الحقيقة المطلقة عمار وسلم التفوق: مشاركة
مشاركة ......
ردا علي سؤال عمار لماذا الغرب متفوق علميا علينا:
أولا: الإيمان بقيمة العلم والقراءة، ويتم تربية الأطفال منذ الصغر علي ذلك، وأتذكر أثناء سفري للعمل أثناء إجازة صيف للولايات المتحدة الأمريكية، فوجدت أن معظم ركاب المواصلات (المترو) يقرؤون، وأن معظم الطلاب من عمري يقدسون قيمة القراءة والعلم، وللأسف هذا غير موجود هنا في بلادنا العزيزة، يكفي أن تري منظر طلبة الجامعات وكل اهتماماتهم بعيدة كل البعد عن القراءة والعلم.
ثانيا: الاعتماد علي النفس، وهذه قيمة نفتقدها في بلادنا، فتجد معظم الطلبة في حالة من الكسل لكي يستذكروا أو يقرؤوا، لكن في الخارج الطالب يعمل بوظيفة بعد الظهر لكي يصرف على نفسه، ومرتبط بتقدير معين حتى لا يفقد المنحة الدراسية، غير المنافسة الشديدة بين الطلاب وحب تأكيد ذاتهم من خلال التفوق والعلم.
ثالثا: والأهم في رأيي.. هو وجود منظومة متكاملة تدمج ما بين العلم والصناعة، فالمصانع والشركات الكبرى تنشر مشاكلها الصناعية في الجامعات، وتلك الجامعات تحول هذه المشاكل إلى مشاريع بحثية تطرحها علي الباحثين والعلماء وطلاب الدراسات العليا رغبة في العلم ورغبة في تطوير الذات ورغبة في الحصول علي خبرة ووظيفة أعلى، وهم يتنافسون على الالتحاق بالجامعات والاشتراك في هذه الأبحاث؛ وذلك بتمويل من الشركات الصناعية، وكل هذا مردوده راجع علي الشركات بحل مشاكلها، وكذلك الجامعة بالتقدم العملي وكذلك طلاب الدراسات العليا بالتقدم العملي والخبرة.
للأسف نحن نعيش في عالم آخر، لكن لا داعي لليأس،
ابدأ بنفسك وازرع في أولادك قيمة العلم والقراءة والعمل.
11/1/2008
رد المستشار
أخي العزيز "خالد"؛
تحية طيبة وأهلا ومرحبا بك على موقعك، وبالتأكيد أنا سعيد بوجهات نظرك عن بعض القيم الجميلة التي نفتقدها في التعليم والبحث العلمي، وأن العلم –في ذاته- قيمة غالية ورفيعة الشأن، وأن العلم والبحث العلمي اليوم هما مرادف للرفاهية والثروة والتقدم والرفعة للأمم، يكفي أن نعرف أن 300 مليون نسمة يعيشون بالولايات المتحدة يتحكمون في 48% من اقتصاد العالم، وفي الوقت الذي نتفنن فيه في تطفيش وهجرة عقول علماء بلادنا الإسلامية نجد الدول المتقدمة وبالذات الولايات المتحدة تستقطبهم ليبدعوا ويبتكروا فيها!!؛
وبالتأكيد يكون العائد المادي والمعنوي لهذه الدول المتقدمة؛ ونسمع بعد ذلك عن حقوق الملكية الفكرية للاختراعات وللأدوية الجديدة والأدوات الطبية والكومبيوتر وعلوم الوراثة والتكنولوجيا المتقدمة في مجالات الحياة المختلفة، هذا كله يجري من حولنا، بينما يدمي قلبي وأنا أقرأ استشارة لشاب أو شابة أضاعا حياتهما في الشات ومتابعة مواقع الشذوذ على الإنترنت!!!، وذلك بدلا من أن يضاعف كل منا مجهوده لتحصيل العلم والمعرفة والثقافة من الإنترنت أيضاً؛ لكي تنهض مجتمعاتنا المتأخرة.
أما غرس حب القراءة في أبنائنا؛ فاسمحوا لي أن أعرض عليكم تجربة يابانية رائدة لغرس حب القراءة في الأطفال اليابانيين منذ الولادة، وهي أن يجعلوا كتبا للأطفال الرضع ذات روائح مبهجة وموسيقى جذابة لهؤلاء الأطفال؛ ويُوضع الكتاب بجوار الطفل قبل نومه، فينشأ الأطفال وهم يهيمون حبا في القراءة والكتب، وعلى النقيض تجد التلاميذ والطلاب في بلادنا يحرقون كتبهم الدراسية ويقذفونها من أعلى طابق في المدرسة فور انتهاء امتحاناتهم، وأنا والله أعذرهم بعض الشيء فيما يفعلون، لأن معظم المناهج الدراسية في مدارسنا وجامعاتنا لا تعدوا إلا أن تكون حشوا غبيا للعقول المنهكة، والأجساد التي هدتها الأمراض المزمنة، والتي من أبسطها فقر الدم وسوء التغذية!!، أما الامتحانات أو الاختبارات فحدث ولا حرج؛ فمفهوم بعض الأساتذة وللأسف أن الامتحان هو ألغاز وفوازير وتعجيز للطالب المتفوق أما الطالب العادي فعلى أهله أن يقبلونه ثم يضعونه بجوار جدار الجيران!!، ونتيجة لكل هذه العوامل مجتمعة أصبح لدى التلاميذ موروث سيء من المأثورات عن التعليم أذكر لكم بعضا منها:
"العلم لا يكيل إلا بالباذنجان".
"ذاكر تنجح غش تجيب مجموع".
"لازم ناخذ شهادة عشان نتجوز بيها".
"بلد شهادات".
وبالطبع هذا غيض من فيض، وخلاصة القول أن المناهج الدراسية والمدرسين والمدارس والجامعات وكل مكونات العملية التعليمية بحاجة إلى تغيير وإعادة نظر، وأن نعطي للعلم والتعليم مع الرعاية الصحية كل الاهتمام؛ لأن أطفالنا وشبابنا هم كل مستقبل أمتنا، وأن جميع الدراسات العالمية والواقع العملي قد أثبتوا أن الاستثمار في تنمية قدرات البشر هو أفضل أنواع الاستثمار على الإطلاق؛ فمتى ندرك هذه الحقيقة؟!، ومن لا يصدق قولي فلينظر إلى ألمانيا واليابان بعد حربين عالميتين متتاليتين هزمتا فيهما، واحتلتا وسُويت فيهما المباني بالأرض، ولكن اليوم وبعد أعوام معدودة وبفضل الاهتمام بتنمية قدرات البشر في هذين البلدين والرغبة في التحدي والنجاح وتأكيد الذات، أصبحت ألمانيا واليابان من عمالقة التقدم والتكنولوجيا في العالم.
أما أن يبدأ كل منا بنفسه، ويهتم بتعليم أبنائه ودفعهم دفعا لحب العلم والثقافة والمعرفة، فهذا ما يتمناه قلبي وقلب كل غيور على مصالح أمتنا التي طالب الله أبناءها بالوسطية في كل شيء، ولن يشعر أبناؤنا بالمسئولية إلا إذا كنا قدوة طيبة لهم كآباء وأمهات، ولن يحسنوا الاعتماد على أنفسهم إلا إذا تركنا لهم حرية اختيار مستقبلهم وفقا لرغباتهم الصالحة وأخلاقهم الحسنة التي ربيناهم عليها.
أكرر لك شكري الجزيل على مشاركتك القيمة، ونفعنا الله بأمثالك، ولا تحرمنا مشاركاتك.