السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لا أعتقد أنها خواطر مراهقة، لكنه بالفعل سؤال يدور برأسي: لم أصبح الناس لا يحبون بعضها بعضاً؟؟ لم أصبحنا لا نخاف على بعضنا زي الأول؟؟؟
من الآخر: ليه أصبحنا نأكل في بعض مع أننا لم نكن كذلك سابقاً؟؟؟
هل هو الفقر... القهر... الجهل رغم انتشار التكنولوجيا.... غياب الدين؟؟؟؟
أرجو الرد،
السلام ختام.
10/02/2008
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
من الذي يقول بوجود هذه العيوب في زماننا أكثر من غيره؟؟ هل هو شعورك الشخصي أم ما ينقله لك فريق التشاؤم؟ ومن قصدك بنحن؟ المسلمين أم العرب أم البنات؟؟ سؤال شديد الاختزال وملغوم بمليون سؤال خفي ويستعص على الإجابة السهلة.
بأي حال سأجيب كما لو كان قولك يستند إلى خبرة شخصية؛ فالسبب غالباً هو اختلاف إدراكك لمجريات الحياة عما كنته كطفلة.. الآن أنت إنسانة على عتبات الرشد. كان هناك من يحميك ويمنعك من إدراك الأمور على حالها فتعيشين حالة من الصدمة كالنائم الذي يستفيق فجأة، وهي من عيوب التربية الحديثة التي أدت إلى استطالة طفولة الإنسان الطويلة بطبيعتها إلى درجة بلغت فيها حد السخافة، عندما تقول اليونيسيف أن الطفولة من الصفر حتى الثامنة عشرة!!! اليونيسيف والعالمية تقول براحتها، لكن شرعنا يقول أنها سن بعد البلوغ ومسؤولة ويجب قبل أن يصلها الناس أن يكونوا قد اكتسبوا خبرات حياتية تساعدهم في مواجهة مجريات الحياة دون أن ينالهم الشعور بالصدمة أو الاغتراب.
لو قرأت في التاريخ ستجدين حالنا كأمة مررنا به من قبل ولو قرأت لابن خلدون لعرفت أن الأمم كالأفراد لها أعمار وتمر بمراحل الضعف والقوة، ومن بعد القوة يكون الضعف والزوال مفسحةً المجال لغيرها من النهوض على أنقاضها.
في هذه القراءة ستجدين الظلم والعدل والشر والخير والأغنياء والفقراء، ما يتغير فقط هو بعض معايير الحكم على نواحي الحياة. ستجدين دائماً المتخاذلين والمستسلمين والدعاة والثوار، وكل إنسان يختار ما يريد أن يكون عليه ثم يأخذ بأسباب زمانه لتحقيق أهدافه، ولا أعتقد أن مصاعب الدراسة والبحث عن عمل في زماننا تفوق قسوة شق الأرض وانتظار المطر في زمن الزراعة ولا تكاليف العلاج في زماننا أصعب من العجز والجهل في التعامل مع الأمراض في الماضي.
أما عن النواحي الاجتماعية التي تشيرين إليها بانخفاض درجة الحب والتكافل بين الناس فلا أعتقد أيضاً أنها أسوأ في زماننا؛ فمع تغيّب دعم العائلة الممتدة لأفرادها ظهر لدينا الجمعيات والأنشطة التطوعية، أي ما تغير هو شكل الدعم ومصدره ولكنه ما زال موجوداً كما قال عليه الصلاة والسلام "الخير في أمتي إلى يوم الدين".
من خلال التاريخ ستعرفين معايير النهوض بالأفراد والأمم وفي حالة العرب لم يكن لهم قيمة قبل الإسلام، والحمد لله أن كتاب الله ما زال معنا وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام يتبعها البعض ويقاومها البعض وهذا حال الدين من يوم ظهوره ففي زمن الرسول عليه الصلاة والسلام كان اليهود أعداءه وكان رأس المنافقين كذلك.
ستطول الإجابة لو ضربت المزيد من الأمثلة إلى حد يمنع الاستفادة وكي أوجز أقول: أن طريقة التفكير السلبية هي المسؤولة عن شعورك هذا وهو في كثير من الأحيان يمثل الشعور العام ولا يمكن تغييره سوى بالتحول للتفكير الإيجابي الذي يرى أن التغيير يبدأ من الداخل فابدئي بنفسك، العمل في بناء العالم الذي تريدين من خلال أسرتك وصداقاتك وعملك. تكو ين مجموعات سليمة وإن كانت صغيرة سيكون لها أثر إيجابي في تحقيق التغيير فلا تكتفي بالتساؤل والانتقاد بل اشحذي همتك وهمم من حولك لتعيشي الحياة على الصورة التي تحبين.
عندما صدق أصحاب المبادئ النية ووافقت أفعالهم شعاراتهم حدث التغيير؛ فقهر الأفغان الروس وهزم حزب الله جيش إسرائيل وما زالت حماس صامدة. يحقق النجاح من يدفع ثمنه.... ألا إن نصر الله قريب.