السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
اسمي سارا وعمري 23 وأنا بأمس الحاجة لطبيب نفسي لأني قد تعبت وانا اصارع مشاكلي لوحدي من دون أن أجد من يساندني أو يفهمني أو يملي علي ما الصحيح في أفعالي من الخطأ. بصراحة، عندما كنت 16 من عمري تعرفت إلى شاب عمره 20 وأحببته لدرجة الجنون بدون علم أهلي، وهو من عائلة متوسطة مثلي وقد كان في الخدمة العسكرية وهو يتيم الأم من السابعة من عمره وقد عاش مراهقة صعبة جداً، شوي عند زوجة أبيه وشوي عند شقيقات أمه أو في بيت جده أو في بيت أخويه -وهما شابين أكبر منه ب6 و8 سنين-، لهذا فقد عاش بتشتت رهيب.
هو أول شاب في حياتي وقد أدركت يتمه وحننت عليه وأحببته ووقفت معه في أزماته التي لا تعد ولا تحصى، وهو لم يكمل تعليمه أكثر من الثامن، وعندما انتهى من العسكرية كان يذهب ويجلس في القهوة مع أصدقاء السوء ولا يعمل -فقد اشترى سيارة وعاش من وراء تأجيرها وتعلّم على الكسل-، وقد كان بعد توظيفي في شركة خاصة يأخذ من راتبي ليصرف على نفسه وبعد مرور سبعة سنوات وهو يعدني بأن يعمل ويلتزم.
اكتشفت أمي علاقتنا واضطر إلى أن يتقدم لخطبتي لكي لا يفقدنين، وبسبب سمعة أهله الجيدة وأخلاقه الجيدة أمام أهلي رضوا به وتمت الخطبة. الآن أنا مخطوبة ومكتوب كتابي له منذ سنة وأنا متعلقة به جداً، أنا إنسانة مؤمنة وملتزمة بصلاتي ومتحجبة وأذكر الله كثيراً وعندي ثقة بأن الله لن يضيِّع دعوتي له بالصلاح والهداية، فهو حتى الآن لا يعمل وهو لا يلتزم بالصلاة وليس ملتزم بالدين أصلاً ولكني أحب فيه طيبته وحبه لي، أشعر بالشفقة عليه لأنه عاش بلا حنان وبلا أم وأتمنى أن أعوضه عما فاته.
أرجوكم نفد صبري، ماذا أفعل؟ تسللل اليأس إلى قلبي، إنه حسب قوله يبحث عن عمل ولكن لم يلتزم بشيء وبعيد عن الله، هل أبقى معه وأصبر؟ هل سيستجيب الله دعائي؟ هل هناك طريقة لأشعره بالمسؤولية، فهو يرفض أن يسمع النصائح وأنا لا أستطيع تركه فأنا أعشقه وهو أيضاً. أرجوكم ماذا أفعل؟ أنا تعبة جداً جداً، كيف أحافظ عليه وأغيّر طباعه السيئة؟ فهو عصبي ويلقي دائماً باللوم على الله في كل ما هو فيه، مع أني أدعو له دعاءً عريضاً وأحاول أن أصبر وأصبر وأنتظر الفرج، وعلى فكرة هو معقّد من طفولته ويعتبر نفسه عاش في بؤس.
أرجوكم كيف أحسسه بالمسؤولية وأحببه بالزواج فهو يخاف منه كثيراً وقد باع السيارة وهو يعيش من نقودها، ولكن بعد أن تنفد النقود لا أعلم ماذا أفعل وأهلي يعرفون أنه كان يعمل وترك العمل وهم الآن قد نفد صبرهم عليه، لا أريد أن أخسره وأنا ضائعة، كيف التعامل معه؛ باللين والرفق أم بالعصبية أم كيف؟.
أنا بانتظار ردكم بفارغ الصبر.
13/01/2008
رد المستشار
أهلا بالأخت الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
من أين أبدأ؟!
سأبدأ من حيث بدأت علاقتكما أنت وهذا الشاب ولنتأمل كلماتك:
((شاب يتيم الأم من السابعة من عمره.. أحببته لدرجة الجنون.. وقد أدركت يتمه وحننت عليه وأحببته ووقفت معه في أزماته التي لا تعد ولا تحصى))، قرأت هذه الكلمات فشعرت أن عاطفتك تجاه هذا الشاب عاطفةً جيّاشةً لكن لأمٍ نحو ولدها الطائش العابث وليس لحبيبةٍ أو زوجةٍ نحو حبيبها أو زوجها.. ومعنى هذا: الأم تتحمل عبث ابنها مهما فعل ولا تتركه.. فالأمومة كعلاقة تتحمل هذا العبء وفوضى هذا الولد العابث.
أما العلاقة الزوجية فلعبث أحد أطرافها (الزوج أو الزوجة) حدٌ لا يمكن احتماله، والسبب هو أن المؤسسة الزوجية فيها عناصر أخر غير الزوجين وهم الأطفال، فأنت راعية ومسئولة عن رعيتك في اختيارك لأبيهم الذي سيزرع فيهم القيم والدين..
هذا الشخص مهما كانت ظروفه قاسية لنتعاطف معه لكنه بعيدٌ عن الدين و لديه سوء في علاقته بالله عز وجل لأنه غير قادر على فهم نفسه Self Awareness حتى يفهم القدر والناس من حوله ويتعامل معهم، ثم هو لا يعمل ولا يريد أن يعمل ويحب أن يظهر أمام الآخرين على أنه ضحية أو كبش فداء Skip cot لظروفٍ قاسية..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ (من سنن الترمذي)
فنحن إذا جاءنا من نرضى دينه وخلقه زوَّجناه، فهل هو عندك وعند أهلك مرضيُّ الدين والخلق؟! وهل هو أهل ليربي أطفالك ويكون لهم أباً؟!
لذلك أنصحك بما يلي:
أولاً: حولي مشاعرك من مشاعر الأم الحانية إلى الزوجة المصلحة الحكيمة من خلال تذكرك كونه سيصبح لديك أطفالاً يحتاجون أباً منتجاً صاحب خُلقٍ ودينٍ..
ثانياً: ضعي شروطك أمام عينيه وأنتم لا زلتم على أعتاب الحياة الزوجية وليساعدك بهذا أهلك، وليكن في الكلام معه الحزم والتعاطف ممزوجان بعيداً عن العصبية والغضب، واطلبي منه ما تحبين أن تجديه في زوجك وأب أطفالك من الالتزام بالدين وتحمل المسؤوليات والعمل المنتج فهذا حقك وحق أطفالك، وأعطيه مهلة معقولة تضعيها ليطبق هذه الشروط..
هذه مرحلة أولى من الحل.. ووفقاً لها تكون مراحل الحل الأخرى إن شاء الله تعالى.. نحن معك والله لن يترك أعمالك.. أتمنى لك كل الخير.