لا أدري من أين أبدأ حديثي، ولكن بداية الأمر أود أن أشكركم على مجهوداتكم وخدماتكم لجميع المسلمين والمسلمات في جميع أنحاء العالم، جزاكم الله خيرا، وجعله في ميزان حسناتكم.
أود أن تشاركوني في مشكلة لم أشرك أحدا غيركم بها، وهذه طبيعتي فأنا لا أحب أن أحكي لأحد مهما كان عن مشاكلي لسببين: الأول أني أعتمد على الله وأشكره على السراء والضراء، وأعلم أنه الخير لي، والسبب الثاني هو أنني لا أحب أن أحمل أحدا مشاكلي.
وأحمد الله فكنت دائما أعرف طريقي، ونشأت على المسؤولية والاعتماد على النفس واستماعي لخبرات الآخرين، وأيضا حبي للقراءة، مما جعلني أستفيد أكثر وأنمي عقلي دائما وأغذيه.
المهم ببساطة أريد أن أنسى شخصا ولا أستطيع، كنت أحسب أنني أتحكم في قلبي، ولكن للأسف قلبي الآن يعاندني ويتعارك مع عقلي، وأتمنى من الله أن يمن علي بقلب مطمئن ساكن وقور هادئ صالح أعبد الله به.
أنا من مدينة صغيرة، ومن عائلة معروفة اجتماعيا وخلقيا، والحمد لله، بعد أن أنهيت الثانوية العامة، ومن أول سنة جامعة بدأ الخطاب يطرقون الباب، وكنت أنا وأبي ذوي رأي واحد، وهو أن لا ارتباط قبل إنهاء الجامعة، والدي كان يخشى أن الارتباط يشغلني، وهو لا يحبذ فترة الخطوبة الطويلة.
أما أنا فكان هذا الموضوع لا يشغلني ساعتها، وكان يشغلني دراستي فقط وبعد إنهاء دراستي، بدأت أهتم بالموضوع.
وجلست مع نفسي ورسمت صورة معينة لشريك حياتي، ليست ذاتية ولكنها شخصية خصوصًا بعد أن التزمت أكثر من ذي قبل، وعرفت حقوق الزوج ومدى قدسيتها وعظمتها ومدى حقوقه علي دين يتبعه خلق بأخلاق معينة أتمناها وصفات وأهداف وأمنيات مشتركة يعني يكون بيننا توافق ويكون فعلا نكمل بعضا، ونتفوق مع بعض برعاية الخالق.
ولم أجد هذا الشخص، بل وتخيلت للحظة أن أنسى الموضوع نهائيا، وأتفرغ لدراستي الدينية وأشياء ثانية شاغلة وقتي وأترك الموضوع نهائيا، ولا أفكر فيه نهائيا وربنا حين يريد سيتم. والله يعلم ما يكنه قلبي وتريده نفسي وسيوفقنا لبعض.
بعد ذلك تعرفت على شخص أحسبه على خير توسمت فيه الخلق والدين وتقريبا كانت أشياء كثيرة بيننا مشتركة، بل وطريقة التفكير وأكثر من ذلك وأحس بمثل ما أحس به أو على الأقل قال لي هذا وطريقتنا كانت واحدة أحسست فعلا أنه ساكن قلبي وتوأم روحي وأن هناك توافقا كبيرا بيننا.
أحسست أن قلبي يسرق مني، هدّأت قلبي وقلت له اصبر لنرى ماذا سيفعل؟ وبالفعل جاء منزلنا وتحدثنا وازداد الارتباط، وقلت انتظر عندما يسأل والدي عنه، وقلبي متسرع وعقلي يتحكم فيه بشتى الطرق فربما هذه مجرد صورة تخفي وراءها حقائق أخرى.
وعندما سأل والدي عليه وجد ما يسره فهو فعلا إنسان ملتزم وعلى خلق ودين والجميع يحبونه وذوق في تعاملاته، فرحت جدا جدا، وحاولت ألا أظهر فرحي له.
وبعد ذلك حدث اختلاف في الاتفاقات المادية، اقتناع عقلي وقلبي به جعلني أسارع في حل هذه النقطة وكان من السهل جدا أن تحل، وضغطت على كرامتي وعقلي وبدأت أنا بحل المشكلة رغم أن الصواب أن يبدأ هو، ويحل هو، ولكني سمعت كلام قلبي لأول مرة وتوقعت سعادته، وأحسست بأنه فرحان في البداية. ثم قال لي أليست هذه نتيجة الاستخارة سألت واستفسرت قالوا لا فالأشياء الدنيوية تحل.
وبعد ذلك قال لي إن والده قد رأى رؤيا ليست لصالحنا، صدمت وأحسست بأني أخطأت في حق نفسي حين بعثت له، وحللت مشكلة الماديات.
وسألت عن الرؤيا شيخا من أهل البيت أثق به، وقال إن علم الرؤى كبير، وإن الرؤيا جزء من النبوة، وقال لي حديثا صحيحا بالإضافة إلى أن رؤيا المؤمن تكذب، وقال لي أيضا بأن لو كان قلبه وعقله مقتنعين فليكمل.
فذكرت له ما قال، وأخذ رقم التليفون واتصل هو بالشيخ الذي استشرته؛ لأنه استشار ثلاثة شيوخ ونصحوه بعدم إتمام الموضوع، وقال لي إنه يريدني، ولكن يشعر بأن الله لا يبارك هذه الزيجة قلت له خلاص ربنا يوفقك.
وعندما جلست مع الشيخ الذي أثق به قال لي أنا أعرفك، وجلست معك، ويا ابنتي من خلال مكالمات الشخص الذي تقدم لك توسمت فيه الذوق، وأنه صاحب فكر، ولكنه إنسان سلبي كلامه معي دائما: "أصل والدي رأى والرؤيا تكررت لوالدي"، وهكذا، وأنت تستحقين من هو أفضل منه.
كما أن الرؤيا يا ابنتي لا يراها أي أحد، وصلاة الاستخارة تكون نتيجتها بالقلب والعقل والراحة النفسية، ولكن إن حسم تردده وسلبيته فعلى بركة الله ما دام استطاع أن يدافع عن حقه في اختيار شريكة حياته.
وجعلت القرار النهائي بيده، واختار إنهاء الموضوع وكان يريد أن يحدثني ليشرح لي بعض الأمور فرفضت، وقلت لنفسي كفاية ولازم الآن أبدأ مرحلة النسيان.
المشكلة أني تعبانة جدا جدا جدا، ولا أعرف كيف أداوي قلبي رغم أني أتظاهر بالقوة فإنه جرح أعز ما أملك (قلبي).
بسبب هذا الموضوع توقفت عن الدراسة الدينية، ولا يصح الغياب أكثر من خمسة أيام فيها، ومرضت ولأنني كتمت ما أشعر به حدث لي تعب عضوي، وقال لي الطبيب إن علاجه بسيط، ولكن السبب في ذلك ضيق نفسي.
وبعد ذلك قررت أن أملأ حياتي كلها يوميا حتى لا يكون عندي ولو دقائق للتفكير فيه، وجلست مع نفسي وحاور عقلي قلبي، وقال له كما قال لي الشيخ: إنه لا يستحقك، قلبي، إنه باعك والإنسان قد يبيع شيئا اشتراه، لكنه لا يبيع قلبا قد هواه، وأنت أعز ما أملك ويجب أن تهب حبك هذا لمن يبادلك بنفس المقدار بل وأزيد، واقرأ الحب في الإسلام ومدى حب عبد الله بن أبي بكر لعاتكة وغيرها حتى أقنع قلبي بأنه يستحق الأفضل، وأقول له احمد الله أنك عرفت ذلك يا قلبي في بداية الأمر وليس بعد ذلك، وإنك تستحق من هو أفضل، وأكرر الكلام حتى يقتنع، وقلبي يعاندني.
كنت أقسم وقتي؛ الصباح لأعمالي ومذاكرتي وجميع المشاوير، والليل للقراءة والهدوء والجلوس مع الأهل والأصدقاء، وبسبب هذا الموضوع غيرت حياتي حتى لا أفكر فيه فضغطت على نفسي بأعمال زائدة وأشغال ودورات وندوات ودروس دينية ومدني شيخي، -جزاه الله خيرا- بكتب أكثر؛ لأنه يعرف أنني أحب القراءة، ولكن للأسف لا أستطيع فما زال يسيطر علي رغم انشغالي.
وما زلت أبكي وما زال قلبي يعاندني، كنت أظن أنني أستطيع أن أتحكم فيه، ولكنه حتى الآن ومنذ ثلاثة أشهر لا يتوقف عن حبه، وخلال الأشهر الثلاث تقدم لي آخرون، ولكني لا أستطيع التجاوب مع أحد "مش عارفه ليه، خايفة أظلم من سأرتبط به ومش قادرة أتحدث مع أي شخص متقدم".
ولو تكلمت أسارع بالرفض، بل ومرة رفضت دون أن أرى المتقدم أو أجلس معه. يا الله ارحمني بالله عليكم كيف أنساه؟ ماذا أفعل كي أنساه؟ ما الوسيلة؟ لو عندكم حل يا ريت تقولوا لي، لأنني فعلت أقصى ما في طاقتي وما زالت أحاول وأملي وحلمي ودعائي أن يرحمني الله وينزعه من قلبي، وأرجو أن تدعوا لي بذلك أيضا.
وجزاكم الله خيرا على سعة صدوركم،
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته..
21/8/2025
رد المستشار
ابنتي الحبيبة..
يطمئن الإنسان إلى نفسه وإرادته معظم الأوقات حتى تأتي تحديات الحياة فتؤكد هذا الاطمئنان أو تنفيه.
وأنت الآن في أحد تحديات حياتك الحقيقية فهل ستنجحين؟
فخبرات الحياة لا تسطر بحق إلا بخوض التجارب وغالبا ما نستفيد من تجارب الألم أكثر بكثير من تجارب الفرح، وأريد أن أسألك سؤالا قد يستثير سخريتك إلا أنني سأسأله.
لماذا أنت حزينة؟... ودعيني أجب معك..
هل لأنك فقدت حبا حقيقيا؟. كلا، فإنه ليس كذلك إنه فقط أول حب، وأول حب ليس بالضرورة أن يكون ناضجا سليما، ولكنه يمس شعور التذوق الأول لحديث القلب، وهنا تكمن قوته وهي -بالمناسبة- ليست قوه حقيقية؛ لأنك فيه لا تفارقين حبا حقيقيا، ولكنك تقاومين فقط أولى الذكريات.
هل لأنك فقدت شخصا ملتزما متدينا؟ فما أقبح التدين السلبي الذي لا يستطيع صاحبه أن يقرر قرارا مصيريا إلا بالاعتماد على رؤيا أو منام.
هل لأنك تنازلت عن عقلك وسلمت القيادة لقلبك؟ إلا إنه ليس تنازلا وإنما كان تفاوضا منضبطا ليأخذ القلب بعض المساحة المشروعة له، ولكن كان الخطأ أنك تفاوضت في أمر جاد مع شخص غير جاد.
هل لأنه هو الذي تركك؟ فما أجمل أن يستقر الإنسان ويرى الحقيقة، وإن كان الثمن بعض الألم وبعض الجراح، فهل يكون الإنسان إنسانا إلا إذا قاوم ما يحب وتحمل ما يكره.
وأخيرا..
ابنتي الحبيبة أنا أشعر بكل كلمة سطرتها في رسالتك، وأدعو الله من قلبي أن تنتعشي وتعودي للحياة زهرة باسمة جميلة منطلقة ومحبة للحياة، وسوف تنجحين في هذا الاختبار فكل أمر يبدأ صغيرا ثم يكبر إلا ما يكرهه الإنسان فإنه يبدأ كبيرا ثم يصغر.
وإليك معادلة الشفاء:
[الصبر+ الدعاء+ الوقت= نجاح الإرادة والقدرة على المقاومة]
فلا تخسري أكثر مما خسرتِهِ من وقت مهم في التشبث بشخص لا يستحق منك الاهتمام، وتذكري أنه كان مثالا سلبيا لا يمكن الاعتماد عليه في شراكة كاملة للقيام برسالة مهمة في تلك الحياة سواء مع نفسه أو معك أو مع آخرين.
فاليوم ستقاومين وغدا تنضجين بل وتضحكين.. وتابعيني بأخبارك.
واقرئي أيضًا:
توابع ضياع الحب الأول
شلال هادر اسمه الحب الأول!
قيود الحب الأول ... تكسرها الأيام