السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... أولاً أريد أن أرسل لكم خالص شكري وامتناني على المجهود الذي قمتم به، ولاتزالون تقومون به في نشر مفاهيم الصحة النفسية الاجتماعية على هذه الصفحة من الإنترنت.
أخي العزيز أنا شاب في السادسة والعشرين من عمري فلسطيني الأصل أعيش في لبنان، منذ فترة سبعة أشهر تقدمت وخطبت قريبة لي، أظنها إن شاء الله من الصالحات الحافظات، وتم كتب الكتاب أو ما يسمى بعقد الزواج بنعمة من الله وفضل،
والمشكلة هي: أنني منذ ذلك الوقت - أي منذ كتب الكتاب - لم أجلس معها أي جلسة للتكلم والتفاهم حول حياتنا المستقبلية، مع العلم أني كاتب كتابي عليها وليس هناك أية مشكلة شرعية!!، ولكن حصلت موانع كثيرة؛ منها العادات والتقاليد؛ إذ ليس من عاداتنا أن يجلس الخطيب مع خطيبته، وهناك أمر آخر وهو أن الأهل (من طرفي وطرفها) خائفون من كلام الناس علينا إذا جلست معها أو خرجت معها إلى أي مكان؛ حتى لو كنت أريد أن أوصلها إلى بيت أهلها فسوف يتكلم الناس علينا - هذا ما قالوا!!
جربت كل الطرق وتكلَّمت مع أهلي مرات عديدة ولكن لم أستفد شيئًا، حتى إذا لم أذهب إلى بيت أقاربي - أي أهل خطيبتي- فلا أحد يسأل حتى وصلت إلى مرحلة صرت أريد أن أتركها، ولكن استعذت بالله من الشيطان، جربت أن أتحدث إليها متعديًّا تلك العقبات، ولكن الذي فهمته أن والد خطيبتي لا يرغب في أن أجلس معها، والحُجَّة الوحيدة التي قالوها لي أنني إذا أردت التكلم عليَّ أن أتكلم بحضور الجميع!!
والمشكلة أنني من النوع الذي لا يستطيع التكلم بأي موضوع مع خطيبتي أمام أي شخص مهما كان، وأنا أصررت على أن أكتب الكتاب لكي أزيل هذه الموانع، ولكن بلا نتيجة. لقد وصلت إلى مرحلة أن خطيبتي صارت لا تسمع مني وفي بعض الأحيان لا تطيق النظر إليّ، ولكن هذا حصل مرات قليلة وفي حالة غضب أو عصبية، وأنا لا أستطيع التكلم إليها لكي أفهمها وجهة نظري......
سامحوني على طول الرسالة و لكني لا أدري كيف أتصرف أو ماذا أفعل، هل أتركها؟ أم أسكت على مضض؟ أم ماذا؟
وما هو حكم الشرع على هذه المشكلة؟؟ شكرًا لكم على طول بالكم.
27/8/2025
رد المستشار
أخي العزيز جزاكم الله خيراً على ثقتك، ونرجو أن نكون عند حسن ظنك.
قرأت مشكلتك عدة مرات، وفي كل مرة كنت أسأل نفسي: ماذا تتوقع مني أن أقول لك؟!
هل تسأل عن حكم الشرع – مثلاً - أم تسأل عن التصرف الأمثل؟!!
شرعاً: هي زوجتك لك عليها كل الحقوق عدا الدخول بها، والاعتبار الشرعي هنا يراعي البعد الاجتماعي، ويربط بينه وبين الأحكام التي لا تعمل أو تتنزل في الفراغ، ولكن في مجتمعات تتحرك وتتفاعل.
وهناك في بعض المجتمعات - وأحياناً في بعض الأسر - تقاليد تتحفظ من فتح الباب على مصراعيه في علاقة العاقد بزوجته "رغم أن هذا هو حقه الشرعي"، ولعل أصل هذا التحفظ يكمن في الخوف من حدوث تعلق من جهة الفتاة بالشاب ثم يحدث بعد ذلك انفصال - لا قدر الله - تظل البنت مجروحة القلب والسيرة "على أثره" ربما لمدة طويلة.
وهذه التقاليد هي من بعض الصعوبات التي تحيط بالزواج في مجتمعاتنا، والتي أحدثها الناس في غياب من الفهم والتطبيق الصحيح للشرع الحنيف ومقاصده.
ومن شأن هذه المحدثات أن تَزِيد من عزوف الشباب عن الدخول في معارك "الارتباط" ببنات هذه الأسر، ومن شأنها زيادة حجم الفساد الاجتماعي، والانحراف الأخلاقي حين يغدو الحرام أيسر وأقرب من الحلال - ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تستطيع - إن شئت - أن تطالب بحقك، وتضغط للحصول عليه بكل الحيل والوسائل الشريفة المشروعة، مثل الحديث مع الكبار ذوي التأثير المعنوي على أسرة زوجتك - خاصة والدها ووالدها - أو الإلحاح المؤدب الهادي المستمر في طلب هذا الحق، كما ينبغي أن تقلل - إلى أدنى درجة - من تأثير هذا الموقف المتحكم - "الذي نتفهم أسبابه دون أن نقتنع بها أو نبررها" - على علاقتك بزوجتك، فهي مازالت "أسيرة" في بيت أهلها، ولا حول لها ولا قوة، وإن كانت تستطيع بشيء من اللباقة وحسن التصرف أن تساعد في خلق فرص لقاء معقولة بينكما، ولو في وجود أهلها، وللنساء طرقهن في ذلك، وإن كنت أخشى إن فعلت أن تقول أنت يومًا ما مثلما قال الأخ الذي أجبت عليه تحت عنوان: "أختنا أحبت.... ولكن الشخص الخطأ"،
وحبذا لو تراجعها من باب الاعتبار؛ ولتفهم الدوافع النفسية المحتملة – وغير الواعية ربما – وراء ما ترى أنه "سلبية" زوجتك تجاه موقف أهلها من لقائكما، فهي بين المطرقة والسندان، أو بين شقي الرحى كما يقولون، وينتظر منك – في تقديرها – أن تصبر وتجتهد في تخطي الحواجز، ولعلها تتجاوب مع أية بادرة نجاح، واضعين في الاعتبار أنك – حتى الآن – شخصية شبه مجهولة بالنسبة لها، ولا تعرف هي كيف تفكر أنت، ولا ماذا تريد، ومدى حبك وتقديرك لها…. إلخ، هذا بالإضافة إلى حيائها من أهلها في مجتمع شرقي يرى في تعبير الزوجة عن عواطفها تجاه زوجها "علنًا" ضربًا من الخلاعة والتهتك!!.
وأرى يا أخي أن الكرة في ملعبك: إن أردت أن تتصل بها فأمامك وسائل متعددة في "عصر ثورة الاتصالات" منها: الهاتف، والرسائل المكتوبة، والإنترنت وهو اتصال تتحمل أنت مسؤوليته - أمام الله - من حيث حدوده ومحتواه ومضمونه، ومن حيث رعاية ما سيترتب عليه من عواطف تنمو بينكما، وقد أنصحك إن أردت الخروج من هذا المأزق تمامًا أن تبني بها في أقرب فرصة فيجتمع الشمل، وتزول المشكلات - من هذه الناحية - بإذن الله،
وأخشى إن تركتها أن يؤذيها ذلك هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى قد تصطدم بنفس المشكلة مع الأسرة الأخرى، أو تصطدم بمشكلات أخرى قد تهون هذه إلى جانبها، فالتشدد أمر نسبي، والتساهل قد يكون مستنكرًا أكثر "خاصة في المجتمعات المحافظة" التي علينا أن نفهم آليات الفعل الاجتماعي فيها، ومنها احترام الكبير وكلمته، ومنها التحفظ في العلاقات بين الجنسين، وغير ذلك، فلا تجعل الموقف اللحظي الذي تعاني منه ينسيك أنك جزء من هذا المجتمع، وأن عليك النضال للحصول على حقوقك فيه بفهم لطبيعته، واستيعاب لنمط التفكير والسلوك فيه، كما أرجو أن يكون استمرارك في شأن هذا الارتباط مترتب على اقتناع بأنه الأنسب لك ولها إضافة إلى الرغبة العاطفية، وأن يكون الانفصال إذا حدث - لا قدر الله - بناءً على تقديرك لغياب نفس هذه الأسس والمقدمات، وليس بسبب موقف أهلها من لقائكما.
دعائي لك بالتوفيق.
اشتركت في الإجابة السيدة سمر عبده الاختصاصية الاجتماعية بفريق ـ استشارات مجانين ـأخي العزيز جزاكم الله خيراً على ثقتك، ونرجو أن نكون عند حسن ظنك.