ساعدوني لو سمحتم... وبسرعة
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،
أود أولاً أن أبدي إعجابي الشديد بل وإدماني إن صح القول على هذا الموقع. ثانياً، اسمحوا لي أن أقدم اعتذاري عن طريقة إرسال المشكلة، وهذا لأني في أمسّ الحاجة لرأيكم وبسرعة.
أنا طبيبة، يغلب عليها صفه البنت العاطفية أكثر من كوني طبيبة. منذ سنتين تعرضت لتجربة قاسية جداً؛ فقد تمت خطبتي لشاب لم أكن مقتنعة به مطلقاً ولا أعرف لماذا، غير أنه القبول الذي هو سر من أسرار الله سبحانه وتعالى.
المهم بعد محاولات الأهل بإقناعي بقبوله وافقت على الخطبة التعيسة، فقد كان نفوري منه يزداد يوماً بعد يوم، إلى أن ظهرت عليه أعراض المرض النفسي الذي كان له تاريخ قديم معه لم يصارحني به في بداية الخطبة حتى بدأت الأعراض بالظهور, كان مصاباً بالوسواس القهرى والغيرة المرضية والشك، ومن هنا بدأت المأساة الحقيقة، فقد رأيت معه أسوأ أيام حياتي إلى أن انتهت الخطبة، بعد أن تركتني وراءها منهارة الأعصاب ونفسيتي محطمة تماماً، ويعلم الله أني لا أبالغ في أي كلمة، بل على العكس أنا أحاول اختصار التفاصيل حتى لا أطيل عليكم ولا أبتعد كثيراً عن المشكلة الأساسية التي دفعتني إلى مراسلتكم.
بعد فترة من نهاية الخطبة بدأ يتقدم لي أكثر من شخص ولم أكن أتقبل أحداً، حتى أني ظننت يوماً أن العيب فيّ أنا، إلى أن جاء مؤخراً شاب يمكن القول أن كل ظروفه ممتازة؛ وظيفة ممتازة حيث يعمل بشركة بترول، وظروفه المادية ممتازة أيضاً، ولكن هذا لم يكن ما يهمني، المهم أني ولأول مرة أحسست بارتياح شديد له وأعجبت جداً جداً بشخصيته، لكن المشكلة الوحيدة في نظر الناس (وليس في نظري أنا) أن مؤهله متوسط. الغريب في الموضوع أني متقبلة لهذا بل وسعيدة جداً بشخصيته، وهذا لأني طوال عمري لدي وجهة نظر أعتقدها مختلفة عن معظم الناس، وهي أن مقياس الحكم على على الإنسان ليس بكونه جامعي أو لا؟.
الإنسان دائماً من وجهة نظري عبارة عن عمودين أساسيين ضمير وروح؛ الضمير ويشمل دينه وأخلاقه، والروح وتعني القبول. غير أني أشعر أني بنت أحتاج دائماً إلى رجل أقتنع به في جوانب كثيرة كلها بعيدة عن المؤهل...
أفيدوني، هل أفكر بعاطفتي فقط كما يتهمني بعضهم؟ هل هذه الزيجة لو قدر لها أن تتم محكوم عليها بالفشل لمجرد فقط أنه أقل مني في المؤهل؟ حتى لو لم أستشعر أنا منه ذلك نظراً لقوة شخصيته وفكره المتفتح وشخصيته التي شدتني إليه كثيرا ًوقدم حكم الكثير ممن عرفوه له بذلك؟.
أفيدوني أفادكم الله.
30/10/2008
رد المستشار
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
عزيزتي وزميلتي "د. هبه"، في البداية ونيابة عن أسرة الموقع يسعدنا جداً أن تكوني من المتابعين الدائمين لمجانين دوت كوم، وإرسالك المشكلة خطوة أهنئك عليها، فإنها إن دلّت على شيء فإنما تدل على قوة شخصيتك ومدى ثقتك في نفسك وتفكيرك النيّر. التجربة القاسية التي مررت بها على قسوتها فإنك ستطعت الخروج منها سالمة ومواصلة مسيرتك في الحياة بعد مرحلة الشفاء.
لن أطيل كثيراً في السرد.. ولكن أود القول أن أهم نقطة في الزواج هي الاتفاق والتوافق فكرياً وجسدياً ومادياً، ولا أقصد هنا التطابق ولكن التوافق أو التكامل بحيث يكملان بعضهما، وهذا ما لا يستطيع أن يحدده إلا الشخص نفسه. وأنت قد حددت بإحساسك مدى توافقك مع شخصية وتفكير هذا الرجل المتقدم للزواج منك، وتلمست أيضاً التوافق المادي، وتفكيرك ليس كما يصفونه لك بأنه تفكير عاطفي، ولكنه تفكير منطقي وواقعي متحرر من عقدنا الموروثة، والأهم أنه متناسق مع شخصيتك واحتياجاتك.
ما لا يفهمه الكثيرون في مجتمعاتنا أن لكل شخص احتياجاته وأولوياته في شريك حياته؛ فما أريده وأحتاجه قد لا يكون ما يريده غيري، بالطبع هناك أساسيات لا يختلف عليها، ولكن لا نستطيع أن نصنع قالباً مثالياً موحداً ونصب فيه جميع مواصفات الشريك المثالي.
عزيزتي، المؤهل الدراسي لم يكن يوماً مؤشراً لثقافة الشخص، فكثيراً ما نلتقي في الحياة بأشخاص من ذوي الشهادات البراقة العليا، ولكن بمجرد الحديث معهم نكتشف ضحالة تفكيرهم، وأن ما يربطهم بعالم الثقافه هو تللك الأوراق المختومة فقط!. الثقافة قبل كل شيء فن الحياة ذاتها وليست مجرد ورقة نحوزها بمجرد اجتيازنا لاختبار. إذا كنت فعلاً مقتنعة بالشخص تماماً وبأن فيه كل ما يكمل احتياجاتك وهناك ذلك التولفق بينكما، فلا تترددي ولا تضيعي المزيد من الوقت ومبارك عليك الزواج مقدماً.
وبالتوفيق من رب العالمين.