حساسيتي العالية
السلام عليكم... مشكلتي أني منذ شهور لا أبرح التلفزيون أو الإنترنت لمتابعة الأخبار العربية والفلسطينية والعراقية, لا أستطيع القعود دون أخبار (سياسية) وأعلم أنه في كثير من الأحيان تؤرقني وتستفزني وخاصة تصريحات هؤلاء اللبنانيين المسخرين في خدمة أمريكا ومن والاها من العرب
ويشتد حزني من العرب الأخوة الذين يريدون تكسير أرجل الفلسطينيين أو الذين يعتبرونا مغامرين، والتصريحات اللا مسئولة، من الإنترنت إلى التليفزيون وحتى في العمل، أحاول اقتناص الوقت لمتابعة آخر الأخبار،
طبعا أرتاح عندما تأتي أخبار مفرحة من فلسطين أو لبنان.
كيف يمكن أن أخفف حساسيتي العالية للحدث السياسي؟!, وزيادة اللامبالاة تجاهها.
2/2/2008
رد المستشار
الأخ العزيز؛
أهلا ومرحبا بك على موقعك، وأنت حقيقة تثير موضوعا شديد الحساسية، ومن الصعب الإجابة عليه، بالنسبة لي على الأقل!؛ لأنني أحيانا أعاني من نفس المشكلة، والحل بالنسبة لي كان دائما ينصب على أن أشغل نفسي بالأهم؛ مثلا أقوم بالقراءة والبحث عن كل ما يختص بتأكيد وتطوير الذات، سواء كان ذلك في المكتبات أو على الإنترنت أو غيرهما، وذلك لأقوم بإتمام وتنقيح هذا الكتاب الذي بدأت العمل فيه من عدة سنوات، من المهم أن يكون لك هدف هام في حياتك، هذا الهدف هو محور حياتك وأهم حدث فيها حتى تنجزه أو تغيره إن وجدت هدفا آخر أهم منه.
اسمح لي أخي العزيز أن أستعين بما كتبه ستيفن كوفي صاحب كتاب: "العادات السبع للناس الأكثر فاعلية"، فقد قسم الأمور والأهداف في حياتنا إلى أربعة مربعات:
المربع الأول: أمور مستعجلة وهامة، مثل مواجهة الأزمات والكوارث الحياتية.
المربع الثاني:أمور غير مستعجلة ولكن هامة، وتمثل هذه الأمور الأهداف الاستراتيجية (الخطط المستقبلية) في حياتك سواء قريبة المدى أو بعيدة المدى، وتشمل هذه أيضا دعم العلاقات مع الآخرين، ودعم حياتك الحالية والمستقبلية.
المربع الثالث: أمور مستعجلة ولكنها غير هامة كإدمان مشاهدة البرامج الإخبارية والسياسية بالتليفزيون وعلى الإنترنت (بصورة قهرية تدفع في النهاية إلى الشعور بالعجز والإحباط)، والمكالمات الهاتفية المطولة، والمناقشات السفسطائية والجدل.
المربع الرابع: أمور غير مستعجلة وغير هامة، ويسمى مربع الهروب وتضييع الوقت، كلعب البلوت (الورق)، والنرد (الطاولة)، ومشاهدة المسلسلات والأفلام والفيديو كليب، ومباريات كرة القدم (حتى لأندية دوري الدرجة الثانية) بصورة متتالية!، والتسكع في المقاهي والأندية، والسهرات الحمراء المستمرة وغيرهم من وسائل إضاعة الوقت في غير المجدي وغير المفيد.
من المهم أن ُتفعِّل مهارات المربع الثاني في حياتك، عليك أن تهتم بقراءة الكتب الهامة في مجال تخصصك أو المجالات القريبة منه، أهتم كذلك بالتمارين والألعاب الرياضية التي تحفظ عليك صحتك كالسويدي أو المشي أو السباحة، عليك بأداء العبادات التي تدعم حياتك الروحية، استثمر أوقات فراغك فيما يفيدك، عليك الاهتمام بالخطط القصيرة والطويلة الأمد في حياتك، حاول أن يكون لك برنامجا زمنيا لتحقيق أهدافك، وعليك أن تقوم إنجازاتك بعد كل مرحلة تنتهي منها، ولا مانع من أن تستحضر النيات الطيبة الصالحة لله عز وجل قبل كل عمل تقوم به؛ بمعنى أن تقصد بالعمل الذي تقوم به رضا الله تعالى، وهذا لا يمنع أبدا أن يكون عملا مفيدا لك ولأمتك.
أخي الفاضل؛
أدعو الله تعالى من صميم قلبي بأن يشغلك ويشغلنا بطاعته، وأن يجعلنا جميعا -من أبناء هذه الأمة- مهتمين بالمربع الثاني أكثر من اهتمامنا بأي مربع آخر؛ لأن البديل (أو لنقل المربعين الثالث والرابع بلغة ستيفن كوفي) يودي بنا في النهاية إلى ضياع أوقاتنا وجهودنا فيما لا يفيد ولا يغني ولا يسمن من جوع!!، وبدلا من أن ننهض ونلحق بركب الأمم المتقدمة سنظل في هوة بحر الظلمات السحيقة، ونبقى في مضمار المتخلفين الضائعين، شكرا لمشاركتك وتابعنا بأخبارك.