندما تتقبلينه كما هو وتكفي عن اجترار الآلام الناتجة عن أنه مختلف عن توقعاتك أو ما تريدين.
من الوارد أيضا أنه يحبك حبا شديدا ولكنك تخذلينه مثلما تحسين أنه يخذلك.
اسألي نفسك كيف أنت مماثلة لأبيك؟ ما هو وجه الشبه ولو رمزيا بين ما يفعل وما تفعلين معه؟ لماذا تريدين منه ما تريدين؟ وما الذي تعطينه له في المقابل؟
أنصحك بمراجعة معالج نفساني لمناقشة هذه الأمور ووضع خطة لتصحيح المفاهيم... وظيفتنا في الحياة أن ننجح ونسعد بالرغم من الظروف.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
واقرئي أيضًا:
أبي بعد 26 سنة: ليس كما كنت أظن!!
أحيا في جلباب أبي: كان نفسي يحبني!
أبي همي الكبير.. لماذا؟!
أنا وأبي.. عواقب التنصت