السلام عليكم ورحمة الله؛
أود أن أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع.
سأبدأ بسرد مشكلتي وباختصار شديد. أنا شاب عمري 18 تقريباً، منذ طفولتي كنت أعاني من حرمان شديد من طرف الوالد، حيث كان أبي يقسو عليّ كثيراً، ببساطة استمرت معاملته لي حتى سن ال15 بعد ذالك حدث بينه وبين أمي مشاكل مما أدّى إلى الطلاق بينهما وخروجه من البيت ولا يتصل بنا أبداً أو حتى يأتي لزيارتنا.
مشكلتي ببساطة هي أنني أتخيّل دائماً أني أعيش مع أب وأم وأخوة يختلفون تماماً عن العائلة التي أعيش معها! وأيضاً في المدرسة أشرد في الدرس حيث بدأ الكل يلاحظ عليّ، إخوتي وأمي يقولون لي أنني وأنا نائم أتكلّم! ذهبت إلى طبيب نفسي حيث قال لي أني أعاني من أحلام اليقظة ولا خوف منها فهي شيء عادي جداً. لكنني الآن لا أخرج من بيتي، طوال الوقت أبقى في البيت، غالباً ما أكون شارداً في التفكير وأتخيّل أن لي صديق يحنو عليّ وأخرج معه وهكذا.. أو أب يحضنني، أصبحت غير قادر على التمييز بين الحقيقة والخيال.
شكراً لكم مرة أخرى وأتمنى منكم أن تنشروا لي مشكلتي مع الحل في أقرب وقت،
R03;وجزاكم الله خيراً.
14/09/2008
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
جزاك الله خيرا على شكرك لموقعنا وتقبل منا أعمالنا. للخروج من معاناتك يجب أن تتعلم التمييز بين أدوار أحلام اليقظة فتعرف أن لها أحيانا دورا ايجابيا كرسم الأهداف وتخيل ما نريد أن نكون عليه بعد انجاز ما لدينا من عمل، أو أن نستخدمها كوسيلة تنفيس انفعالي فأتخيل أني قد عبرت عن غضب أعرف تماما استحالة التعبير عنه في الحياة الواقعية وما عدا ذلك تصبح أحلام اليقظة وبالا على صاحبها وبابا واسعا للمحن، فمن ناحية تقدم له بديلا رائعا وسهلا عن العمل والكد في الحياة ومن ناحية أخرى تستهلك الوقت الذي حبانا به الله تعالى لنعبده فيه ولنعمل على إعمار الأرض وهي الأهداف التي خلقنا الله لها ومن بين العمار تكون أهداف البشر من إنجازات فعلية ولا تعتبر الأحلام جزء من العمل ولا شكل من الإنجاز.
ربما لم يدرك طبيبك السابق مقدار الوقت الذي تستغرقه هذه الأحلام من حياتك ووقتك وكيف أنها قد حرمتك التفاعل الحقيقي مع الناس وسلبتك فرص اكتساب مهارات اجتماعية ونفسية تمكنك من تحقيق أهدافك وتشبع رغباتك بصورة واقعية.
أقدر لك الظروف التي مررت بها خلال نشأتك وحرمتك مما تحتاجه من حب وحنان ولكن لا تجعل من هذا التعاطف حجة لك لتضيع باقي حياتك لفقدانك أحد حاجاتها أو أحد رغباتك فالإنسان لا ترتوي حاجته للحب والتفهم والحنان بانتهاء طفولته ولكنه يغير صور اشباعها فإن فاتك إشباع حاجتك في الطفولة لا تحكم على نفسك بفقدان باقي فرص السعادة والإشباع في الحياة، انتبه لدراستك وتفاعل مع الناس كي تكستب مهارات اجتماعية تحقق لك ما تريد من قبول وتضمن اكتسابك الصديق الصدوق الذي يعينك على أمر دنياك ودينك كما تتمنى.
في البداية تعلم أن تضع أهدافك اليومية وتحدد لكل منها الوقت المطلوب لانجازه، وكلما راودتك الأحلام أثناء العمل تعوذ بالله من الشيطان الرجيم وذكر نفسك بالتوقيت الذي يجب أن تنجز فيه ما بيدك من عمل. يمكنك أيضا أن تطلب مساعدة أحد من أهلك أن ينبهك كلما رآك شاردا كي تعود للتركيز على ما ينبغي إنجازه. اشغل وقتك وحياتك بالأعمال التي تجلب السرور لنفسك ولمن حولك فلا بد أن هناك ممن يحتاج عونك وعندها تصبح حياتك أكثر إشراقا وإشباعا من الأحلام.
آخر كلماتي لن نموت دون حب أو عطف، غيابهما يجعل الحياة أكثر قسوة ونكدا ولكنه لا يسلبنا كل الحياة فإن فاتنا شيء منها لن نخسر الباقي فوحدهم الصغار والمضطربين نفسيا غير قادرين على تحمل درجات وأشكال من الإحباط لا تخلو منها حياة فلا تقبل لنفسك أن تكون أحدهم.
إن لم تجد تحسن في حالتك وتراجع وقت الأحلام وسيطرتها عليك يبغي عندها الاستعانة بمساعدة متخصصة.